الرئيس الأسد لأبناء الجالية العربية السورية بفنزويلا:المصالح بيننا وبين القارة اللاتينية كبيرة رغم المسافات
التقى السيد الرئيس بشار الأسد والسيدة عقيلته ظهر الأحد بتوقيت كاراكاس المئات من أبناء الجالية العربية السورية في فنزويلا بحضور الرئيس الفنزويلي أوغو شافيز.
وأكد الرئيس الأسد في كلمة له أمام الجالية أن فنزويلا تعاملت مع المهاجرين العرب منذ مئة عام كأبناء لها ومنحتهم كل الحقوق والمحبة وفتحت ذراعيها وعوضتهم عن مأساة الهجرة ولم تتعامل معهم بناء على العرق أو الدين بل كجزء من الوطن والمجتمع الفنزويلي.. ومن هنا بني الجسر الحقيقي بين منطقتنا العربية وأمريكا اللاتينية.. معتبراً سيادته أن هذا الجسر البشري هو أقوى نوع من أنواع الجسور التي يمكن أن تبنى بين أي دولتين أو منطقتين.
وأكد الرئيس الأسد أن العلاقة بين المنطقتين العربية وأمريكا اللاتينية لم تبن على أحداث عابرة بل بنيت على مشاركة حقيقية بين الشعبين ودعم متبادل وتشابه كبير في الكثير من القضايا والتحديات.
وأشار الرئيس الأسد إلى أن الحالة الشعبية في القارة اللاتينية كانت دائماً داعمةً للقضية الفلسطينية والشعب العربي ولن ننسى هذا الموقف لا حاضراً ولا مستقبلاً موضحاً سيادته أنه في الوقت الذي كانت فيه فنزويلا تتعرض لضغوطات كبيرة كانت سورية تتعرض لضغوطات أيضاً لكن الرئيس شافيز واجه الضغوطات وربح الرهان لأنه راهن على الشعب.. ونحن في سورية راهنا على الشعب ولذلك من الطبيعي أن نكسب الرهان.
وقال الرئيس الأسد: إن للجالية السورية دوراً أساسياً في التبادل التجاري وزيادته بين البلدين إضافة إلى الاستثمارات المشتركة والتعريف بالثقافة والتاريخ والحضارة السورية وبالمصالح المشتركة بين الشعبين.. داعياً سيادته أبناء الجالية من مختلف القطاعات إلى تقديم الأفكار إلى الحكومتين في سورية وفنزويلا والتحرك لربط مصالح الشعبين.. مشدداً على ضرورة تعلم أبناء الجالية للغة العربية ونقل الثقافة للأجيال القادمة من أجل أن يبقوا الرابط مع وطنهم الأم.. وأشاد بإخلاص الجالية السورية لوطنها الجديد وفي الوقت ذاته بقيت على وفائها لوطنها الأم.
وأضاف الرئيس الأسد: على الرغم من المسافات التي تفصلنا عن هذه القارة إلا أن مصالح كبيرة تجمعنا بها وهي أقوى من أي مسافات.
وقال الرئيس الأسد اننا ننظر إلى فنزويلا كبلد يجسد تاريخ الثورة والمقاومة في أمريكا اللاتينية وفي العالم واننا ننظر إلى الرئيس شافيز كرئيس يقف إلى جانب الحق بصرف النظر عن أي عوامل أخرى كما أنه يقف في وجه التحديات.
وأكد الرئيس الأسد أن سورية هي حاضنة المقاومة في المنطقة في وجه التحديات الخارجية وهي تعمل من أجل السلام الذي يعيد الحقوق لأنه من غير الممكن أن يتحقق السلام من دون عودة الحقوق.
وأشار الرئيس الأسد إلى أنه حين تفشل المفاوضات لعقدين من الزمن تكون المقاومة هي الخيار والمقاومة ليست نقيضاً للسلام كما يدعون بل هدفها هو إنهاء الاحتلال وتحقيق السلام.
وشدد الرئيس الأسد على أن التجارب الصعبة التي مررنا بها جعلتنا أقوى وأكثر تصميماً على مواجهة التحديات في المستقبل.
ورأى الرئيس الأسد أن الاستقرار الذي نسعى إليه يبدو بعيد المنال في ضوء السياسات العدوانية الإسرائيلية ضد العرب والمتمثلة بتهويد القدس واستمرار الحصار على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والاعتداءات اليومية المتكررة.
