ملتقى مغتربي القلمون يناقش الاستقرار السياسي في سورية ويوصي بالاستفادة من المناخ الاستثماري الجاذب والقوانين المشجعة
تركزت فعاليات اليوم الثاني من ملتقى مغتربي القلمون على مناقشة بيئة الاستثمار والاستقرار السياسي في سورية وآثاره الاقتصادية والهوية الاقتصادية إضافة للتشاركية والتكامل بين القطاعين العام والخاص في العمل البيئي.
وقال الدكتور فيصل المقداد نائب وزير الخارجية إن السياسة الخارجية السورية تعتمد على عاملين الأول هو الدفاع عن كرامة الوطن ومواجهة سياسات التوسع والثاني هو التنمية التي توليها السياسة الخارجية جانبا كبيرا من الأهمية لوجود القناعة الكاملة بتاثير الجانب التنموي الأساسي.
وأوضح المقداد أن البعد الدبلوماسي في هذا المجال له دور كبير من خلال عمل السفارات التي نحاول من خلالها التركيز على الجانب الاقتصادي مشيرا إلى أنه تم الطلب إلى السفارات تعيين أحد أفرادها ليتولى مهام اقتصادية واستثمارية وتكون صلته مباشرة مع هيئة الاستثمار دون الحاجة للمرور عبر وزارة الخارجية.
ولفت إلى التركيز على التنمية والاستثمار في السياسات الاستراتيجية وتفعيلها من خلال اجتماع المعنيين برجال الأعمال والاقتصاديين بشكل دائم واستعراض فرص التعاون مؤكداً أن الاهتمام بالبعد التنموي والاستثماري يوازي الاهتمام بالجوانب السياسية بوجود الاستراتيجيات والإرادة التي تتطلب تفعيل الآليات وخطط التنفيذ وذلك بتوجيه ومتابعة على أعلى المستويات لإدراك دور الاستثمار في دفع عملية التنمية والتطوير.
وأشار المقداد إلى تبنى سياسة تطوير العلاقات مع جميع الدول في كل المجالات من خلال الاستثمار والاستيراد والتصدير وتفعيل العلاقات الاقتصادية على أعلى المستويات لافتاً إلى اعتماد سياسة تركز على تنويع التعاون مع الدول بما فيها دول الجنوب المتطورة وهو ما عكسته الزيارة الناجحة للسيد الرئيس بشار الأسد إلى فنزويلا وكوبا والأرجنتين والبرازيل لفتح أبواب جديدة فى العلاقات مع هذه الدول وبناء شراكات حقيقية معها والاعتماد على دور المغتربين الهام في زيادة التواصل والتفاعل.
ولفت نائب وزير الخارجية إلى أن الوزارة تعمل مع الجهات المعنية لإقامة استثمارات كبيرة والتنسيق لعدد من المشاريع في الكثير من الدول مشيرا إلى أهمية تكامل عمل القطاعين العام والخاص في عملية التنمية.
بدوره أشار الدكتور إبراهيم الدراجي أستاذ القانون الدولي في جامعة دمشق إلى دور البيئة المستقرة كميزة من ميزات الاستثمار في سورية إضافة لعلاقة الاستقرار السياسي بالاقتصادي وانعكاس هذا الاستقرار على الاستثمار وضمان إقامة مشاريع ناجحة وفق مقومات ترضى المستثمر.
وأوضح الدراجي أن أهم وأبرز القضايا التي سمح الاستقرار السياسي بالتركيز عليها هي إنهاء أزمة الديون الخارجية التي تحد من حجم الاستثمار ووضوح القوانين ومرونتها والخطط الاقتصادية الثابتة والاصلاحات الاقتصادية وتخفيض الرسوم الجمركية وفك الارتباط بين الاستيراد والتصدير لافتاً إلى دور ترسيخ شروط الاستثمار بنصوص واضحة فى الخطة الخمسية العاشرة في خلق بيئة استثمارية محفزة إضافة إلى تفعيل النشاط الحكومي مع المؤسسات الاستثمارية والاقتصادية والتواصل مع المغتربين.
وتحدث الدكتور عرب صاصيلا أستاذ العلوم السياسية في الجامعة عن الهوية الاقتصادية الحالية للمنطقة والتحول نحو اقتصاد السوق الاجتماعى مشيرا إلى أن السنوات الاخيرة شهدت قفزة كبيرة في تشجيع القطاع الخاص على القيام بدوره في المجالات الاقتصادية المختلفة وأنه أضحى من غير الممكن فرض رسوم كبيرة أو منع دخول سلع معينة لحماية صناعات وطنية نتيجة الدخول في اتفاقيات للتجارة الحرة وغيرها.
ودعا صاصيلا المستثمرين الذين يستفيدون من تسهيلات كثيرة في مجال الاستثمار إلى إثبات وجودهم من خلال انتاج سلع ذات نوعية جيدة وبأسعار منافسة للمستوردة موضحا أن الدولة التي تقدم التسهيلات للمستثمرين يقع على عاتقها تأمين السلع للمستهلكين بأسعار مقبولة ولا سيما ذوي الدخل المحدود.
وأشار صاصيلا إلى أن سورية تسير في طريق الانضمام للنظام العالمي الاقتصادي الجديد بخطوات متأنية ومدروسة تجنباً للآاثار السلبية للتحول مبيناً أن الإصلاح الاقتصادي عملية متواصلة ويحتاج إلى تبديل الثقافة التي تعرقل عملية التطوير.
