السوريون أقل ثرثرة…انخفاض الكلام على الموبايل من 4 دقائق و10 ثوانٍ إلى 3 و8 ثوانٍ يومياً
كان من الطبيعي لدخول خدمات الخليوي إلى سوق الاتصالات المحلية أن يلقي بظلاله على عادات المستخدمين، تساوقا مع ما تتمتع به هذه الخدمة من تمكين زماني ومكاني يفوقان بكثير ما تتمتع به الاتصالات الثابتة.
وشهدت السنوات الخمس الأخيرة حقل اختبار لعلاقة المستخدمين بقطاعي الاتصالات الثابتة والمتحركة وفق خطوط بيانية ما زالت مرونتها بادية منبئة بزيادة كبيرة ومطردة في إجراء الاتصالات، وسط ثبات بقيمة سلبية لدى احتساب الزيادة المقابلة في عدد المشتركين.
المكالمات المحلية
وتشير الإحصائيات خلال السنوات الخمس الأخيرة إلى زيادة مستمرة في عدد المكالمات المحلية الكلية «ضمن المحافظة الواحدة» التي أجراها السوريون، فبدءا بـ6 مليارات و205 ملايين مكالمة مدفوعة أجورها في عام 2004، ليرتفع المقدار بحدود قليلة إلى 6.80 مليارات في 2005، فـ7.106 مليارات خلال 2006، ليليها عام 2007 بواقع 8.76 مليارات دقيقة.
أما في عام 2008، فقد تراجع معدل ما أجراه السوريون من مكالمات محلية مدفوعة إلى 7.928 مليار دقيقة، قبل أن يعود الرقم إلى النمو في العام التالي 2009 ليشهد 8.550 مليارات دقيقة.
الاتصالات القطرية
في قطاع الاتصالات القطرية «بين المحافظات السورية»، وعلى اعتبار أن الاتصالات المقامة من الهاتف الثابت إلى الخليوي تندرج في الخانة ذاتها، فقد أجرى السوريون خلال عام 2004 ما مقداره 750 مليون دقيقة اتصال من ثابت إلى ثابت، في مقابل 841 مليون دقيقة من ثابت إلى خليوي، ليشهد العام الذي يليه «2005» زيادة ملحوظة في اتصالات «ثابت، ثابت» إلى حدود مليار و180 مليون دقيقة، في مقابل ثبات عدد الدقائق «ثابت خليوي» عند حدود 740 مليون.
في عام 2006، شهد عدد دقائق الاتصال القطرية من ثابت إلى ثابت استقرارا نسبيا ليصل عددها إلى مليار و156 مليوناً، بينما تراجع عدد دقائق الاتصال «ثابت إلى خليوي» بحدود 20 مليون دقيقة مستقرا عند 720 مليون دقيقة.
وفي العام التالي «2007» أكمل الخط البياني لدقائق الاتصال القطرية تراجعه النسبي ليصل عدد ما حققه السوريون «ثابت، ثابت» إلى مليار و82 مليون دقيقة في مقابل 715 مليون دقيقة اتصال من ثابت إلى خليوي.
أما في عام 2008، فقد وصل عدد دقائق الاتصال «ثابت، ثابت» إلى مليار و39 مليون دقيقة، بينما تراجع عدد دقائق الاتصال من ثابت لخليوي بشكل كبير ليصل إلى حدود 670 مليون دقيقة، قبل أن يعود للارتفاع مجدداً في العام الماضي «2009» ويصل إلى 692 مليون دقيقة، في مقابل مليار و148 مليون دقيقة أجراها السوريون من ثابت إلى ثابت.
الاتصالات الخليوية
شهدت السنوات الخمس الأخيرة قفزات كبيرة في دقائق الاتصالات الخليوية، لعل أبرزها جاء في عام 2007 الذي حقق فيه المستخدمون زيادة بحدود مليارين و300 مليون دقيقة عن العام الذي سبقه، وهو ما يعزى إلى التخفيض الذي شهده ذلك العام على خدمات الاتصالات الخليوية، ما أثر إيجابا في استخدام الخليوي خلال السنوات التالية.
