لاحتفال بالعيد الذهبي للتلفزيون العربي السوري..مصداقية في نقل الحقائق واهتمام بالقضايا الجوهرية للوطن والمواطن
برعاية السيد الرئيس بشار الأسد أقامت وزارة الإعلام الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون أمس احتفالية بالعيد الذهبي للتلفزيون العربي السوري في دار الأسد للثقافة والفنون.
وقال ممثل راعي الاحتفال الدكتور محسن بلال وزير الإعلام في كلمة له إن العيد الخمسين للتلفزيون العربي السوري الذي بدأ بثه قبل نصف قرن في ذكرى ثورة الثالث والعشرين من تموز 1960 أيام الوحدة في ظل الجمهورية العربية المتحدة التي كانت قائمة بيننا وبين الإقليم المصري بقيادة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر يشكل ميثاق شرف خطه العاملون في التلفزيون العربي وأضفوا عليه أسمى صفة ألا وهي الشرف والذي تجلى بالمصداقية في نقل الحقائق والاهتمام بالقضايا الجوهرية للوطن والمواطن والتأكيد على الهم الوطني والقومي.
وأضاف الوزير بلال إن التلفزيون العربي السوري الذي تأسس في عهد الوحدة وانطلق في وقت واحد مع التلفزيون المصري واكب أحداث حقبة غالية عاشتها سورية والمنطقة وتفاعل مع نبض الشارع السوري والعربي وتمكن على مدار خمسين عاماً أن يكون محط اهتمام الجمهور في سورية وأن يدخل إلى البيوت ويحتل مكانة بارزة في قائمة التلفزيونات العربية من خلال اهتمامه بقضايا الجمهور وحاجاته وبيئته ليكون مرآة صادقة تعكس تفاصيل الحياة اليومية.
وقال ممثل السيد الرئيس إن التلفزيون العربي السوري واكب ثورة الثامن من آذار والحركة التصحيحية المجيدة بقيادة الرئيس الخالد حافظ الأسد تلك الحركة التي وضعت سورية في مكانة متقدمة ونقلتها نحو التطوير والتحديث والبناء كما واكب انتصار حرب تشرين التحريرية لافتاً إلى أن التلفزيون العربي السوري وكل وسائل الإعلام السوري كان خلال العدوان الإسرائيلي على لبنان 2006 وغزة 2008-2009 إعلام المقاومة بحق فبث صوت الحق والقضية العادلة واستطاع أن يكون عنصراً مهماً في استقطاب الرأي العام العربي والعالمي.
وأضاف الوزير بلال أن التلفزيون حرص ومنذ تأسيسه على تقديم كل صنوف الفن الراقي والرفيع واحتضن أهم الفنانين السوريين والعرب وقدمهم للجمهور العربي ليتحولوا بعد ذلك إلى نجوم الفن في الوطن العربي الكبير بدءاً من فيروز ووديع الصافي وصباح فخري وفايزة أحمد وميادة الحناوي وسواهم من الفنانين والملحنين وكتاب الأغنية الراقية.
وأشار وزير الإعلام إلى التطور الذي شهده التلفزيون السوري منذ انطلاقته قبل خمسين عاماً بالأبيض والأسود وبساعات بث محدودة ساعة ونصف الساعة وبطاقة كيلو ونص الكيلو واط ساعي فيما اليوم أصبح للتلفزيون خمس قنوات مؤديا دوراً كبيراً كأداة للتنشئة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والبيئية وحاضناً للقيم والمبادئ العربية الأصيلة إضافة إلى دوره في دعم وتعزيز ثقافة المقاومة والصمود في وجه المخططات العدوانية التي تستهدف العرب بحاضرهم ومستقبلهم ووجودهم.