ورأى الدكتور ماهر بوظو مدير البيئة في دمشق خلال الجلسة الخامسة للملتقى التي ترأسها الدكتور شفيق عربش مدير المكتب المركزي للإحصاء أن شح موارد المياه العام يفرض التوجه نحو العمل على نشر موضوع محطات معالجة الصرف الصحي واستثمار مياهها الناتجة إذا ما أحسنت معالجتها في السقاية والزراعة والعمل على تعميم استعمال الطاقات المتجددة والصديقة للبيئة مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية والتي تعتبر من الطاقات ذات الجدوى الاقتصادية ولا تسبب ضرراً بيئياً أو استنزافا للموارد.
وأشار بوظو إلى أن أبناء منطقة القلمون الذين ينتشرون في مختلف بلاد الغربة يتميزون بارتفاع مستوى التعليم وسعيهم لتطوير وطنهم باستمرار لافتاً إلى أن المجتمع الأهلي في المنطقة تطوع في تقديم الكثير من الخدمات الطبية وبناء المشافي وتجهيزها إضافة إلى المشاريع السياحية والخدمية. بدوره أوضح يوسف سكاف باحث في مجال أنظمة القدرة الكهربائية الذكية أهمية طاقة الرياح في سورية مبيناً أن إنتاج الطاقة الكهربائية من مزارع الرياح ينافس الإنتاج من المحطات التقليدية وأن طاقة الرياح في سورية تقدر بحوالي 80 ألف ميغا واط، داعياً إلى اعداد دراسات جدوى أولية لإنتاج الطاقة الكهربائية من العنفات الريحية.
وأشار سكاف إلى أن كامن الطاقة الشمسية في سورية يكاد يكون بلا حدود وأن منطقة القلمون تعد ذات طاقة شمسية كامنة عالية موضحاً أنه يمكن من الناحية النظرية تأمين أكثر من 50 بالمئة من حاجة العالم من الطاقة الكهربائية وفق السوية التكنولوجية الحالية من خلال تركيب لواقط كهرضوئية أو انشاء محطات شمسية مركزة لإنتاج الطاقة الكهربائية التى يمكن استخدامها بشكل مباشر كطاقة حرارية خاصة لتسخين المياه والتدفئة والتكييف الى جانب انتاج الطاقة الكهربائية.
واقترح المشاركون في الجلسة إنشاء مشاريع استثمارية بيئية في منطقة القلمون كمعامل لإنتاج أبراج وشفرات للعنفات الريحية ومرايا للاستخدام في محطات الخلايا الشمسية المركزة ومعمل لإنتاج اللواقط الشمسية بتكنولوجية السيليكون.
وأوصى المشاركون في الملتقى في ختام أعماله بضرورة تفعيل الصلة بين وزارة المغتربين ومصالح المغتربين والملتقيات في السنوات القادمة واستمرار الملتقى ليكون دوريا سنويا واتخاذ ما يلزم لتفعيل مشاركة المغتربين فيه إضافة إلى تشكيل لجنة دائمة للملتقى تتولى متابعة الإعداد والتنظيم والتواصل مع المشاركين تضم مكتبا للاتصال والتواصل مع المغتربين تبدأ عملها بعد هذا الملتقى.
كما دعوا إلى تأسيس قاعدة بيانات عن المستثمرين المغتربين والأكاديميين وتحديثها بشكل دوري والتوجه نحو دعوة الباحثين في مجالات الأبحاث التقنية للاستفادة من أفكارهم باتجاه التأسيس لمشاريع حديثة عالية التقنية متوسطة التكلفة يمكن أن تكون مجالا للاستثمار في المنطقة وتوضيح كل التفصيلات والأهداف في مشروع الملتقى المقبل لتكون جاذبة ومقنعة للمغترب وتوزيع ذلك ونشره قبل وقت مناسب في بلدان الاغتراب إضافة إلى تشكيل قاعدة بيانات واسعة تزود المغترب بكل المعلومات والبيانات والخبرات المتعلقة بالاستثمار في منطقة القلمون.
وأشارت التوصيات الى اهمية تشجيع المشاريع الاستثمارية البيئية في المنطقة ونشر الوعي حول التوسع باستعمال الطاقة البديلة والتوجه نحو إعداد دراسة حول تطوير استخدام الطاقة النظيفة في المنطقة واقتراح تقديم مشجعات لمثل هذه المشاريع ومشاركة المغتربين في تقديم المقترحات التطويرية وطرح أفكار لمشاريع أو مجالات المشاريع المفضلة وتشجيع المشاريع المقترحة والمعروضة أثناء الملتقى والمشاركة فيها لتكون في الملتقى القادم موضع التنفيذ.
ودعت التوصيات إلى الاستفادة من المناخ الجاذب والقوانين المشجعة في سورية وإحداث مجالس تنسيقية فيما بينها لتأمين الانسجام مع قوانين التنمية الإقليمية فى المنطقة إضافة إلى المحافظة على ارتباط المقيم والمغترب على السواء بالأرض وبالوطن وتعزيز التواصل مع هيئة الاستثمار السورية لمتابعة الخطط الاستثمارية وتطورات هذه الخطط بين الحين والآخر.