قاعة الذهب في قصر العظم الأثري بحماة.. طراز معماري إسلامي ليس له مثيل في الشرق الأوسط
تتميز قاعة الذهب في قصر العظم الأثري في مدينة حماة بجمال أخاذ وروعة تتجلى بدقة وإتقان تصميم أعمال العجمي والزخارف والرسوم النباتية والهندسية الموجودة على أسقف وجدران القاعة.
ويلفت انتباه الزائر البوابة الرئيسية لها والمشغولة بالخيط العربي ووضعية المرايا الزجاجية المتداخلة مع الخشب بشكل متناظر والقاعة المزدانة بالزخارف والأشكال الفنية المنقوشة على جميع جدران وأسقف القاعة ومقرنصاتها وأقواسها الحجرية إضافة إلى نافورة الماء التي تتربع وسط القاعة حيث تم تصنيعها من الرخام المرصع بالأحجار الملونة ويتوسطها عمود موءلف من سبع طبقات رمزاً لأيام الأسبوع وفيها 53 منهل مياه تعبر عن أسابيع السنة الهجرية وعند تدفق المياه من هذه المناهل تتلألأ أعلى قبة الكريستال الكائنة فوق النافورة نتيجة إشعاعات الأضواء المنبثقة والمنعكسة من الفتحات "القمريات".
وقال المهندس مجد حجازي الباحث في آثار حماة إن هذه النافورة كانت بمثابة روزنامة يومية وسنوية ومؤشر على توفر المياه أو عدمه في أحياء حماة القديمة إذ ينصب الماء من إحدى طبقات النافورة كل يوم حتى يكتمل انصباب الماء من كامل الطبقة نهاية الأسبوع في يوم الجمعة مبينا ان هذه المياه تصل إلى القاعة بواسطة أقنية حجرية عبر 6 نواعير تغذي كل ناعورة طبقة من طبقات النافورة التي تلاحظ في رأسها ثقوب كل ثقب يكشف عن وصول المياه إلى حي من أحياء المدينة.
وأضاف أنه من خلال مبدأ عمل النافورة كان بمقدور والي المدينة وهو جالس في ديوانه الاطلاع ومعرفة الأحياء التي تصلها المياه وتلك التي لا تصلها عبر مراقبة المنهل الموجود في رأس النافورة موضحاً أن هذا الأسلوب المعماري والهندسي في تصميم هذه النافورة لا يوجد لها مثيل سوى في قصر الحمراء في الأندلس.
ولفت حجازي إلى أن قاعة الذهب التي تم الانتهاء من ترميمها مؤخراً تضم 3 حجرات كانت الشمالية منها تستخدم كمجلس للوالي وإدارة الحكم باعتبارها مواجهة للباب الرئيسي للقاعة والشرقية والغربية كانت تستخدمان كمجلسين لعائلة الوالي العثماني أحمد موءيد باشا العظم الذي سكن القاعة والقصر هو وأولاده وأحفاده حتى عام 1920.
بدوره أوضح عبد الرؤوف بيضون فنان تشكيلي متخصص في الزخارف الإسلامية والذي اشرف على ترميم رسوم وزخارف القاعة أن ما يميز قاعة الذهب أيضا الثريات النحاسية والجصية والأسقف والجدران المرسومة بطريقة العجمي والتي يحكي كل منها حكاية مشيراً إلى أن صورة العصافير كانت ترمز إلى سكان القصر وعددهم.
ولفت إلى أن الزخارف والرسوم والأشكال الموجودة في الحجرات تعبر عن فلسفة دينية واجتماعية تتمثل بالأحاديث النبوية الشريفة والحكم والأقوال المأثورة منها لوحة شجرة التفاح وكتابات لأسماء الله الحسنى أما لوحة البناء الشامخ فهي ترمز إلى الدنيا والمساجد والكنائس الموجودة ترمز إلى الآخرة أما رسم زهرة اللوتس فتعبر عن النظافة في حين شكل زهرة الأفيون يشير إلى الموت.
وأضاف بيضون أن المرايا الموجودة في الأسقف والجدران عبارة عن موشورات وعاكسات تعمل ككاميرات مراقبة في وقتنا الحاضر حيث بإمكان الوالي الجالس في حجرة الحكم تحديد وجه الضيف القادم إلى القاعة بمجرد دخوله البوابة الرئيسية كما كان يرى ما يحدث في كل حجرة من حجرات قاعة الذهب.
من جهته بين سعيد بدوي متعهد مشروع ترميم قاعة الذهب أن ترميم القاعة التي تصل مساحتها إلى حدود 500 متر مربع تتضمن ترميم الخشبيات وإتمام النواقص فيها وإعادة رسم القبة الرئيسية للقاعة في محاكاة الصورة القديمة للقاعة قبل الترميم موثقة لدى المديرية العامة للآثار والمتاحف إضافة إلى فراش القاعة بالأثاث الخشبي المرصع والسجاد مبيناً أن العمل في ترميم وتجهيز وفرش قاعة الذهب استمر مدة عامين.
يذكر أن الوالي العثماني أسعد باشا العظم هو من بنى قاعة الذهب الكبرى في قصر العظم الأثري في حماة حينما كان والياً على مدينة حماة عام 1153 هجرية 1740 ميلادية.
فعلا ً أنها قاعة رائعة وجميلة وياريت يتم أفتتاح عنا بحلب هيك قاعة