حوار مفتوح .. ضمن محاور البنية التحتية والدراما والاعلام
أقامت الجمعية السورية للمعوقين جسدياً بالتعاون مع موقع يارا صبري بمناسبة اليوم العالمي والعقد العربي للمعوق حواراً مفتوحاً ظهر اليوم بعنوان معاً على الطريق حول قضايا الإعاقة وكل من الدراما والإعلام والبنية التحتية وذلك في مقر الجمعية ..
وبحضور عدد من الجمعيات المعنية والاعلام والمهتمين، كما حضر اللقاء الامين العام للمجلس المركزي للمعوقين الاستاذ حازم ابراهيم وترافق الحوار مع إطلاق كتاب معاً على الطريق "قصص ناجحة" بأقلامهم وتكريم للمبدعين وافتتاح معرض رسومات للأطفال المعوقين.
حيث قدم الدكتور آذار عبد اللطيف مداخلته التي تحدثت عن البنية التحتية وواقع الاعاقة في سوريا و أشار فيها إلى ضرورة الاهتمام بالبنية التحتية لتحقيق مفهوم دمج هذه الشريحة الاجتماعية بشكل علمي ومنطقي ومدروس لافتاً إلى ضرورة النظر إلى حالات الإعاقة نظرة علمية مدروسة وعدم الاكتفاء بالنظرة الإنسانية لتحقيق الطموحات المرجوة في هذا المجال.
وتحدث عبد اللطيف عن أسباب الإعاقة التي تنحصر في ثلاث نقاط أساسية منها ما يحدث أثناء فترة الحمل أو أثناء فترة الولادة والعوامل المكتسبة التي أنتجت بمجموعها أنواع الإعاقات المختلفة من حسية وعقلية و حركية والإعاقة التي تشمل المضطربين انفعالياً واضطرابات النطق والكلام .
وتطرق عبد اللطيف إلى مشكلات البنية التحتية لافتاً إلى دور الأسرة في حياة المعوق كونها الحضن الدافئ الذي يؤمن له الحب والحنان والأمن النفسي والعاطفي والداعم الحقيقي في تأمين متطلباته العامة والخاصة .
كما لفت إلى دور الحي الذي ينشأ فيه الفرد المعوق في تكوين شخصيته لأنه المكان الذي ترعرعت به خبراته الاجتماعية التي ستشكل كيان شخصيته النفسية والاجتماعية إضافة إلى دور المركز أو الجمعية أو المدرسة التي تعد البيت الثاني الذي يحتضن الفرد ويقدم له خدمات تعليمية وتدريبية وتأهيلية والتي يتوقف نجاحها على درجة الإعاقة ونوعيتها وشدتها والخدمات التي تقدمها فعليا ومدى التزامها بمعايير الكود الهندسي والسوية التدريبية للإدارة وتمتع الكادر البشري بالكفاءات المطلوبة.
كما تطرق إلى ضرورة تأهيل الأرصفة والمصاعد والطرقات والأماكن الخاصة بالمعوقين وتيسير عمل المعوق إضافة إلى مطالبة المجتمع بالتكيف مع المعوق .
اما الفنانة يارا صبر ي فتحدثت ضمن محور الدراما حيث قدمت عرض تقديمي طرح المحاور التالية ..
كيف تطرح الدراما الاشخاص ذوي الاعاقة ؟
تعتبر الدراما من اهم وسائل ايصال الرسائل وذلك للرواج الذي تتسم به ، ولتأثيرها غير المباشر على المشاهد ومن هنا تتشكل خطورة ومسؤولية ما تقدمه كرسائل وأفكار للمشاهد .. للدراما السورية مسؤولية مضاعفة وذلك لرواجها ليس فقط في سوريا وإنما في العالم العربي و للتطور الذي شهدته على مستوى الطرح والصورة ولما تتمتع به اللهجة السورية من مرونة وجمالية ادت لانتشارها
ما هي الاشكال التي يتم بها تقديم الاعاقة في الدراما السورية ؟
اولا – هناك الشكل غير المباشر والذي تكون الشخصية المطروحة لديها اعاقة ما ولكن اعاقتها ليست ضمن الموضوعات الرئيسية في العمل وقد تكون هذه الشخصية ايجابية او سلبية مثل كل الشخصيات الاخرى في العمل و لهذا الاسلوب ايجابيات ومحاذير ايضاً ..
