ويتذاكى باراك أوباما بنفس أساليب بعض سابقيه .. بقلم العميد المتقاعد برهان إبراهيم كريم
وأخيراً وجد الرئيس الأميركي باراك أوباما أنه لامناص له سوى في أن يتذاكى بنفس أساليب بعض سابقيه , وسر تذاكيه أنه أمضى ما يقارب العام والنصف من ولايته دون أن يحقق شيئاً مما وعد شعبه وشعوب العالم فيه..
ولأنه وجد نفسه وإدارته عاجزين في تصويب الأمور, أو البت بقضايا مصيرية ومستعجلة,لأن الإدارة الفعلية الخفية لبلاده التي يأتمر بأوامرها هو وإدارته مترددة ومختلفة على كل الأمور فهو يبدوا مكسوف وحزين.
في القاهرة دعا إلى الحوار بين الأديان والحضارات. ولكنه لم يفعل شيئاً يذكر في سوى خطابه اليتيم. وتبنى إيجاد حل للقضية الفلسطينية وتحقيق السلام. فإذا بالجنرال جيم جونز مستشار الأمن القومي يعلن من على متن طائرة الرئيس الأميركي بعد عودته من براغ بعلن على الملأ :أن إدارته لم تتخذ أي قرار لبدأ أي تغيير كبير في الإستراتيجية الأميركية ولا أي قرار بشأن إستراتيجية السلام في الشرق الأوسط,وأنهم لا ينوون مفاجأة أحد في أي وقت. وأن إدارته ملتزمة بتعهدات بلاده الكاملة تجاه أمن إسرائيل,وأن العلاقات بين بلاده وإسرائيل متواصلة مستمرة وعلى أحسن ما يرام. ويضيف قائلاً: أن إدارته ستكون حاضرة في كل وقت وستفعل كل ما في وسعها لإرضاء كل الأطراف.وهذا معناه أن إرضائهم لإسرائيل ولو على حساب الغير هو هدفهم الوحيد. وطالب أوباما حكام إسرائيل بوقف الاستيطان فَرُفض طلبه, وتناولوه بالشتائم والسباب وبأقذع الكلام.
ووعد بسحب القوات الأميركية من العراق في ربيع عام 2009م ثم تراجع ليؤجله لربيع عام 2010م.وحتى الآن لم يفي بوعده نتيجة احتدام الخلافات بين الساسة والعسكر والصقور والنواب والحزبين والمحافظين الجدد.
أعلن أوباما في 5/4/2009م أثناء وجوده في براغ أنه سيقلص دور الأسلحة النووية في إستراتيجية بلاده للدفاع الوطني فأقتنص جائزة نوبل بهذا التصريح. إلا أنه تراجع عن تنفيذه بعد أن شعر باستياء بعض أعضاء مجلسي النواب والشيوخ والجنرالات من تصريحه,لأنه بنظرهم ضد مصلحة الأمن القومي لأميركي.وأبقى أوباما من عينهم جورج بوش في مناصبهم بالإدارة الوطنية للأمن النووي والذين يجهدون حتى الآن ليضاعفوا الخطة الإنتاجية للبلوتونيوم أربع مرات.حتى أن الإستراتيجية النووية لبلاده والتي أعلنها يبدوا أنه صممها على مقاس إسرائيل والصقور والمحافظين الجدد والجنرال كيفن شيلتون صاحب النزعة العدائية والعدوانية الذي يعتبر أن بلاده بحاجة للسلاح النووي وتطويره وزيادة أعداده مادامت الولايات المتحدة الأميركية موجودة.
ولذلك لم يجد أوباما من شيء يتسلى فيه سوى العزف والغناء على الخطر النووي الإيراني, وخطر فصائل المقاومة الوطنية وحزب الله وحماس, وخطر تنظيم القاعدة وأسامة بن لادن. ليبرر عجزه وتهربه من البت بالأمور المصيرية والقضايا الشائكة والمستعصية ,و يرضي بذلك إسرائيل.وراح يطالب بتشديد العقوبات على إيران بعد أن وعد إسرائيل بأنه سيحشد الكثير من دول العالم لدعم كذبتها عن الخطر النووي الإيراني.
