نصر الله: مسألة العملاء وشبكات الجواسيس من أهم الاستحقاقات التي يواجهها لبنان
أكد السيد حسن نصر الله الامين العام لحزب الله أن الجواسيس الذين تم اعتقالهم في لبنان هم شركاء في القتل وفي الجريمة والتهديم والتهجير وكل الجرائم التي ارتكبها العدو الصهيوني في حرب تموز 2006 نتيجة لما قدموه من معلومات لإسرائيل .
وقال الأمين العام لحزب الله في كلمة له بمناسبة يوم الجريح المقاوم بثتها قناة المنار أمس إن من أهم الاستحقاقات التي يواجهها لبنان والمقاومة اللبنانية هي مسألة العملاء وشبكات الجواسيس مشيراً إلى أنه بناء على المعلومات التي قدمها هؤلاء الجواسيس قصفت أبنية وبيوت ومصانع ومراكز ومؤسسات وأماكن مختلفة وقضى الكثير من الشهداء وأصيب الكثير من الجرحى.
وقال السيد نصر الله: إن الجواسيس هم الركيزة الأساسية لإسرائيل عندما تريد أن تحارب أو تقصف أو تجتاح أو تنفذ عمليات اغتيال أو تمارس حرباً نفسية مشيراً إلى أن العنصر البشري هو الأهم في جمع المعلومات رغم وجود الوسائل الفنية المتطورة جداً والمتاحة لإسرائيل لأن هناك مساحات ونوعاً من المعلومات لا يقدر الجمع الفني على حل موضوعها بل يحتاجون فيه إلى عنصر بشري.
وأشار الأمين العام لحزب الله إلى أن العملاء قدموا معلومات عن أماكن وأشخاص قبل الحرب لدرجة إعطاء معلومات عن أسماء أصحاب المنازل والملاجئ والمؤسسات وعن كل ما يتصل بالمقاومة اللبنانية أو الجيش وكل مقدرات لبنان من اتصالات وغيرها وقدموا لإسرائيل كل ما طلب منهم وكل ما استطاعوا أن يحصلوا عليه.
وقال السيد نصر الله إنه في زمن الحرب قدم العملاء خدمات مباشرة للعدو الإسرائيلي وزودوه بمعطيات وإحداثيات تم في ضوئها قصف أماكن لم يكن مقرراً أن تقصف ولم تكن في بنك أهداف اسرائيل قبل الحرب موضحاً أن اسرائيل تحتاج بعد الحرب إلى تجديد بنك الأهداف وإعادة تشغيل هؤلاء العملاء والجواسيس من جديد وقد واصلوا العمل بالفعل.
ولفت السيد نصر الله إلى الدور الآخر للعملاء وهو لعب دور في الفتنة والتحريض وإيجاد التوتر وبعض العملاء اعترفوا أنه كان المطلوب منهم افتعال المشاكل في بلدات الجنوب بين حركة أمل وحزب الله وخلق توترات في أي مكان يستطيعون الوصول إليه بين أطياف الشعب اللبناني والمحور الرئيسي الذي كان مستهدفاً هو محور المقاومة.
وقال السيد نصر الله: إن النظر إلى التجسس من خلال المواقف السياسية خلق بيئة حاضنة له حيث أن هناك من لا يرى عيباً في أن يكون ابنه على علاقة مع إسرائيل وصولاً إلى الحماية والتبني والتهوين من مخاطر العمالة والجاسوسية ثم وصولاً إلى مرحلة باتت فيها العمالة وجهة نظر وخياراً في الصراع المحلي والإقليمي وبالتالي وصل الأمر بالبعض لمقارنة العلاقة باسرائيل مع العلاقة بالدول العربية التي لا يتفقون معها سياسياً.
