مقالات وآراء

عام على مغازلة أوباما الديماغوجية بقلم : مأمون شحادة

إن الإبداع في إلقاء الخطاب السياسي ما بين الديماغوجية الشعبوية وبين الهتاف والتصفيق، لهو نفس المعنى الذي يحمل في ثناياه كلمتي “النفاق” و”الكذب”، حيث يحكى أن تلك الكلمتين اجتمعتا في يوم من الأيام “ما بين الماضي والحاضر”
” وكونتا كلمة تسمى “سياسة”، ليتضح للعاقل والمعقول، وللفاعل والمفعول به، أن الخطابات النظرية تحتاج إلى واقعية للتطبيق، فهناك فرق بين النظرية والتطبيق على أرض الواقع بما تحويه من أفعال الماضي والحاضر.
إن خطاب أوباما في القاهرة(العام المنصرم)، يحمل في طياته الكثير من العبارات النظرية، والهيامية من تفكير وتنظير وعلامات للتعجب والحيرة والانتظار، من خلال ما قاله: “إن الاستيطان الإسرائيلي غير شرعي، ويحق للفسطينيين أن يعيشوا حياة كريمة في ظل دولة فلسطينية”، وهذا يذكرنا بما قاله ايهود باراك قبل عدة سنوات، حينما رشح نفسه للانتخابات الإسرائيلية تحت مسمى “الحمائم” في مارس-آذار 1998: لو كنت فلسطينيا، وفي العمر المناسب، لأصبحت في مرحلة ما عضوا في إحدى المنظمات الفلسطينية المقاومة..”. ولكن فيما بعد أصبح خطاب ايهود باراك مغايرا للواقع الخطابي السابق، الذي تجسد بمجازر ضد الشعب الفلسطيني المقاوم ، ليتبين أنه خطاب تكتيكي مرحلي.
إن الخطاب الديماغوجي يجسد كلمة اعتاد الساسة على أدلجتها وفق مقولات “تدغدغ” الحشود الجماهيرية، ملهبة مشاعرهم بالتصفيق والهتاف على أمل أن يتجدد الواقع المزري إلى ما هو أحسن، فهل خطاب أوباما يحمل أشياء جديدة؟ نعم، يحمل أشياء جديدة، ولكنها أشياء تشبه ما جاء به خطاب ايهود باراك، وهذا واضح من خلال ما قاله أوباما “إن الشعب الأمريكي تربطه علاقات ثقافية وسياسية قوية بالشعب الإسرائيلي، ولن يستطيع أي إنسان أن يحدث شرخا في تلك العلاقة”.
اللافت للنظر أن أوباما- ومن اجل المصداقية- قام بأدلجة وتطعيم خطابه بنصوص من القرآن الكريم، الذي يعني انطلاق مرحلة يغازل فيها الجانب العربي ديماغوجيا “ضحك على اللحى” وعلى الوتر الحساس، وتر الحس الديني، وهذا يذكرنا بما فعله نابليون حينما أعلن إسلامه أثناء احتلال القوات الفرنسية مصر لكسب مشاعر الشعب المصري.
ان الخطاب بمعنى الخطاب ليس مجرد كلمات وعبارات تطلق في الهواء هكذا لاحداث صدى جماهيري، ولكنها نصوص يجب ان تترافق بواقع عملي يسير على طريق المصداقية ، وبما ان اوباما يمتلك كاريزما قوية، فقد اثبت من خلال خطابه الاخير انه مبدع في القاء الخطاب السياسي الديماغوجي، حيث تجاوز في ذلك فنون الخطابات العربية.

بواسطة
مأمون شحادة
المصدر
زهرة سورية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى