منتدى التعاون الاقتصادي العربي التركي ينعقد في اسطنبول بمشاركة سورية
بدأت في اسطنبول صباح اليوم أعمال منتدى التعاون الاقتصادي العربي التركي الخامس بمشاركة الدكتور محمد الحسين وزير المالية ووليد المعلم وزير الخارجية.
وقال رجب طيب أردوغان رئيس الوزراء التركي في كلمة له في افتتاح المنتدى..إن العلاقات الاقتصادية والسياسية المتطورة مع الدول العربية حققت طفرة كبيرة في حجم التبادل التجاري من 7 مليارات دولار عام 2002 إلى 37 مليار دولار عام 2008 موضحاً أنه برغم الأزمة الاقتصادية العالمية خلال العام 2009 فقد بلغ حجم التبادل التجاري التركي العربي 29 مليار دولار.
ولفت أردوغان إلى وجود أكثر من ألفي شركة عربية لديها استثمارات في تركيا تدعم اقتصاد بلدانها والاقتصاد التركي وبلغ حجم الاستثمارات العربية في تركيا بين عامي 2002 و2009-2ر6 مليارات دولار وكذلك فان العديد من شركات المقاولات التركية وقعت على مشاريع إنشائية ناجحة في الدول العربية وعززت علاقات تركيا بالدول العربية.
وأشار أردوغان إلى التطور الملحوظ في تدفق السياح بين تركيا والدول العربية وكذلك التقارب الثقافي بين الجانبين على كافة المستويات ومن بينها الإنتاج الدرامي والنشاط الإعلامي المتبادل كإقامة قناة "تي ار تي" التي تبث باللغة العربية.
ودعا أردوغان إلى مزيد من العمل لتحقيق الانسجام بين شعوب المنطقة مؤكداً أن أبواب تركيا مفتوحة إلى ما لا نهاية للأخوة العرب الراغبين بالاستثمار في تركيا التي تحتوي إمكانيات وفرصاً مربحة للغاية.
وأكد أردوغان متانة ورسوخ العلاقات السورية التركية وأنه لا يوجد أي فرق بين الشعبين التركي والسوري فتركيا هي سورية وسورية هي تركيا وان مواطني الدولتين يتنقلون بين مدن البلدين كأنهم يتنقلون ضمن بلد واحد بعد إلغاء سمات الدخول والآن تحولت الدولتان إلى عائلة واحدة وإلى دولة واحدة وهناك تعاون نموذجي في كافة المجالات.
وقال أردوغان إن العلاقات التركية تسير على نفس المنوال مع لبنان والأردن و ليبيا وإن هناك تعاوناً كبيراً بين تركيا والدول العربية لإزالة السدود والموانع الاصطناعية واحدة تلو الأخرى لإعادة العلاقات إلى المجرى الطبيعي الذي يجب أن تكون فيه.
وأشار أردوغان إلى أن تركيا تأتي الآن في المرتبة السابعة عشرة بين أكبر الاقتصادات في العالم وفي المرتبة السادسة على الصعيد الأوروبي وأنها تأتي في مقدمة الدول التي تمكنت من تجاوز تبعات الأزمة الاقتصادية العالمية ومن المتوقع أن تحقق نمواً ما بين 6 إلى 7 بالمئة وانها ستكون في عام 2023 في المرتبة العاشرة بين أكبر الاقتصادات في العالم.
وقال أردوغان نحن كدول صديقة نرجو تحقيق الاستثمارات بشكل متبادل فيما بيننا وهناك قول مأثور لدى الأتراك هو لا تشتر الدار بل اشتر الجار وهو نفس المثل العربي الجار قبل الدار ونحن إلى جانب كوننا جيراناً فإننا أخوة أيضاً ويتعين علينا تعزيز أخوتنا وأتمنى أن يفتح هذا المنتدى المجال لتحقيق كل أهدافنا معرباً عن شكره لكل من ساهم في إنجاح الملتقى.
وأكد أردوغان وقوف تركيا ضد جميع أشكال الإرهاب بما في ذلك إرهاب الدولة ولذلك فإنها أصبحت هدفاً للدعاية وأجهزة الإعلام التي تقف وراءها إسرائيل و الحكومة الإسرائيلية التي تسيطر على أجهزة الصحافة والإعلام في العالم.
وقال أردوغان يريدون من تركيا أن تسكت على الاعتداءات الإسرائيلية ضد سفن أسطول الحرية التي راح ضحيتها 9 شهداء أتراك وإصابة أكثر من 24متضامناً من دول مختلفة جراء المعاملة غير الإنسانية التي تعرضوا لها نتيجة ارهاب الدولة في المياه الدولية مبيناً أن كل ما فعله هؤلاء انهم كانوا يحاولون إيصال مساعدات إنسانية لقطاع غزة.
وأضاف أردوغان لقد هوجم هؤلاء في المياه الدولية وبزوارق حربية إسرائيلية و بطائرات المروحية وبعد جرحهم تم إطلاق النار على رؤوسهم وفي مناطق مختلفة من أجسامهم وأنا شخصياً رأيت الشهداء و كانت هناك جروح رايتها بأم عيني وإلى حد الآن هناك مواطنون ما زالوا في الإنعاش.
