العقيد معمر القذافي…./2/
الولايات المتحدة الأمريكية بنظر وقناعة العقيد معمر القذافي عبر عنها بهذه المقولة:الولايات المتحدة الأمريكية هي دولة الإرهاب.لأنها تفعل كل شيء لزرع الخوف عند الشعوب.إلا أن للشعب الأمريكي مصلحة في إقامة أفضل العلاقات مع الشعب العربي.
لكن هذه ليست من مصلحة الصهيونية,التي تبذل جهودها لإثارة عداء الأمريكيين ضد العرب.وما الدور الدنيء الذي تقوم به الإدارة الأميركية في الشرق الأوسط, إلا نتيجة السيطرة الصهيونية على بلادها.فالصهيونية تستخدم الولايات المتحدة الأميركية لتحقيق أغراضها في الشرق الأوسط.لكن الولايات المتحدة الأميركية قد تستيقظ ذات يوم وتثور, لتنقذ نفسها قبل أن تنهار.
وصاغ القذافي خطة تفصيلية لدحر الصهيونية واقتلاعها,وتحرير الشعوب. ودفع المد الشعبي في أمريكا بعد موت تشي غيفارا. وتتلخص خطته باعتبار الصهيونية هي العدو المشترك للبشرية. ويجب القضاء عليها لإنقاذ العالم من شرورها.ومن هذا المنطلق فإن العرب والأميركيون واليهود معنيون قبل سواهم بهذا الأمر.لأنهم ضحايا الصهيونية,وهم الذين يموتون ويخسرون كل يوم,لكي تستمر إسرائيل .لذلك فهو يتوقع أن يتحالف يوماً ما, كل من العرب والأمريكيون واليهود معاً ضد الصهيونية. فالصهيونية عدو اليهود كما هي عدو العرب المميت.والصهيونية تدفع باليهود ليحاربوا الدول العربية ضد إرادتهم.واليهود لا يعرفون لماذا يحاربون العرب.والصهيونية هي التي تدفع اليهود لخوض حروب ليست حروبهم.فتدمير الدولة اليهودية وآلتها العسكرية في فلسطين, والتي هي إسرائيل هو من سيحرر اليهود من الكابوس الذين يعيشونه.
يعتبر القذافي أن إسرائيل تجرأت وقصفت المفاعل النووي العراقي.ومن حق الدول العربية قصف المفاعل النووي في ديمونا.لأنه يهدد أمن الأمة العربية ,ويجب تدميره من منطلق الدفاع عن النفس.وكان يقول في بعض خطاباته: قلنا لهم أعطونا دولة مجاورة لإسرائيل نعيد لكم فلسطين .إننا نستطيع استعادة فلسطين خلال 24ساعة.يقولون لنا أن الحرب مع إسرائيل ستكون طويلة ,وقد تستغرق من 30 _ 80 سنة.ولكن ما هي إسرائيل؟أنها عبارة عن 10 مدن نستطيع السيطرة عليها خلال 24 ساعة بالطائرات والصواريخ.
ولكنه من بعد الضربة الجوية الأمريكية, التي أعتدت بها الولايات المتحدة الأمريكية على بلاده وعلى مقر إقامته.والحصار الذي فرضته مع حلفائها الغربيين على بلاده.أستخلص دروساً وعبر. لخصها بمواقفه التالية:
• أخذ القذافي مسافة من العالم العربي ,متهماً إياه بالجحود ونكران الجميل.
• نسج القذافي خيوط علاقات جديدة مع أنظمة عربية وإسلامية كالأردن والسعودية ودول الخليج العربي, وعزز ارتباطه معها بعلاقات ودية.
• تحول القذافي بكل شعاراته الوحدوية إلى القارة السمراء.معتبراً أن أفريقيا هي مكانه الطبيعي.ومشيراً إلى عرب أفريقيا بأنهم أفارقة,وأن العرب الذين يعيشون في آسيا بأنهم آسيويون.
• وأن الدول التقليدية بنظره تحتضر وسوف تموت.وأن إفريقيا لم تعرف الدولة,بل عرفت الإمبراطوريات والممالك والإقطاعيات والسلطنات.مثل البانتو والهرسا .لذلك سيكون لها دور باهر في المستقبل.
• قطع القذافي علاقاته مع حركات التحرر الوطني والحركات الثورية في العالم.حيث يقول: أنني قاتلت في مرحلة ما إلى جانب حركات التحرر الوطني في أنغولا,وزيمبابوي وجنوب إفريقيا وناميبيا وبيساو والرأس الأخضر وفلسطين .وأنه حان الوقت الآن لإلقاء السلاح,والعمل من أجل السلام والتنمية وأن هذا هو دوري الآن.لأنها مرحلة جديدة هي مرحلة التنمية والتضامن.أي أنه تحول من دبلوماسية البنادق إلى دبلوماسية الحقائب التي تحتوي بداخلها على معونات وهبات للحكومات والدول.
