حسن العنداري الكفيف الوحيد في سورية القادر على صيانة الآلات الكاتبة الخاصة بالمكفوفين
تجاوز إعاقته البصرية بالإرادة والتحدي ليعيش حياة سعيدة .. بهذه الكلمات بدأت وكالة الأنباء السورية – سانا – تصف ( حسن العنداري ) الكفيف الوحيد في سورية القادر على صيانة الآلات الكاتبة الخاصة بالمكفوفين ..
إن البصر لم يفقد " حسن العنداري " بصيرته وطموحه لإثبات وجوده في هذه الحياة التي تحدى مصاعبها بالإرادة والعزيمة فأصبح الكفيف الوحيد في سورية القادر على صيانة وتصليح الآلات الكاتبة الخاصة بتعليم فئة المكفوفين مبرهناً بذلك عن نجاحه وحضوره المتميز ..
وبدأت قصة حسن الموظف في معهد التربية الخاصة بتأهيل المكفوفين بدمشق مع هذه الآلات عندما كان في الصف السابع حيث تعطلت آلته الكاتبة فأحضرها لوالده الذي أصلحها فطلب منه كما يقول ان يعلمه على ذلك وعندما تعطلت للمرة الثانية أصلحها بنفسه فأصبح رفاقه يحضرون آلاتهم ليصلحها لهم ومن هنا انطلق حتى وصل اليوم إلى مرحلة يستطيع فيها صيانة ما بين 75 إلى 80 آلة لطلبة المعهد خلال العام الدراسي الواحد ..
ويرى حسن أن هذه المهنة صعبة على أي إنسان وتتطلب جهداً وتفكيراً وتعتمد على حاسة اللمس في عملية الإصلاح التي تستغرق احيانا 6 ساعات بشكل متواصل لافتاً إلى أن سعادته تكون كبيرة عندما يكشف عطلاً جديداً ويتمكن من إصلاحه على عكس حالات الأعطال الروتينية التي تمر معه ..
ولا تقتصر خدمات حسن الإنسانية ضمن معهد المكفوفين على صيانة وإصلاح الآلات الكاتبة بل يشغل مقطعاً الكترونياً مزوداً بلوحة الكترونية لتحويل الأوراق من القياس الكبير إلى الصغير ليستخدمها الطلبة و يملك المقدرة على صيانة بعض قطعه كتعديل سكين القطع وفكه الذي يعتبر من العمليات المعقدة إضافة لموهبته في صيانة أجهزة الكمبيوتر وتركيب أجهزة الاستقبال التلفزيوني الديجيتال.
ويدعو العنداري أهالي المكفوفين إلى إعطاء الثقة لأبنائهم للاعتماد على أنفسهم مشيراً في هذا الإطار لوالده الذي كان يضعه في إحدى الطرق الفرعية ويطلب منه المشي دون مساعدة أحد وهذا ما جعله اليوم قادراً على المشي في كافة أحياء دمشق وهو يطمح كما يقول ليكون ناجحاً في الحياة أكثر من ذلك خاصة ًمع متابعة دراسته للأدب العربي الذي يحبه كثيراً.
و لفت أحمد الكنج مدير معهد التربية الخاصة بتأهيل المكفوفين بدمشق إلى أن حسن كان من الطلاب المتميزين في المعهد وبعد إنهاء دراسته تم تعينه في قسم الطباعة ضمن المعهد الذي يتطلب جهداً كبيراً مبيناً أنه الكفيف الوحيد في سورية اليوم الذي يقوم بصيانة وإصلاح آلات النسخ برايل الخاصة بطلاب المعهد وغيرهم من المكفوفين خارجه إضافة لعمله بدافع شخصي على المقطع الالكتروني مبيناً أنه محبوب من قبل زملائه وطلاب المعهد وهو مثال يحتذى به في التفاني بالعمل والأخلاق الحميدة.
أما زوجته لينا العنداري فوضعت حداً للمخاوف والمراهنات على صعوبة الحياة معه التي أطلقها البعض قبل زواجهما فهي ترى بعد 5 سنوات من الزواج أن حسن يملك الكثير من المزايا التي قد لا تجدها بأي إنسان مبصر وتعيش معه بسعادة ولديهم ولد عمره ثلاث سنوات.
وتشير رولا أخت الشاب حسن إلى أن حركات أخوها ضمن البيت طبيعية فلا تشعر أنه كفيف ويحب مساعدة أخواته حيث ساهم بتعليمها قيادة السيارة نظريا من خلال فهمه لالية عمل المحرك وتبديل السرعات مضيفة انه عندما دخل مدرسة المكفوفين بكفرسوسة حفظ حروف برايل الخاصة في ثلاثة أيام الأمر الذي جعله أمام إصرار مدرسيه ينتقل للصف الثاني خلال أسبوع من ذلك .
و يجد أخوه رواد فيه القدوة الحسنة فهو يستشيره في جميع الأمور الحياتية مبيناً أنه يمتلك البصيرة ويحب الحوار ويحترم الكبار و يعتمد على نفسه في كل شيء حيث يذهب ويعود إلى العاصمة دمشق دون مساعدة أحد.