ودعا السيد نصر الله إلى تنفيذ أحكام الإعدام الصادرة بحق العملاء بأسرع وقت ممكن وإبعاد ملف العمالة عن الاعتبارات السياسية والطائفية لأن العملاء لا ينتمون إلى دين أو طائفة ولايمكن توفير الغطاء لأي كان في هذا الموضوع مرحباً بجميع الجهود التي تبذل لتفكيك شبكات العملاء.
ورأى الأمين العام لحزب الله أن الاسرائيليين الذين يقفون عاجزين أمام إرادة وجهوزية المقاومة في لبنان يراهنون على مشروع اسرائيلي آخر اسمه المحكمة الدولية الذي يحضرون له في الأشهر القليلة المقبلة حيث يقول غابي اشكنازي إن علينا أن ننتظر أيلول حيث سيشهد لبنان توترات و هم يراهنون على هذه التوترات.
واعتبر السيد نصر الله أن اعتقال العميل شربل قزي من قبل مخابرات الجيش اللبناني وجه ضربة قاضية للمؤامرة التي تتم فبركتها لإصدار القرار الظني المتعلق بجريمة اغتيال رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق رفيق الحريري .
وقال السيد نصر الله: بعد أن فشلت تجربة فبركة شهود الزور وأثبتت عدم جدواها كان لابد من إيجاد سبيل آخر للتحكم بمسار التحقيق الدولي مشيراً إلى أن هناك قوى لبنانية وإقليمية ودولية راهنت على الفتنة الداخلية في لبنان عبر العدوان المباشر والحرب الأهلية وفشلت وهي اليوم تراهن على المحكمة الدولية والقرار الظني المتوقع صدوره لتحقيق هذا الهدف .
وتابع الأمين العام لحزب الله: إن ملف التحقيق بحسب ما ترويه بعض الصحف يسير نحو توجيه اتهام لأفراد من حزب الله من خلال وضع فرضيات حول الاتصالات وتزامنات معينة بين الخطوط وما شابه ذلك ليركبوا من خلالها اتهاماً أو قراراً اتهامياً أو ظنياً ولذلك فعالم الاتصالات عالم مقدس بالنسبة لكل المراهنين على المحكمة الدولية ولا يجب أن يقترب أحد من الاتصالات لأننا اذا اقتربنا منها وظهر عملاء في شبكات الاتصالات وتبينت إمكانية اللعب بالخطوط والبيانات فذلك يعني أن حجر الزاوية في القرار الظني الذي يعملون عليه والذي يشكل حجر الزاوية في المؤامرة الجديدة ليس على حزب الله بل على لبنان والمنطقة لم يبق له وجود وأصبح موضع شك لأن الاتصالات التي يستندون إليها مسيطر عليها من قبل اسرائيل.
وتساءل السيد نصر الله لماذا تعرضت عملية القبض على العميل قزي للهجوم من قبل العديد من الأطراف وما مصلحة البعض في التقليل من أهميتها و تشويه صورة مخابرات الجيش معتبراً أن مرد ذلك يعود للارتباط الوثيق بالمحكمة الدولية لأن كل ما يرتبط بالاتصالات في لبنان يرتبط بهذه المحكمة حيث أن هناك محاولة لفبركة فرضية معينة حول اغتيال الحريري ولذلك نجد من يحرم الاقتراب من الاتصالات حتى لا تنهار كل الفرضيات .
ودعا الأمين العام لحزب الله رئيس الحكومة اللبنانية ووزير الداخلية اللبناني للتوجه بالسؤال إلى جهاز فرع المعلومات الأمني عن المعلومات التي كانت بحوزته حول قضية العميل قزي قبل اكتشاف أمره وهل كان لديه أي معلومات بهذا الخصوص وما طبيعتها ولماذا لم يتخذ الاجراءات المطلوبة مؤكداً أن لديه شخصياً أجوبة على كل ذلك ولكنه سيؤجل البوح بها إلى حينه .
