الرئيسان الأسد ودي كيرشنر على مأدبة غداء: الانتقال بالعلاقات الثنائية إلى مرحلة جديدة والعمل لإقامة نظام عالمي أكثر عدلاً وإنهاء المعايير المزدوجة في السياسة الدولية
أقامت الرئيسة الأرجنتينية كريستينا فرنانديز دي كيرشنر مأدبة غداء على شرف السيد الرئيس بشار الأسد حضرها أعضاء الوفدين الرسميين.. وتبادل الرئيسان كلمتين أكدا فيهما على الانتقال بالعلاقات الثنائية إلى مرحلة جديدة وتحقيق إنجازات ملموسة تربط مصالح البلدين والع
وعبر الرئيس الأسد عن سعادته البالغة بزيارة البلد الصديق الأرجنتين والحفاوة الكبيرة التي لقيها من الرئيسة كيرشنر والمسؤولين في الحكومة الأرجنتينية وقال: هذا الوطن الجميل الذي عرفنا عن شعبه منذ عقود طويلة عندما كان من الصعب أن نعرف عن شعوب في قارات أخرى بسبب قلة وسائل الاتصال.. هذا الشعب الذي عرفنا عنه طيبته وانفتاحه وإنسانيته هو الذي احتضن مهاجرين أتوا من مناطق بعيدة جداً بسبب ظروف إنسانية قاهرة دفعتهم كي يبحثوا عن ملجأ آمن يعيشون فيه ويحسنون ظروف معيشتهم.
الرئيس الأسد: الأرجنتين قدمت نموذجا في احتضانها للمهاجرين من سورية وأعطتهم الفرص كاملة
وأضاف الرئيس الأسد ان الأرجنتين كانت هذا الملجأ في هذه القارة الكبيرة وبلدانها العديدة التي احتضنت مهاجرين سوريين والشعب الأرجنتيني هو الذي قام بفتح أبوابه كاملة وليس جزئياً للمواطنين من أعراق وأديان مختلفة في معظم الحالات وأعطاهم الفرص كاملة التي أعطاها لأبناء هذا الوطن الأصليين وتعامل معهم بعيداً عن أي عنصرية أو تمييز سواء كانت تتعلق بالشكل أو بالجنس أو اللون أو الطائفة أو العرق وتعامل معهم بانفتاح كامل واليوم هم مواطنون مندمجون بشكل كامل بالمجتمع الأرجنتيني يقدمون له ويقدم لهم.. يدافعون عن هذا البلد ويسهمون في بنائه ويعملون من أجل ازدهاره.
وتابع الرئيس الأسد: هذا النموذج الذي قدمته أميركا اللاتينية والأرجنتين نحن اليوم بحاجة إليه بشكل كبير لأننا بحاجة إلى هذا الانفتاح وهذا التسامح والتعايش الذي نسمع عنه في مناطق أخرى من العالم ولكن بمجرد شعارات.. في الوقت الذي هو الحالة الإنسانية الطبيعية مشيراً إلى أنه عندما نرى حالة مناقضة لما نراه في الأرجنتين وفي العديد من المناطق العربية ومنها سورية من التعايش والتمازج بين مختلف الأديان والأعراق والطوائف لمئات وربما آلاف السنين فهذا يعني الحالة المعاكسة التي تنجم غالباً عن الأخطاء في الأداء وفي مقدمتها الأخطاء السياسية.
ورأى الرئيس الأسد أن الكثير من الأشياء تجمع بين سورية والأرجنتين موضحاً أنه على الرغم من أن هذه الزيارة هي الأولى إلى قارة أميركا الجنوبية إلا أنه لم يشعر خلال زيارته لأي دولة من دول القارة إلا أنه زارها سابقاً بسبب وجود الجاليات ودورها كجسر بشري يربط بين المنطقتين.
وأضاف: إنه بالإضافة إلى الطباع المتشابهة هناك التاريخ المتشابه الذي مرت به دول أمريكا اللاتينية والعربية بدءاً بالتحرر من الاستعمار وصولاً إلى مرحلة امتلاك القرار السياسي التي تعتبر مرحلة الاستقلال الحقيقي.
وأوضح الرئيس الأسد ان سورية ترغب بتطوير تعاونها مع دول كثيرة في هذا العالم القريب منها والبعيد لكن الذي يدفعها للتعاون مع قارة بعيدة أكثر من عشرة آلاف كيلومتر هو هذه الاستقلالية في القرار السياسي بالإضافة إلى المواقف العادلة التي تنتهجها هذه الدول بعيداً عن أي رغبات بالهيمنة أو الاستعمار ومنها الأرجنتين.