واعتبر أردوغان السكوت عن مثل هذه الأفعال وتجاهل المأساة والمذبحة والممارسات غير الإنسانية في فلسطين بمثابة الموافقة والمصادقة على إرهاب الدولة والقرصنة التي حدثت في المياه الدولية مؤكداً أنه طالما بقيت غزة تحت الحصار فلن يكون هناك سلام واستقرار في المنطقة ولذلك فإن تركيا ستبقى على موقفها وتتمسك بمبادئها ولن تقدم أي تنازلات.
وقال أردوغان طالما بقيت القضية الفلسطينية دون حل فلا يمكن لأي دولة في المنطقة بالمعنى الكامل أن تقوم بتأسيس الرفاه والاستقرار وهذا ما تثبته التجارب المأساوية التي حدثت مؤخراً مشيراً إلى أن المواقف التركية تجاه القضية الفلسطينية ومعظم قضايا المنطقة نابعة من إيمانها بأن العالم يحتاج للسلام وليس للصراع و قناعتها المطلقة بأن حالات القرصنة وعدم الالتزام بالحقوق تلحق الضرر بالمنطقة برمتها و تسبب لها آلاماً أكبر.
ولفت أردوغان إلى أنه لا يمكن لأي دولة أن تحقق الربح من الخصومة والنزاع و الحقد والكراهية ومشاعر الانتقام وان أي شعب من الشعوب لا يمكن أن يحقق أي نفع على مدى أعوام من المشاكل المصطنعة مبيناً أن المستفيد الوحيد من الصراعات والحروب هم تجار الأسلحة وبارونات الحروب والإرهاب الذي يتغذى من سكب الدماء متسائلاً لماذا لا تنفق المليارات على الفقراء والخدمات بدلاً من صرفها على الأسلحة والحروب.
وبالنسبة للموضوع الإيراني قال أردوغان .. إن تركيا عندما صوتت ضد العقوبات على ايران في مجلس الامن انطلقت من مبدأ ضرورة حل جميع القضايا بالطرق الدبلوماسية مشيراً إلى أن الاتفاق الثلاثي الذي وقعته تركيا والبرازيل وإيران كان نصراً دبلوماسياً وتم عقب إجراء المباحثات مع كافة الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الدولي.
وأضاف أردوغان أن السلاح والحصار والإقصاء لا يمكن أن يحققوا أي نتيجة و العالم شهد العديد من نماذج ذلك حتى الآن ودفع ثمنها باهظاً جداً وما زلنا ندفع ثمن ما جرى في العراق وأفغانستان حيث قتل الملايين من الناس متسائلاً.. من المسؤول عن مئات الآلاف من الارامل و الأيتام في العراق ولماذا لم يتحقق السلام في فلسطين على مدى أعوام.. هل يمكن السكوت إزاء ذلك.
وانتقد أردوغان الانقلاب الذي حصل في مواقف الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن تجاه الملف النووي الإيراني لافتاً إلى أن بلاده تلقت التهاني من جميع هذه الدول عقب توقيع الاتفاق الثلاثي الا أنها صوتت بالأمس على فرض عقوبات ضد إيران فما الذي تغير.
وقال أردوغان إن إيران التزمت بوعدها وأرسلت رسالة إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية الا أن الجواب جاءها من مجلس الأمن محملاً الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن المسؤولية في حال عدم تطبيق الاتفاق الثلاثي لأنهم قطعوا عليه الطريق من خلال العقوبات .
وجدد أردوغان عزم بلاده على مواصلة مساعيها المشتركة مع البرازيل لإيجاد حل دبلوماسي للأزمة ومواصلة المفاوضات وإبقاء الاتفاق الثلاثي على الطاولة لأن العالم يجب أن يتم تسييره بالوسائل الدبلوماسية.
وقال أردوغان إننا لا نرغب بذبح شركاء في خطأ من هذا القبيل لأن التاريخ لن يغفر لنا والأجيال المقبلة لن تعفو عنا..ولهذا السبب فإننا كنا حريصين لإعلان موقفنا الرافض للعقوبات.
بدوره أكد عمرو موسى الأمين العام لجامعة الدول العربية أهمية إنماء المصالح الاقتصادية العربية التركية المشتركة لاسيما أن عناصر التكامل الاقتصادي العربي التركي تستند إلى هياكل اقتصادية جرى ويجرى إنشاؤها ويتعين متابعتها بكل حرص واهتمام.
وقال موسى إن هذا الاجتماع يمثل خطوة أخرى نحو تنمية وتعزيز التعاون وفقاً للاتفاق الإطاري لمنتدى التعاون العربي التركي الأمر الذي يشكل ضماناً للطرفين لعمل مستمر ومسار مستقر للمسيرة العربية التركية وخاصة في ظل أزمة مالية عالمية وانكماش اقتصادي كبير ظهرت تداعياته على الاقتصاديات في المنطقة وأدت إلى تباطؤ في عملية التنمية.
