مبارك:يتعهد بعدم الترشح للرئاسة
اعلن الرئيس المصري حسني مبارك يوم 1 فبراير/شباط في خطابه المتلفز إنه سيعمل كل ما في وسعه خلال الأشهر المتبقية من ولايته لتأمين آليات آمنة لانتقال السلطة
مؤكدا أن "مصر ستخرج من الظروف الراهنة أقوى مما كانت عليه وأكثر ثقة وتماسكا ووعيا بالمستقبل".
وقال حسني مبارك: "أتحدث إليكم في أوقات صعبة تمتحن مصر وشعبها وتكاد أن تنجرف بها وبهم إلى المجهول. يتعرض الوطن للأحداث العصيبة واختبارات قاسية بدأت بشباب ومواطنين شرفاء مارسوا حقهم في التظاهر السلمي تعبيرا عن همومهم وتطلعاتهم، سرعان ما استغلهم من سارع لإشاعة الفوضى واللجوء إلى العنف والمواجهة وللقفز عن الشرعية الدستورية والانقضاض عليها.
تحولت تلك التظاهرات من مظهر راق ومتحضر لممارسة حرية الرأي والتعبير إلى مواجهات مؤسفة تحركها وتهيمن عليها قوى سياسية ساعت إلى التصعيد وصب الزيت على النار واستهدفت أمن الوطن واستقراره بأعمال إثارة وتحريض وسلب ونهب وإشعال للحرائق وقطع لطرقات واعتداء على مرافق الدولة والممتلكات العامة والخاصة واقتحام لبعض البعثات الدبلوماسية على أرض مصر.
نعيش معا أياما مؤلمة وأكثر ما يوجع قلوبنا هو الخوف الذي انتاب الأغلبية الكاسحة للمصريين وما ثاورهم من انزعاج وقلق وهواجس حول ما سيأتي به الغدو لهم ولذيهم وعائلاتهم ومستقبل ومصير بلدهم.
إن أحداث الأيام القليلة الماضية تفرض علينا جميعا شعبا وقيادة الاختيار ما بين الفوضى والاستقرار وتطرح أمامنا ظروفا جديدة وواقعا مصريا مغايرا يتعين أن يتعامل معه شعبنا وقواتنا المسلحة بأقصى قدر من الحكمة والحرص على مصالحمصر وأبنائها.
لقد بادرت بتشكيل حكومة جديدة بأولويات وتكليفات جديدة تتجاوب مع مطالب شبابنا ورسالتهم وكلفت نائب رئيس الجمهورية بالحوار مع كافة القوى السياسية حول كافة القضايا المثارة للإصلاح السياسي والديموقراطي وما يتطلبه من تعديلات دستورية وتشريعية من أجل تحقيق هذه المطالب المشروعة واستعادة الهدوء والأمن والاستقرار. لكن هناك من قوى سياسية من رفض هذه الدعوة إلى الحوار تمسكا بأجنداتهم الخاصة ودون مراعات للظرف الدقيق الراهن لمصر وشعبها وبالنظر لهذا الرفض لدعوتي للحوار وهي دعوة لا تزال قائمة فإنني أتوجه بالحديث اليوم مباشرة لأبناء الشعب بفلاحيه وعماله، مسلميه وأقباطه، شيوخه وشبابه، ولكل مصري ومصرية في ريف الوطن ومدنه على اتساع أرضه ومحافظاته.