وقال الرئيس الأسد: إن التعاون مع فنزويلا ودول القارة اللاتينية أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى وعلى الرغم من تأخرنا علينا أن نعوض ما فاتنا من الزمن والتعاون الذي يمكن أن نقلع به اليوم يمكن أن يؤدي إلى نتائج لم يكن بالإمكان تحقيقها وخاصة أن الظروف الدولية والإقليمية أصبحت أكثر نضجاً بالنسبة لنا كعرب ولدول أمريكا اللاتينية.
العلاقة بين المنطقتين العربية وأمريكا اللاتينية بنيت على مشاركة حقيقية بين شعبين وتشابه كبير في الكثير من القضايا والتحديات
وفيما يلي كلمة الرئيس الأسد ..
أكد الرئيس الأسد أن فنزويلا تعاملت مع المهاجرين العرب كابناء لها ومنحتهم المحبة وكل الحقوق وعوضتهم عن مأساة الهجرة ولم تتعامل معهم بناء على العرق أو الدين بل كجزء من المجتمع الفنزويلي.
واعتبر الرئيس الأسد أن العلاقة بين المنطقتين العربية وأمريكا اللاتينية لم تبن على أحداث عابرة بل بنيت على مشاركة حقيقية بين شعبين ودعم متبادل وتشابه كبير في الكثير من القضايا والتحديات. وأشار الرئيس الأسد إلى أن الحالة الشعبية في القارة اللاتينية كانت دائماً داعمة للقضية الفلسطينية والشعب العربي.
ورأى الرئيس الأسد أن للجالية السورية في فنزويلا دوراً أساسياً في زيادة التبادل التجاري بين البلدين إضافة إلى الاستثمارات المشتركة والتعريف بالثقافة والتاريخ والحضارة السورية وبالمصالح المشتركة بين الشعبين.
ودعا الرئيس الأسد أبناء الجالية إلى تقديم الأفكار للحكومتين في البلدين والتحرك لربط مصالح الشعبين إضافة إلى تعلم أبناء الجالية اللغة العربية ونقل الثقافة للأجيال القادمة.
وأكد الرئيس الأسد أنه بالرغم من المسافات التي تفصل المنطقة العربية عن القارة اللاتينية إلا أن مصالح كبيرة تجمعنا بها وهي أقوى من أي مسافات لافتاً إلى أن التجارب الصعبة التي مررنا بها جعلتنا أقوى وأكثر تصميماً على مواجهة التحديات في المستقبل.
فقد عبر الرئيس الأسد في كلمته عن ترحيبه بالجالية وبالفنزويليين من أصل سوري وقال: أرحب بالرئيس الفنزويلي أوغو شافيز الذي يشاركنا اليوم هذا اللقاء وهو دائماً كان يشاركنا همومنا في منطقة الشرق الأوسط على تراكماتها وتعقيداتها.. وكان دائماً داعماً لقضايانا دون أي تردد.
وأضاف الرئيس الأسد: من الطبيعي ومن البديهي أن يكون الرئيس شافيز في هذا اللقاء لأنكم كسوريين مغتربين تنتمون لسورية بمقدار انتمائكم لفنزويلا وبالعكس.. وتنتمون لقضاياكم وتدافعون عنها بمقدار ما يدافع عنها.. فهو ليس أقل وطنية تجاه قضايانا العربية من أي مواطن عربي وطني والدليل أنه أطلق عليه القائد العربي شافيز.
وقال الرئيس الأسد: عندما أتى أجدادكم منذ مئة عام إلى هذا البلد وهذه القارة لم يأتوا كسائحين ولم يأتوا كزوار عابرين ولم يأتوا كأصحاب رؤوس أموال يريدون الاستثمار والتمتع بالرفاهية في هذه القارة.. وإنما أتوا لأنهم فقراء دفعتهم الظروف القاسية التي كانت تمر بها منطقتنا منذ مئة عام وأكثر للمجيء لهذا البلد مشيراً إلى أن فنزويلا لم تتعامل مع هؤلاء الأشخاص إلا كأبناء فمنحتهم المحبة والحنان والدفء وأعطتهم الملجأ وفتحت ذراعيها وأعطتهم الشقيق وعوضت عن مأساة الهجرة التي كان يتعرض لها أي إنسان في تلك الظروف ولم تتعامل مع هؤلاء بناء على العرق أو الدين أو المذهب.. تعاملت معهم كمواطنين.. كجزء فاعل في المجتمع يساهمون مع الفنزويليين في بناء هذا الوطن وازدهاره ودعم قضاياه في الظروف المختلفة التي مرت بها فنزويلا.. جزء من المجتمع يبني ولا يهدم.. يوحد المجتمع ولا يسعى أو يعمل من أجل التفتيت أو التفريق.. وبادلت فنزويلا هذا الوفاء الذي أتت به الجاليات العربية بشكل عام والسورية بشكل خاص الوفاء والمحبة والتضحية.. بادلتها الوفاء بالوفاء والمحبة بالمحبة.
