كلام لا علاقة له بالأمور السياسية….(18) بقلم العميد المتقاعد برهان إبراهيم كريم
سافرت هذا العام إلى أوروبا وكل أملي أن صحتي ستكون أفضل بسبب طبيعة جوها المعتدل في أشهر الصيف.
في مطار دمشق الدولي وجدت من موظفي الأمن العام والهجرة والجوازات كل معاملة حضارية, يشكر عليها المطار,وكل القائمين على هذا الصرح الكبير. وحتى أن وكيل الشركة التشيكية قدم لي كل مساعدة ممكنة حين وجدني رجل كبير السن وعلامات المرض بادية عليّ.وطلب مني أن أضع حتى الحقائب اليدوية مع حقيبة السفر كي لا يرهقنا أنا وزوجتي حملها حتى وصولنا وصعودنا الطائرة. في الطائرة كان الجالس إلى جواري في المقعد أستاذ سوري محاضر في جامعة ألمانية. شعر بما أعانيه من إرهاق بسبب مرض التهاب القصبات المزمن والحاد.فأبى أن يغادر الطائرة قبل أن يأخذ بيدي, ويحمل أمتعتنا أنا وزوجتي, ويوصلنا إلى بوابة المغادرة المؤدية إلى الطائرة التي ستقلنا إلى زيورخ .ومن بعدها ودعنا في مطار براغ, متمنياً لنا الوصول بالسلامة. وأنطلق إياباً إلى بوابة بعيدة عن بوابتنا, كي يستقل الطائرة التي ستقله إلى ألمانيا.ففي السفر يجد المسافر كل مساعدة من أبناء وطنه المسافرين والمغتربين.وعند وصولنا إلى مطار زيورخ كان الجو ماطراً وبارداً, والرطوبة مرتفعة.وهذا أدى إلى ازدياد هجمة التهاب القصبات الحاد عليّ.وخلال أسبوع في ربوع سويسرا ساءت أوضاعي الصحية, ولم تفلح كل الأدوية التي حملتها معي من دمشق بإيقاف حدة هجمة التهاب القصبات الحاد,والتي بدأت تُضيّق بخناقها عليّ. وباتت عودتي إلى الوطن صعبة, حيث أن حجزنا في الطائرة محدد بعد شهرين, ومحدد فيه تاريخ العودة مسبقاً.وقررنا الذهاب إلى فرنسا, لعل وعسى يكون الجو هنالك أفضل.ولدى وصولنا إلى غرنوبل فوجئنا بأن حساب الحقل لم يتطابق مع حساب البيدر, فالجو هنالك أيضاً متقلب بين الماطر والبارد والحار,مما فاقم من هجمة التهاب القصابات الحاد عليّ,وبدأت أشعر بحالة من الاختناق, دفعت بي إلى الإسراف في استخدام الأدوية والبخاخات التي حملتها معي من دمشق, والتي تغطي حاجتي منها لأكثر من ثلاثة أشهر بسبب غلاء الأدوية في الدول الأوروبية. وبعد استهلاكي لهذه الأدوية نتيجة إسرافي في استخدامها علها تنجح في وقف الهجمة التي تشتد عليّ يوماً أثر يوم. مما اضطرني لمراجعة لأطباء في غرنوبل, وشراء كميات جديدة بأسعار غالية جداً. ولكن الطقس المتقلب جعل ذلك في حكم المستحيل. ووجدت أن أفضل طريقة ألتماس المساعدة من السفارة السورية في باريس . فدخلت موقع السفارة لعدة أيام في بداية شهر تموز. وحصلت على رقم هاتفها. واتصلت عدة مرات دون جدوى.ووجدت أن أفضل طريقة إرسال رسالة للسفارة السورية في باريس ,ورسالة أخرى للسيد السفير على البريد الالكتروني المسجل على الموقع,أشكو لهم وضعي الصحي, واطلب منهم المساعدة بالتوسط مع شركة التأمين, لإدخالي مستشفى يقدم لي الأوكسجين والرذاذ,لعل وعسى تتحسن حالتي الصحية. وسجلت لهم رقم بريدي, ورقم هاتف البيت الذي أتواجد فيه. ولكن وللأسف ضاعت استغاثتي ورسائلي سدى.وأنا على قناعة تامة لو أن رسائلي وصلت إليهما لأولهما العناية, تنفيذا لتعليمات السيد الرئيس حفظه الله ورعاه, وتعليمات وزارتي الخارجية والمغتربين لسفاراتنا وسفرائنا الكرام.ولكن لا أدري إن كان إرسالي للرسائل وأنا مريض ومجهد,أو خطأ الكتروني أو تقاعس أو إهمال بشري بقصد أو بدون قصد, حالوا دون وصول رسائلي إلى