ولفت وزير الإعلام إلى دور التلفزيون في تعريف الرأي العام العالمي بحقيقة وعدالة القضايا العربية وموقف سورية المتمسك بالسلام العادل والشامل الذي يعيد الأرض والحقوق كاملة بانسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي من الأراضي العربية المحتلة إلى خط الرابع من حزيران 1967 بما فيها الجولان السوري المحتل وضمان حقوق الشعب الفلسطيني بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس وعودة اللاجئين إلى ديارهم ووطنهم في فلسطين.
وبين الوزير بلال أن التلفزيون العربي السوري يستعد للدخول إلى تقنية البث الرقمي خلال العام القادم لينتقل فيما بعد إلى تقنيات التلفزيون العالي الدقة والانتقال إلى البث الرقمي الأرضي الذي يعتبر فاتحة للتقنيات الرقمية في مجال الإنتاج والإرسال التلفزيوني المتعددة لافتاً إلى أن التلفزيون يعمل بالمقابل على تطوير أدائه المهني ورسالته الإعلامية والارتقاء بكفاءة الكوادر الوطنية التي وصلت إلى كثير من المحطات الفضائية العربية والعالمية.
وأوضح أن الوزارة تعمل على تطوير عمل التلفزيون وبقية المؤسسات الإعلامية بما يتلاءم مع روح العصر لمواكبة التألق السياسي الذي تشهده سورية ليكون التلفزيون بالنسبة للمواطن المصدر الأساس الموثوق في الوصول للمعلومة مشيراً في هذا السياق إلى صدور عدد من القوانين كقانون إحداث الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون الذي أعطى الهيئة مرونة أكبر من أجل استثمار موجوداتها وكوادرها في إنتاج أعمال متميزة.
وأشار وزير الإعلام إلى اطلاق قنوات متخصصة بالفن الدرامي والتعليم والتربية إضافة إلى المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني بهدف الارتقاء بمستوى الإنتاج الفني وتحويل الدراما السورية إلى صناعة مبيناً أن الهيئة بصدد إطلاق قناة إخبارية تواكب النشاطات المحلية والقومية وتنقل صورة حقيقية وواقعية عما تشهده سورية من تطور على مختلف الصعد باستخدام أفضل التقنيات في عالم البث التلفزيوني وتعكس روح العصر وتعطي التلفزيون السوري مكانة مميزة بين القنوات التلفزيونية.
وقال الوزير بلال إن النجاحات التي حققتها السياسة السورية بقيادة السيد الرئيس بشار الأسد خلال السنوات العشر الماضية شكلت منطلقاً للتحولات الإيجابية التي شهدتها وأثبتت صوابية مواقف سورية الثابتة تجاه المنطقة.
بدوره أشار المهندس معن حيدر المدير العام للهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون إلى تطور مسيرة التلفزيون من قناة واحدة تبث ساعة ونصف الساعة إلى انطلاق عدد من القنوات ومنها الثانية والفضائية والدراما قائلاً إن الإعلام المرئي لم يعد يقاس بالساعات كما لم يعد جهاز التلفزيون جهازاً محلياً يعكس صورة المجتمع الذي هو فيه إنما أضحى النافذة الواسعة على العالم الرحب وعلى القرية الكونية الكبرى وانطلاقاً من ذلك نتمسك بهوية التلفزيون العربي السوري الذي ظل وفياً لعروبته منذ التأسيس إلى جانب محافظته على هويته الاجتماعية والثقافية.
ولفت حيدر إلى أن الكادر العامل في التلفزيون السوري رفد وساعد في تأسيس العشرات من المحطات التلفزيونية العربية وتمكن باستمرار من توليد الكوادر البديلة كما تمكنت الدراما السورية من اكتساب المكانة التي تليق بها بين الانتاجات التلفزيونية العربية مؤكداً أن الطموح هو إيجاد شاشة وطنية تليق بسمعة سورية وتعكس مواقفها السياسية والقومية والثقافية بأنجع الطرق والأساليب.
