مصر: 4 قتلى وعشرات الجرحى وتجدد الاشتباكات لليوم الثاني!
استخدمت أجهزة الأمن المصرية صباح الاربعاء 26 كانون الثاني خراطيم المياه والهراوات، في تطور دراماتيكي للأحداث هناك، لتفريق المتظاهرين الذين يقدر عددهم بالآلاف في ميدان التحرير وشبرا وإمبابة ودار السلام.
وقد انتقلت حمى التظاهرات إلى المحافظات، حيث اندلعت أحداث عنف خطيرة بين الشرطة والمتظاهرين في عدة مدن منها الدقهلية ودمياط والإسكندرية وكفر الشيخ.
في غضون ذلك وردت أنباء عن قيام قوات الأمن بإغلاق محطتي مترو أنفاق التحرير ومسرة في القاهرة وذلك بعد بدء التظاهرات الحاشدة منذ الصباح الباكر فيما يعرف ب"يوم الغضب" الذي يتزامن مع الاحتفال بعيد الشرطة.
وافادت انباء عن وقوع اشتباكات عنيفة بين المتظاهرين ورجال الامن الذين يبذلون جهدا لتطويق التظاهرة، بعد ان حاول آلاف المتظاهرين الخروج من الشارع الرئيسي حيث توجد نقابة المحامين ، وهو ما أدى الى وقوع اصابات في صفوف المواطنين ورجال الأمن ببنتيجة الاشتباكات.
وكانت د أكدت مصادر طبية وأمنية الثلاثاء إن أربعة أشخاص قتلوا بينهم مجند شرطة وأصيب العشرات في اشتباكات بين الشرطة وألوف المشاركين باحتجاجات غير مسبوقة في "يوم الغضب" الذي دعت إليه المعارضة المصرية والذي وافق عيد الشرطة، تخللها شعارات حادة ضد الرئيس حسني مبارك ونجله وطالبته بالرحيل.
وأعلن مصدر أمني مقتل المجند أحمد عزيز من قوات الأمن المركزي متأثرا بإصابة في الرأس نتيجة قذفه بالحجارة بالإضافة إلى إصابة 36 من أفراد الشرطة بإصابات مختلفة وذلك خلال الاشتباكات مع المحتجين بالمنطقة المتاخمة لميدان التحرير وشارع قصر العيني وسط العاصمة.
في حين قالت مصادر أمنية وطبية أن قتيلين سقطا بطلقات مطاطية مساء الثلاثاء في مدينة السويس في شرق البلاد وتوفي آخر متأثرا بجراحه في الساعات الأولى من صباح الأربعاء. وأضافت أن اكثر من 100 شخص أصيبوا في المظاهرات التي دعا إليها نشطاء عبر الانترنت وشملت أنحاء البلاد.
يطالب المتظاهرون بإنهاء حالة الطوارئ بشكل فوري في البلاد، وإلغاء مجالس الشعب والشورى والمحليات، وإلغاء نتائج انتخابات مجلس الشعب الأخيرة، وحل المجلس، وإجراء انتخابات فورية نزيهة، بجانب تنفيذ أحكام القضاء في ما يخص الحد الأدنى للأجور بـ1200 جنيه شهريا، وطرد الحرس خارج أسوار الجامعة، ووقف تصدير الغاز المصري إلى الكيان الصهيوني، وتعديل المواد الدستورية 67 و77 و88.
مستلهمة احتجاجات تونس التي أطاحت بالرئيس زين العابدين بن علي، اندلعت الاحتجاجات في عدد من المدن المصرية منذ الصباح الباكر على شكل مجموعات شبابية صغيرة تخرج من بين الأحياء ويتم التنسيق بينها من خلال "غرفة عمليات" عبر الهواتف النقالة وتلتقي في مراكز المدينة الرئيسية وتجوب الشوارع وتتنقل من منطقة لأخرى بطريقة سريعة ومنظمة، الأمر الذي حير الأمن المصري.