ففي عام 2004 تحدث السوريون مليارين و558 مليون دقيقة اتصال من خليوي إلى خليوي، ليرتفع عددها إلى 4 مليارات و99 مليون دقيقة في عام 2005. وفي عام 2006، أجرى السوريون ما مقداره 6 مليارات و17 مليون دقيقة، ليرتفع العدد بشكل دراماتيكي إلى 8 مليارات و351 مليون دقيقة في 2007، وصولا إلى 10 مليارات و346 مليون دقيقة في 2008.
أما في عام 2009 فقد شهد نحو 11 ملياراً و76 مليون دقيقة اتصال من خليوي إلى خليوي. حركة الاتصالات الخليوية إلى الشبكة الثابتة تميزت بمنحني سلبي خلال السنوات الخمس الأخيرة قياسا بالزيادة الكبيرة في عدد المستخدمين، فمن 402 مليون دقيقة اتصال حققها السوريون في 2004، ارتفع الرقم إلى 414 مليوناً في العام التالي 2005، قبل أن تتراجع بشكل ملحوظ إلى 350 مليون دقيقة في عام 2006.
واستمر الانخفاض بعدد دقائق الاتصال من خليوي إلى ثابت ليسجل 338 مليوناً في 2007، و337 مليوناً في 2008، قبل أن يصل إلى 298 مليون دقيقة في 2009 بانخفاض ملحوظ عن العام السابق.
الاتصالات الدولية
اتسم قطاع الاتصالات الدولية الصادرة في سورية باختلال نمو واضح بين الشبكتين الثابتة والخليوية خلال السنوات الخمس الأخيرة، على حين شهدت تلك القترة تراجعا مطردا في أعداد دقائق الاتصال الدولية الصادرة من الهاتف الثابت، برز في المقابل نمو مطرد في أعداد الدقائق الصادرة من الشبكة الخليوية بنسبة أعظمية شهدها عام 2007.
فقد أجرى السوريون في عام 2004 ما مقداره 180 مليون دقيقة صدرت من الشبكة الثابتة الوطنية إلى مختلف أرجاء العالم، لتتراجع إلى «178 مليوناً- 167 مليوناً- 159 مليوناً» دقيقة في الأعوام «2005- 2006- 2007» على التوالي، ليشهد عام 2008 هبوطا ملحوظا في 2008 الذي بلغت دقائق اتصالاته الخارجية عبر الشبكة الثابتة 137 مليون دقيقة، قبل أن تنتعش بشكل مواز في 2009 بواقع 154 مليون دقيقة.
أما على صعيد الشبكة الخليوية، فقد حصدت دقائق الاتصال الدولية الصادرة خلال السنوات الأخيرة نموا متراكما، فمن 50 مليون دقيقة تحدثها السوريون إلى خارج الحدود في عام 2004، ارتفع العدد إلى 95 مليوناً في 2005، فـ141 مليوناً في 2006.
وشهد عام 2007 الذي تخلله تخفيض على أسعار الخدمة، ازديادا كبيراً في دقائق الاتصال الخليوي الصادرة فبلغ عددها 245 مليونا، ليرتفع في العام التالي إلى 291 مليونا، فـ296 مليونا في عام 2009.
حصة المشترك من دقائق الاتصال
تعد سورية واحدة من أكثر الدول تباينا في حصة المشتركين من دقائق الاتصال الثابتة والخليوية، على حين يصعب وضع اليد على نسب الاستخدام الدنيا في الخليوي مسبق الدفع، فإن المعطيات تشير إلى نسبة كبيرة من المستخدمين الذين لا يدفعون سوى رسم الاشتراك في الهاتف الثابت.
