تحقيق في قضية تطرف يسفر عن مطالبات بتنحي ساركوزي
وقع هجوم إرهابي في باكستان عام 2002 واسفر عن مقتل أحد عشر مهندسا بحريا فرنسيا. وأسفر تحقيق موسع في الحادث عن نتائج غير متوقعة حيث ربط بين الرئيس الفرنسي ساركوزي وفضيحة فساد قديمة.
نتيجة لذلك، طالب المحامي الذي يمثل أسر ضحايا التفجير الانتحاري في كراتشي، بتنحي الرئيس الفرنسي عن منصبه.
وقال أوليفييه موريس:"نحن نرى أن ساركوزي كذب على الأسر "أسر الضحايا" عندما التقى بها".
استند موريس في طلبه إلى أن القضاة الذين يحققون في هجوم الثامن من أيار/ مايو 2002، يعتقدون أن الهجوم لم يكن جزءا من الحرب الشعواء التي يشنها تنظيم القاعدة على الغرب، بل كان نتيجة صراع داخلي بين سياسيي التيار اليميني الفرنسي، لعب فيه الرئيس الفرنسي على ما يبدو دورا رئيسيا.
صحيفة "ميديا بار"الفرنسية الإلكترونية اليومية، قالت إن شرطة لوكسمبورج خلصت إلى أن ساركوزي أسس عام 1994، وكان وقتها يشغل منصب وزير المالية في حكومة رئيس الوزراء إدوار بالادير، شركة عبر البحار، لتساعد رئيسه بالادير في حملته لتولي رئاسة البلاد.
واستخدمت الشركة التي كان يطلق عليها "هاين" ومقرها لوكسمبورج، في دفع رشى لوسطاء في صفقات دولية لبيع الأسلحة عن طريق شركة الدفاع البحري الفرنسي "دي سي إن" وتهريب عوائد تلك الصفقات سرا لفرنسا.
وبينما كانت مسألة تقديم الرشى للعملاء الأجانب شرعية في ذلك الوقت، فإن العوائد أو العمولات كما يطلق عليها لم تكن كذلك.
وذكرت تقارير أن ملف شرطة لوكسمبورج يقول "حسب الوثيقة.. يبدو ان اتفاقات التأسيس لـ"هاين" جاءت مباشرة من رئيس الوزراء بالادير ووزير المالية نيكولا ساركوزي".
ويعتقد أن ما يزيد على 4ر94 مليون فرنك "4ر14 مليون يورو أو مايعادل حاليا 5ر17 مليون دولار" قد تدفقت عائدة لفرنسا من صفقات الأسلحة، ومنها عمولات بيع ثلاث غواصات من طراز "أجوستا 90 " لباكستان في صفقة كانت قيمتها الإجمالية 950 مليون دولار.
ونقلت ميديابار عن ملف الشرطة "جزء من الأموال التي جرى تمريرها عبر لوكسمبورج عاد لفرنسا لتمويل حملات سياسية فرنسية".
ويعتقد أيضا أن بعض تلك النقود استخدمها بالادير في تمويل حملته غير الناجحة للفوز بكرسي الرئاسة في فرنسا عام 1995، والتي كان ساركوزي يديرها.
ومني بالادير بالهزيمة في الجولة الأولى على يد خصمه اللدود جاك شيراك زعيم المحافظين، والذي واصل المنافسة ليفوز في جولة الإعادة.
اما الاكثر اهمية فيما يتعلق بالتحقيق في الهجوم الإرهابي، فهو أن رشى قيمتها تربو على ثمانين مليون دولار كان من المقرر-حسب الادعاء- أن تدفع لسياسيين باكستانيين ومسؤولين عسكريين في صفقة الغواصات.
غير أن شيراك أوقف بمجرد توليه الرئاسة، نظام بالادير الخاص بتقديم الرشى، وتلقي العمولات بعد ذلك، لينتهي الامر بعدم سداد 15 بالمئة من قيمة الرشى التي كان مقررا أن ينالها الباكستانيون. ويعتقد القضاة الآن أن تفجير كراتشي كان ردا انتقاميا لعدم سداد الرشوة.
وقال موريس إن أحد قضاة التحقيق، مارك تريفيدي،أخبر أسر الضحايا العام الماضي إن هذه النظرية"منطقية بشكل بشع".
ومما له دلالة مهمة، أن المهندسين الفرنسيين كانوا في كراتشي لاتمام مهام على متن الغواصات الثلاثة.
وأسفر الهجوم عن مقتل 15 عشر شخصا وإصابة اربعين آخرين. ووصف المتحدث باسم الحكومة الفرنسية لوك شاتل، التقارير التي تحدثت عن تورط الرئيس ساركوزي في القضية بانها "غريبة".
وقال شاتل الخميس خلال مقابلة تلفزيونية "لقد دافع رئيس الجمهورية عن نفسه فيما مضى .. وقال إن تلك "الادعاءات" محض خرافات…الرئيس لا علاقة له بهذه القضية".
بيد أن موريس قال إن تقرير شرطة لوكسمبورج "يوضح" أن تورط الرئيس ليس خرافة.
وقال " أنا على ثقة أن العملية التي نفذها عندما كان مديرا للموازنة لعبت دورا محوريا في القضية".
وطالب السياسيون المعارضون بإجراء تحقيق رسمي في ادعاءات الحصول على عمولات، غير أن إجراء تحقيق كهذا مستبعد، ذلك ان أن أجزاء من تقرير الشرطة الذي استندت إليه صحيفة ميديابار لا تقدم أي دليل على الادعاءات.
أمر آخر، معظم وثائق الحكومة الفرنسية المتعلقة بصفقات بيع الأسلحة لجهات خارجية مصنفة كأسرار دولة، ومن المستبعد أن يتم رفع هذا الغطاء القانوني عنها مادام ساركوزي أو أي من أعضاء التيار اليميني يشغل منصب الرئاسة.