ووجد أنه بتذاكيه يتحرر من عجزه وحرجه ووهنه ,ويصل ما أنقطع مع المنظمات الصهيونية ونتنياهو وإسرائيل من خلال ترويج خطر إيران النووي. والدليل على ذلك أن الرئيس باراك أوباما بعد أن أستمع بإنصات لمحاضرة نتنياهو قال له: قلبي معكم أيها الإسرائيليون ولهذا فأنا أوصي بأن نقرر لنا جدولاً زمنياً ملزماً لإنهاء النزاع بينكم وبين الفلسطينيين.أنا مصمم على أن أنهيه قبل نهاية ولايتي الأولى.الجميع يعرف كيف ستبدو التسوية الدائمة,أنت أيضاً تغرف,الرئيس كلينتون رسمها بتفاصيل التفاصيل,الرئيس جورج بوش بناها,وكرئيس أسود ذي جذور إسلامية يمكنني حتى أن أستخرج لكم من العرب أكثر من سلفي السابقين……..أتوقع منك سيدي رئيس وزراء إسرائيل أن تظهر الجسارة تتآزر بالشجاعة, وتقود بلادك إلى السلام في العام 2011م تجميد البناء ضروري فقط من أجل البداية,وأنا من ناحيتي أتعهد لك: طالما كنت رئيساً لأميركا لن تكون لإيران قدرة عسكرية نووية .أنا أقسم بذلك ,يباركك الرب يا مستر نتنياهو ,وليبارك الرب شعب إسرائيل……يا مستر نتنياهو من أجل ضرب إيران نحتاج إلى تسوية في فلسطين,الزمن لمناورات التملص نفذ,السلام الآن يا سيدي.وسارع ليقرن تعهداته بأفعاله حين أقر إستراتيجية بلاده النووية .والتي حدد فيها أن بلاده ستستخدم أسلحتها النووية ضد كل تهديد إرهابي, وضد كل دولة تسعى لامتلاك السلاح النووي,أو دول تمتلكه ولكنها لم توقع على معاهدة حظر انتشار السلاح النووي. وضد دول اعتبرها دول مارقة ككوريا الشمالية وإيران. أي أنه عاد بالعالم من جديد إلى أتون مرحلة الحرب الباردة بدون سبب مقنع أو وجيه.
ثم سارع لعقد قمة الأمن النووي والتي حضرها رؤساء ومسئولين يمثلون 47 دولة. وجدول أعمال المؤتمر كما يبدوا فصله الرئيس أوباما على مقاس فكر المحافظون الجدد والصقور وإسرائيل. ويستهدف فقط السلاح النووي الباكستاني و السلاح النووي لكوريا الشمالية وملف إيران النووي, وحركة حماس وحزب الله اللبناني.
وغياب نتنياهو عن المؤتمر برره الجنرال جيم جونز نستشار الأمن القومي الأميركي بتصريح قال فيه:نود حضور رئيس الوزراء الإسرائيلي ولكن نائب رئيس الوزراء سيقود وفداً, وسيكون وفداً إسرائيلياً قوياً. حتى أن صحيفة هآرتس ذكرت:أن الولايات المتحدة الأميركية هي التي أبلغت إسرائيل أن عدداً من الزعماء سيدعون في خطاباتهم خلال القمة المجتمع الدولي إلى فرض رقابة على المفاعلات والمنشآت النووية الإسرائيلية وممارسة ضغوط عليها كي تنضم لمعاهدة حظر انتشار السلاح النووي.وخاصة أن رئيس الوزراء التركي أعلن بأنه مصر على فتح ملف إسرائيل النووي خلال المؤتمر لما يمثله من تهديد وخطر على منطقة الشرق الأوسط.
في مؤتمر قمة الأمن النووي ألقى الرئيس باراك أوباما خطاباً يفتقر للحقيقة والموضوعية, حين راح يظهر خوفه من قيام المنظمات الإرهابية بحيازة الأسلحة النووية من خلال سطوها أو سرقتها لبعض من هذه الأسلحة ناسياً أو متناسياً أن هذه الأسلحة محمية ومحفوظة بشكل آمن في كافة الدول التي تملكها باستثناء بلاده التي تستعرض قوتها وجبروتها بهذه الأسلحة التي تجوب المحيطات والبحار, والمتمركزة في القواعد العسكرية الأميركية المنتشرة في كثير من أصقاع العالم.وأن هذا الاستعراض هو من يثير شهية المنظمات الإرهابية للتعرض لها أو السطو عليها. والرئيس أوباما على علم بأن تحقيق عالم ينعم بالأمن والسلام والرخاء, يفرض عليه قيادة العالم للتخلص من جميع الترسانات النووية بما فيها ترسانة بلاده النووية. وبذلك يحرم المنظمات الإرهابية من التفكير بأية عمليات سطو على هذه الأسلحة,أو محاولة العبث بها,وبذلك ترتاح البشرية من أخطار السلاح النووي.
لكن الرئيس باراك أوباما ربما أراد من هذه القمة التي دعا إليها: تبرير مخاوف إسرائيل وتبني طلباتها .وابتزاز بعض الدول ككوريا الشمالية وإيران.وإرهاب فصائل المقاومة الوطنية. ومحاولة الضغط على روسيا والصين لتأييد فرض العقوبات القاسية على إيران.أي أنه أراد أن يتذاكى على الشعوب بنفس أساليب بعض سابقيه.