ثم قام وزير الإعلام والمدير العام للهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون بتقديم الدروع لرواد العمل التلفزيوني صباح قباني ومروان شاهين وناديا الغزي وخلدون المالح وهيام طباع وجميل ولاية وغادة مردم بك وحسن بحبوح وسمير سمارة ومحمد زياد العطار ورياض ديار بكرلي ودريد لحام.
وقدم المدير العام للهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون باسم العاملين في الهيئة درع الاحتفالية الذهبي المهدى للسيد الرئيس بشار الأسد تسلمه الوزير بلال ممثل راعي الاحتفالية.
بدوره قدم مدير تلفزيون قطر السيد محمد عبد الرحمن كواري درع تلفزيون دولة قطر إلى وزير الإعلام الدكتور محسن بلال.
كما قدم الوزير بلال بهذه المناسبة درعين لكل من الدكتور سعد الله آغة القلعة وزير السياحة والدكتور رياض نعسان آغا وزير الثقافة تكريما لحضورهما المهم في مسيرة العمل التلفزيونية.
حضر الاحتفالية صفوان قدسي الأمين العام لحزب الاتحاد الاشتراكي العربي وأحمد الأحمد الأمين العام لحركة الاشتراكيين العرب وغسان عبد العزيز عثمان الأمين العام لحزب العهد الوطني وعضوا القيادة القطرية للحزب الدكتور هيثم سطايحي رئيس مكتب الثقافة والإعداد والإعلام وشهناز فاكوش رئيسة مكتب المنظمات الشعبية ووزراء التربية والدولة لشؤون الهلال الأحمر والاتصالات والتقانة والداخلية والدولة لشؤون البيئة ونائب وزير الخارجية وأمين فرع دمشق للحزب.
كما حضر الاحتفالية عدد من أعضاء مجلس الشعب ورؤساء المنظمات الشعبية ونصري الخوري الأمين العام للمجلس الأعلى السوري اللبناني وشخصيات سياسية وإعلامية لبنانية وعدد من السفراء ورؤساء البعثات الدبلوماسية العربية والأجنبية المعتمدين بدمشق وفعاليات اقتصادية وثقافية وإعلامية وفنية واجتماعية ودينية وحشد من المدعوين.
وكانت الاحتفالية بدأت بمعرض للصور الضوئية يضم نحو 110 لوحات ترصد بدايات التلفزيون السوري ولحظة البث الأولى ويروي مسيرة تطوره منذ التأسيس وحتى الآن.
وقالت مديرة قناة الفضائية السورية سهير سرميني التي أعدت وأشرفت على المعرض إن المعرض يحفل بصور توثيقية لمسيرة التلفزيون السوري تم جمعها من عدة مصادر تتوزع بين أرشيف التلفزيون ومقتنيات خاصة مشيرة إلى أن ما تم جمعه أكثر مما تم عرضه إذ يصل إلى نحو 500 صورة ضوئية.
ولفتت سرميني إلى أنها اعتمدت في عرض الصور على ترتيب معين يبدأ بلوحة لمبنى البث على جبل قاسيون ومن ثم تتدرج الصور لتغطي تقريبا أبرز نقاط التأسيس في تاريخ التلفزيون لتتالى من بعدها الصور اللاحقة التي تعبر عن مراحل مفصلية في سورية مثل حرب تشرين التحريرية ورفع العلم السوري في القنيطرة وصولا إلى المرحلة المعاصرة.
وأشارت سرميني إلى أنه تم تدعيم الصور واللوحات بشروحات تروي تاريخ الصور والرواد الذين تم التقاطها لهم وتوثيقها باسم البرنامج وماهيته.
وجاء الاستعراض المسرحي ليتوج الاحتفالية عبر اعتماده على أنواع فنية مختلفة من مسرح ورقص وعرض صور وفيديو تروي مسيرة التلفزيون السوري منذ التأسيس.