وقال الرئيس الأسد: هذه الأمور التي تجمعنا تجعل من الأسهل عليكم أن تفهموا قضايانا ولا سيما أنكم تدعمون هذه القضايا ونحن في سورية والمنطقة العربية نحتاج للسلام بشكل كبير ولذلك سورية عملت دائماً من أجل السلام في الشرق الأوسط والعرب بشكل عام أطلقوا مبادرة في عام 2002 لإنهاء الصراع العربي الإسرائيلي وهناك طبعاً قرارات مجلس الأمن في هذا الاتجاه التي ندعمها ونعمل من أجلها وهناك دعم دولي لهذا التوجه السوري.
وأضاف الرئيس الأسد: إنه بالمقابل وعلى أرض الواقع لا نرى هذا السلام قريباً في المرحلة المقبلة لأن الردود الإسرائيلية كانت معاكسة فشنت إسرائيل عدوانها على لبنان عام 2006 الذي سقط ضحيته أكثر من ألف بريء معظمهم من الأطفال والنساء تلاه العدوان على غزة الذي أودى بحياة أكثر من 1500 شخص أيضاً ومعظمهم من الأطفال والنساء كما تفرض الآن الحصار اللا إنساني على أكثر من مليون ونصف المليون مواطن في غزة.
وأكد الرئيس الأسد أن سورية تريد السلام الشامل لكن هذا السلام لا يمكن أن يكتمل على المسار السوري فقط بل يجب أن يكون السلام أيضاً على المسار الفلسطيني الذي لا يكتمل من دون إقامة دولة فلسطينية وعودة الحقوق الفلسطينية وبنفس الوقت رفع الحصار عن غزة.
وقال الرئيس الأسد: نحن نريد أن نعمل معا كدول في مختلف أنحاء العالم من أجل دعم قرارات مجلس الأمن ودعم المبادرة العربية والوصول إلى السلام معرباً عن شكره للرئيسة الأرجنتينية على مواقف بلادها الداعمة بشكل لا لبس فيه لعودة الجولان السوري المحتل إلى سورية ومعبراً عن دعم سورية لحق الأرجنتين في جزر المالفيناس.
وأوضح الرئيس الأسد أن هذا الموقف هو ميزة من ميزات العلاقات بين الدول المستقلة.. فسورية ليست بحاجة إلى علاقات مع دول كبيرة ذات اقتصاد وجيش قويين إن لم تكن هذه الدول تتمتع بالقرار المستقل مشيراً إلى أن جولته على دول أمريكا اللاتينية تبحث عن قرار بين دول مستقلة وسورية دولة مستقلة وتفعل ما تمليه عليها قناعاتها ومصالحها.
ودعا الرئيس الأسد الأرجنتين إلى الإسهام في دعم المبادرات البرازيلية تجاه منطقة الشرق الأوسط ولا سيما المتعلقة بالملف النووي الإيراني أو المتعلقة بعملية السلام من خلال العلاقة القوية بين الدولتين ومن خلال وجود تجمع الميركوسور موضحاً أن التجارب أثبتت أن المحيطات لا تحمي أي بلد لأن المشكلة التي تنشأ في أي مكان قد تصيب أي مكان من هذا العالم.
وأعرب الرئيس الأسد عن الرغبة القوية بقيام تعاون جدي وفعلي وعملي بين سورية والأرجنتين من خلال ربط المصالح المشتركة على الرغم من الصعوبات التي تواجهها في ظل المسافات البعيدة وغياب الخطوط الجوية والبحرية لكنه رأى أن الرابط الروحي بين المنطقتين من خلال الجاليات هو نقطة قوة موجودة لا تتوفر في كثير من دول العالم وخاصة أن هذه الجاليات تتبوأ مناصب عالية في كل مناحي الحياة السياسية والاقتصادية وفي مواقع القرار وتستطيع أن تساعد البلدين.
وختم الرئيس الأسد بتوجيه الشكر لكل جيل من الأجيال الأرجنتينية والأجيال الحالية التي تحتضن كل مواطن ليس فقط من سورية بل من أي مكان في العالم تعبيراً عن إنسانيتها.
