التلفزيون السوري انقلب على الصورة النمطية لأدائه
كان التلفزيون السوري هو الوحيد الذي بثَّ كافة تفاصيل خبر التفجير الإرهابي، صبيحة أمس الأول، السبت في دمشق، وأودى بحياة ١٧ شهيداً من المدنيين و١٤ جريحاً. كتلفزيون رسمي للدولة التي حدث فيها التفجير ـ حيث تتولَّى
سلطاتها التحقيق ـ ربما يعدُّ تولِّيه إدارة غرفة العمليات الإخبارية أمراً اعتيادياً، ولكن أن يسارع التلفزيون السوري لبثِّ خبر التفجير وخسائره، وقد عُرف عنه تأخّره النسبي في بثِّ أخبار مشابهة، فذلك مؤشِّر إيجابي على الأداء الإعلامي السوري، لا بدَّ من التوقف عنده للبحث في دلالاته.
بداية تحمل هذه الخطوة تحدِّياً للصورة النمطية التي كرَّسها الأداء الإعلامي المرئي المتحفِّظ، فلم يكن المشاهد السوري مضطرَّاً لأن يلاحق التلفزيونات العربية الأخرى للحصول على مزيد من أنباء عن موضوع يخصُّه، ما دام تلفزيونه الرسمي هو المصدر الموثوق لأنباء هذه التلفزيونات؛ ولعل في التعاطي الإعلامي السريع مع الخبر ما أضفى ثقة في دقة المعلومات في ما يخصُّ توصيف وقائع الحادث الإرهابي كما جرى على الأرض، بعيداً عن مجريات التحقيق، التي وعدت السلطات المختصة أيضاً بكشفها في وقتها.
بداية بثَّ التلفزيون السوري أخباراً عاجلة عن التفجير وموقعه وخسائره، وهي الأخبار التي اتَّكأت عليها وكالات الأنباء والفضائيات الإخبارية في معظم ما أوردته مِن أنباء عاجلة عن الانفجار.
في نشرة أخبار التلفزيون السوري الصباحية، انتقلت مندوبة الأخبار إلى موقع التفجير، لتنقل صورة ما جرى، عقبها مباشرة اتصال هاتفي للتلفزيون مع وزير الداخلية السوري للوقوف على حقيقة ما جرى، كما قام التلفزيون السوري ببثِّ صور عن التفجير والتقى عدداً من شهود العيان والمصابين فيه..
الصورة الإخبارية كما قدَّمها التلفزيون السوري، عادت لتشكِّل المادة الأساسية لوكالات الأنباء في بثِّ أخبارها، وأكثر من ذلك، شكَّلت سرعة التلفزيون السوري في نقل الخبر.. خبرٌ بحدِّ ذاته أثارته بعض وسائل الإعلام كما فعلت »بي بي سي« حين أشارت إلى النقطة هذه .
ربما يرى البعض أنَّ ربط سرعة التلفزيون السوري في نقل خبر التفجير الإرهابي بالحديث عن تطور إيجابي ما في أداء الإعلام السوري، مبالغٌ فيه، معتبراً أنَّ الشفافية في التعامل السريع مع الخبر تعود إلى طبيعة المجتمع السوري الذي لطالما رفض جرائم الإرهاب في بلاده التي عرف عنها الاستقرار الأمني، الأمر الذي وضعه دائماً في خندق واحد مع سلطاته في مواجهة الإرهاب.
في كل الأحوال، أشاعت سرعة الأداء الإعلامي السوري في التناول الإعلامي للتفجير الإرهابي، جواً أبعد الكثيرين عن البلبلة، ولعلها أيضاً كانت تمريناً للقائمين على التلفزيون، وإن بدا قاسياً، على أنَّ الخبر عندما يصدر عن مصدره الأول وبسرعة، يغلق باب التأويلات الخاطئة لبعض وسائل الاعلام الاخرى.. وبسرعة.