وأضاف الرئيس الأسد: وهنا بني الجسر الحقيقي بين المنطقة العربية ومنطقة أمريكا اللاتينية.. هذا الجسر جسر بشري يختلف عن مواضيع الغاز والكهرباء والسياحة.. وهو أقوى نوع من الجسور يمكن أن يبنى بين أي بلدين وأي شعبين وأي منطقتين.. هنا كانت البداية الحقيقية منذ مئة عام تقريباً.. وتابع الرئيس الأسد: استمر توالي الأحداث في القارة الجنوبية.. كان هناك الاستعمار.. كانت هناك محاولات التدخل من الخارج والهيمنة على مقدرات المنطقة الغنية بكل معنى الكلمة سواء ثروات طبيعية أو بشرية.. وكان هناك تحرك شعبي.. مزيد من الثورات المضادة واستمر التحرك واستمرت العلاقة بين السوريين والعرب بشكل عام إلى أن وصلنا إلى مفصل أساسي وهام جداً أخذ العلاقة لمستوى جديد وهو القضية الفلسطينية التي نشأت منذ ستة عقود.. لا نعرف كثيراً عن هذه القارة سوى أنها تقف معنا على المستوى الشعبي.. فالقارة اللاتينية تقف على المستوى الشعبي داعمة للقضية الفلسطينية.
وأضاف الرئيس الأسد: هذا الموقف لا يمكن لأي مواطن عربي أن ينساه لا في الماضي ولا في الحاضر ولن ينساه في المستقبل.. بلد تفصله عن الشاطئ الشرقي للبحر المتوسط على الأقل عشرة آلاف كيلومتر بالنسبة لفنزويلا وأكثر من ذلك لباقي الدول في هذه القارة.. وأنا عندما قابلت أول الوفود بعد أن أصبحت رئيساً فوجئت بالعواطف أولاً وبمعرفة حقائق الأمور عن منطقتنا ثانياً.. بينما العالم كان يقف طوال العقود الماضية إما غير مبال أو متواطئاً ضد شعب اغتصبت أرضه بالقوة.
وقال الرئيس الأسد: لقد استمرت لاحقاً ظاهرة الاستقلال في أمريكا الجنوبية ولا نعني فقط بالاستعمار الذي يخرج من الأراضي ولكن نتحدث عن الاستقلال الحقيقي الذي أنجز في أمريكا اللاتينية.
وتابع الرئيس الأسد: عندما أصبحتم اسياداً لقراركم.. كنا ندرس في المدرسة عن الاستعمار الحديث.. القديم كان يأتي بجيوش بينما الاستعمار الحديث يأتي من خلال الاقتصاد أو الحكومات الدمية التي تنفذ مخططات الاستعمار للسيطرة على مقدرات البلد.. لكن للأسف الآن عدنا 2000 عام للوراء لأيام الاستعمار الروماني وما قبله باستعمار أفغانستان والعراق.. وعندما بدأ الاستقلال في قارة أمريكا الجنوبية أتى معه تغيرات كبرى كان لفنزويلا دور أساسي فيها وكان للرئيس شافيز بصموده وشجاعته وجرأته في مواجهة الضغوطات الهائلة التي تعرض لها.. وطبعاً بدعم من الشعب الفنزويلي العظيم.. لأن أي قائد بدون شعب لا قيمة له.. وقاوم هذه الضغوطات وبدأنا نشعر في منطقتنا بهذه التحولات.. واعتقد البعض بأن تأثيرها محدود لكن تأثيرها وصل للشرق الأوسط وكل العالم.