في قطاع الهاتف الثابت، فقد بلغ وسطي حصة المشترك الواحد من الاتصالات المحلية «ضمن المحافظة الواحدة» نحو 2334 دقيقة بواقع 6 دقائق وثلث في اليوم وذلك خلال عام 2004 ليبقى على هذه الوتيرة إلى عام 2009 الذي بلغت فيه حصة المشترك من هذه الدقائق نحو 2208 دقيقة بواقع 6 دقائق في اليوم الواحد.
أما نصيب المشترك من الاتصالات القطرية «بين المحافظات السورية»، وعلى اعتبار أن الاتصالات المجراة من الهاتف الثابت إلى الخليوي جزء منها، فقد بلغ نصيب المشترك الواحد خلال عام 2004 نحو 598 دقيقة بواقع دقيقة و40 ثانية في اليوم تقريبا، لتبدأ في التراجع بنسب متقاربة وصولا إلى العام الماضي 2009 الذي شهد تناقصا في الحصة وصولا إلى 475 بواقع دقيقة و20 ثانية تقريباً في اليوم لكل مشترك.
حصة المشترك من دقائق الاتصال الدولي عبر الهاتف الثابت تعد غاية في الغرابة، إذ إنها كانت في عام 2004 بحدود 68 دقيقة «بواقع دقيقة كل 5 أيام تقريبا»، لتتراجع في العام التالي «2005» إلى 61 دقيقة «بواقع دقيقة كل 6 أيام تقريبا»، ثم إلى 51 دقيقة «بواقع دقيقة كل 7 أيام تقريبا» في عام 2006، ليصل معدل حصته في عام 2007 إلى 46 دقيقة «بواقع دقيقة كل 8 أيام تقريبا». في عام 2008 استمر تدهور حصة المشترك من دقائق الاتصال الدولية عبر الثابت إلى ما دون 37 دقيقة «بواقع دقيقة كل 10 أيام تقريبا»، لتحافظ على مستواها مع تحسن طفيف في عام 2009، حيث بلغت نحو 39 دقيقة «بواقع دقيقة كل 10 أيام تقريبا».
في قطاع الاتصالات الخليوية، تشير البيانات إلى أن حصة المشترك من دقائق الاتصال الدولي عبر الهاتف الخليوي في عام 2004 بلغت نحو 21 دقيقة «بواقع دقيقة كل 19 يوماً تقريبا»، لترتفع في العام التالي إلى 32 دقيقة «بواقع دقيقة كل 12 يوماً تقريبا»، قبل أن تتراجع في عام 2006 إلى 30 دقيقة «بواقع دقيقة كل 13 يوماً تقريباً».
في عام 2007، وتبعا للتخفيضات التي شهدها ذلك العام فيما يبدو، فقد طرأ تحسن ملحوظ على معدل حصة مشترك الخليوي من دقائق الاتصال الدولي ليصل إلى 39 دقيقة «بواقع دقيقة كل 9 أيام تقريبا»، ليتقدم بشمل طفيف في عام 2008 «رغم الزيادة الكبيرة التي شهدها ذلك العام في عدد المستخدمين» ليصل إلى 41 دقيقة «دقيقة كل 9 أيام تقريبا»، قبل أن يتراجع بشكل كبير في العام الماضي 2009 الذي بلغت خلاله الحصة نحو 29 دقيقة «بواقع دقيقة كل 13 يوماً تقريبا».
أما حصة مشترك الخليوي من دقائق الاتصال المحلي، بما فيها الاتصالات المجراة من «خليوي إلى ثابت»، فقد بلغت في عام 2004 نحو 1259 دقيقة «3 دقائق ونصف كل يوم تقريبا»، لتشهد تحسنا ملموساً في العام التالي 2005 لتصل إلى 1530 دقيقة «بواقع 4 دقائق و10 ثوان كل يوم تقريبا»، قبل أن تتراجع في 2006 إلى 1361 دقيقة «3 دقيقة و40 ثانية كل يوم تقريبا».