• طرح القذافي على الساحة الأفريقية لشعارات الوحدة.وحلت دبلوماسيته في أفريقيا محل دبلوماسية الجزائر في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي.كأداة لسياسة الوئام وتخفيف المجاعات ,ووقف المجازر والمذابح,وإطفاء نيران الحروب.وشريكه في ذلك نيلسون مانديلا.ولذلك بات يقول:أن الجيوش وقوات الأمن أنحصر دورها في القيام بالانقلابات ,أو لمحاربة بعضنا بعضاً.
• وجد القذافي: أنه بحاجة إلى السلام والتعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا.وأشاد بجهود الرئيس الأميركي بيل كلينتون لتهدئة الأوضاع في العالم.لأن العالم بنظره قد تغير ولا بد من أخذ ذلك بعين الاعتبار.فالرئيس الأمريكي كلينتون اليوم يتحدث الآن عن الشعب الفلسطيني وليس عن اللاجئين.والولايات المتحدة الأمريكية تستقبل ياسر عرفات ,وتمد له البساط الأحمر,بعد أن كان يعتبر بنظرها إرهابياً.وإسرائيل وأمريكا تبحثان الآن في إقامة دولة فلسطينية مستقلة,وهذا أمر رائع.
• طرح القذافي حلاً للصراع العربي الفلسطيني بإقامة دولة إسراطين تضم اليهود والفلسطينيين.
• طالب القذافي في إحدى مؤتمرات القمة العربية بضم إسرائيل إلى الجامعة العربية.ولم يوضح سبب طلبه هذا. أكان بقصد السخرية,أو هو قناعة جديدة قد تولدت لديه بعد ما تغيير!!!!
هذه المواقف بررها القذافي بخطابه الذي ألقاه في حفل إضاءة الشمعة 31 لثورة الفاتح من أيلول.حين قال: يتساءل العالم لماذا تغيير القذافي؟ولماذا يتكلم لغة جديدة غير معهودة؟ وهل انتهت الثورة؟ وهل الأمر الواقع فرض نفسه؟ وماذا نفعل بالبندقية الآن؟ إلا أن معارضوه يتهمونه بتهم كثيرة نشروها في مواقع كثيرة على الإنترنيت. وهذه التهم طالت أصله وتصرفاته وأفعاله وسياساته ونظامه. وهذه بعض منها:
• هدمه لضريح المجاهد عمر المختار بعد منتصف ليلة 15 تموز 2000م في الساعة الثانية صباحاً في مدينة بنغازي. ونقله الضريح إلى مدينة نائية يقال لها سلوق. لأنه يثير في الليبيين حينما يمرون بقربه كل معاني الإيمان والفخار والعزة والجهاد والذكريات الخالدة.
• وأنه هو من أمر بتفجير طائرة ليبية فوق بنغازي في 22/12/1992م وقتل فيها 157 ليبياً. ووجه التهمة للغرب لمقايضة ضحايا طائرة لوكيربي بضحايا هذه الطائرة المنكوبة.
• وأنه متهم بالتآمر بحقن 400 طفل في مدينة بنغازي بفيروس الإيدز القاتل عام 1997م.ولكن هذا التهمة ثبتت على ممرضات أجانب,والقضاء الليبي هو من فصل بهذه القضية,ولا علاقة للقذافي بها.
• وأنه قام بهدم النادي الأهلي الذي هو امتداد لجمعية عمر المختار.
• وأنه استبدل القرآن الكريم بالكتاب الأخضر. وطعن في الدين وشكك فيه واستهزأ بالرسول محمد صلى الله عليه وسلم حتى قال عن كتابه الأخضر (هو إنجيل العصر الحديث). وهذا يحتاج لدليل.
• وأنه يقول عن الشريعة الإسلامية أنها قانون وضعي كقانون نابليون وكالقانون اليوناني.وأنه حذف كل (قل) من سور القرآن لأنه لا حاجة لها. فهي موجهة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم. وأنه قال أن محمد صلى الله عليه وسلم إنما هو ساعي بريد فقط.وأنه سب الأنبياء عليهم السلام وقال عن نبي الله يعقوب عليه السلام ( إنه وعائلته من أحط العائلات وأشدها كفرا ونفاقا). وأنه أنكر عموم دعوة النبي صلى الله عليه وسلم للجن والإنس. وقال هي محصورة في العرب فقط. وأنه أنكر السنة النبوية وجعل التمسك بها طريقاً وباباً للشرك وعبادة الأوثان والأصنام.وأنه كان يقول أن الكعبة هي أخر صنم لازال باقيا من الأصنام.وأنه يرى أن مسجد الرسول بالمدينة ليس له أي قدسية وأنه كالفاتيكان أو قم بالنسبة للشيعة. وأنه قال بأن لجانه الثورية المخابراتية هي أنبياء هذا العصر.
• وأنه هو من استحل دماء الناس من أبناء شعبه وأبناء غير المسلمين بتفجير الطائرة الأميركية فوق لوكيربي.وتفجير الطائرة الفرنسية فوق النيجر. ثم يعترف ويعتذر. ويدفع أموال الشعب الليبي كتعويض عن غلطته إرضاء للغرب. أما أبناء بلده الذين صلاهم بالحديد والنار وشرَد منهم زهاء 70.000 ألف بين قتيل وسجين وطريد عام 1985م وحدها فليس لهم إلا الشكوى إلى الله.