راهنا على الشعب وعلى مصالحنا الوطنية ومن الطبيعي والبديهي أن نكسب الرهان.. والعالم لايهتم إلا بالأقوياء
وأضاف الرئيس الأسد: لقد بدأنا نشعر بالتأثيرات من خلال موقف فنزويلا الداعم للشعب اللبناني عندما قامت إسرائيل بالعدوان على هذا الشعب عام 2006 راح ضحيته أكثر من ألف لبناني بريء أغلبيتهم نساء وأطفال وكان موقف فنزويلا حازماً ودخل الرئيس شافيز في قلب كل مواطن عربي.. وكانت هذه مواقف تاريخية تسجل لصالح العلاقات السورية الفنزويلية.. وهذه العلاقة بين المنطقتين لم تبن على أحداث عابرة وإنما على مشاركة حقيقية بين الشعبين وبين المنطقتين وعلى دعم متبادل وتشابه كبير في كثير من القضايا والتحديات والمشاعر الرافضة لأي إملاءات خارجية ولأي استعمار بأي شكل من الأشكال.
وقال الرئيس الأسد: اليوم بهذه التحولات أمريكا اللاتينية هي قارة مهمة.. الكل يحسب لها حساباً بغض النظر عما تسمعونه في الإعلام وبغض النظر عما يحاولون إظهاره وعن حقيقة رفضهم للأمر الواقع ولرفضهم التحولات في هذه المنطقة ولكن أمريكا اللاتينية هي قارة هامة وفنزويلا دولة هامة على الخارطة العالمية.. والضغوطات التي واجهها الرئيس شافيز خلال السنوات الماضية كانت كافية لتجعل أي دولة كبرى تركع بشكل نهائي وبشكل كامل.
وأضاف الرئيس الأسد: وبنفس الوقت الذي كانت فيه فنزويلا تتعرض لضغوطات هائلة كانت سورية تتعرض لضغوطات لا تقل قسوة عما حصل مع الرئيس شافيز بل وأقسى بكثير.. لكن الرئيس شافيز صمد وواجه وربح الرهان وكذلك كان الوضع في سورية.. كسب شافيز الرهان لأنه راهن على الشعب ونحن في سورية راهنا على الشعب وعلى مصالحنا الوطنية ومن الطبيعي والبديهي أن نكسب الرهان.
ورأى الرئيس الأسد أن الكثيرين يتمنون أن تكون الحياة سهلة وكلنا نتمنى ألا نمر بهذه الظروف كي نتابع مسيرة التطوير في بلداننا ولكن بنفس الوقت هذه الأزمات هي التي تعلم الشعوب وأول درس علينا أن نتعلمه مما تعرضنا له وتعرضت له دول أخرى من العالم لمجرد أنها تمسكت بحقوقها هو أن العالم لا يهتم إلا بالأقوياء.. إن لم نكن أقوياء فلن نحترم ولن يكون لنا كلام إلا في وسائل الإعلام لننفس عن أنفسنا.. ولكن يكون لنا كلام بمعنى أن يكون لنا قرار أو أي شيء حقيقي على الأرض وهذا ما يسمونه الدبلوماسية العامة.
القرارات الوطنية أهم من القرارات الدولية
وتابع الرئيس الأسد: ولكن في الحقيقة كنا نبني سياساتنا على الواقع وتركنا الدبلوماسية العامة لهم.. نحن نفرق بين الدبلوماسية العامة والسياسية.. فالسياسة هي البناء على الأرض.. وعلينا أن نعرف أن القرارات الوطنية أهم من القرارات الدولية.. وهذا ما نقوم به في سورية.. نحن دول وقعت على ميثاق الأمم المتحدة ولكن وقعت عليه كي يطبق وليس ليتحول لمعيار مزدوج.. نحن مع ميثاق الأمم المتحدة عندما يتوافق مع مصالحنا الوطنية.. عندما وقعنا فلكي يخدم مصالحنا الوطنية وليس لكي يستخدم كالسكين ضد مصالحنا.
وقال الرئيس الأسد: إن القوة تتحقق عندما نتوحد أولاً.. نتوحد على المستوى الداخلي كأي مجتمع.. هناك خلافات كثيرة حول أي موضوع.. ولكن يجب ألا نجعل هذه الخلافات مدخلاً للقوى الخارجية لكي تدخل لقلب الوطن وتفتته.. يجب أن نفصل بين الأولى والثانية.. نختلف داخلياً ولكن في القضايا الخارجية يجب أن نكون موحدين دون أي تردد.
وأضاف الرئيس الأسد: وأنا أتحدث اليكم كسوريين فنزويليين أو كفنزويليين سوريين في إطار العائلة الواحدة.. تجمعنا الكثير من الأشياء المتشابهة.. العواطف.. الطموحات.. الأعداء المشتركون.. أو الخصوم والتزامن بالضغوطات.. من هذا المنطلق أزور أمريكا اللاتينية في زيارة تاريخية هي الأولى لرئيس سوري لهذه القارة التي تفصلنا عنها مسافات كبيرة.. ولكن تجمعنا معها مصالح كثيرة أكثر بكثير من هذه المسافة.