في عام 2007، استعاد مؤشر حصة المشترك من دقائق الاتصال المحلي جزءا من حيويته فوصل إلى 1393 دقيقة «3 دقيقة و50 ثانية كل يوم تقريبا»، ليحافظ على صعوده في العام التالي إلى حدود 1514 دقيقة «4 دقيقة و10 ثوان كل يوم تقريبا»، قبل أن ينهار في 2009 الذي بلغت حصة المشترك فيه نحو 1139 دقيقة «3 دقيقة و8 ثوان كل يوم تقريبا».
المشترك يتحدث مع الخارج دقيقة واحدة كل عشرة أيام !!
لا تخلو حصة المشترك الواحد من دقائق الاتصال عبر الهاتفين الثابت والمحمول من دلالات قاسية، ففي ظل المعطيات القائمة يمكن طرح كم هائل من الملاحظات، ومنها:
– لتدني حصة الاشتراك الواحد من دقائق الاتصال مدلولات اقتصادية تتعلق بنمو الاستثمار عبر الحدود وحاجة الشركات للتواصل مع الخارج بما فيها على وجه الخصوص الشركات المحلية المتفرعة عن شركات إقليمية أو دولية، ولعل التراجع المطرد في الحصة من دقائق الاتصال الدولية مؤشر كارثي لذلك.
– لو قيض لمؤشر عدد دقائق الاتصال أن يتخذ ركيزة في قراءة النمو الاقتصادي، لكانت نسب النمو سالبة وفق معظم المؤشرات.
– تبعا للتخفيضات التي جرت فيه على خدمات الخليوي فيما يبدو من الوقائع، يمكن اعتبار العام 2007 إحدى الذرا الممتدة في حصة الفرد من دقائق الاتصال عبر شبكات الخليوي.
– يعتبر الهاتف أداة جماعية «منزل، شركة»، بينما الخليوي أداة شخصية.. وبذا يمكن احتساب وسطي دقائق الاتصال عبر الهاتف الثابت على قاعدة وسطي عدد أفراد الأسرة في سورية « 4 أشخاص مستخلصا من عدد السكان المقدر بحوالي 21 مليوناً وعدد الأسر المقدر بحوالي 5.6 ملايين أسرة»، على الشكل التالي:
حصة الفرد من الدقائق المحلية- هاتف ثابت «ضمن المحافظة»: يومياً في 2004= دقيقة و35 ثانية تقريباً، يومياً في 2005= دقيقة و38 ثانية تقريباً، يومياً في 2006= دقيقة ونصف، يومياً في 2007= دقيقة و38 ثانية تقريباً، يومياً في 2008= دقيقة و28 ثانية تقريباً، يومياً في 2009= دقيقة ونصف تقريباً.
حصة الفرد من الدقائق القطرية- هاتف ثابت «بين المحافظات وبما فيها الاتصالات من ثابت لخليوي»: في 2004= دقيقة و15 ثانية كل ثلاثة أيام، في 2005= دقيقة و17 ثانية كل ثلاثة أيام، في 2006= دقيقة و7 ثوان كل ثلاثة أيام، في 2007= دقيقة و4 ثوان كل ثلاثة أيام، في 2008= 58 ثانية كل ثلاثة أيام، دقيقة كل ثلاثة أيام.
حصة الفرد من الدقائق الدولية- هاتف ثابت: في 2004= دقيقة كل 20 يوما، في 2005= دقيقة كل 24 يوماً، في 2006= دقيقة كل 28 يوما، في 2007= دقيقة كل 32 يوماً، في 2008= دقيقة كل 40 يوماً، دقيقة كل 40 يوما.
– يشير تدني حصة المشترك من دقائق الاتصال في الخليوي إلى أن عدداً هائلاً من المستخدمين يحمل الموبايل كجهاز تنبيه «بيجر» لا أكثر، ما يفسح المجال أمام خطط تسويقية قد تكون ذات ريعية عالية.