الجهات المرسلة إليهم بحيث حرموني من أي إجابات على رسائلي. وبدأت أشعر بغصات أشبه بغصات الموت عشرات المرات كل يوم بسبب تناقص الأوكسجين في رئتي عن المعدل الطبيعي. وكان أكثر ما يحزنني رؤيتي لعلامات الخوف على من حولي وخاصة الأطفال الصغار, حين يهرعون لحمل كيس الدواء أو علبة البخاخ مع المحارم الورقية لتقديمهم إلي علهم يفلحون في نجدتي وإسعافي. ووجدت أن لا حيلة أمامي سوى الاتصال بالشركة السورية العربية للتأمين التي أمنت على رحلتي بعقد وقعته معها برقم /1968/ وبوليصة:policy No:001018120 .واتصلت برقم الهاتف التي حددته الشركة على البطاقة المعطاة لي وهو / 0096265008119 /. ورد عليّ موظف بغاية اللباقة وحسن الأدب والتهذيب, وشرحت له وضعي الصحي وما أعانيه من حالة اختناق بطيء وأنني لست بحاجة لأية عمليات جراحية, سوى عملية إنعاش بالرذاذ والأوكسجين. ووعدني بالمساعدة واتصل بعد فترة وجيزة طالباً مني مراجعة مستشفى بادن بسويسرا. وراجعت المستشفى, فكان جوابهم بأنه لم يتصل بهم أحد بهذا الخصوص, ولم يردهم أي أشعار بهذا الشأن. وعدت إلى مكان أقامتي حزيناً وخائفاً من أن توافيني المنية خارج الوطن , وتتعذب زوجتي بأمور دفني غريباً خارج الوطن . وفي اليوم الثاني عاد موظف آخر وأتصل معي من جديد ليطمأن عن أحوالي, وليتأكد من دخولي المستشفى. فأخبرته بما حدث معي . وأعتذر عن هذا التصرف ووعدني بأنه سيتصل معي من جديد. وبعد أقل من ساعة اتصل معي من جديد. وأعتذر عما حدث, حيث أنهم أبلغوا الشركة السويسرية للتامين التي يتعاملون معها بضرورة الاتصال بالمستشفى لتأمين دخولي. إلا أن الشركة لم تفي بوعدها وان شركة التأمين السورية ألحت على الشركة بضرورة إدخالي المستشفى,وأوعزت إليها بتأمين دخولي المستشفى وبشكل سريع.وأنها اتصلت بهم وأعلمتهم بأنها اتصلت بالمستشفى, والمستشفى جاهز لاستقبالي بأي وقت. وصباح اليوم الثاني وكان يوم الخميس بتاريخ 29 تموز راجعت المستشفى المذكور.
ووجدت بأنهم استلموا أشعارا من شركة التأمين السويسرية, وأدخلوني الإسعاف وقدموا لي الإسعافات الضرورية لمدة تزيد عن ست ساعات. وخرجت من المستشفى إلى مطار زيوريخ ,لأغادر سويسرا عائداً للوطن وأنا بوضع يؤهلني للسفر. وأتوجه بالشكر للشركة السورية العربية للتأمين على هذه المعاملة الحسنة والشفافية. كما أتوجه بالشكر والتقدير للمواقع الالكترونية وخاصة السورية الذين كانوا يتصلون معي يومياً للاطمئنان عن صحتي ,ويعرضون تقديم المساعدة.وأشكر مسؤولة شركة الطيران التشيكية التي أمنت نقلي من مطاري زيورخ وبراغ إلى الطائرة بمقعد خاص.ورغم حالتي الصحية الصعبة,وعدم توفر كيبورد عربي. تمكنت رغم مرضي,وبفضل الله العظيم من نشر مقالين هما: كلمة حق.وحصار قطاع غزة عمل إرهابي وجريمة حرب.
ولن أنسى ما حييت, شهامة الإنسان العربي والسوري.مسافراً أو مغترباً أو مقيماً خارج الوطن, أو قيماً على عمل مسند إليه, وتفانيه في عمله ومساعدة أبناء أمته وأبناء وطنه الأصلي والمقيم فيه, في كل مجالٍ قادراً عليه.