عيد العمّـال العالمي … بقلم : تيسير مخول
بُنيت الحضارة الإنسانية على يد العمال الذين بذلوا جهودهم الجسدية والفكرية لإعلاء مداميك تلك الحضارة ..
ولكن رغم أهمية الدور الذي يلعبونه تعرّض العمال لشتّى صنوف القهر والتعذيب والعمل في الظروف القاسية وغير الملائمة، وليس أدلّ على ذلك من نظرة سريعة إلى التاريخ الذي يخبرنا عمّا تعرّض له العمال في أغلب الحضارات القديمة، فكانوا يستعبدون ويستغلون في أعمال قاسية شاقّة دون تأمين مستلزمات راحتهم الحياتية، فكانوا يُجبرون على العمل في المناجم وتعبيد الطرق وبناء القصور والأسوار.. وغيرها ..
وقد تنبّه عددٌ من المتابعين في عصر النهضة الصناعية في أوروبا، لما يتعرض له العمال، فرفعوا لواء الدفاع عنهم، وطالبوا بتحسين ظروف العمل، وتأمين متطلبات عيش كريم لهؤلاء العمال، وتمخّض عن تلك التحرّكات والمطالب ظهور عدد من الجمعيات والهيئات والنقابات العمالية ..
ففي عام 1869م تأسست في أمريكا منظمة “فرسان العمل” كتنظيم نقابي يسعى إلى تحسين الأمور وتخفيض ساعات العمل، ومع تطوّر الحركة النقابية نجحت مجموعة من القيادات النقابية في تكوين هيئة للعمال عام 1886م، وتبنّت هذه الهيئة الدعوة لاعتبار الأول من أيار/مايو من ذلك العام يوماً للإضراب العام من أجل تخفيض ساعات العمل إلى ثمانٍ في جميع المهن والصناعات، وقد حصلت مصادمات بين العمال والشرطة أدّت إلى سقوط عدد من القتلى، وألقي القبض على عدد من قيادات ذلك التحرّك وحوكموا، وأعدم أربعة منهم ..
منذ ذلك الحين أصبح الأول من أيار عيداً للطبقة العاملة في مختلف أنحاء العالم، وقد خرج العمال في الأول من أيار عام 1890 في شتى أنحاء الأرض إلى الشوارع في وقت واحد للتأكيد على تحالفهم مع ضحايا شيكاغو وللتعبير عن وحدتهم في سبيل تحقيق مطالبهم ونيل حقوقهم العادلة ومجابهة المستغلين أرباب العمل مهما كانت قوتهم، وهكذا سيحتفل عمال العالم في العام القادم بذكرى مرور مئة وعشرين عاما على اول احتفال بالأول من أيار .
وفي سورية تأسس أول تنظيم عمالي نقابي في عام 1925، وفي مطلع عام 1936 شاركت الطبقة العاملة بإضرابات عمت سورية مطالبة بإصدار تشريع للعمل وزيادة الأجور، لكن السلطات الفرنسية رفضت مطالبها، ووجد العمال ضرورة عقد مؤتمر عام لهم لتدارس الأمر واتخاذ القرار لمواجهة تعنت سلطات الانتداب، وجرى عقد مؤتمر تأسيسي للعمال في الثامن عشر من آذار عام 1938 وانبثق عن المؤتمر أول اتحاد عام لنقابات العمال في سورية وحد الطبقة العاملة وحركتها النقابية، ولكن اتحاد العمال لم يأخذ دوره الفاعل إلا بعد قيام ثورة آذار
ومنذ ذلك اليوم اتّسع الاهتمام باليوم الأول من أيار/مايو الذي صار ذكرى تستعاد كل عام، وما لبثت أن اعتبرت يوماً عالمياً للعمال، يُحتفل به في كل أنحاء العالم بهدف لفت الأنظار إلى دور العمال ومعاناتهم، والعمل على تأمين متطلبات عيش كريم لهم ..