– السوريون في الاغتراب يعدون بعشرات الملايين، وفي ظل التدني الهائل في حصة الفرد من دقائق الاتصال الدولية الصادرة عبر الشبكتين الثابتة والخليوية، مضافاً إليه محدودية عائدات التقاص من الاتصالات الدولية الواردة، يصعب تصور سيناريو التواصل بين المغتربين وأهليهم داخل الوطن.
– المواطن السوري في العموم يعشق الترفيه، ولا يبخل في الاستهلاك أنى تسن له ذلك، وضمن المعطيات القائمة التي تشير إلى تدن كبير في حصته من دقائق الاتصال.
– في العام الماضي 2009، شهدت حصة المشترك من الاتصالات الدولية تراجعا خطيرا يتطلب الوقوف على مستوياته عبر مقارنة العائدات المتأتية من التقاص الدولي للاتصالات الواردة، وذلك تمهيداً لوضع اليد على المشكلة التي قد تشكل خطراً على مستقبل الشركة السورية للاتصالات.
طرق بديلة من الهواتف… الحديث عبر الإنترنت
ليس من السهولة أن تصادف لدى أي من السوريين بعضاً من رضى حيال ما يدفعه لقاء دقائق الاتصال التي يجريها… فالجميع، وبلا استثناءات تقريباً، ما أن تستفز رأيه، حتى تكر السلسلة حول ما يراه «غلاء فاحشاً» للوائحنا التسعيرية قياساً بالدول العربية في كلا قطاعي الاتصالات الثابتة والخليوية، ولئن حاولت الاستفسار عن أسعار الاتصالات في الدول العربية المجاورة أو البعيدة، فلن تلقى -في الغالب- جواباً، إلا أن ذلك لا يفسد للتوقعات دقتها، قبل أن يقذفك المجيب بما يراه برهاناً قاطعاً: «مستوى الدخل».
وبغض النظر عن دقة استنتاج غلاء، أو عدالة لوائح التسعير، عبر قرنها بمستوى الدخل، دون الأخذ بالحسبان عوامل أخرى كالأكلاف الرأسمالية، إلا أن الإجماع العفوي على التململ، ساهم في إسباغ الرضى عن النفس حيال أي محاولة للتهرب من واقع التسعير، ما أفضى -على أرض الواقع- إلى بروز سوق مظللة قوامها اتصالات الإنترنت، بعضها شرعي «من حاسب لحاسب» وآخر غير شرعي «من حاسب إلى هاتف»، إلا أن كليهما، يمكن أن يتخذ حجة في التدني الكبير في حصة المشترك المحلي من دقائق الاتصال المختلفة.
فاروق، المواطن العراقي الذي هجرته الحرب من العراق، يواظب على شراء بطاقات الاتصال الدولي عبر الإنترنت من أحد المحال قرب سكناه في أحد التجمعات حول دمشق.
لا يشعر فاروق بالرضى عما يفعله، فهو يدرك تماما بأن اتصالاته غير شرعية، إلا أنه «ما باليد حيلة»، فأسعار الاتصالات «غالية» بطبيعة الحال، وما يفعله قد يكون الحل الوحيد المتاح لإتمام مصالحه في بلده.
ويعتبر العراق واحداً من الدول الناشطة في استيراد وتصدير اتصالات الإنترنت اللاشرعية من وإلى سورية، فالواقع التنظيمي وظروف الاحتلال أنعشت أعمال مهربي الاتصالات التي يقدمون خدماتهم لسوق تقدر بمليون وربع مليون عراقي يقيمون في سورية تقريباً.
