أمريكا تغير موقفها وتحث مبارك صراحة على تنفيذ إصلاحات
حثت الولايات المتحدة الرئيس المصري حسني مبارك يوم الأربعاء صراحة على إجراء إصلاحات سياسية في ضوء الاحتجاجات التي تطالب بإسقاطه مغيرة موفقها من حليف عربي رئيسي تغييرا واضحا.
وبتوجيه دعوة جديدة إلى إجراء اصلاحات بعد يوم من الاشتباكات بين الشرطة والمحتجين المصريين بدا أن واشنطن تراعي عدة مصالح، من الرغبة في الاستقرار في حليف إقليمي ومساندتها للمبادئ الديمقراطية وخوفها من قيام حكومة إسلامية معادية للولايات المتحدة.
وجاءت الرسالة على لسان وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون في مؤتمر صحفي مع وزير خارجية الأردن بعد أسبوعين من الإطاحة بالرئيس التونسي زين العابدين بن علي في ثورة شعبية.
واشتبكت الشرطة في القاهرة مع آلاف المصريين الذين تحدوا حظرا حكوميا يوم الأربعاء واحتجوا على حكم مبارك المستمر منذ 30 عاما.
وأثارت الثورة في تونس تساؤلات بشأن مدى استقرار الحكومات العربية الأخرى وأدت في بادئ الأمر الى تراجع الأسهم والسندات وأسعار الصرف الأجنبي في أجزاء من المنطقة ولاسيما مصر.
وغادر بن علي تونس في 14 من يناير كانون الثاني بعد احتجاجات شعبية استمرت أسابيع.
ولم تسع كلينتون للتخفيف من حدة كلماتها فقالت إن على الحكومة المصرية أن تتحرك الآن إذا أرادت تجنب نتيجة مشابهة لما حدث في تونس وحثتها على عدم قمع الاحتجاجات السلمية أو تعطيل المواقع الاجتماعية على الإنترنت التي تساعد في تنظيم الاحتجاجات والاسراع بوتيرتها.
وأضافت كلينتون ووزير الخارجية الأردني ناصر جودة بجانبها "نحن نعتقد بشدة أن أمام الحكومة المصرية فرصة مهمة في الوقت الحالي لتنفيذ إصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية للاستجابة للحاجات والمصالح المشروعة للشعب المصري."
وتابعت "وندعو السلطات المصرية لعدم منع الاحتجاجات السلمية أو منع الاتصالات بما في ذلك مواقع الاتصال الاجتماعية." ودعت مبارك لتبني إصلاحات.
وكانت حكومة اوباما حثت على الاصلاحات في مصر في الماضي لكنها نادرا ما فعلت ذلك بالالحاح الذي اتسمت به تصريحات كلينتون.
ويوم الثلاثاء اتخذت كلينتون موقفا أخف قائلة ان الولايات المتحدة تساند حرية التجمع والرأي وحثت كل الاطراف على الامتناع عن العنف وقالت ان الحكومة المصرية "تبحث عن سبل" تلبية احتياجات شعبها.
وقال روبرت دانين من مجلس العلاقات الخارجية وهو مركز بحثي إن تصريحات كلينتون توضح للمرة الأولى فيما يبدو ما تريد الولايات المتحدة أن تراه في مصر وهو تغير حقيقي ينبع من الحكومة وليس عملية إطاحة مثيرة كما وقع في تونس.
ولأن مصر أول بلد عربي يقيم سلاما مع إسرائيل فلها أهمية استراتيجية للولايات المتحدة أكبر كثيرا من تلك التي لتونس. وتتلقى مصر معونات أمريكية كبيرة منذ فترة طويلة ودعمت جهود واشنطن في العمل على إحلال سلام عربي إسرائيلي أوسع نطاقا.
وأضاف دانين "هذا ليس انسحابا من التحالف مع مصر بأي حال ولكن في الوقت ذاته يلفت نظر الحكومة المصرية الى ضرورة أن تأتي التغييرات بسرعة."
وتابع "إنها تحاول أن ترسم طريقا يمكن أن يحدث من خلاله تغيير محكوم إذا استجاب النظام للشعب.. (فحكومة أوباما) لا تريد أن ترى نفس الوسائل التي استخدمت في تونس تستخدم (في مصر)… والتي ستجبر القيادة على الفرار."
وفي مقال بعنوان "بعد تونس: مأزق أوباما العسير في مصر" قال شادي حامد من مؤسسة بروكنجز ان سقوط ابن على في تونس "اثار شكوكا بشأن فرضية أساسية من فرضيات السياسة الامريكية في الشرق الاوسط وهي ان النظم القمعية وإن كانت بغيضة لكنها على الاقل مستقرة."
وقال حامد مدير البحوث في مركز بروكنجز الدوحة انه من غير المحتمل ان تسقط حكومة مبارك بسرعة.
وكتب يقول في مقال نشر في موقع أتلانتك دوت كوم "امام الولايات المتحدة وقت محدود أولا لاعادة تقييم سياستها في الشرق الاوسط ثم اعادة توجيه هذه السياسة لتساير مد الحكم العربي الشعبي لا أن تسير في اتجاه معاكس له."
وأضاف قوله "انها قد تبدأ التنصل من مبارك بتكثيف الانتقادات العلنية للقمع الذي يصدر عن النظام وبتعميق الاتصالات مع … المعارضة من الأحرار واليساريين وبالمثل مع الاسلاميين. فمن الأفضل ان يكون لها نفوذ لدى جماعات المعارضة قبل أن تصل إلى السلطة من أن يحدث ذلك بعد وصولها."
واوضح البيت الأبيض أنه يراقب الاوضاع عن كثب وأنه يؤيد تماما حق الشعب المصري في الاحتجاج السلمي.
وقال روبرت جيبز المتحدث باسم البيت الابيض لصحفيين على متن طائرة الرئاسة الأمريكية "نحن نؤيد حق التجمع والتعبير كحق عام لكل البشر. سنشدد مجددا وبوضوح تام لكل المعنيين أن التعبير ينبغي أن يكون خاليا من العنف."
وقال "هذا وقت مهم كي تظهر الحكومة مسؤوليتها لشعب مصر بالاعتراف بتلك الحقوق العالمية."