وشهد حي المهندسين بالعاصمة أكبر هذه المظاهرات التي قدر عدد المشاركين فيها بعشرات الآلاف بعد انضمام ذوي الناشطين المتظاهرين والأهالي, بينما اندلعت مظاهرات احتجاج أخرى في ميدان عبد المنعم رياض ومصطفي محمود بشارع جامعة الدول العربية، وأمام دار القضاء العالي، ودار الحكمة بشارع القصر العيني، فضلاً عن مظاهرات في مدن طنطا والإسكندرية ودمياط والمنصورة والسويس والمنيا وأسيوط.
وتجمع الآلاف من المتظاهرين والنشطاء السياسيين وقيادات من المعارضة، أمام دار القضاء العالي حاملين لافتات مكتوبا عليها شعارات "مصر دولة عظيمة بشعبها، الشهادة أو الكرامة، الاستشهاد حتى تحرير الشعب، لا ذل ولا إهانة للمصريين"، واخترقوا السياج الأمني مرددين شعار "إحنا الشعب"، وعجزت أجهزة الأمن عن السيطرة على المتظاهرين.
وانطلق عدد من نواب البرلمان السابقين، منهم رامي لكح وحازم فاروق محمد شردي وأيمن نور، رافعين لافتات "الحرية والرغيف مطلب كل وطني شريف، عاشت وحدة كل الشعب"، موجهين نداء للشرطة بأن يحموا المواطنين وأن يوجهوا غضبهم للعدو، وتم غلق نقابة المحامين بالأمن ومنع أي أحد من الدخول أو الخروج، وحدث عدد من الاشتباكات عندما حاول المحامون الخروج إلى الشارع.
احد المصابين فى مظاهرات يوم الغضب
وذكر شهود عيان أن الاحتجاجات في مدينة المحلة الكبرى ، شمال غرب القاهرة، والسويس، شمال غرب القاهرة، كانت الأعنف حيث شهدت اشتباكات بين المتظاهرون وقوات الأمن استمرت حتى ساعة متأخرة من منتصف الليل، وذكر شهود عيان أن السلطات قطعت التيار الكهربائي وشبكات الاتصال عن بعض أجزاء من المدينتين. وكانت المحلة شهدت عام 2008 احتجاجات واسعة بسبب نقص الخبز المدعوم وارتفاع الأسعار.
وفي شمال سيناء قال شهود ومصدر امني ان عشرات المحتجين اضرموا النار في اطارات وأغلقوا طريقا ساحليا الى رفح على الحدود مع قطاع غزة ودعوا لاطلاق سراح سجناء. وشهدت المنطقة توترات بين البدو والشرطة.
وذكرت مصادر المحتجين أن السلطات المصرية فصلت شبكات الاتصال عن هواتفهم النقالة في القاهرة والمدن الأخرى التي شهدت احتجاجات موسعة.
وصدرت بعض الدعوات عبر الانترنت لمزيد من الاحتجاجات في الأيام القادمة.
قداس "استثنائي" في الكنائس
وفي منطقة شبرا، شمال القاهرة، التي يتمتع الأقباط بوجود كثيف فيها، انطلقت تظاهرة شارك فيها عناصر من جماعة الإخوان المسلمين حاملين علم مصر بمشاركة الاشتراكيين الثوريين وحركة كفاية استطاعوا اختراق الحواجز الأمنية والخروج في جماعات، ورفعوا لافتات عديدة ووحدوا شعارهم "يا أبو دبورة ونسر وكاب.. إحنا اخواتك مش إرهاب".
من جانبها، أقامت كنائس عدة على مستوى الجمهورية قداسا وصف بـ "الاستثنائي"، للصلاة من أجل مصر.
وقال مصدر امني ان 15 شخصا اعتقلوا في القاهرة. وقالت جماعة للمحامين ان حوالي 50 شخصا اعتقلوا في أنحاء مصر. وقال مصدر أخر ان ضابطي شرطة اصيبا في السويس بحجارة المحتجين.