وتابع الرئيس الأسد: من هنا تأتي زيارتي لفنزويلا لأنها هي التي تقود التحولات في أمريكا اللاتينية.. وهي التي تقود عملية الدفاع عن مصالح هذه القارة وعن استقلالها وعن استقرارها الذي تحقق خلال العقد الأخير.
وقال الرئيس الأسد: التقيت أمس الرئيس شافيز لنحو ست ساعات وكان اللقاء غنياً جداً لأن الشرق الأوسط غني بالمشاكل ولأن القارة اللاتينية فيها الكثير من التحولات ولأننا أحرار ونناقش قضايانا الوطنية ومصالحنا المشتركة.
التجربة أثبتت أننا على حق والشرق الأوسط حولناه لشرق أوسط بالمعنى العربي بالشكل الذي نراه.. سورية حاضنة للمقاومة بالمنطقة في وجه التحديات المختلفة وفي مقدمتها محاولات الهيمنة الخارجية
وأضاف الرئيس الأسد: لم أسأل أي جهة قبل زيارتي هذه.. وفكرت أولاً في المصالح الوطنية.. ونحن لا نعمل بحسب رأي ومزاج الآخرين.. وإنما نعمل من رأينا ومزاجنا ومصالحنا.. وأقصد نحن كسوريين في الدرجة الأولى.. فالمهم أن نحافظ على هذا الخط الذي سرنا به.. والسنوات الماضية لم تكن سهلة ولكن التجربة أثبتت بأننا على حق وبأن الخرائط في العالم وفي منطقتكم ومنطقتنا تحولت رغماً أنف الآخرين.. والشرق الأوسط الذي دعت إليه كوندوليزا رايس حولناه إلى شرق أوسط بالمعنى العربي بالشكل الذي نراه نحن.
واعتبر الرئيس الأسد أن زيارة الرئيس شافيز إلى سورية عام 2006 كانت الفاتحة الحقيقية وكان لدينا الكثير من التصورات والأفكار.. لكن لم يكن لدينا قاعدة حقيقية للبدء بهذا التعاون.. تحدثنا بالكثير من القضايا التي كانت غير ممكنة التحقق في ذلك الوقت.. واستغرقت دراسة الاتفاقيات والتواصل بين الحكومتين ثلاث سنوات حتى تمكنا من إنجازها.. وفي هذه الزيارة أنجزنا الاتفاقية الإطارية للنهوض بهذه العلاقة من الأساس.. الاتفاقيات هامة.. ولكن التحدي هو كيف تحولها إلى ممارسات حقيقية على الأرض.. ولم يكن هناك قاعدة لهذه العلاقات وهذه عقبة كبيرة ليس من السهل تجاوزها.. ولكن الجسر البشري الذي تحدثت عنه ودور الجالية هو عامل مهم جداً من أجل أن نتجاوز هذه العقبات بشكل جدي.
وقال الرئيس الأسد: علاقاتنا السياسية ممتازة وكنا ننسق دائماً ووزراء الخارجية ينسقون مع بعضهم البعض في المحافل الدولية.. ولكن المشكلة هي في التعاون الاقتصادي.. نحن نريد للاقتصاد أن يصل إلى مستوى العلاقات السياسية بين بلدينا.. ونريد من هذه العلاقة بين البلدين أن تتحول إلى علاقة استراتيجية.. هذا هو هدفي وهدف الرئيس شافيز.. نريد أن نرد الجميل لفنزويلا.. هذا البلد وقف معنا لمئة عام وأكثر.. ونريد أن نقف معكم في وجه الضغوطات وفي أي قضية تواجهونها.
وأضاف الرئيس الأسد: نحن ننظر لفنزويلا كبلد يدعم قضايانا ويجسد تاريخ المقاومة والثورة في أمريكا اللاتينية والعالم.. وتحول أيضاً إلى رمز للمقاومة في منطقة الشرق الأوسط والعالم العربي.. ننظر إليه كبلد أنجب أشخاصاً كالمحرر العظيم سيمون بوليفار الذي قاد عملية التحرر في أكثر من دولة في أميركا اللاتينية.. وننظر إليه اليوم كبلد الرئيس الشجاع أوغو شافيز الذي نحترمه كثيراً.. نحترمه كرئيس يقف إلى جانب الحق بغض النظر عن أي عوامل أخرى.
وقال الرئيس الأسد: إن سورية اليوم تعتبر حاضنة للمقاومة في المنطقة في وجه التحديات المختلفة وفي مقدمتها محاولات الهيمنة الخارجية على منطقتنا إضافة للسياسات الإسرائيلية العدوانية تجاه الفلسطينيين واللبنانيين والسوريين والعرب بشكل عام.
وتابع الرئيس الأسد: الشرق الأوسط هو قلب العالم بالمعنى الجغرافي.. وهذه الجغرافية حولته إلى قلب العالم بالمعنى السياسي.. وخلال آلاف السنين كل المعارك أو معظمها التي دارت في منطقتنا بين الممالك والإمبراطوريات والإمارات والتجمعات المختلفة كانت تدور حول السيطرة على هذا الموقع الاستراتيجي بشكل كامل أو بشكل جزئي.. وخلال كل تلك الفترة كانت الشعوب في منطقتنا تخوض معارك مستمرة من أجل الاستقلال ومن أجل الاستقرار والحفاظ على المصالح الوطنية.. اليوم التحدي الأكبر بالنسبة لنا هو الوجود الإسرائيلي بسياساته الراهنة.. يبدو أن هذا الاستقرار الذي نسعى إليه هو بعيد المنال في ظل السياسات الإسرائيلية العدوانية تجاه الدول العربية وبشكل خاص ضد الفلسطينيين سواءً ما يحصل في غزة من حصار غير إنساني.. حيث عملية قتل بطيء لمليون ونصف المليون شخص يقيمون في مدينة محاصرة من كل الجهات.. لا يمتلكون حتى أبسط الوسائل للحياة ومنها الكهرباء الضرورية للمشافي.. المصابون على سبيل المثال بالقصور الكلوي الذين بحاجة لعملية تنقية دم يموتون لأن الجهاز لا يعمل بسبب نقص أو انقطاع في الكهرباء.. الأطفال يموتون بسبب نقص في الأدوية كذلك.. أو ما يحصل في القدس من عملية تهويد.. يريدون إخراج المواطنين العرب الأصليين مسلمين ومسيحيين من بيوتهم لكي يأتوا بأشخاص استوردوهم من الخارج ليحلوا مكانهم.. هذه حقيقة إسرائيل التي ما زالت تقوم على القتل والتوسع.. أي دولة دون حدود.. لأنهم أتوا بأشخاص من الخارج ليس لديهم علاقة بحضارتنا لا يعرفون شيئاً ولا يرتبطون بالثقافة ولا العادات ولا التقاليد ولا التاريخ ولا باللغة.. فقاموا بالاعتداء على المواطنين الأصليين وقتلهم.. وتطورت الأمور فقتلوا المتعاطفين مع هؤلاء المواطنين.. أشخاصاً أتوا من أمريكا نفسها لكي يتعاطفوا إنسانياً وأخلاقياً مع الفلسطينيين فقتلوا في فلسطين على يد الإسرائيليين.. والكل يعرف عن الاعتداء الإسرائيلي المحضر مسبقاً على أسطول الحرية الذي كان يحمل مواد مساعدة رمزية لأهالي غزة.. فهذه السفن تفضح الجرائم الإسرائيلية.
السلام لا يأتي من دون عودة الحقوق… والحقوق غير قابلة للنقاش والأرض ستعود كاملة
وقال الرئيس الأسد: نحن نريد السلام.. ولكن لا نقبل الاستسلام.. يعني نرفض الاستسلام ونقبل بالسلام الحقيقي الذي يعيد الحقوق فقط.. نحن لا ندعم المقاومة لأننا نبحث عن الصدام أو ما يسمونه بالعنف.. فشعوب منطقتنا هي كالشعب الفنزويلي والشعب اللاتيني بشكل عام منفتحة ومحبة.. نحن لا نعرف الكره حتى لمن اعتدى علينا.. ولكن بنفس الوقت نحن نعرف الحزم والفرق بين الكره والحزم.. فنحن حازمون تجاه قضايانا من دون أن نكره.. وبالتالي فالمقاومة ليست إرهاباً.. الإرهاب بالنسبة لنا.. بغض النظر عما يكتب في الإعلام.. هو الممارسات الإسرائيلية والسياسات الإسرائيلية والنوايا الإسرائيلية تجاه الشعب العربي وعملية السلام.. ولكل هذه الأشياء التي ذكرتها من مسار سياسي للأحداث في الشرق الأوسط وفي أمريكا اللاتينية وعلاقة بين هذين المسارين هناك تقدير كبير لموقف فنزويلا.. ولذلك استمرار دعم فنزويلا وباقي دول أميركا اللاتينية للقضايا العربية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية على المستوى الشعبي كما هو الحال على المستوى الرسمي وفي المحافل الدولية هام جداً لاستمرار صمود هذا الشعب.
