الموروث الشعبي في (حديث دمشقي)
في المركز الثقافي العربي في أبي رمانة اقيمت ندوة بعنوان الموروث الشعبي في (حديث دمشقي) بمشاركة الأساتذة ياسر المالح -محمد خير عبد ربه-محمد مروان مراد.أدار الندوة الإعلامي عبد الرحمن الحلبي الذي ابتدأ الحديث عن الكتاب الذي تركه لنا المرحوم نجاة قصاب حسن ق
هذا الكتاب قد بث في صفحاته ما استطاع ان يجمعه من عادات بيئية شامية وتقاليد وطرائف تمر بخفة الظل التي كانت واحدة من سمات المحامي نجاة قصاب حسن ثم جعلنا ندخل البيت الشامي ونتأمل نباتاته ونتشمم أريجه ونشاهد معطياته وسيقودنا إلى مطبخه وسيسألنا أتدرون ماهو ملك الأطعمة وحين يجدنا عاجزين عن الإجابة سيقول لنا الباذنجان هو ملك الأطعمة .
على أي حال:عادات وتقاليد توارثتها الاجيال ثم اضافت إليها وعليها ونغمت بعضها لاسيما النداءات البديعة التي تداولها ويتداولها الباعة وأني لأحسب الأساتذة المختارين للندوة جديرين بالخوض فيها.
ياسر المالح :أحد ظرفاء دمشق
ابدأ الحديث من حديث دمشقي فأنا صديق لنجاة قصاب حسن لمدة أربعين عاماً, هذا الحديث المكتوب كتبه في أواخر حياته وقد كان حديثاً مباشراً مع الناس سواء في الإذاعة او في التلفزيون هذا الحديث الذي يتفاعل مع الجمهور هو الذي جعل من نجاة أحد ظرفاء دمشق وكان ينفرد غالباً بالجلسة ومبدأ الانفرادية في الجلسة كان من المبادىء التي يتبناها نجاة وقد جلست معه كثيراً ودائماً كان نجم الجلسات الجميلة أما بالنسبة لعنوان الموروث الشعبي فهذه كلمة اذا أردنا ان ندخل فيها دخولاً أكاديمياً دخلنا في متاهات كبيرة. نحن في هذه الجلسة لسنا أكاديميين على الاطلاق فنحن هنا نحاول ان نلقي بعض الاضاءات على كتاب دمشقي وما فيه من موروثات دمشقية فلكورية شائعة ونعرفها جميعاً.
أريد أن ألخص ذلك في ثلاث كلمات: الموروث الدمشقي يحتاج الى الإنسان والمكان والزمان.
الإنسان لنفرض انه إنسان دمشقي يتصرف في البيت وفي السوق..
المكان ليس دمشق هي المحصورة كما يقولون دائماً داخل السور وخارجه, انا ارى ان دمشق هي دمشق وإذا تأملت دمشق والناس فيها تستطيع ان تعرف من هي دمشق.
الزمان هو مدة مئة عام وليسامحني المرحوم نجاة ان هذا التاريخ افتراضي فليس من المعقول في حديث دمشقي ان يقول انه في عام 1985 كان كذا وكذا…هوليس مؤرخ المئة عام هو زمن افتراضي.
اذاً الموروثات الشعبية ليست بالضرورة ان تصل إلى هذا الجيل او جيل اولادي, هذه الموروثات متدرجة في الوراثة إلى أن يأتي جيل ويقول ماذا بعد…
بمعنى انه لايريد ان يقلد اباه وجده فهو انسان آخر ويعيش في زمان آخر.
الاستاذ محمد مروان مراد يقول بأنه لم يعاشر المرحوم نجاة لكنه تابعه حدثاً واستمع له في الإذاعة وخلال قراءته لكتاب المرحوم نجاة حاول أن يلخص ما جاء فيه فبدأ بالإهداء الذي قدمه نجاة قصاب حسن في بداية كتابه حيث قال: أهدي هذا المغلف إلى أبناء الشعب الطيبين وكل من يحب هذه المدينة المحبوبة صاحبة القلب الكبير كان يريد وهو يؤلف كتابه أن يحاكي من سبقه من كتاب السير الشعبية (البديري الحلاق) على سبيل المثال الذي ترك لنا حوادث دمشق اليومية في القرن التاسع عشر فجاءت كتاباته لطيفة ومبسطة متداخلة بحكايات جميلة وكان كلما ماتوقف عند فصل من الفصول يختمها بحادثة بسيطة يقول هذه حكاية باسمة لكي لايتعب القارئ بمتابعته بل يظل متابعاً متشوقاً لهذه الفصول.
الناحية الأخرى هي الوطنية التي ابرزها بشكل جيد في هذا الكتاب حيث قال ليست عظمة دمشق في غوطتها وقاسيونها وبرداها وإنما هي في رجالاتها وشخصياتها الوطنية والشعبية التي عجنتها الثورة وقاومت الاستعمار وحققت الحرية في نهاية المطاف ولقد علمت سورية العالم النضال من أجل الحرية وذكر ذلك عندما تحدث عن جنود الاستعمار الفرنسي وما كان من قصصهم في دمشق.
أما الأستاذ محمد خير عبد ربه الذي بدأ الحديث بطرفة اضحكت الجميع من كتاب المرحوم نجاة قال إنني لاأعرف المرحوم نجاة قصاب حسن لكنني كنت صديقاً لأخيه برهان وقد تعرفت من خلاله على هذه العائلة الكريمة وبعد قراءتي لكتابه أحسست أنه رجل دمشقي عتيق جداً.
عندما ننظر إلى دمشق نرى الكثيرين يقومون بأعمال تجارية فدمشق مركزها تجاري وأهلها تجار عملوا في الصناعات المختلفة وعندما جاء (تيمورلنك) اخذ الكثير من الصناعيين والسياحيين الجيدين وذهب بهم الى سمرقند ولم يبقَ لدينا من الحرفيين إلا القليل هذا ماذكره المرحوم نجاة في بداية الكتاب عن تيمورلانك واعماله في دمشق.
دمشق كان أغلب أهليها باعة وكانوا يتغنون في النداء واذكر وأنا صغير عندما نقف بسوق الحميدية نرى بائع السوس وهو يتراقص ويغني ولديه الكثير من الأشعار الجميلة.