وقال السيد نصر الله: إن موضوع الاتصالات والعملاء الذين تم اكتشافهم في شركة ألفا هو على درجة عالية من الخطورة والحساسية وأصبح واضحاً لكل اللبنانيين والمسؤولين اللبنانيين إن هناك سيطرة كاملة على الاتصالات في لبنان ويجب على اللبنانيين أن ينتبهوا لكونهم مكشوفين للإسرائيليين الذين يحصلون على الكثير من المعلومات والمعطيات من خلال سيطرتهم على الاتصالات موضحاً أن هذه السيطرة ليست جديدة .
وأشار السيد نصر الله إلى ان إسرائيل لم تقم بضرب شبكات الخلوي خلال حروبها على لبنان لأنها كانت توفر لها معلومات ومعطيات وتحدد الأماكن ومواقع الأشخاص والمراكز بشكل لا يمكن معه الاستغناء عنها لافتاً إلى أن إسرائيل اخطأت قبل حرب تموز عندما قللت من شأن شبكة السلكي التابعة للمقاومة لأن معلوماتها عنها ناقصة نتيجة حصانة المقاومة ضد العمالة ولذلك كان من أهم المفاجآت في حرب تموز موضوع السيطرة والقيادة والتحكم بكل عناصر المعركة وفي جميع المواقع.
وقال الأمين العام لحزب الله إن اسرائيل تعيش على الحرب وعندما تنتهي من حرب تبدأ بالتجهيز للحرب القادمة وتسعى لإفقاد المقاومة عناصر القوة من خلال قتل قياداتها وكوادرها وكشف مراكزها ومخازنها ومفاصلها وخططها وتشكيلاتها بكل الطرق والسبل مشيراً إلى أن السعي لتفكيك شبكة اتصالات المقاومة عقب حرب تموز يندرج في هذا الإطار .
ودعا السيد نصر الله إلى البحث وراء الكواليس عن رأس الخيط الإسرائيلي الذي يشكل قزي المفتاح له وعلاقته بمشغل إسرائيلي والعميل الآخر الذي تم اعتقاله والذي له أيضاً علاقة بمشغل إسرائيلي آخر .
وفي موضوع استهداف شبكة السلكي التابعة للمقاومة الوطنية اللبنانية قال السيد نصر الله: إن هناك أشخاصاً ورطوا الحكومة والزعماء السياسيين داعياً هؤلاء الزعماء إلى البحث عمن ورطهم ومن كان وراءهم.
وطالب الأمين العام لحزب الله بفتح تحقيق في هذا الموضوع مع الحذر لأن الذي وضع لبنان على حافة الحرب الأهلية في 5 أيار عام 2008 يمكنه أن يكرر ذلك وخاصة أنه ما زال مؤمناً وموثوقاً به من قبل اسرائيل .
وقال السيد نصر الله: سمعنا أن هناك قراراً ظنياً سيصدر بحق أفراد من حزب الله في شهر أيلول أو تشرين الأول المقبل وهذا يعني أنهم يعرفون القرار الظني والأسماء والموعد رغم أن التحقيق معنا بدأ الآن وكل الذين ذهبوا من حزب الله للتحقيق استمع إليهم كشهود ولم يحقق مع أحد منهم كمتهم لكن يبدو أن القرار تم اتخاذه وهم يبشرون به .
وختم السيد نصر الله بالقول: عندما تكون هناك استحقاقات مهمة كبيرة وخطيرة نحن أهل للمسؤولية ولسنا ممن يهرب لا من مسؤولية ولا من ساحة ولا من ميدان..والتضحيات على مدى ثلاثين عاماً تشهد على عزمنا وارادتنا وصلابتنا وتمسكنا بالحق واستعدادنا لمواجهة كل المخاطر وبهذا الايمان والعزم والارادة والاستعداد والتضحية والوعي والاحساس بالمسؤولية لن تقوى المؤامرة علينا ولن تستطيع أي عاصفة أن تقتلع مقاومة جذورها راسخة في الأرض وأغصانها وفروعها شامخة إلى السماء.