وأضاف الرئيس الأسد: إن السلام لا يأتي من دون عودة الحقوق أولاً ويأتي السلام لاحقاً.. يقولون نقبل بمفاوضات من دون شروط.. نحن نقول لا توجد شروط.. بالنسبة لهم الحقوق هي شروط.. الحقوق تختلف عن الشروط.. لا يوجد لدينا شروط ولكن الحقوق غير قابلة للنقاش.. نحن لا نناقش مع الإسرائيليين الأرض أتعود أم لا تعود.. كاملة أم جزئية.. الأرض ستعود كاملة.
وقال الرئيس الأسد: نحن نؤمن أن الطريق الطبيعي لحل أي مشكلة مهما كانت معقدة هو الحوار وبالتالي بالنسبة للسلام المفاوضات هي الطريق الطبيعي ولكن عندما تفشل هذه المفاوضات لعقدين من الزمن سيكون الخيار هو دعم المقاومة.. وهو موقف علني لسورية أن تكون المقاومة هي الطريق الموازي لاستعادة الحقوق وبالتالي فإن المقاومة ليست نقيضاً للسلام كما ينشر بل هي ستؤدي للسلام.. وستكون النتيجة عودة هذه الأراضي والحقوق والسيادة على هذه الأراضي وعندها سوف يتحقق السلام في منطقتنا بشكل أكيد.
للجالية السورية دور أساسي في زيادة التبادل التجاري والاستثمارات المشتركة بين سورية وفنزويلا
وقال الرئيس الأسد إن التعاون بيننا وبين القارة اللاتينية هو الآن أكثر إلحاحاً من قبل.. ومع ذلك فإن هذه الظروف التي مرت علمتنا الكثير.. والتعاون الذي يمكن أن نقلع به اليوم أكثر إنتاجاً من التعاون الذي كان من الممكن أن نقلع به قبل 5 أو 10 أعوام.. لأن التعاون لن يكون طريقاً سهلاً.. هناك ضغوط خارجية ولوبيات داخلية ليس لديها مصلحة في هذا التعاون.. ونحن الآن أقدر على إطلاق هذا التعاون.. لكن دور الجالية أساسي فهي قادرة على دفع عملية التبادل التجاري بيننا وبين فنزويلا الذي ما زال بالحدود الدنيا.. أي أننا لو قارنا العلاقة التاريخية والسياسية أستطيع أن أقول ان هذا الرقم مخجل لكي نتحدث به.. فإذاً رفع مستوى التبادل التجاري هام جداً دفع الاستثمارات المشتركة هام جداً تعريف الشعبين ببعضهما البعض هام جداً.. الكثير في منطقتنا لا يعرف عن قضايا هذه المنطقة.. والجالية دورها هام بالتعريف بالثقافة والتاريخ وبالقضايا وبكل التفاصيل الأخرى التي من الضروري أن يعرفها شعب عن أي شعب آخر لكي تكون الدافع لبدء هذه العلاقة.. وأهمها التعريف بالمصالح المشتركة بين الشعبين.
وتابع الرئيس الأسد.. الجالية السورية أتت منذ قرن من الزمن واندمجت بشكل كامل بالمجتمع الفنزويلي.. وتراها بكل القطاعات وفي كل المستويات وفي المناصب الحكومية الهامة.. وتستطيع هذه الجالية أن تلعب دوراً.. وهي فنزويلية بمقدار ما هي سورية لأنها أخلصت لوطنها الجديد وبنفس الوقت بقيت على وفائها لوطنها الأم.. وهذا الوفاء يتجسد بدعم كل من يدعم قضايا وطنكم الأم سورية.. فإذا كان من الطبيعي كمواطنين فنزويليين أن تدعموا كل شخص وطني في فنزويلا يعمل من أجل مصلحتها فمن الطبيعي بوفائكم لسورية أن تدعموا كل شخص في فنزويلا يعمل من أجل القضايا العربية والسورية.
