سورية وروسيا..روابط متينة من شواطئ المتوسط إلى قلب آسيا
تعود العلاقات الدبلوماسية بين موسكو ودمشق للعام 1944 وهي بنظر مراقبين تحمل طابعا وديا تقليديا استمر سنين طويلة وبقيت هذه العلاقة مميزة ووطيدة على مختلف الصعد السياسية والعلمية والثقافية حيث تمثلت على الصعيد الاقتصادي بالتعاون الوثيق بين سورية والاتحاد
السوفييتي ما اثمر اكثر من ثمانين مشروعا منها سد الفرات ومحطتا البعث و تشرين لتوليد الطاقة الكهربائية وحوالي الفي كيلومتر من خطوط السكك الحديدية وغيرها من المشاريع الحيوية.
ومنذ بداية الالفية الثانية شهدت العلاقات السورية الروسية تطورا ملحوظا ترجمته الزيارات المتبادلة بين البلدين على مستوى كبار المسؤولين للتشاور في المستجدات الاقليمية والدولية وايضا لتطوير التعاون الاقتصادي والتجاري.
وساهمت زيارة الرئيس بشار الاسد الى موسكو في عام 2005 في تعزيز وتطوير علاقات التعاون في مختلف المجالات وفتح افاق جديدة لهذا التعاون ولاسيما في المجالين الاقتصادي والتجاري.
وتمكن الجانبان من التوصل الى تسوية لمشكلة الديون العالقة بين روسيا وسورية ما دفع العلاقات الاقتصادية قدما الى الامام ووقعت العديد من الاتفاقيات خاصة في مجال الطاقة.
وخلال زيارة الرئيس الاسد الى موسكو في العام 2006 اتفق الجانبان على ضرورة تعزيز التعاون بينهما في المجالات الاقتصادية والتجارية والعلمية والفنية واعطاء الاولوية لمجالات الطاقة والري واستخراج النفط والغاز ونقله.
وكان الطرفان وقعا في العام 1993 اتفاقية تعاون اقتصادي وتجاري وتقني ثم في العام 2000 البرنامج التنفيذي لهذه الاتفاقية.. ومن اهم التسهيلات والاعفاءات التي تضمنها الاتفاق..
1- اتخاذ التدابير اللازمة لتسهيل وتشجيع المبادلات التجارية والتعاون الاقتصادي والفني.
2- دعم التعاون في مجالات الطاقة والري والزراعة والصناعة والنقل والنفط والتجارة.
3- منح معاملة الدولة الاكثر رعاية فيما يتعلق بالرسوم الجمركية والضرائب.
4-يتم تسديد المدفوعات بين البلدين بعملات قابلة للتحويل بصورة حرة.
5- تسهيل وتنشيط اقامة المعارض الوطنية والدولية.
ونتج عن هذه الاتفاقية تشكيل اللجنة السورية الروسية للتعاون التجاري والاقتصادي والعلمي والتقني في العام 2004 التي عقدت عدة اجتماعات كانت نتائجها تمتينا لعلاقات التعاون طويلة الامد في جميع المجالات الاقتصادية و التجارية والتقنية و العمل على تطوير تعاون البلدين في القطاعات الاقتصادية التقليدية مثل التجارة والطاقة والري واستصلاح الاراضي والصناعة النفطية والغازية والمواصلات كذلك في القطاعات الجديدة كالشؤون المصرفية والصحة والصناعة.
كما وقعت في دمشق العام 2000 اتفاقية تعاون بين اتحاد غرف التجارة السورية وغرفة التجارة والصناعة في روسيا بهدف توطيد وتوسيع العلاقات التجارية بين رجال الاعمال في كلا البلدين .. ووقع الجانبان في السنوات الاخيرة اتفاقية منع الازدواج الضريبي وبرنامجا طويل الامد لتنفيذ اتفاقيات للتعاون التجاري والاقتصادي والتقني.
وفي حزيران الماضي افتتح مجلس الاعمال السوري الروسي مكتبا له في دمشق لتسهيل وتوسيع المبادلات التجارية بين البلدين.
