حكم قضائي يثير جدلاً حول الزواج الثاني لأقباط مصر
أصدرت إحدى المحاكم المصرية حكماً يقضي بإلزام البابا شنودة الثالث، بابا الإسكندرية وبطريك الكرازة المرقسية، بإعطاء الكنيسة الأرثوذكسية تصريحاً بالزواج للمرة الثانية لمسيحي انفصل عن زوجته الأولى بالطلاق، مما أثار جدلاً حول حق الزواج الثاني للأقباط في مصر.
وجاء الحكم الصادر عن دائرة الموضوع بالمحكمة الإدارية العليا، بتأييد حكم سابق عن محكمة القضاء الإداري، ورفض الطعن المقدم من البابا شنودة بشأنها، ليصبح حكم المحكمة الإدارية العليا نهائياً، وغير قابل للطعن عليه بأي وجه من أوجه التقاضي.
وقالت المحكمة في حيثيات حكمها، الذي أصدرته السبت، برئاسة المستشار محمد الحسيني، رئيس مجلس الدولة، إن "الحق في تكوين الأسرة، حق دستوري يعلو فوق كل الاعتبارات، وأن المحكمة إذ تحترم المشاعر الدينية، غير أنها تحكم وفقاً لما قرره القانون"، مشيرةً إلى أن "القاضي لا مفر أمامه إلا تنفيذ ما نص عليه القانون وقواعده."
وذكرت وكالة أنباء الشرق الأوسط أن أحد الأقباط، ويُدعى هاني وصفي، كان قد اختصم البابا شنودة، في الدعوى التي أقامها أمام محكمة القضاء الإداري، وطعن فيها على رفض الكنيسة الأرثوذكسية إعطاءه تصريحاً بالزواج مرة أخرى، بعد طلاقه من زوجته الأولى.
وأصدرت محكمة أول درجة حكماً لصالحه، وقضت بأحقيته في الحصول على هذا التصريح، إلا أن البابا شنودة طعن بالحكم أمام المحكمة الإدارية العليا، وحددت المحكمة جلستين سابقتين للحكم في الطعن، إلا أنها لم تفصل فيه لاستمرار مداولتها، إلى أن أصدرت حكمها النهائي بجلسة السبت.
ورغم أن الحكم الصادر عن المحكمة الإدارية العليا نهائي وغير قابل للطعن، فقد أكدت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية الأحد، تمسكها بمنع التصريح بالزواج الثاني، إلا إذا كان الطلاق لعلة "الزنا"، وفقاً للتعديل الأخير على لائحة "المجلس الملي"، المعروفة بلائحة 1938، بحسب ما أكده الأنبا أرميا، سكرتير البابا شنودة.
وأكد ألأنبا أرميا تمسك البابا والكنيسة بالموقف الرافض بالتصريح بالزواج الثاني، وأضاف، في تصريحات نقلتها صحيفة "المصري اليوم" الأحد قائلاً: "نحن نحترم القضاء المصري، لكن لا توجد قوة على وجه الأرض تستطيع أن تجبر الكنيسة على مخالفة تعاليم الكتاب المقدس والقوانين الكنسية."
وشدد سكرتير البابا شنودة على قوله: "إن ما جمَّعه الله لا يفرقه إنسان"، في إشارة إلى آية في "الكتاب المقدس"، تشير إلى الزواج بوصفه "رباط مقدس يقيمه الله بين الزوج والزوجة."
وأشار إلى أن الشريعة الإسلامية تكفل للأقباط الاحتكام إلى شريعتهم، وبالتالي فإنه "على الدولة احترام حرية العقيدة، وتمتنع عن التدخل في شؤونها"، لافتاً إلى أن الكنيسة ستتخذ خلال الفترة القادمة، ما تراه من إجراءات قانونية قادرة على إلغاء الحكم، في الوقت الذي "لن تسمح فيه لأحد بالزواج الثاني، مهما بلغ قدره."