1- من اهم الايجابيات ان هذه الطريقة تنسجم ومبدأ الدمج أي ان الشخصية تطرح من خلال عمقها الانساني وليس من واقع اعاقتها ( شخصية اسعد الوراق في نفس المسلسل )
2- ولكن هذا ايضا قد يعني ان طرح الشخصية بشكل سلبي (شخصية شريرة سيئة او تعاني من عقد ومشاكل ) قد يسيء للصورة التي قد يحملها عقل المشاهد بعد مشاهدة العمل
ثانيا – الطرح المباشر ، بحيث تكون اعاقة الشخصية هي جوهر الطرح وهذا قد يحمل شكلين
أ- اما دمج الشخصية ضمن حكاية العمل فتكون معاناتها منسجمة مع السياق الدرامي للأحداث وتطور الشخصيات لتصبح اعاقتها جزء هام من قصة الشخصية دون اغفال كل العناصر الباقية في هذا البناء فتظهر علاقاتها مع الاسرة والمحيط والمجتمع وتطورها واندماجها.. ومشاكلها.. ضمن حكاية متكاملة تشكل تلك الشخصية احد خطوطها فقط.. ( شخصية فراس في قيود الروح )
ب- تسليط الضوء على الشخصية ذات الاعاقة بحيث تكون اعاقتها هي المحور وأساس الطرح في العمل ككل و بحيث تكون الشخصية المركزية في العمل ( مثل شخصية علاء في مسلسل وراء الشمس وبدر في نفس العمل)
2- ولكن هذا ايضا قد يعني ان طرح الشخصية بشكل سلبي (شخصية شريرة سيئة او تعاني من عقد ومشاكل ) قد يسيء للصورة التي قد يحملها عقل المشاهد بعد مشاهدة العمل
والآن ما هو المطلوب ؟
السؤال المطروح الان على طاولة النقاش: ما الذي يريده فعلا الاشخاص ذوو الاعاقة والجمعيات المهتمة من الدراما وما هو الشكل الذي يفضلون ان تطرح به الاعاقة ضمن الدراما من خلال ما ورد اعلاه ؟
وكانت اهم النقاط التي اثيرت من الحضور كالتالي :
1- عرض معاناته النفسية والمجتمعية والبنية التحتية \ فرص العمل (تحدي الصعاب – التكيف- الامكانات و القدرات)
2- مشاركة المعوقين أنفسهم في عملية صنع الدراما
3- تخصيص مقاعد في المعهد العالي للفنون المسرحية للمعوقين بنسبة مدروسة
4- توعية الاهل
5- اعمل على البنة الفوقية (الافكار) بالاضافة للبنة التحتية
6-أخذ الشخصية من عمقها الانساني وليس من واقع اعاقتها بحيث تكون غنية درامياً
وبدورها قدمت ريما فليحان عرض تقديمي تضمن رؤيتها لواقع الاعلام في طرح قضايا الاعاقة وكانت كالتالي :
يعتبر الاعلام من اهم وسائل التوعية في المجتمعات ومن هنا تكمن اهمية الموضوعات التي يطرحها وكيفية طرحه له بالإضافة الى الشكل الذي تخرج به الى المتلقي باختلاف انواعه سواء كان مسموعا او مقروءا او مرئياً ..
تشكل موضوعات الاشخاص ذوي الاعاقة حيزا هاما من اهتمام الاعلام الرسمي والخاص مؤخرا.. وهذا قد يكون عائدا الى الاهتمام الحكومي بأعلى المستويات بتلك القضايا ولكن السؤال كيف يتم تناول تلك القضايا ؟ وهذا هو الاهم ..!
