ضباط حزب الله يكشفون للمرة الأولى فوائد استخدام شبكة الاتصالات السلكية
ي تصريحات هي الأولى من نوعها كشف ضباط في حزب الله، بتقرير صحفي، دور شبكة اتصالات الحزب في حرب تموز (يوليو) 2006 مع إسرائيل التي أدت إلى العديد من الاختراقات الاستخباراتية،
وفي التقرير الذي نشرته صحيفة "السفير" اللبنانية أمس الثلاثاء يوضح احد قياديي المقاومة الذين شاركوا في مواجهات حرب تموز في منطقة بنت جبيل وضواحيها، ان الغاية الرئيسة من الشبكة هي: أولا، ربط القيادة بالعناصر المنتشرة على الأرض، ثانيا استخدامها خلال مرحلة الإعداد والتجهيز في مرحلة ما قبل الحرب التي تتطلب درجة عالية من السرية، وعدم الانكشاف للعدو انطلاقا من قاعدة مكافحة التجسس. ثالثا: على مستوى التكتيك العسكري، أفادت الشبكة من خلال إعطاء الأوامر حتى في أدق الظروف، ويعطي مثلا على ذلك انه أثناء المعارك طلبت قيادة المقاومة من المقاتلين ترك العدو يدخل إلى بعض القرى والوديان حتى يقع في كمائن المقاومين، وهذا ما كان وأدى الى خسائر كبيرة في صفوفه، كما حصل في عيتا الشعب ووادي الحجير، وبنت جبيل.
القيادي في حزب الله يكشف الفائدة العملية للشبكة أثناء حرب تموز: في غضون دقائق قليلة بعد عملية أسر الجنديين الاسرائيليين في ١٢ تموز، كان مقاتلو المقاومة أصبحوا على أهبة الاستعداد على امتداد خطوط الجبهة، حيث استنفر قادة ترسانات الأسلحة ومسؤولي الوحدات الصاروخية والمدفعية المضادة للدروع، وتصدوا حينها للدبابات الإسرائيلية التي حاولت الدخول الى الاراضي اللبنانية لمطاردة العناصر المشاركة في العملية، فدُمرت دبابة وقتل على الفور كامل أفراد طاقمها الأربعة بحسب اعترافات الجيش الإسرائيلي، ويشرح القيادي الأهمية العسكرية للشبكة بالقول "من المستحيل أن تعمد القيادة إلى إدارة العمليات والتنسيق مع العناصر من دون ان يحدد مكانها إلا من خلال هذه الوسيلة"، ويذكر بقصف البارجة الاسرائيلية "ساعر خمسة" قبالة شاطئ الاوزاعي، مشيراً إن "نجاح العملية وسرعة التنفيذ اعتمدا بشكل رئيس على آلية التواصل بين مستويات عدة، من العناصر التي أطلقت الصاروخ، الى القيادة العليا التي أعطت الأوامر الى الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الذي أعلن على الهواء مباشرة إصابة البارجة".
القيادي نفسه.
يوضح ضابط ميداني آخر في التقرير نفسه العلاقة بين منظومة الاتصال والمنظومة الصاروخية أثناء حرب تموز الأخيرة من خلال نقطتين رئيسيتين يجب توافرهما قبل إطلاق أي صليات صاروخية، النقطة الأولى هي تحديد زمان الرماية والثانية مكان الرماية، موضحاً أن الأهداف الكبيرة والإستراتيجية مثل حيفا وما بعدها، التي قصفت بصواريخ رعد وزلزال، مرتبطة بالقيادة العليا بناء على معطيات عدة منها استمرارية جلب المعلومات الدقيقة التي كانت تتم من خلال المراصد والدوريات والتي تتواصل بدورها مع قياداتها بشكل دائم، وتمدها بكل المعطيات التي بحوزتها، بعدها الاتصال بالوحدات الأرضية بعد تزويدها من قبل قيادتها بالإحداثيات، لتطلق اثرها دفعات من الصواريخ في وقت واحد على الأهداف المحددة. ويتابع: "المحور الرئيس في هذا العملية هو عامل الاتصال فالفعل وردة الفعل مرتبطان به أيضا، وفي حال فقدانه تصبح القيادة عمياء كونها ستفتقد إلى مبدأين أساسيين من مبادئ الحرب، هما الضبط والسيطرة. وفي أصول الحرب يتم الاعتماد على عنصر أساسي هو وحدة القيادة التي أثبتت تماسكها وفعالية التنسيق بينها في محطات عدة خلال الحرب منها أثناء الهدنة حيث لم يطلق أي صاروخ أو إجراء أي اشتباك. كما بعد الهدنة حين أطلقت المقاومة في نحو ٣٠٠ صاروخ في يوم واحد".
