مسلسل سوري جديد : ‘الخط الأحمر’ يفضح هشاشة المجتمع السوري

يوسف رزق يجتاز ‘الخط الأحمر’ للرقابة الاجتماعية ويثور على التابوهات بدراما تتناول طرق انتقال الايدز. يُعد يوسف رزق من أبرز المخرجين السوريين وأكثرهم إثارة للجدل من خلال أعماله التي تطرح دوما مواضيع ذات طابع إشكالي من
الناحية الاجتماعية والسياسية والجنسية، حتى أن البعض يتساءل حول كيفية مرور أعمال مثل: "قتل الربيع" و"حاجز الصمت" و"أسياد المال" من مقص الرقابة، على اعتبار أنها تطرح قضايا يُعتبر مجرد التطرق إليها من المُحرمات في المجتمع العربي.

ويقدم رزق في هذا العام عملا جديدا بعنوان "الخط الأحمر" لا يختلف جُرأة عن سابقِيه، بل إنه يعد امتدادا لبعض الخيوط الدرامية في مسلسل "حاجز الصمت" من خلال تسليطه الضوء على داء الإيدز ومصير المصابين به والأسباب التي أدت بهم للإصابة بالمرض.

ويشارك في المسلسل الذي كتبه هاني السعدي ويخرجه وينتجه يوسف رزق عددا كبير من النجوم السوريين أبرزهم: سليم صبري ونادين وسليم كلاس وأمية ملص ومحمد حداقي وصفاء رقماني وتيسير إدريس وإمارات رزق وعبد الفتاح مزين.

ويعود العمل بأحداثه إلى الجزء الأول "حاجز الصمت"، حيث نجد المصحّ التابع للمنظمة العالمية لمكافحة الإيدز وقد خلال من نزلائه الذين توفي معظمهم، فيما توافد عليه نزلاء جدد منهم الفتاة "زهرة" التشادية التي تلقت الفيروس جراء تعرضها لإحدى عمليات الختان المنتشرة في إفريقيا بكثرة، إضافة إلى الضابط المسؤول "كاظم" الذي قاده مجونه واغتصابه لعدد من الضحايا إلى الإصابة بفيروس الإيدز.

كما يتناول العمل قضية الخيانة الزوجية والعلاقات المتعددة من خلال "شادية" المتزوجة التي تقيم علاقة سرية مع "أشرف" الشاب اللعوب الذي يحاول الزواج بها للاستيلاء على ثروتها، إضافة إلى تطرقه لقضية تهريب المخدرات من خلال شبكة يديرها بطله "أبو الفوز" وعدد من رجاله، ومعاركهم مع رجال الأمن التي تأخذ طابعا بوليسيا.

غير أن الجديد في العمل هو طرحه لموضوع سياسي آني لم يتطرق له أي من الأعمال الدرامية السورية الحالية، وهو موضوع "السلاح النووي" الذي تتهم واشنطن سوريا بامتلاكه، حيث تحاول شبكة داخلية تتلقى الدعم من واشنطن توريط سوريا بتهمة تصنيع السلاح النووي عشية وصول لجنة من هيئة الطاقة الذرية، من خلال دس معلومات متعلقة بالموضوع في كومبيوتر مركز الأبحاث السوري المتاخم للموقع الذي قصفته إسرائيل العام الماضي.

وإذا عدنا إلى المحور الأساسي للعمل وهو داء الإيدز، فإن المخرج يستغرق في الحديث عن كيفية انتقال الفيروس مستعرضا عدة طرق، بدءا بالعلاقات غير المشروعة وانتهاء باستخدام الأدوات الملوثة، مما يضيف للعمل جانبا توعويا حول خطورة المرض وضرورة الحذر في التعامل مع الأشخاص المصابين به.

ويشير رزق إلى أنه تجاوز في عمله –كما أعماله السابقة- عددا من الخطوط الحمر أو التابوهات، ولكن "بشكل ذكي بحيث يمر من الرقابة"، مشيرا إلى وجود أعمال أخرى أقل جرأة من أعماله مثل "أحقاد مخفية" و"الحصرم الشامي" لكنها لم تنجح في تخطّي مقص الرقابة، والسبب برأيه أن "أسلوب تناولها للمواضيع السياسية والاجتماعية جاء بشكل فج."