الاعلام المكتوب بما فيه الاعلام الالكتروني :
تتفاوت وسائل الاعلام المكتوبة في مستوى طرح قضايا الاعاقة بين التغطية الاخبارية للمؤتمرات والنشاطات وعرض قصص النجاح في احيان اخرى وبين السمة التخصصية لبعض المجلات والمواقع المهتمة بحيث قد نجد بعد المواد الدراسية والعلمية والمعرفية والاجتماعية
هناك مشكلة كبيرة في المصطلحات المستخدمة فتارة نقرأ معوق وتارة الاشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة وأخيرا و ربما ليس اخرا اشخاص ذوي اعاقة , تشكل المناسباتية ان صح التعبير الاساس الذي تتحرك من خلاله وسائل الاعلام بشكل عام ..
ارى ان وسائل الاعلام لا تجيد للأسف الطرح العميق لقضايا الاشخاص ذوي الاعاقة وتكتفي بالسطحية والخبرية بشكل عام مع وجود بعض الاستثناءات حتما هناك مشكل اساسية تكمن في الاساءة غير المقصودة وذلك عندما تكون المادة المطروحة لا تتكلم عن الاعاقة بشكل اساسي ولكنها تحمل عبارات ومعاني مسيئة دون ان يقصد المحرر ذلك.. ( بعض الامثال الشعبية – او العبارات المسيئة كنقد لشخص ما ) او البعد عن المنهجية وغياب المفاهيم العلمية مرات اخرى ..
الاعلام المرئي :
يتفاوت مستوى الطرح للإعلام المرئي بين برامج تخصصية او حلقات خاصة في برامج تطرح قضايا اجتماعية او نشاط جمعيات او لقاءات ولكن في معظم الحالات يكون الطرح كالتالي :
1 – تستضيف الحلقات الحوارية الاشخاص المعوقين بصفتهم تلك او ليتكلموا عن تجاربهم في الحياة او قصص نجاح ومن النادر ان يستضيف احدهم كخبرات عامة من خلال واقع ثقافتهم وإنسانيتهم وليس اعاقتهم وهذا يعني اننا لا نطبق مفهوم الدمج بهذه الطريقة مع ان قصص النجاح قد تشكل املا للآخرين على ان لا تصبح سمة عامة ودائمة للطرح ..
2-اخبار و تغطيات لنشاطات ومؤتمرات الجمعيات الاهلية ضمن نشرات الاخبار او الشريط الاخباري او وحتى التغطية فإنها تكون قصيرة وسطحية مع بعض الاستثناءات للنشاطات التي تحظى برعاية عالية المستوى ..
3-لا تتمكن وسائل الاعلام المرئية من ايصال الرسالة بالشكل الصحيح وذلك لغياب مفهوم التسويق الاجتماعي ونقص الخبرة الاعلامية لدى البعض بالإضافة لقصر عمر التجربة اصلاً ..
تعتبر الومضات الدرامية قليلة في هذا المجال مع ان هناك في الوقت القريب توجه نحو هذا المجال ومبادرات لدائرة الاعلام التنموي وصندوق السكان وهذا امر ايجابي .. غياب المفاهيم التنموية التي تعنى بقضايا المعوقين في دراما الاطفال الفقيرة اصلا والمستوردة غالبا و نفس الموضوع بالنسبة لأفلام الكرتون
الاعلام المسموع :
تهتم بعض الاذاعات الخاصة بالقضايا الاجتماعية ومنها قضايا الاشخاص ذوي الاعاقة وتبث عبر الاثير فقرات او اسكيتشات- او اخبار و تغطيات لنشاطات ومؤتمرات ( اذاعة أرابيسك من خلال فقرة البيئة و الاسكيتشات كنموذج ) ومع هذا لكن الطرح يبقى فقط لجانب الاعاقة دون الولوج للعمق الانساني للأشخاص ذوي الاعاقة ودون دخول البعد الثقافي والاجتماعي وهذا لا يراعي اسلوب الدمج وقد يكون هذا عائدا لصعوبة ايصال تلك الصورة في الاعلام كونه مسموع .