هتافات تطالب برحيل مبارك
وهتف المحتجون في القاهرة "يسقط يسقط حسني مبارك" و"يا جمال قول لأبوك كل الشعب بيكرهوك".
واستخدمت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع ومدفع مياه في حين قذفها المحتجون بالزجاجات والحجارة.
بدون تعليق
ومع اندلاع مصادمات في القاهرة هتف بعض المحتجين "سلمية.. سلمية." ودعوا المتظاهرين إلى عدم إلقاء شيء على الشرطة او الممتلكات.
و في الإسماعيلية هتف المحتجون "يا حرية فينك فينك". وفي الإسكندرية رددوا "ثورة ثورة زي البركان ضد مبارك الجبان."
كما شهدت محافظة الإسكندرية مظاهرات مماثلة تركزت في منطقة الرمل, و مزق المحتجون صورة لمبارك "82 عاما" وابنه جمال الذي يعتقد كثير من المصريين انه يجري إعداده لتولي المنصب حين يتنحى والده.
وفي مدينة السويس هتف المتظاهرون قائلين "بن علي بيناديك، فندق جدة مستنيك", في إشارة إلى هروب الرئيس التونسي من بلاده إلى السعودية في وجه مظاهرات احتجاج عنيفة.
كما رددوا هتافات تقول "حكم الأب باطل, حكم الأم باطل، حكم الابن باطل", في إشارة إلى مبارك وقرينته وابنه, حيث يقول مصريون إن سوزان مبارك تتدخل في شؤون بلادها السياسية.
وفي مدينة المنصورة, أحاط محتجون بصورة كبيرة مرفوعة لمبارك ورددوا هتافا يقول "باطل باطل", وقال شاهد إن المحتجين حاولوا تحطيم الصورة لكن قادة لهم هتفوا "سلمية سلمية".
استنفار أمني غير مسبوق
وبدا لافتا أن قوات الشرطة التي يصادف عيدها اليوم الثلاثاء، تعاملت مع التظاهرات بحذر شديد، وسمحت لآلاف المتظاهرين بالسير في الشوارع بعد أن فشلت في احتوائهم.
إلا أن الشرطة بدأت تضرب بعض المتظاهرين بالعصي بقوة في ساعات المساء بعد أن حاول المتظاهرون تجاوز الحواجز الأمنية التي أعادت فرضها على بعض التقاطعات. وأظهر محتجون آخرون صمودا نادرا في مواجهة عملية أمنية ضخمة وطاردوا بعض أفراد الشرطة في شوارع جانبية. وأظهرت لقطات لتلفزيون رجل شرطة ينضم للمتظاهرين.
ويعاني المصريون من نفس المشاكل التي دفعت التونسيين الى الشوارع مثل ارتفاع أسعار المواد الغذائية والفقر والبطالة والحكم المطلق الذي يكبح الاحتجاجات الشعبية سريعا وبأسلوب وحشي في الأغلب. وهتف محتجون "تونس.. تونس" أثناء المظاهرات.
الولايات المتحدة تدعو لـ"ضبط النفس"
ودعت الولايات المتحدة وهي حليف وثيق لمصر ومانح كبير للمساعدات كل الأطراف إلى التحلي بضبط النفس لتجنب العنف.
وقالت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون "تقديرنا هو إن الحكومة المصرية مستقرة وتبحث عن سبل للاستجابة لحاجات الشعب المصري ومصالحه المشروعة."
قالت مصادر المحتجين أن السلطات المصرية فصلت شبكات الاتصال عن هواتفهم النقالة في القاهرة والمدن الأخرى التي شهدت احتجاجات موسعة
وقال شهود عيان ان الاحتجاجات في القاهرة والمدن الأخرى ربما اجتذبت 20 ألف شخص او أكثر. وقال بيان لوزارة الداخلية ان أكثر من عشرة الاف شخص تجمعوا في ميدان التحرير وحده بوسط القاهرة لكنها لم تعط تقديرا لإجمالي المتظاهرين في باقي الأماكن.