الرئيسة دي كيرشنر: إطلاق مرحلة جديدة من العلاقات بين البلدين والعمل على تعميقها
من جانبها ألقت الرئيسة دي كيرشنر كلمة أكدت فيها أن الأرجنتين وسورية تعملان من أجل تغيير الوضع العالمي الظالم وغير المتزن وغير المنصف الموجود منذ زمن والذي كاد أن يفجر الأوضاع في العالم كما فجرها في الدول المتطورة التي خلقت هذه الظروف الاقتصادية وأن البلدين يعملان على فرض نظرية عكسية للنظرية الاقتصادية التي تريد الدول المتطورة فرضها على الدول النامية من خلال بحثها فقط عن زبائن وليس شركاء في هذه الدول وفرض تجارتها وقوانينها التجارية عليها.
وقالت الرئيسة دي كيرشنر:
لدينا الحاجة لإنهاء المعايير المزدوجة في السياسة الدولية إذ من غير المقبول أن تقوم دولة تمتلك مقعداً دائماً بمجلس الأمن بانتهاك قوانين الشرعية الدولية وتقوم بما تشاء متجاهلة قرارات الأمم المتحدة في وقت يكون على الدول الصغيرة فقط تنفيذ هذه القرارات.
وتابعت: لم تأتوا في زيارتكم لفرض آراء ولكن جئتم للتنسيق في احترام قرارات الشرعية الدولية والعمل من أجل بناء عالم متعدد الأقطاب بعد أن انكسرت سياسة القطب الواحد ونحن نؤكد على الحاجة الى اقامة عالم عادل منصف ننهي منه كل هذه المظاهر الاستعمارية وبعيداً عن سياسة الهيمنة التي أعطت نتائج سلبية.
وأعربت الرئيسة الأرجنتينية عن سعادتها بإطلاق مرحلة جديدة من العلاقات بين سورية والأرجنتين وتعهدت بالعمل على تعميقها من خلال الاتفاقيات التي تم توقيعها اليوم والتي يجري الإعداد لتوقيعها من أجل تحقيق إنجاز على الأرض مشيرة بهذا الصدد إلى أنه خلال الأيام القليلة المقبلة سيتوجه وفد مهم من الأرجنتين إلى سورية ووفد سوري إلى الأرجنتين من أجل بحث فرص التعاون وإمكاناته بشكل معمق.
وقالت الرئيسة دي كيرشنر: يسعدنا أن نستقبل لأول مرة رئيس سورية في الزيارة الأولى له في الذكرى المئوية الثانية للاستقلال الذي شاركت فيه جميع الجاليات الاغترابية ولكن مشاركة الجالية السورية واللبنانية كانت مميزة وكبيرة في بناء الأرجنتين وهناك ولايات كاملة في الأرجنتين من مهاجرين مشيرة إلى وجود عضوين في الحكومة الأرجنتينية من أب وأم سوريين وهذا يدل على أن الأرجنتين بلد التكامل والانسجام بين جميع الناس بغض النظر عن دينهم أو عرقهم.
حل قضية الشرق الأوسط هو حل أساسي للسلام والأمن العالميين.. وللشعب الفلسطيني الحق في إقامة دولته على أرضه
كما عبرت الرئيسة الأرجنتينية عن شكرها لمواقف سورية في المحافل الدولية وفي إزالة الاستعمار ودعمها المتواصل لحقوق الأرجنتين في جزر مالفيناس كما تدعم الأرجنتين بالمقابل إعادة الجولان السوري المحتل إلى سورية.
ورأت أن حل قضية الشرق الأوسط هو حل أساسي للسلام والأمن العالميين وليس فقط في الشرق الأوسط وأن المشاكل التي تشهدها هذه المنطقة تقدم مؤشراً على ضرورة معالجة قضية الصراع هذه مؤكدة ان الارجنتين ترغب بلعب دور فاعل في بناء السلام في هذه المنطقة من العالم وتدعم مبادرة السلام العربية ومبدأ الأرض مقابل السلام وحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولة فلسطينية على أرضه.
وختمت بالقول: علينا ألا نعمل لتفرقة الشعوب والدول والأخوة فنحن في الأرجنتين نتعايش جميعاً بغض النظر عن أي اختلافات وباحترام يعتبر الأساس في بناء الدولة ولذلك علينا أن نوحد جهودنا نحن الذين نفكر بالطريقة نفسها من أجل العمل لتحقيق السلام في العالم.
حضر مأدبة الغداء كبار المسؤولين الأرجنتينيين وعدد من الفعاليات الاقتصادية والاجتماعية والثقافي