يهتم الاعلام المسموع الرسمي بتغطية الاخبار والفعاليات عبر بعض البرامج التخصصية او نشرات الاخبار ومع هذا فنحن نعاني من الابتعاد عن العمق في الطرح والمباشرة وأحادية الطرح فيما يتعلق بالإعاقة كإعاقة فقط .
ما هو المطلوب الان ؟
من خلال ما تقدم نعتقد ان القاسم المشترك يكمن في ضعف الخبرة مع وجود النوايا الطيبة للجميع في ظل غياب لاستراتيجيات طويلة الامد بحيث تكون مخططة جيدا على مدى سنوات طويلة ضمن شرط التقييم وفقا لمعايير صحيحة ومؤشرات، وهذا ما نرجوه من الخطة السنوية المطروحة الان..
وقد يعود السبب في ضعف الصورة الى غياب صوت الجمعيات الاعلامي وبحيث لا تصل رغبة الاشخاص ذوي الاعاقة انفسهم في التعبير عما يريدونه فعلا من الاعلام وما هي الطريقة التي يريدون بها طرح قضاياهم والتي قد تنسجم او لا تنسجم مع الثقافة الاجتماعية السائدة .
وشهد محور الاعلام النقاش التالي والذي اثاره الحضور من اعلاميين وجمعيات و المهتمين :
1- التوجه والتركيز على شريحة الاطفال لتقرير المفاهيم الايجابية
2- التأكيد على دمج المعوقين بمراكز الاعلامية
3- وجود مسؤول اعلامي بالجمعيات للتنسيق مع باقي وسائل الاعلام
4- يمكن الدمج بوسائل الاعلام وحتى المسموعة بحيثيكون المعوق خبيرا او مقدما
5- شفافية الطرح وعمقه في وسائل الاعلام
6- التشبيك بين الجمعيات ووسائل الاعلام
7- وجود مبدأ الدمج في الاعلام لا يفي الغاء المواد التخصصية ولكن يجب ان يكون هو السائد
8- عدم الاختلاف على التسميات وحل المشاكل من الجذور والعمل على تأهيل المجتمع ليقبل بالمعوق وليس العكس لانه الحاصل
9- الترويج للتأمين الصحي للمعوقين
وتبع الندوة تكريم قامت به الجمعية حبث تم تسليم درع العطاء لعدد من الامهات والاشخاص الذين قدموا حسب رأي الجمعية مبادرات ايجابية اتجاه قضية الاعاقة كان منهم السيدات والسادة : الدكتورة: بثينة شعبان -الفنانة يارا صبري- ريما فليحان – وصال شحود – مها هنيدي -رولانا هاشم – رغداء قطيش – أم مراد الحسيني – فوزية شجاع – أم خالد عليوات -والدة: إيمان ليلى -أسرة جمعية البستان الخيرية المحترمين-منظمة الهلال الأحمر فرع دمشق–أسرة معهد التأهيل المهني للمعوقين "برزة"
كما تم تسليم شهادات تقدير لكل من خط قصته في كتاب معا على الطريق قصص ناجحة باقلامهم
تبع التكريم افتتاح معرض لرسومات واشغال يدوية لاطفال اللقاء الاسري
اخيرا .. قد لا تشكل تلك الندوات واللقاء التغيير الايجابي المنشود على المستوى المنظور في مجال تطوير وتحسين واقع الاشخاص ذوي الاعاقة من كل المجالات ولكنها حتما ستؤدي ضمن نظرية الاثر التراكمي الى تغيير بعيد الامد قد لا نراه ويحصد ثماره اطفالنا