ويصعب اعطاء تقدير دقيق بسبب انتشار المظاهرات كما أن وسائل الاعلام الحكومية لا تعطي سوى اشارة خاطفة لمثل هذه الاحداث.
وتجتذب الاحتجاجات المصرية عادة بضع مئات من الناس. وتكتسب أحداث الثلاثاء قوة غير مسبوقة منذ تولي مبارك السلطة عام 1981 بسبب الاعداد الكبيرة وحقيقة ان الاحتجاجات في العديد من المدن نسقت بطريقة لم يسبق لها مثيل.
انتصار لنشطاء الانترنت
مظاهرات فى لندن امام السفارة المصرية
وفي ظل تفكك أغلب جماعات المعارضة الرسمية وضعفها قاد نشطاء الانترنت الدعوات لمظاهرات الثلاثاء التي وصفت بأنها "يوم غضب" ضد الفقر والقمع.
وأظهر نشطاء الانترنت من خلال اجتذاب متظاهرين بهذه الإعداد ان دعواتهم للتغيير السياسي يمكن ان تصل لجمهور واسع. وحتى الان كان التعبير عن معظم الغضب يقتصر على صفحات الانترنت.
ومع دخول الليل اختلط افراد الشرطة والمحتجون في ميدان التحرير وتقاسم بعضهم الطعام. ولم يظهر بعض المحتجين علامة على الرحيل أثناء الليل.
الداخلية تتهم "الإخوان"
والقى بيان لوزارة الداخلية على جماعة الاخوان المسلمين بمسؤولية قيادة الاحتجاجات وقال انه "بالرغم من النهج الاثارى الذى تبناه المحرضون على التجمع… بدعوى تصعيد مطالبهم وفى مقدمتهم جماعة الاخوان وما يسمى بحركتى 6 ابريل وكفاية وكذا الجمعية الوطنية للتغييرـ فقد تم السماح لهم بتنظيم الوقفات الاحتجاجية."
واضاف "التزمت قوات الشرطة منذ بداية هذا التحرك فى حوالى الحادية عشر صباحا بتأمين تلك الوقفات وعدم التعرض لها."
ودعا البيان الى "ضرورة انهاء تلك التجمعات تفادياً لتداعيها على نحو يخل بالامن العام."
اشتباكات بين المتظاهرين وقوات الامن
وطالب المتظاهرون بإنهاء حالة الطوارئ بشكل فوري في البلاد، وإلغاء مجالس الشعب والشورى والمحليات، وإلغاء نتائج انتخابات مجلس الشعب الأخيرة، وحل المجلس، وإجراء انتخابات فورية نزيهة، بجانب تنفيذ أحكام القضاء في ما يخص الحد الأدنى للأجور بـ1200 جنيه شهريا، وطرد الحرس خارج أسوار الجامعة، ووقف تصدير الغاز المصري إلى الكيان الصهيوني، وتعديل المواد الدستورية 67 و77 و88.
وكانت وزارة الداخلية المصرية حذرت في وقت لاحق بأن أجهزة الأمن ستتصدى بكل حزم وحسم لأي محاولة للخروج عن الشرعية ومخالفة القانون، كما أن الحكومة أرسلت تحذيرات لمنظمي الاحتجاجات قائلة إنهم يحتاجون إلى إذن من وزارة الداخلية.
وتعاني احزاب المعارضة المسجلة في مصر من الضعف والتفكك. ولم توجه جماعة الإخوان المسلمين المحظورة في مصر التي تعتبر صاحبة اكبر شبكة شعبية في البلاد نداءات لأعضائها للمشاركة في المظاهرات لكن قالت ان البعض سيشارك بصورة شخصية.