الدراما السورية في موسمها القادم .. ألوان مختلفة وأبعاد جديدة في رصد المجتمع عبر الكوميدي والجاد
تحاول الدراما السورية في موسمها القادم أن تقدم نكهات مختلفة عما سبق وقدمته في الأعوام السابقة من خلال طرحها مجموعة جديدة من الموضوعات وارتكازها على مجموعة جديدة من العوامل
التي ستحقق لها جماليات أخرى تضاف إلى رصيدها السابق الذي جذبت من خلاله نسبة عالية من مشاهدي الوطن العربي من مشرقه إلى مغربه.
ويتجلى جزء من اختلاف الدراما السورية في مسلسل "الصندوق الأسود" لكاتبته رانيا بيطار الذي سيكشف عن سبب انفجار المشاكل الاجتماعية وتأزمها والجديد في هذا العمل كون بطولته ستؤول إلى "معالج نفسي" بعد أن خضعت بيطار لدورات في تعلم أصول الصحة النفسية وشيء من علم البرمجة اللغوية العصبية وصولاً إلى صيغة تلفزيونية تحاول التطرق إلى تلك المعالجات النفسية. بينما يسلط مسلسل "وراء الشمس" تأليف محمد العاص، وإخراج سمير حسين، الضوء على عالم ذوي الاحتياجات الخاصة الذين حكمت عليهم الأقدار أن يولدوا معوقين عقلياً ويعيشوا ضمن شروط اجتماعية وإنسانية صعبة.
كما يطرح تساؤلات أخلاقية وقانونية حول القرارات التي يأخذها الأهل عندما يكتشفون في وقت مبكر من الحمل أن الجنين سوف يولد معوقاً نتيجة خلل في الخريطة الجينية أن يسقطوا هذا الجنين تخلصاً من تبعات مستقبله الذي يرتب عليهم واجبات اجتماعية وتربوية وتأهيلية وطبية عديدة.
وتأتي هذه التساؤلات في سياق حكايات درامية متقاطعة ومتكاملة ومتصاعدة وشخصيات وإرادات متصارعة بما يجعل من هذا العمل أنشودة صادقة على طريق الأمل بحياة كريمة تليق بالإنسان كيفما كان الفكرة المطروحة في العمل حساسة وخاصة جدا ولم يتم التطرق إليها في الدراما السورية بمعنى أن ذوي الاحتياجات الخاصة هم المحور الأساسي لهذا العمل.
وننتقل إلى الريف قليلاً مع مسلسل "تقاطع خطر" تأليف رافي وهبي وإخراج "الليث حجو" الذي تخلى عن قالب الثلاثين حلقة مخالفاً بذلك الأعراف الدرامية التي سيطرت في السنوات الأولى ومعتمداً على جماليات قرية القليلة على الساحل السوري وبصيغة إخراجية تعتمد الكاميرتين بدل الكاميرا الواحدة من أجل الحصول على أكبر نسبة مصداقية لمعايشة الشخصيات التي يؤديها ممثلو العمل.
على جانب آخر يلج مسلسل "الخبز الحرام" لكاتبه "مروان قاووق" ومخرجه "تامر اسحق" إلى مناطق حساسة من حياتنا الاجتماعية ليسلط الضوء بكميات كبيرة على مصادر المال الحرام والظروف التي تحول المرأة إلى سلعة يجري استغلالها في ترويج الصفقات وتحقيق الأرباح كما توقف عند انحراف بعض الفتيات وسقوطهن في مستنقع لا نجاة منه نتيجة التفكك الأسري والحاجة المادية والرغبة في مسايرة حياة الفتيات الميسورات أو الجانحات.
بينما يوازن مسلسل "ما ملكت أيمانكم" الذي كتبته "هالة دياب" وهو من إخراج "نجدة أنزور" بين شكلين من أشكال التطرف "الأصولية والانفلات".
وتستمر المواضيع الحساسة مع مسلسل "لعنة الطين" تأليف "سامر رضوان" وإخراج أحمد إبراهيم أحمد، هذا العمل الذي يتناول عمليات الفساد والتهريب وندرة البضائع الأساسية في ظل الحصار الاقتصادي على سورية في فترة الثمانينيات من القرن الفائت.