ويضيف: "العمل تجاوز الخط الأحمر بجزئياته، لكنه مقبول رقابيا واجتماعيا، بمعنى أن هناك مسايرة للرقابة وهناك جرأة مقبولة بالتناول، حيث أن الموضوعات المطروحة التي تمس الناس تحوي جرأة عالية على حدود الخط الأحمر."

ويؤكد رزق ثقته بأن عمله سيكون من الأعمال المشاهدة في شهر رمضان المبارك، لكنه يقول إنه لا يستطيع الجزم بحجم هذه المشاهدة، لأن ذلك "يتماشى مع عدد المحطات التي ستعرضه وأوقات العرض، مشيرا إلى أن عمله السابق "أسياد المال" حصد نسبة مشاهدة عالية في العالم العربي، رغم أنه عُرض فقط على فضائية إنفنيتي، إضافة إلى الفضائية السورية التي عرضته في الساعة الثانية صباحا.

وحول النجاح الكبير الذي حققته أعماله من حيث الجوائز وحجم المشاهدة يقول: "يعود ذلك لعدة أسباب: الأول هو جرأة الموضوعات المطروحة والثاني هو كونها تحوي دائما طرحا جديدا على صعيد الشكل والمضمون، والثالث والأهم هو أني أهتم بأعمالي كثيرا من حيث الإخراج والمونتاج والموسيقى التصويرية، بمعنى أني أعمل كل شيء بيدي لأحافظ على إيقاع العمل ليصل للجمهور بشكل متوازن، لأن المسلسل إذا لم يكن منضبط إيقاعيا ينفر منه الناس."

ويضيف: "أحاول في جميع أعمالي طرح عدد كبير من الموضوعات، وقد تصل إلى 10 موضوعات أو أكثر في العمل الواحد، كما أني أستخدم عددا كبيرا من الخيوط الدرامية ودائما هناك تجديد في الحدث والشخصيات، وهذا يُقرّب الجمهور من العمل ويستمر في متابعته إلى النهاية، بمعنى أني كلما رأيت تباطؤ في إيقاع العمل أدخلت أحداثا جديدة، لأني وجدت من خلال دراستي الدقيقة لردود أفعال الجمهور أنه يصاب بالملل بعد مشاهدته لعدة حلقات، في حال كان العمل يحوي خطا دراميا واحدا فقط."

وحول سبب التزامه بالدراما الاجتماعية دون غيرها يقول رزق: "عموما أنا أقدم تشكيلة درامية متكاملة، بمعنى أن أعمالي هي اجتماعية وسياسية وبوليسية أيضا، كما أني أرفض إخراج أعمال ذات طابع فانتازي لأنها لا تمسّ الناس، وقد أثبتت هذه الأعمال فشلها على مستوى المشاهدة، وخير مثال على ذلك أعمال نجدت أنزور."

ويرفض رزق نظرية المؤامرة التي يروج لها البعض وتتلخص بامتناع الفضائيات العربية عن شراء الأعمال السورية تماشيا مع المواقف السياسية لبعض الدول العربية من سوريا، مشيرا إلى وجود فضائيات عربية عرضت خلال شهر رمضان الماضي عددا كبيرا من الأعمال السورية (بين 3 إلى 4 أعمال).

كما يستغرب لجوء البعض إلى القول إن نجاح الدراما السورية "مجرد طفرة" ستزول بدليل أنها باتت تقدم أعمال متدنية المستوى، متسائلا: "إذا كانت مجرد طفرة فلماذا هي مستمرة في نجاحاتها منذ أكثر من عقد؟ وإذا سلمنا بأنها تقدم أعمالا متدنية المستوى فلماذا حقق مسلسل باب الحارة أعلى نسبة مشاهدة في العالم العربي"؟

ويضيف: "في كل عام يتم إنتاج حوالي 40 مسلسلا في سوريا ويكون هناك وسطيا 8 مسلسلات جيدة، وهي نسبة ممتازة على مستوى العالم العربي، فعبر تاريخ الدراما المصرية، أي منذ قرن حتى الآن، لم يكن هناك أكثر من 10 إلى 15 مسلسلا ناجحا، وهم يريدون الآن إخلاء الدراما السورية من النجوم والمخرجين، لذلك أنا رفضت عددا كبيرا من العروض المصرية لأني لست مقتنعا بالعمل في الدراما المصرية، رغم أني عملت سابقا فيها قبل مجيئي لسوريا".