إنني لم أكن يوما طالب سلطة أو جاه ويعلم الشعب الظروف العصيبة التي تحملت فيها المسؤولية وما قدمته لوطني حربا وسلاما، كما أنني رجل من أبناء قواتنا المسلحة وليس من طبعي خيانة الأمانة أو التخلي عن الواجب والمسؤولية. إن مسؤوليتي الأولى الآن هي استعادة الأمن واستقرار الوطن لتحقيق الانتقال السلمي للسلطة في أجواء تحميمصر والمصريين وتتيح تسلم المسؤولية لمن يختاره الشعب في الانتخابات الرئاسية المقبلة وأقول بكل الصدق وبصرف النظر عن الظرف الراهن أني لم أكن أنتوي الترشح لفترة رئاسية جديدة وقد قضيت ما يكفي من العمر في خدمة مصر وشعبها لكنني الآن حريص كل الحرص على أن أختتم عملي من أجل الوطن بما يضمن تسليم أمانته ورايته ومصر عزيز وآمنة ومستقرة وبما يحفظ الشرعية ويحترم الدستور. أقول بعبارات واضحة أنني سأعمل خلال الأشهر المتبقية من ولايتي الحالية كي يتم اتخاذ التدابير والإجراءات المحققة للانتقال السلمي للسلطة لموجب ما يحوله لي الدستور من صلاحيات. إنني أدعو البرلمان بمجلسيه إلى مناقشة تعديل المادة 76 و77 من الدستور بما يعدل شروط الترشيح لرئاسة الجمهورية ويعتمد فترات محددة للرئاسة ولكي يتمكن البرلمان الحالي بمجلسيه من مناقشة هذه التعديلات الدستورية وما يرتبط بها من تعديلات تشريعية للقوانين المكملة للدستور وضمانا لمشاركة كافة القوى السياسية في هذه المناقشات فإنني أطالب البرلمان بالالزام بكلمة القضاء وأحكامه في الطعون على انتخابات تشريعية أخيرة دون إبطاء.
سوف أواصل متابعة تنفيذ الحكومة الجديدة لتكليفاتها على نحو يحقق المطالب المشروعة للشعب وأن يأتي أداؤها معبرا عن الشعب وتطلعه للإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي ولإتاحة فرص العمل ومكافحة الفقر وتحقيق العدالة الاجاماعية. وفي ذات السياق إنني أكلف جهاز الشرطة بالاطلاع بدوره في خدمة الشعب وحماية المواطنين بنزاهة وشرف وأمانة وبالاحترام الكامل لحقوقهم وحرياتهم وكرامتهم. كما أنني أطالب السلطات الرقابية والقضائية بأن تتخذ على الفور ما يلزم من إجراءات لمواصلة مكافحة الفاسدين والتحقيق مع المتسببين فيما شهدته مصر من الانفلات الأمني ومن قاموا بأعمال السلي والنهب وإشعال النبران وترويع الآمنين. ذلك هوعهدي للشعب خلال الأشهر المتبقية من ولايتي الحالية. أدعو الله أن يوفقني في الوفاء به كي أختتم عطائي لمصر وشعبها بما يرضي الله والوطن وأبنائه.
ستخرج مصر من الظروف الراهنة أقوى مما كانت عليه من قبل، أكثر ثقة وتماسكا واستقرارا، سيخرجمنها شعبنا وهو أكثر وعيا بما يحقق مصالحه وأكثر حرصا على عدن التفويت في مصيره ومستقبله.
إن حسني مبارك الذي يتحدث إليكم اليوم يعتز بما قضاه من سنين طويلة في خدمة مصر وشعبها. إن هذا الوطن العزيز هو وطني مثلما هو وطن لكل مصري ومصرية، فيه عشت وحاربت من أجله ودافعت عن أرضه وسيادته ومصالحه وعلى أرضه أموت وسيحكم التاريخ علي وعلى غيري بما لنا أو علينا.
إن الوطن باقي والأشخاص زائلون. ومصر العريقة هي الحالية أبدا تنتقل رايتها وأمانتها بين صوائب أبنائها، وعلينا أن نضمن تحقيق ذلك بعزة ورفعة وكرامة، جيلا بعد جيل. حفظ الله هذا الوطن وشعبه والسلام عليكم ورهمة الله وبركاتة".
احتجاجات ورفض لخطاب مبارك
هذا واثار خطاب مبارك رفضا من قبل مئات الآلاف من المعتصمين في ميدان التحرير في وسط القاهرة الذين تابعوه عبر شاشات كبيرة موضوعة هناك واستقبلوه بهتافات ضد الرئيس.