موضوع جديد آخر تطرحه الدراما السورية في موسم 2010 ضمن مسلسل بعد السقوط لكاتبه غسان زكريا ومخرجه سامر برقاوي، إذ تدور أحداث العمل بأحد الأحياء العشوائية بدمشق، حيث ينهار بناء مؤلف من ستة طوابق كل طابق منها يحتوي على شقة، وإثر الانهيار يبقى كل من كان في البناء لحظة انهياره تحت الأنقاض بمصير مجهول بالنسبة إلى من هم في الخارج من جيران وأقارب وأصدقاء وقوات الدفاع المدني التي تبدأ محاولات إنقاذ من يمكن إنقاذه بالإضافة إلى محبي المساعدة والفضوليين الذين يجذبهم للمشاهدة حدث جلل مثل هذا.
ويرصد المسلسل أيضاً حياة من هم تحت الأنقاض ومحاولاتهم للنجاة إلى حين وصول النجدة ويتخلل ذلك ملامح من حياة هذه الشخصيات قبل سقوط البناء لترتبط تلك الملامح بما يجري تحت الأنقاض عبر استخدام تقنية الفلاش باك لنكتشف أن بعض الشخصيات شكل انهيار هذا البناء إنقاذا من الكثير من المشاكل التي كانت يمكن أن تحدث.
من جانب آخر تستعيد الدراما السورية لهذا العام سباعية "أسعد الوراق" المأخوذة عن رواية "الله والفقر" لصدقي اسماعيل وذلك عبر سيناريو جديد لهوزان عكو وإخراج رشا شربتجي ليقوم بدور أسعد الوراق الفنان تيم حسن بعد أن أداه بأسلوب ساحر الفنان الراحل هاني الروماني وقامت بدور منيرة الفنانة أمل عرفة بعد بقاء صرختها بصوت الفنانة القديرة منى واصف عالقاً في الأذهان حتى الآن.
وبالانتقال إلى المسلسلات التاريخية هناك مسلسل "رايات الحق" تأليف محمود عبد الكريم، وإخراج محمود الدوايمة الذي يرصد الفترة من الفتوحات الإسلامية وحتى نهاية خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه مركزاً على حياة الخليفتين الراشدين أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وما جرى في عصرهما.
وفي إطار تاريخي مغاير يقدم المخرج "باسل الخطيب" عن نص له بالتعاون مع أخيه تليد الخطيب مسلسل "أنا القدس" الذي يحاول أن يقدم وثيقة بصرية لمدينة القدس وما جرى فيها من أحداث على مدى خمسين عاماً ابتداء من 1917 تاريخ دخول الجيش البريطاني إليها وانتهاء بنكسة حزيران وسقوط القدس بيد الصهاينة مستعرضا ما بينهما من أحداث مهمة كثورة البراق وثورة الريف الفلسطيني وقرار التقسيم وحرب الـ 1948.
كما أن الدراما السورية ستكون السباقة لتقديم سيرة ذاتية عن شخصية "أبي خليل القباني" الرجل الذي أسس للمسرح العربي ودفع من أجل ذلك أثماناً باهظة من الإيذاء الجسدي وحرق المسرح إلى النفي خارج سورية وهذا المسلسل من تأليف خيري الذهبي وإخراج إيناس حقي.
وعلى صعيد المسلسلات التاريخية التي ترصد سيرة شخصية تاريخية مهمة هناك مسلسل "كليوباترا" تأليف قمر الزمان علوش وإخراج وائل رمضان الذي يركز على الجانب الشعبي من شخصية كليوباترا وعلاقة التأثر والتأثير بينها وبين الناس كما يحاول هذا العمل تصحيح التشويهات والكتابات الخيالية التي طالت شخصية كليوباترا وكذلك إظهار الجانب الوطني للشخصية.
وعلى صعيد الكوميديا عاد الممثل السوري "سامر المصري" إلى أرشيفه الفني والتقط من الجزء الثالث للمسلسل الكوميدي "بقعة ضوء" الحلقة التي قدم فيها شخصية سائق التاكسي "يوميات أبو جانتي"، وعاد إليه، على ما يبدو، الصدى الجماهيري الطيب الذي خلفته هذه الشخصية التي تتصف بالشهامة وطيبة القلب، والاندفاع في مساعدة الآخرين بعفوية فطرية، دون أي غايات في مصلحة أو منفعة شخصية بالإضافة إلى كون مهاراته تتعدى ما يطلب من سائق التاكسي العادي ليكون ماهراً في العديد من أمور الحياة اليومية.