وأعرب موسى عن أمله في زيادة حجم التبادل التجاري العربي التركي بعد الانخفاض الذي حدث عام 2009 بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية وتداعياتها على المنطقة لافتاً إلى أن العالم العربي يعمل على إنجاز العديد من المشروعات والخطوات الاقتصادية الهامة التي ستجعله أكثر جاذبية للاستثمار.
من جهته جدد سعد الحريري رئيس الحكومة اللبنانية تقديم العزاء للشعب التركي وقيادته بأرواح المتضامنين الأتراك الذين استشهدوا جراء العدوان الإسرائيلي على أسطول الحرية خلال محاولتهم الوصول إلى قطاع غزة لتقديم مساعدات إنسانية للفلسطينيين مبدياً تقديره للتضحيات التي قدمتها تركيا دفاعاً عن القضية الفلسطينية.
ودعا الحريري في كلمة ألقاها أمام الملتقى إلى تفعيل التعاون العربي التركي معبراً عن ثقته بما تتمتع به الدول العربية من طاقات بشرية شابة ومبدعة وموارد طبيعية متنوعة بإمكانها أن تؤسس لشراكة حقيقية ولتكامل اقتصادي مع تركيا بما يعزز مواقف العرب وتركيا في وجه التحديات التي تواجه المنطقة ويدعم مكانتهما في المحافل الاقتصادية والسياسية الدولية من جهة أخرى.
وأبدى الحريري رغبة لبنان بتحقيق شراكة استراتيجية مع تركيا في مختلف الميادين ومن خلال جعل التبادل الاستثماري بين البلدين ركيزة أساسية لدفع العلاقة بينهما مشيداً بما وصفه بالانعكاسات الإيجابية للاتفاقيات التي وقعتها الحكومتان اللبنانية والتركية في أنقرة خلال كانون الثاني الماضي.
ودعا رفعت حسار جقلي اوغلو رئيس اتحاد الغرف التركية إلى خلق تعاون واسع ومتكامل بين الدول العربية وتركيا في مختلف المجالات مؤكداً وجود مكانة خاصة للعالم العربي لدى رجال الأعمال الأتراك.
وقال جقلي أوغلو إننا نؤيد كرجال أعمال تحقيق السلام والاستقرار الدائم في منطقتنا ونؤمن أن ذلك يمكن أن يتحقق من خلال العلاقات الاقتصادية القوية مشيراً إلى أهمية تحويل البحرين الأحمر والمتوسط ومنطقة الخليج إلى منطقة للسلام والاستقرار.
ولفت جقلي أوغلو إلى أهمية اتفاقيات التجارة الحرة التي تم إبرامها بين تركيا والعديد من الدول العربية موضحاً أنها ساهمت في تطوير التجارة وإلغاء التأشيرات وتقريب مواطني هذه البلدان كما أسهمت أيضاً في إحياء الحركة السياحية ولعبت دوراً هاماً على صعيد تحقيق التكامل الاقتصادي الكفيل بتحقيق نمو مشترك لكلا الجانبين.
وأضاف جقلي أوغلو أن مواصلة المستوى المتقدم الذي وصلت إليه العلاقات التجارية العربية التركية يتطلب القيام بعدة أمور أبرزها تحديث شبكة الاتصالات والنقل وتأسيس نظام مصرفي قوي يقلل من الارتباط بالبنوك الأجنبية.
وأشار جقلي أوغلو إلى أهمية مواجهة الأزمة الاقتصادية العالمية من خلال بنية اقتصادية سليمة يمكن معها الحفاظ على المصادر المالية للمنطقة وإزالة العراقيل التي تعترض التجارة بين بلدانها وصولاً إلى تحقيق ساحة تجارة حرة واسعة بين شرق البحر الأبيض المتوسط والخليج.
وأبدى جقلي أوغلو استعداد رجال الأعمال الأتراك للتعاون مع نظرائهم العرب والاستفادة من الخبرات المتبادلة للجانبين داعياً أصحاب رؤوس الأموال العرب إلى تحقيق استثمار أكبر في تركيا.
يشار إلى أن المنتدى تنظمه مجموعة الاقتصاد والأعمال ووزارة المالية التركية بالتعاون مع وكالة دعم وترويج الاستثمار ومجلس العلاقات التجارية الخارجية في تركيا وجامعة الدول العربية ويشارك فيه عدد كبير من الشخصيات الرسمية ورجال الأعمال العرب والأتراك إلى جانب شركات ومجموعات مصرفية واستثمارية عربية كما يشهد حضوراً بارزاً لوزراء المالية العرب على رأس وفود من المصرفيين والقيادا ت المالية.
ويتناول الملتقى مسائل التعاون الإقليمي وتطوير الانفتاح المتبادل مع دول الجوار وسبل التعاون الاستراتيجي و تنمية العلاقات الاقتصادية والاستثمارية بين تركيا والدول العربية وقضايا الأمن الغذائي وحركة رؤوس الأموال والاستثمارات البينية وفرص الاستثمار في تركيا والتعاون بين المصارف والأسواق المالية التركية والعربية.