ولئن كان لفاروق مسوغاته الذاتية في إجراء اتصالاته بشكل لا شرعي، فالسوريون أيضاً يرون في غلاء أسعار الاتصالات الدولية مسوغاً لا يقل «شرعية» عن مسوغاته، ما كرس على مر الأيام انتعاشاً كبيراً في اتصالات الإنترنت باستخدام العديد من البرامج، وعلى رأسها خدمة «سكايب»، وتلك الأخيرة تحولت في الآونة الأخيرة إلى أحد معالم قطاع الاتصالات المحلي.
يعلم مجد الذي يقضي أكثر 10 ساعات أسبوعيا متحدثاً إلى أصدقائه في المغترب عبر «سكايب»، أن ما يفعله شرعي تماماً بحسب لوائح الاتحاد الدولي للاتصالات.
ولا يتوقف إدارك مجد الذي يعمل في قطاع الاتصالات عند هذه الحدود، إذ إنه يعي تماماً بأن انتشار خدمة «سكايب» و«غوغل توك» وغيرهما بين السوريين، أثر سلباً وبشكل ملحوظ في واردات المؤسسة العامة للاتصالات وفق قناتين: الأولى عبر خسارتها واردات الاتصالات الصادرة بعد تحرر المتصل المحلي من كلفة الاتصال، أما الأثر الثاني وهو الأشد، فيتم عبر المساهمة في اختلال ميزان التقاص الدولي الذي كان يحقق للمؤسسة ريعاً كبيراً من العملات الأجنبية.
ويرى مجد أن المشكلة في اتصالات الإنترنت الصادرة والواردة من وإلى سورية تشكل تحدياً كبيراً أمام مستقبل الشركة السورية للاتصالات، مشيراً إلى أن شرعية الاتصالات من حاسب إلى حاسب لا تقلل من ذلك التحدي، فما يعتقده البعض مانعاً جغرافياً: عبر الاضطرار إلى الجلوس إلى الحاسب لإتمام الاتصال، وفنياً: يتعلق بجودة الاتصال، لا يخفف من حجم الخسارة، ذلك أن تواصل السوريين مع ذويهم في الاغتراب بات منتظماً في جداول زمنية متفق عليها، على حين جودة الاتصال ما فتئت تتحسن يوماً بعد آخر حتى أنها باتت تنافس الاتصال الشرعي.
ويساند التراجع المطرد في حصة المشترك المحلي من دقائق الاتصال الدولي، التفنيد الذي يعرضه مجد، إذ إن تلك الحصة التي قاربت 68 دقيقة في عام 2004 عبر الشبكة الثابتة «دقيقة كل 5 أيام تقريباً»، ما لبثت أن شهدت تراجعاً متواتراً لتصل في العام الماضي 2009 إلى 39 دقيقة «دقيقة كل 10 أيام تقريباً»
حتى الاتصالات القطرية
داليا، التي تدير صالوناً للتجميل في أحد الأحياء الراقية بدمشق، لا أقارب لديها في دول الاغتراب، إلا أن ذلك لا يمنعها من استخدام «سكايب» للاتصال بأهلها في أحد المحافظات السورية.
لدى داليا اشتراك إنترنت سريع غير مقيد، ووفق نظريتها، فإن التواصل المرئي مع أهلها يعتبر تجربة فريدة وجديرة بأن تعاش.
لا تعلم داليا عن الشرعي وغير الشرعي شيئاً، ولا حتى تهتم بذلك، لكن طريقة الاتصال التي تعلمتها من زميلات لها، حظيت برضاها وذويها التام.
تقضي داليا معظم يومها في صالونها، وهي على تواصل دائم مع الإنترنت، ومن يردها سيجدها دائماً هناك أمام كاميرا المحمول، حتى والدتها الكبيرة في السن نسبياً.
لكن استخدامات داليا لـ«سكايب» بدأت تشهد خلال الآونة الأخيرة استثماراً من نوع آخر، فزبوناتها المميزات بتن يحظين باستشاراتها المجانية حيال تسريحتهن ومظهرهن العام من بيوتهن قبل خروجهن إلى موعد طارئ أو زيارة مستعجلة.