منزل للايجار ومواطن محتار!
أي أنماط التفكير تحكم الناس؟ سؤال يؤرقني لسنوات ثلاث ماضية خلال رحلة البحث عن منزل صغير مناسب للزواج!بدأت رحلة البحث عن منزل للإيجار-العش الزوجي المفترض- وحتى الآن لم تنتهي،قابلت خلال السنوات الثلاثة الماضية الكثير الكثير
من أصحاب الشقق الذين اعتادوا تأجيرها وكم من الاتصالات الهاتفية أجريت مستفسراً وأكثر منها تلقيت وكم من المواعيد لمعاينة شقق أبرمت ولم أجد ضالتي!
كل منزل ذهبت اليه كان ثمة مشكلة أو أكثر تعترضني وتعرقل الاتفاق فثمة من امتلك – خرابةً – وراح يعرضها للأجار وكأن الناس بنظره سينامون بالشارع ان لم يستأجروا – خرابته – فمواصفات شقته – الخرابة – تليق بمتشرد سيجد فيها حلماً له وقد تحقق،وهذه المفترضة كمنزل كان الايجار المطلوب لها أكثر من راتبي الشهري كاملاً! وثمة من يشترط الدفع سلفاً عن ستة أشهر أوعام كامل وبناءً على مقدار المبلغ سيكون تنظيم عقد الإيجار ومدته ومنهم من يريد تأجير منزله بشرط أن ينتهي الايجار قبل بدء توافد السياح الصيفي لأنه سيؤجره باليوم وسيقبر الفقر وتحل كل مشاكله المالية ولربما سيدخر للمستقبل من عوائد تأجير شقته لأثرياء من المصطافين،أضحكني وآلمني بذات الوقت أحد المالكين الذي اشترط سعراً سنوياً مقداره مئتان وأربعون ألفاً أي عشرون ألفاً بالشهر الواحد تدفع كاملةً عند توقيع العقد لعام وفي حال رغبت باستئجار المنزل تسعة أشهر فقط خارج أشهر الصيف الثلاثة الموعودة سيكون بدل الايجار الشهري ثمانية عشر ألف ليرة على أن تدفع عن الأشهر التسعة كاملة لأنه-المالك- سيؤجر المنزل صيفاً بأجار يومي حسب توقعاته وسيكون له دخلاً ممتازاً حسب تصوراته التي انعكست على صفحات إحدى الجرائد الاعلانية وتجسدت احلامه بإعلان يستجدي به مستأجراً للمنزل المذكور باثنا عشر ألف ليرة شهرياً ولا يجد ذلك المستأجر-المدسم- على مر أسابيع متتالية وهو ينتظر!
البحث ظل مستمراً والعروض وافرة والمواصفات كما أرغب وأكثر لكنها كلها خارج الامكانيات المادية المتوفرة حيث الأسعار كانت ترتفع والمواصفات تتراوح بين مقبول وممتاز- وكلو بحقو – حيث تزامن بحثي مع تزايد كبير لتوافد الأشقاء العراقيين للإقامة في سوريا وكان ما كان من جنون للأسعار وارتفاع نسبة الطمع والجشع اللامتناهي لمالكي الشقق حيث بات المالك لشقة ينتظر صيداً ثميناً ولا يرضى بما هو معقول ومناسب كأجر شهري لشقته التي صارت بنظره مصدراً للثراء وبحبوحة العيش ناسياً أنها فترة زمنية لن تدوم وإن طالت،لربما اعتقد الكثيرون من مالكي الشقق أن الطالبين لمنزل للإيجار سيقفون بالدور ولربما يتوسلون عندهم لتأجيرهم شققهم وبالسعر الافتراضي المزاجي لكن ما حدث أن فورةً كان لها أسبابها وهاهي الآن تخبو والدليل تكرار الإعلان لتأجير ذات الشقق لأسابيع متتالية دون الفوز بمستاجر لقطة،فلازال بعض المالكين متشبثين بوهم بدلات الإيجار المرتفعة وبتشبثهم بوهمهم تستمر شققهم فارغةً ومن دون مردود مالي لهم،من المالكين من أعمل العقل وحسن التفكير والتدبير- حسبها صح- المنزل المؤجر بثلاثين ألف ليرة سورية شهرياً العام الفائت والذي سبقه لا يستحق أكثر من عشرة أو خمسة عشر ألف ليرة بأحسن تقدير بهذه الأيام لأسباب يطول عدها وشرحها فكان منه الإسراع بتأجيرها وضمان مردود مالي معقول بدلاً من إغلاقها والبحث المستمر لأشهر عن مستأجر دسم لن يأتي وبذلك حقق المالك شيئاً من مبتغاه بدخلٍ مستمر عوضاً عن ركودٍ وجمودٍ لعقاره،أحد النماذج من الطامعين هو جار لي في الحي الشعبي من السكن العشوائي الذي أقطنه كان خلال ستة أشهر مضت يطلب أجاراً شهرياً لغرفتين وصالون خمسةً وعشرين ألفاً؛الآن هو من يعرض علي شقته بخمسة عشر ألف شهرياً لأنه لم يوفق بصيد ثمين كما كان يأمل خلال الاشهر الستة السابقة فجشعه أفقده حتى الآن تسعين ألفاً كان ليجنيها لو أعمل عقله ورضي بخمسة عشر ألف ممن عرضها ولكن كما قيل فإن الطمع ضر وما نفع وما ذهب مع الأيام السابقة لا يمكن أن تعوضه الأيام اللاحقة لأن الزمن لا يعود للوراء وهو الشيء الوحيد الذي لا يمكن التعويض عنه.
ماكنت سأرضخ للقبول به مرغماً لا راضياً قبل أشهر،الآن لست مضطراً لقبوله فالعروض تكثر وتتزايد وأبحث من بينها عن الأفضل والأنسب من حيث الموقع والتجهيز والسعر كما ألتقي بشكل شبه يومي بنماذج من مالكيي الشقق المعدة للإيجار ممن لا زالوا يعيشون بوهم امتلكهم وللأسف الشديد أضحك بداخلي كثيراً لأنهم لا يقرأون ذات الجريدة التي يعلنون بها عن رغبتهم بتأجير منازلهم
-اللهم لا شماتة-