النكهة السورية: خطبة شيخ بترجمة اسقف
تتناول وسائل الاعلام الالكترونية، الكم الهائل والكثير عن سورية، وبعضها القليل، يتعلق بوجودي كمستشار مسيحي لمفتٍ مسلم، واكثر التعليقات كانت –والحمد لله- مديحاً لبلدي سورية ولرئيسي بشار الاسد ولسماحة المفتي العام احمد بدر الدين حسون،
وتناولت التعليقات – بغالبيتها- افتخار المواطن والمهاجر السوري ببلده من خلال كلماتهم التي لامست القلب ومنها: هذه هي سوريا – سوريا تعطي دروسا عملية في التسامح الديني للعالم – لا للطائفية: … مستشار مفتي الجمهورية العربية السورية… مسيحي – هذه سوريا…و هذا وطني الذي أحب – ارفع رأسك انت سوري- والكثير الكثير من التعليقات الايجابية التي اتشرف بأن اضعها بين ايدي رئيس بلادي.
يوم الجمعة حضرت الرئيسة السابقة للفلبين غلوريا ارويو الى جامع الروضة بحلب، واستمعت الى خطبة مفتي عام سورية، وكان بجانبها سيادة المطران ايسدور بطيخة، ولا شك أن المطران لم يأت لكي يتصور بجانب الرئيسة، لقد اتى خدمة لوطنه، واعطاء الصورة الصحيحة عن الحياة المشتركة التي يحياها المواطن، والتي طالما استغرب العالم عن هذه العلاقة بين اطياف وفئات المجتمع السوري.
عندما القى سماحة المفتي خطبته، كانت الرئيسة في السدة العلوية تستمع الى ترجمة تفصيلية عن الخطبة من قبل المطران، وكانت مندهشة .
هكذا اختصرت سورية كل محاضرات ومؤتمرات الاخاء والتعايش والحوار وغيرها من الكلمات التي نسمعها بلغات وامكنة شتى، انها صورة واحدة لا غير اختصرت كل ذلك، شيخ مهيب مسلم يلقي بخطبته، ومطران بلباسه الديني في نفس المسجد يترجمها لضيفة المفتي العام.
ايها العالم اقيموا ما شئتم من مؤتمرات وندوات ومحاضرات، خذوا ما شئتم من صور حول الاخاء الديني، واظهروا للعالم الشيخ والاسقف متعانقان، زوروا بعضكم في اعياد المسلمين والمسيحيين، اخطبوا ما شئتم حول محبة الآخر، ادرسوا في مؤسساتكم ما شئتم حول اسباب ظواهر العنف والارهاب، كل هذه المعطيات لن تفيدكم ولن تنجحوا في الحياة اذا لم ترتادوا المدرسة السورية، لن تفهموا كيف ان للطفل محمد اماً اسمها جورجيت، ولا للطفل طوني أماً اسمها خديجة.
حتى الآن وأنا اسمع مندهشاً عن ادبيات لم تدخل في بالنا مطلقاً، هل يجوز للمسلم القاء السلام على المسيحي؟ وهل يا سيدي الشيخ استطيع ان آكل منهم؟ وغيرها الكثير من الطرفين. فكيف تريدون بالله عليكم ان نصدق انكم تريدون العيش المشترك، كيف تريدون ان نصدق انكم تسعون لتكون المواطنة اهم من الانتماء.
اذا كان يجب ان يكون المدير العام للمؤسسة الفلانية ينتمي الى الطائفة العلانية، فكيف تريدون ان تبنوا وطناً؟
في مدينتي حلب، المدينة التي افخر انني منها، والتي تفخر بابنائها العلماء المسلمين ورجال الدين المسيحي، وفي دولتي التي ارفع رأسي بها، والتي اتهمتموها بكل الموبقات من الارهاب الى حقوق الانسان، كان في حيٍ صغير قديم اسمه "الجُديدة" وهو حي قديم غالبية سكانه من المسيحيين، وفيه جامع "شرف"، تهدمت المئذنة في احد الايام القديمة، فما كان من كبير عائلة زمريا – وهو مسيحي – الا ان اعاد البناء على نفقته، وفي مدينتي حلب يوجد مشفى يتبع لرهبنة "مار يوسف الظهور" اتت الى سورية منذ مائة وخمسين سنة، وهو مستشفى القديس لويس، وقد تم بناؤه في منطقة غالبيتها مسلمة، وفي صباح عيد الاضحى الماضي، وكنت في المشفى، استأذنتني الراهبة الرئيسة العامة لتذهب الى المرضى وتلقي عليهم تحية العيد.
اليوم اسمع في العالم عن صدامات من اجل ترميم كنيسة، وصدامات من اجل خلاف بين جارين، وصدامات وصدامات ….
هل من المعقول، ببساطة مواطنينا التي يحيوا الكاهن والشيخ سواء، وصدق بواطنهم التي يحملونها الى جيرانهم، هل من المعقول أن العالم يهاجم اولئك الناس الطيبين بدلاً أن يتعلموا منهم ابجدية المحبة.
مطران يترجم لشيخ في الجامع، ومسيحي يبني…مئذنة جامع، ومسلمة تُرضع….طفلاً مسيحياً، وشيخ عالم كالمفتي يضع مستشاراً له شخصاً مسيحياً، ورئيس يبارك.
هذه البلاد لن تُصدِر العنف بل الاخلاق والمحبة،
تعلمت من سورية كيف اكون شامخاً بتواضع.
ومن رئيسي كيف لا انحني الا لله.
ومن شيخي المفتي العام كيف أعمل بصمت وانا اتحمل كلام الجميع.
اللهم اشهد اني بلغت
نعم انت في سوريا نعم مهد الحضارات ارض مباركة احتضنت واحتوت على ارضها منذ الأزل كافة القوميات والطوائف على ارضها المعطاء الخيرة بالكرم وتاجها السماء لايمكن ان تجد بلدا احتوى من القوميات والطوائف والمذاهب بقدر ماأحتوته سورية كل من عاش على الأرض السورية هم أخوة أًمًهم الأرض ووالدهم الصفاء جميعنا أخوة وابناء هذه الأرض عندما أقابل مسيحياً أحييه وأحترمه لأنه شريكي المخلص في بناء هذا الوطن لنذداد توافقاً وحباً لبعضنا ولامكان للمقسدين بيننا تحية للمهندس باسل قس نصر الله