وشهدت السنوات الاخيرة اعلى مستوى في العلاقات التجارية اذ بلغ حجم التبادل التجاري مليارا وستين مليون دولار في العام 2007 مرتفعا من 158 مليون دولار في العام 2000 وازداد بالمقارنة مع العام 2006 بنسبة 167 في المئة اذ بلغ حجم التبادل التجاري في هذا العام مقدار 2ر635 مليون دولار.
وعلى صعيد السياحة وقع الجانبان في موسكو برنامج العمل المشترك لتنفيذ اتفاق التعاون السياحي بين سورية وروسيا للعامين 2008- 2009 والذي ينص على توسيع هذا التعاون بين البلدين وتطوير مواردهما السياحية والاقتصادية.
وأطلق مؤءخرا مشروع اقامة منتجعين سياحيين على الشاطىء السوري لمستثمرين روس بقيمة 130 مليون دولار.
وتقدم سورية تسهيلات للسياح الروس من حيث منح تأشيرات الدخول للمجموعات الروسية بصورة مجانية في المطارات وعلى الحدود مباشرة.
تزود روسيا سورية بالنفط و المنتجات النفطية التي شكلت عام 2007 نسبة قدرها 9ر57 من مجمل الصادرات الروسية الى سورية وشكلت المعادن 9ر10 في المئة والخشب 2ر5 في المئة والتجهيزات 3ر6 في المئة اما الاسمدة فشكلت نسبتها 2ر5 في المئة من مجمل الصادرات كما تنشط الشركات الروسية في سوق الغاز والنفط السوري وتعمل شركة ستروي ترانس غاز على بناء انابيب الغاز من الحدود الاردنية الى حمص كما حققت مشاريع استثمارية من خلال بناء محطتي توليد غاز قي منطقة تدمر ووقعت شركتا سيوز نفط غاز وتات نفط عقودا للتنقيب عن النفط واستخراجه .
اما شركة سوفينترفود فتتعاون مع الهيئات السورية في مجالي الري واستصلاح الاراضي.
وتستورد روسيا من سورية المنتجات الغذائية ومنتجات الصناعات الخفيفة وشكلت في عام 2007 الخضار والفواكه التي استوردتها روسيا من سورية ما نسبته 70 في المئة من مجمل الواردات وشكلت المنتجات النسيجية 7ر2 في المئة والخيوط و الالياف 7ر4 في المئة.
يقدر عدد الخبراء الروس العاملين في سورية بحوالي 140 خبيرا وتقدم شركات روسية مساعدة تقنية في اكثر من 20 منشأة في ميدان الطاقة والنفط والري والثروة المائية.
ويستمر تطور التعاون في مجال اعداد الكوادر السورية في الجامعات والمعاهد الروسية كذلك تقديم المنح الدراسية الحكومية للطلبة السوريين اذ تابع الالاف منهم تحصيلهم العلمي خلال السنوات الماضية في الجامعات السوفييتية والروسية.
يؤكد المسؤولون في البلدين حرصهم على الارتقاء بالعلاقات الاقتصادية الى مستوى العلاقات السياسية القائمة بينهما واستعدادهم لتقديم كل التسهيلات اللازمة لتطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية هذه العلاقات التي يرى الجانب الروسي انها تستند الى قاعدة متينة من التعاون تعود لعشرات السنين وان ارثها غال وثمين وعزيز جدا على الشعب الروسي ومن الواجب المحافظة عليه ومضاعفته وذلك لاهميته الاستراتيجية الكبرى كما يعبر المسؤولون الروس عن ارتياحهم للتعاون متعدد الجوانب بين البلدين والمستند الى الخبرة الغنية المتراكمة خلال العقود الماضية من هذه العلاقات التي خلقت روابط ثقافية وروحية بين الشعبين.
واليوم ينظر الشعب في البلدين باهتمام للقمة التي ستجمع الرئيس بشار الاسد بالرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف للمرة الاولى منذ انتخابه رئيسا للبلاد وترى مصادر دبلوماسية ان هذه القمة تأتي تكريسا لتقليد اتفق عليه سابقا للتشاور والتنسيق بين الجانبين.
تمتد روسيا الاتحادية على 17 مليون كيلومتر مربع في اسيا واوروبا وتعتبر سورية نافذتها على البحر الابيض المتوسط ويحرص البلدان على تمتين جسور التواصل والتعاون بينهما في شتى المجالات خدمة لمصالحهما المشتركة.