مليار ليرة تذروها رياح إفلاس منشأة «كويفاتي» بحلب
ألقت حادثة إفلاس منشأة «كويفاتي» لصناعة الألبسة الجاهزة والتصدير في حلب، والتي بلغت حصيلة الأموال التي ضيعتها نحو مليار ليرة حتى مساء أمس الإثنين بحسب المعلومات المتوافرة .
بظلال سوداء نذرها وخيمة على عاصمة الاقتصاد السوري على خلفية إفلاس مجموعتي جربوع وديري التي لا تزال مفاعيلها تظهر تباعاً دون وضع حد جذري للجدل القائم حول أحقية تملكها على الرغم من اللجوء إلى القضاء.
وعلى حين اكتفى الدكتور المهندس تامر الحجة محافظ حلب بالقول لـ «الوطن» إن الموضوع «ما زال قيد التداول مع وزير الاقتصاد ورئيس الحكومة» للخروج بحلول مرضية، علمت «الوطن» أن دائنين ومدعين جدداً دخلوا على خط كشف حجم الأموال التي وظفوها أو شغّلوها لدى أصحاب المنشأة التي لديها ملكية خمس علامات تجارية عالمية (ألفا بيت وغراند وأبسوربا)، إلى جانب الأموال المقترضة من المصارف العامة والخاصة ليرتفع الرقم من 650 مليون ليرة إلى مليار ليرة مرشحة للارتفاع بعد أن عممت غرفة الصناعة بحلب استمارة على صناعييها موجهة إلى المحافظ تقر بأن منشأة كويفاتي «بحالة عجز مالي وأنها توقفت عن دفع التزاماتها للغير» ويعلمون فيه عن مقدار ديونهم على الشركة ضماناً لحقوقهم وللحصول على إحصائية دقيقة عن حجم ديون المنشأة ولاسيما أن بعض الدائنين والمتعاطين بالفوائد لا يملكون سندات بأموالهم الموظفة.
وكشف أمر «التفليسة»، التي أدت إلى فرار رامي وعبد الكريم كويفاتي صاحبي المنشأة ووالدهما كميل وسبعة من أفراد العائلة إلى خارج البلاد في وقت سابق من نشر الخبر، قيام مستشارين ومديرين في المنشأة (المستشار الفني والإداري ورئيس الحسابات والمسؤول المالي ومديري المشتريات والتسويق والموارد البشرية) بإبلاغ رئيس غرفة الصناعة عن «عدم وجود المالكين في حلب وطلبهم من المديرين عدم عودتهم الحالية إلى سورية خشية تعرضهم لصعوبات من بعض الدائنين»، كما ورد في كتاب رئيس غرفة الصناعة إلى المحافظ عن الوضع المالي للمنشأة.
وفور ذيوع القصة سارع دائنون بعضهم مدجج بأسلحة بيضاء إلى مقر المنشأة التي تبعد نحو 15 كيلومتراً عن حلب على طريق حلب- دمشق وتضم 544 عاملاً مسجلاً منهم في مديرية الشؤون الاجتماعية والعمل 125 موظفاً فقط، للقاء أصحابها الفارين وحال وضعها تحت الحراسة القانونية دون التعرض لمحتوياتها أو للأشخاص في داخلها ما دفع محافظ حلب إلى التواصل مع وزير الاقتصاد الدكتور عامر لطفي لإطلاعه على صورة الوضع وإلى مخاطبة رئيس مجلس الوزراء المهندس محمد ناجي عطري لاتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة للحفاظ على أموال المنشأة وحقوق العمال والمالكين والدائنين والموردين.
وكشفت مصادر مطلعة لـ «الوطن» على أن مبلغ 450 مليون ليرة، وهو مقدار الدين المترتب على المنشأة من قروض لمصارف العقاري السوري ولبنان والمهجر وسورية والمهجر وعودة لبنان، لا يكفي ثمن بيع المنشأة للوفاء بها، إذ يقدر ثمن أرض المنشأة بنحو 180- 200 مليون ليرة إذا ما احتسب سعر المتر من أمتارها تسعة آلاف المتر بـ8 إلى 9 آلاف ليرة على حين تقدر قيمة المباني والتجهيزات بـ 100 مليون ليرة فكيف يمكن سداد ما تبقى للمصارف والدائنين علماً بأن أصحاب المنشأة لا يملكون أي عقارات أو مبان أخرى (أشيع عن تصفية ممتلكاتهم في وقت سابق للعملية) وحتى السيارات التي بحوزتهم حصلوا عليها من طريق الرهن وليس الشراء «وحصل أحدهم قبل أن يسافر على 550 ألف دولار من أحد الصرافين دون دفع ما يعادلها من أي عملة أخرى كما اشترى 10 بطاقات سفر دون دفع ثمنها أيضاً…»!، وفق قول أحد الصناعيين الذي رفض الكشف عن اسمه.
ومن المتوقع أن يشكل المحافظ لجنة تحكيم مهمتها النظر في كشوف الدائنين والموردين والاستعانة بالمستشارين لإيجاد تسوية ملائمة مؤلفة من رئيس وأمين للسر وأحد الأعضاء على غرار لجنة التحكيم التي شكلت في عهد سلفه إبان إفلاس مجموعة الديري الخاصة بالنسيج قبل أربع سنوات وترأسها محمد صالح الملاح رئيس غرفة التجارة. وغير معروفة التداعيات السلبية التي ستنجم عن عملية إفلاس منشأة كويفاتي المصنعة للجينز إلا أن مراقبين توقعوا أن تشهر منشآت أخرى توظف أموالاً بطريقة غير مشروعة، على الرغم من نصوص القانون الذي تمنع تشغيل الأموال، إفلاسها بعد تهافت الدائنين والمشغلين أموالهم على أصحابها طلباً لأموالهم ما يحتم إفلاسها، الأمر الذي سيصيب الاقتصاد في حلب بالكساد والشلل بعدما نجا راهناً من عواقب الأزمة المالية العالمية.