الممثل هو الركن الركين في الدراما السورية
أهم ما في المشهد الدرامي السوري في موسم 2010 هو المستوى العالي لأداء أغلب الممثلين السوريين الذين رفعوا مئات الشخصيات الدرامية في عشرات المسلسلات السورية التي تعرض في رمضان الراهن وبذلك يثبت الممثل السوري عاماً إثر عام أنه الركن الركين في الدراما السورية
والعمود الثابت الذي تقوم عليه خيمة هذه الدراما. تألق وتفرد وتميز وقدرة عالية على قراءة الشخصيات الدرامية. تألق في الكوميديا يقابله تألق في التراجيديا وربما هذا يؤكد أن الممثل السوري يستحق نصوصاً أفضل وظروفاً إنتاجية أفضل.
لا ريب في أن الفنان النجم بسام كوسا حلّق في هذا الموسم في فضاءات الأداء المدهش والصادق إلى حد الوجع في مسلسل (وراء الشمس) للكاتب محمد العاص والمخرج سمير حسين. لقد لعب شخصية المصاب بمرض طيف التوحد بطريقة تستحق أن تدرّس في المعاهد العليا للتمثيل لكي تكون درساً لكل الممثلين الذين يحاولون الاقتراب من الشخصيات المعقدة التي تحمل أكثر من بعد إنساني عميق. إن الفنان بسام كوسا يستحق أن تُرفع له القبّعات لأكثر من سبب لأنه أولاً ممثل مجتهد لديه اقتراحه المميز لأي شخصية يلعبها وثانياً لأنه يملك جرأة قد لا يملكها كثيرون ولديه شجاعة الاقتراب من أصعب الشخصيات وأعقدها والقدرة على التغلب عليها وثالثاً لأنه وفي المسلسل المذكور يمتعنا ويؤلمنا في الوقت نفسه. يمتعنا بأدائه الساحر فقد رفع الشخصية بكل جوارحه وحواسه ويؤلمنا لأنه بصدقه هذا استطاع أن يعرينا أمام أنفسنا لتجاهلنا لأناس مرضى هم للملائكة أقرب وإذا كان لهذا العمل أن يكون غرّة أعمال رمضان 2010 في الدراما السورية فلأن النجم بسام كوسا أبدع فيه فهو يستحق أن يكون نجم هذا الموسم بلا منازع.
وقد تألق عدد من نجومنا الكبار في رمضان الحالي حيث أعادنا النجم سلوم حداد عشر سنوات إلى الوراء أيام تألقه الذي لا يُنسى في أداء شخصية (الزير سالم) فقد أثبت في مسلسل (القعقاع بن عمرو التميمي) للكاتب محمود الجعفوري والمخرج المثنى صبح أن التاريخ ملعبه وميدانه الذي لا ينافسه فيه أحد وخاصة في أداء شخصيات القادة والفاتحين. إذا ذُكرت
الدراما التاريخية فلابد أن يُذكر سلوم حداد والعكس صحيح. لديه قدرة على قراءة الشخصيات التاريخية والغوص في أبعادها وتفاصيلها وقد اكتسب على مدى السنوات الفائتة خبرة كبيرة في ركوب الخيل والمبارزة والنطق بالفصحى وهذا كله يضيف للشخصية ويعطيها عمقاً وصدقاً.
ويتألق النجم غسان مسعود في أداء شخصية ابن رماح في العمل البدوي (أبواب الغيم) للكاتب عدنان عودة والمخرج حاتم علي. كما تألق النجم جمال سليمان في أداء شخصية خالد بن طوبال في مسلسل (ذاكرة الجسد) للكاتبة ريم حنا والمخرج نجدة أنزور وربما آن أوان عودة هذين النجمين الكبيرين إلى قلب المشهد الدرامي السوري. لقد وضع الممثل النجم فايز قزق كل أدواته ومخزونه المعرفي على صعيد الأداء في شخصية (مأمون) في مسلسل (باب الحارة). إنه يتحرك مع هذه الشخصية وكأنه قد نقل المسرح بكل عمقه إلى قلب الدراما التلفزيونية، إنه ممثل محكوم بالمسرح سواء كان في السينما أم التلفزيون وهذه ميزة لا يتمتع بها كثيرون.
ويقدم النجم عباس النوري أداءً لافتاً في العمل التاريخي (سقوط الخلافة) للكاتب يسري الجندي والمخرج محمد عزيزية حيث يلعب شخصية السلطان عبد الحميد الثاني. كما يتألق في رمضان الحالي عدد من النجوم الشباب حيث يمتع المشاهدين النجمان باسم ياخور ونضال سيجري في الجزء الثاني من مسلسل (ضيعة ضايعة) بأداء يمتزج فيه العمق والبساطة، إنه الأداء السهل الممتنع الذي لا يسلّم قياده إلا لممثلين يمتلكون موهبة عالية ظاهرها البساطة وجوهرها العمل والصدق.
وأثبت قصي خولي علو كعبه في الأداء المميز في أكثر من مسلسل في هذا الموسم لعل أهمها (أبواب الغيم) و(باب الحارة) وربما لم يستثمر المخرجون السوريون إلا القليل من مخزون هذا الممثل الذي يبدع في كل فنون الأداء ويشاركه في ذلك النجم باسل خياط الذي قدم أداءً عالياً في مسلسل (وراء الشمس). وفي رمضان الحالي أثبت النجم الشاب مصطفى الخاني أنه ممثل من طراز رفيع فقد لعب شخصية توفيق في مسلسل (ما ملكت أيمانكم) بحرفية عالية تنم عن موهبة كبرى لا يختلف عليها اثنان وربما لا يحتاج النجم تيم حسن إلى شهادة أحد، فقد رسخ أقدامه في المشهد الدرامي السوري والعربي كواحد من أهم الممثلين المبدعين وأداؤه في مسلسل (أسعد الوراق) دليل على ذلك.
وأثبت أيمن رضا أنه (معلم) في الكوميديا والتراجيديا على حد سواء من خلال (بقعة ضوء) و(أبو جانتي) و(أسعد الوراق) و(أهل الراية).
ويتألق أيضاً مجموعة من الممثلين السوريين الشباب مثل محمد حداقي وقاسم ملحو ومكسيم خليل ووائل شرف وسواهم.