التجارب الصعبة التي مررنا بها جعلتنا أقوى وأكثر تصميما على مواجهة التحديات في المستقبل
وتابع الرئيس الأسد: إن قوة الجالية تأتي من الدور الذي يمكن أن تلعبه بين سورية وفنزويلا من خلال التواصل مع البلد الأم.. فالجالية التي لا تتواصل مع سورية أو مع بلدها الأم لا تستطيع أن تقدم الكثير من الخدمات.. يجب أن تتواصلوا وأن تعرفوا ماذا يحصل في سورية سلباً أم إيجاباً.. عملية التطوير أين وصلت.. ما هي إمكانات هذا التعاون.. وتقدموا أفكاراً لنا كحكومتين.. نحن نقوم بتوقيع الاتفاقيات وفتح الأبواب.. ولكن يجب أن تقوموا أنتم بالسير في هذه الطرق التي نفتحها.. نحن نستطيع أن نقوم من خلال بعض الشركات العامة في الدولة ببعض الاستثمارات المشتركة أو غيرها.. كما حصل مع زيت الزيتون مؤخراً.. ولكن نريد منكم كجالية أن تتحركوا بشكل خاص لربط الشعبين من خلال المصالح.
ودعا الرئيس الأسد أبناء الجالية إلى المحافظة على اللغة العربية لكونهم يحملون ثقافتين.. وقال إن اللغة هي حاملة الثقافة.. ولا يمكن لمن لديه لغة واحدة أن يحمل ثقافتين.. وبالتالي أنتم بحاجة للغتين ويجب نقل هذه الثقافة أو اللغة للأجيال الصاعدة من المغتربين لكي يبقوا لأجيال مستقبلية قادمة قادرين على لعب دور الجسر والرابط بين سورية وفنزويلا.
وفي ختام كلمته وجه الرئيس الأسد التحية إلى الشعب الفنزويلي الذي احتضن إخوتنا وأجدادنا.. وانفتح عليهم في زمن الانغلاق.. كما عبر عن شكره للرئيس شافيز على كل ما قام به لإنجاح هذه الزيارة وعلى مواقفه الشجاعة والعادلة تجاه قضايا القارة اللاتينية والشرق الأوسط والقضية الفلسطينية والقضايا العادلة في هذا العالم في زمن المعايير المزدوجة والقيم المقلوبة والخوف غير المبرر.. وقال إن التجارب الصعبة التي مررنا بها لن توهن ولن تضعف عزيمتنا بل جعلتنا أقوى وأقدر وأكثر تصميماً على مواجهة أي تحديات في المستقبل لأن من يراهن على الشعب كسب الرهان ونحن نراهن على الشعب وعلى مصالحنا الوطنية وعلى دعم شعبنا السوري والفنزويلي لسياساتنا.
الرئيس شافيز: توحيد الجهود لمواجهة التحديات والتصدي للسياسات الإسرائيلية في المنطقة
بدوره قال الرئيس شافيز: إن الزيارة التاريخية للرئيس الأسد لفنزويلا وجولته في أمريكا اللاتينية ستقيم جسراًً تاريخياً دائماً بين سورية وهذه الدول معتبراً أن الرئيس الأسد هو حامل الراية الوطنية العربية وقائداً عربياً عظيماً اتخذ القرار لكي يكون في الطليعة ومشيراً إلى ضرورة توحيد الجهود لمواجهة التحديات والتصدي للسياسات الإسرائيلية في المنطقة.
وأكد الرئيس شافيز أنه سيتابع شخصياً تطبيق الاتفاقيات التي وقعت بين البلدين لوضعها موضع التنفيذ مضيفاً أنه يعتبر نفسه سورياً وخصوصاً عقب زيارته لسورية حيث لقي الترحاب الرسمي والشعبي الحار.
وكان عادل الصغير رئيس الجالية السورية في فنزويلا ألقى كلمة أكد فيها أهمية زيارة الرئيس الأسد والاتفاقيات التي تم توقيعها بين البلدين مشددا على التزام الجالية السورية بتدعيم وتوسيع التبادلات التجارية والاقتصادية إلى المستوى المطلوب.
ونوه بسياسات سورية ووصفها بأنها مصيرية في محيطها وفي مواجهة سياسات الهيمنة كما هو الحال بالنسبة لسياسات فنزويلا التحررية الداعمة لسيادة الشعوب.
وشكر رئيس الجالية الرئيس الأسد على جهوده الكبيرة في دعم ابناء الجالية السورية في المغترب وسعيه الحثيث لتوثيق التواصل بينهم وبين وطنهم الأم سورية.