من جانبه يؤكد ضابط الإشارة ملاك (اسم مستعار) إن عناصر الإشارة في حرب تموز كانوا كالاستشهاديين، نظراً لخطورة عملهم، فهم مضطرون للعمل حتى في أحلك الظروف العسكرية، حيث ان عناصر الاشارة كانوا يعملون تحت انظار طائرات التجسس. وملاك نفسه نجا من خمس غارات جوية أثناء وصله القيادة ببعضها. وهناك بحسبه اكثر من ١٢ شهيدا قضوا في الحرب بمختلف المناطق وهم يقومون بوصل الخطوط
ويروي أنه خلال المواجهات في منطقة فرون والغندورية حرصت قيادة المقاومة على إبقاء خطوط الاتصال السلكية مع المقاتلين وإمدادهم بالعتاد والعناصر، رغم من ضراوة المعركة وشدتها وتعرض عناصر الإشارة التي تقوم بوصل الخطوط المقطعة للقصف المدفعي وعدد من الغارات الجوية، بهدف تجنيبهم استخدام الوسائل اللاسلكية للحفاظ على حياتهم، ويذكر "ملاك" انه في بعض المناطق استشهد بعض القيادات بعدما فقدوا الاتصال مع عناصرهم اثر تعذر وصلها ما اضطرهم لاستخدام أجهزة الاتصال اللاسلكية المحمولة مما أدى إلى كشفهم فورا من قبل طائرات الاستطلاع الإسرائيلية، التي قصفت على الفور أماكن تواجدهم وتدميرها. كما ان العدو تمكن أيضا من اختراق الشيفرة الخاصة "بالباجر" الذي حمله المقاومون، مارس حربا نفسية عليهم من خلال بعثه رسائل لهم يدعي فيها انه يعرف أسماءهم ومكانهم وأنه سوف يقوم بقتلهم إذا لم يسلموا انفسهم"، وينفي ملاك أن تكون للشبكة أي استخدامات مدنية، بل محض عسكرية، مضيفا انه لولا الضرورات العسكرية لما كانت المقاومة بوارد تطويرها خصوصا أن تكلفتها عالية جدا، فضلا عن استهلاكها للعنصرين البشري والمادي، أي بعبارة أوضح "استهلاك دون مردود". ويضيف الضابط ان المناطق المربوطة ببعضها بشبكة الاتصالات محدودة ومقتصرة فقط على القيادات والاماكن الخاصة بهم، ويضيف أن الأعمال الظاهرة التي تقوم بها المقاومة من خلال مد الشبكة في بعض القرى والمناطق ما هي إلا عملية تمويه تعتمدها لحماية الشبكة لتحجب عن عيون الإسرائيليين الوجهة الحقيقية للخطوط، وعن إمكانية التنصت يجيب ان الأمر ممكن، لكن بشكل محدود جدا.
تقول دراسة عن الحرب أعدها مديرا منتدى النزاعات الاستر كروك المسؤول السابق في المخابرات البريطانية (أم أي 6) ومستشار شؤون الشرق الأوسط السابق للممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي خافيير سولانا، ومارك بيري الكاتب والمحلل المتخصص في الشؤون العسكرية والاستخباراتية والسياسة الخارجية إن "قادة المقاومة طوروا على مدى سنتين فقط، قدراتهم للتنصت على الإشارات اللاسلكية للعدو فكانوا قادرين طوال مدة الحرب على التنبؤ بالزمان والمكان الذي ستهجم فيه المقاتلات والقاذفات الإسرائيلية. وكان لهذا أيضا الأثر الحاسم على الحرب البرية من خلال اعتراض وقراءة التحركات الإسرائيلية. كما أتقن مسؤولو الاستخبارات في المقاومة القدرة على التجسس على الإشارات، إلى درجة مكنتهم من اعتراض الاتصالات الأرضية بين القادة العسكريين الإسرائيليين، الذين استخفوا بقدرات المقاومة على إجادة تقنيات مضادة للتقنيات الإسرائيلية الفائقة التطور القائمة على "القفز بين الترددات"، وكان لهذا تأثير جوهري على حسابات إسرائيل المعتمدة على أن المفاجأة وحدها تمنح جنودها النصر".
يذكر أن الحكومة اللبنانية السابقة برئاسة فؤاد السنيورة كانت أصدرت في أيار مايو الماضي قراراً يقضي ب.الة شبكة أتصالات حزب الله وذلك بتحريض من النائب، وليد جنبلاط، ما استدعى تدخل حزب الله داخلياً ودفع الحكومة اللبنانية للتراجع عن قرارها؛ حيث اعتبر حزب الله أن الحكومة أعلنت الحرب من خلال الاجراءات ضد شبكته التي لعبت دورا أساسيا خلال الحرب مع اسرائيل التي استمرت 34 يوما في العام 2006.