وأشار أيمن زيدان مخرج العرض إلى إنه انطلق في ما تم تقديمه من ضرورة الاحتفاء بواحد من أهم التلفزيونات العربية وقال حاول العرض أن يكون وفياً لجهد الرواد الذين لم يبخلوا بجهد في سبيل إنجاز وانطلاق هذا المشروع الحضاري بالاعتماد على ما تم تقديمه في يوم الإرسال الأول وسحر هذا الجهاز وحالة الإدهاش التي تشكلت عند الناس حينها.
وأوضح زيدان إن العرض الذي تشارك في إعداده عماد نداف وخالد مجر وماهر الخولي ووضع موسيقاه سمير كويفاتي رصد أيضاً المراحل اللاحقة للتأسيس من انتقاله إلى البث الملون إلى إطلاق القنوات اللاحقة.
كما ترافقت الاحتفالية بإطلاق وتوزيع كتاب “حكايات البداية” الذي يقع في نحو 170 صفحة من القطع الكبير بطبعة أنيقة وملونة وقام بإعداده سعد القاسم مدير قناة سورية دراما.
ويحفل الكتاب بمجموعة غنية من الصور المهمة التي تؤرخ لبدايات التلفزيون العربي السوري حيث تم توزيع هذه الصور ضمن مجموعات وتقسيمات حملت عناوين “بدء الإرسال، ما لا يظهر على الشاشة، في غرفة التحكم، البرامج، الدراما، الغناء، الفواصل، شارات البرامج، تحضير مبنى ساحة الأمويين”.
وقالت ناديا الغزي التي كانت مقدمة أول برنامج للأسرة رغم أن عملي في التلفزيون لم يتعد العام الواحد لكن في البدايات استطعت أن أترك أثرا كبيراً انعكس على المتلقي من البرنامج الاجتماعي “البيت السعيد” الذي كنت أعده واستطعنا أن نشكل نوعاً من المحبة الخالصة التي أفادتني كثيراً وأعطتني أساساً كبيراً.
وعن اختلاف بدايات التلفزيون عما هو عليه اليوم أوضحت الغزي أن الإعلام كان ومازال وسيلة تؤثر في الشعوب وتوجهها ويجب استثمار التطور التقني والتكنولوجي الكبير في الوقت الحالي.
من جانبه قال سمير سمارة الذي كان من أوائل المصورين التلفزيونيين إن هذا التكريم مهم بالنسبة لي لكن الأهم في حياتي أني شاهدت هذا التطور الذي يشهده التلفزيون السوري ولاسيما على المستوى الدرامي.
وأضاف سمارة إننا بدأنا العمل في التلفزيون كهواة مبتدئين وسلمنا المهمة لأجيال من بعدنا الذين يجب ألا يقفوا عند ما بدأنا به بل يجب أن يطوروه ويزيدوه تقدماً.
وأشار سمارة إلى أن الصعوبات في البدايات كانت لا توصف إذ لم نكن قد شاهدنا شاشة التلفزيون قبل ذلك التي كنا ننظر لها وكأنها آلة عجيبة وسحرية.
بدورها قالت غادة مردم بك التي كانت أول مساعدة مخرج إن هذا التكريم بادرة جميلة وأنا سعيدة به لأني كنت شاهدة على انطلاق الشرارة الأولى للتلفزيون ومن بعد ذلك خضت في مجالات متعددة في هذا الميدان.
وأوضحت مردم بك انه لا مجال للمقارنة بين ماضي التلفزيون وحاضره إذ كان عدد ساعات البث محدودا متمنية أن يستمر التلفزيون في مواكبة التطورات الإعلامية والتقنية العالمية.
بدوره عبر مروان شاهين وهو أول مذيع قدم نشرة أخبار في التلفزيون العربي السوري عن سعادته بالتكريم وقال إنه لفتة جميلة من الذين تذكروا العناصر التي عملت في مراحل التلفزيون الأولى بإمكانياته المتواضعة منوها بالتطور الذي وصل إليه التلفزيون السوري مقارنة بإمكانياته البسيطة في بداياته.