وكل عام وانتم بخير
نهنئ الطبقة العاملة السورية وسائر العاملين بسواعدهم وأدمغتهم في مختلف ميادين البناء والإنتاج، ويدعوهم لتعزيز تضامنهم ونضالاتهم والعمل الجاد للارتقاء بدور حركتهم النقابية النضالي المستقل من أجل الدفاع عن مصالحهم وحقوقهم بوصفها جزءاً لا يتجزأ من مصالح الوطن، ولصون ما تحقق من منجزات وتطويرها وللحفاظ على دور الدولة الاقتصادي والاجتماعي بوصفه عاملاً أساسياً في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة.
الأول من أيار تاريخ لمرحلة نضالية هامة في حياة الطبقة العامة العالمية وتضحياتها ضد كل أشكال الظلم والعدوان والاضطهاد والاستغلال لبناء عالم تسوده الحرية والعدالة والمساواة.
الاحتفال بذكرى الأول من أيار.. وقد يكون الهدف من الاحتفال أيضاً إحياء ذكرى تضامن عمال العالم من أجل تحقيق مكسب كبير من مكاسب نضالهم وهو تحديد ساعات العمل اليومي بثماني ساعات ولكن من المؤكد الآن أن هذا اليوم أصبح يحمل معه لكل شعب.. ولكل جماعة عمالية.. ولكل منظمة نقابية مجموعة من القيم النضالية.
الأول من أيار يحمل لنا معاني التضامن والوحدة الصلبة حول أهداف جماهيرنا من أجل إقامة مجتمع الحرية والعدل والرفاهية، وهو يحمل لنا عبر هذا وذاك معاني التضامن والوحدة بين جماهير أمتنا من أجل تحرير الأراضي العربية وضمان الحقوق المشروعة للشعب العربي الفلسطيني ودفع العدوان والوقوف بحزم ضد الأنظمة العربية المتخاذلة.
خرجت إلى عملي اليوم !!!…
……..و جميع شغيلتي !!!……
……..و بينما كنت أتنقل من مكان إلى آخر داخل دمشق بحكم أعمالي
بدا في أحد شوارعها ازدحام خانق…كان ثمة مهرجانا للمناسبه
وعبرت السرفيس التي احجز مقعدا لي فيها..وسط الحشود المتفرقة
و على ما يبدو كانت نهاية المعمعة..
…تعمدت مراقبة الوجوه وتعابيرها التي وكعادتها،كما كل يوم، عابسة
غير فرحة..وبدت لي أكثر كآبة اليوم….لا أدري لماذا !!..
صعد في السرفيس الذي أستقله عددا من “المحتفلين” يحملون في أيديهم
“صورا ملونة” …تمعنت وجوههم..و بالأخص عيونهم.. لأقرأ مزيدا من الانكسار
و الكآبة والتعب..وكثيرا من اللامبالاة وشيئا من عدم الرغبة بل و انكفائها…
لم يكن فيها شيئا من سعادة النضال…بل أن الأكثر وضوحا كان بؤس الخضوع
و عار التزلف………..ففكرت قليلا : ولكي أكون مهذبا……
نعم يعني لي كثيرا ذاك اليوم الذي سطره في التاريخ أبناء شيكاغو في
أمريكا…..لكنه هنا ،وفي هذه اللحظة لم يكن يعني شيئا…………………….
أيهـا العمـال السوريـون الكادحـون بسواعـدهم وأدمغتـهم.. تحية لكم في الأول من أيار، عيد العمال العالمي، عيد الطبقة العاملة وكل من آزرها وانتصر لقضاياها ونضالاتها المستمرة ضد الاستغلال الرأسمالي المتوحش، وضد المخططات الإمبريالية ـ الصهيونية العدوانية التي تستهدف شعوب العالم قاطبة، بمن فيها شعبنا في سورية.