• وأن ما أنفقه على شهواته وملذاته منذ اعتلاله السلطة عام 1969م إلى تاريخه بلغ 20 مليار دولار.
• وأنه زج بالشباب الليبي في الحروب الخاسرة دونما فائدة في تشاد و أوغندا ولبنان وغيرها
• وأن من أقواله المشهورة,ما ذكره في السجل القومي الليبي 665/11 قوله: أنا لا أتكلم كليبي طز في ليبيا وفي كل البلاد العربية.و في النهاية تمنيت لو أني لم أكن عربياً.يا ليت أصلي غير عربي كردي أو أسباني.وانه هو من قال:أنا لست ضد اليهود ولا ضد بني إسرائيل, بل على العكس فإن بني إسرائيل وبني يعقوب هم ساميون وأبناء عمومة العرب.
• وأنه قتل 600 سجين أضربوا في سجن أبو سالم في طرابلس فأمر بإعدامهم رمياً بالرصاص.
• وأن منظمة العفو الدولية في وثيقتها رقم MDE19/004/2002 تقول أن عشرات المهنيين والطلاب مهددون بمحاكمة جائرة,واحتمال صدور أحكام بالإعدام عليهم.
• وأنه يتخذ من السابع من ابريل موعداً سنويا لتنفيذ أحكام الإعدام.لأنه يوافق عيد الفطر التلمودي.
• وأنه أمر بهدم ضريح سيدي حمودة, وهو أحد المجاهدين الذين حرضوا أهالي طرابلس على اليهود. فقتله اليهود ثم هدم القذافي ضريحه عام 1980م,وجعله موقفاً للسيارات بميدان الشهداء بطرابلس.وأنه يدعم حركة أبناء الرب التي يتزعمها اليهودي (موشي ديفيد) ويغدق عليها الأموال.
• وأنه تم رصد حالات التخريب والتدمير والتحرش وإثارة النزاعات بين الدولة التي تدخل فيها القذافي فبلغت 130 حالة. وأنه دعم ودرب وساند أكثر من 14 منظمة إرهابية.
• وأنه تبرع بمليون ونصف المليون مارك لنادي ايذارلون, مقابل وضع صورته على ملابسهم .كما ذكرت جريدة الأهرام 6 في عددها الصادر بتاريخ 6/12/1987م.
• وأنه ساهم بدور فعال بوقف الهجرة الغير شرعية للأفارقة وعرب شمال أفريقيا إلى دول أوروبا.
أما القذافي فيعتبر أن الانتفاضة التي تشهدها بلاده ليست سوى مؤامرة خطط لها من خارج ليبيا وشاركت فيها الولايات المتحدة الأميركية وبعض دول أوروبا وتنظيم القاعدة.وأنهم هم من جندوا وسلحوا المرتزقة والمجرمون ومدمنو المخدرات وحبوب الهلوسة.وهؤلاء قاموا بمهاجمة مخافر الأمن والشرطة والمعسكرات ودوائر الدولة, وأشعلوا فيها النيران بعد أن قتلوا حراسه, وعرضوا أمن ليبيا وشعبها للخطر. ووصف المتظاهرين بالجرذان وأنهم مدمنو حبوب هلوسة ومخدرات, وأنهم عملاء للولايات المتحدة الأمريكية وأبن لادن و الزرقاوي.كما أنه اتهم أجهزة عربية شقيقة بالتغرير بالشعب الليبي وخيانته,وتقديمها صورة سيئة له,ووصفها بأجهزة الخيانة والعمالة والرجعية والجبن.و أنه لو كان رئيساً لقدم استقالته.وأنه ليس بابن علي أو مبارك. والسلطة ليست بيده وإنما بيد الشعب. وأنه لا يمانع بوضع دستور للبلاد. و إلغاء الجان الشعبية, وإعادة توزيع الثروة على الشعب.
والحرب مازالت دائرة على أشدها بين القذافي ونظامه وبين قوى الانتفاضة. وكل طرف يتهم الآخر بأنه هو من يرتكب الأعمال الإجرامية والإرهابية والتخريبية و التدميرية. وقد دخل على خط الصراع الدائر بين القذافي والمنتفضون عليه أطراف أخرى.كهيئة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي وجامعة الدول العربية,والإدارة الأمريكية وحكومات أوروبية أخرى وحتى حلف الناتو والأساطيل الأميركية.كما أن الإعلام نشطٌ على كلا الجبهتين, ويزيد النار ضراوة واشتعالاً.حيث تنقل كل واسطة إعلامية أخبار تصب في صالح الطرف الذي تصطف معه وتسانده وتتفق ووجهة نظره وموقفه. ويتهم القذافي من كل من أمين عام الأمم المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية وبعض حكومات الدول الأوروبية القذافي بأنه أستخدم القوة المفرطة ضد الشعب الليبي. وأنه أرتكب جرائم حرب بقصفه قوى الانتفاضة وبعض المدن الليبية بالطائرات والمدفعية.وأنه هدد المتظاهرين برد شبيه لقصف الجيش الروسي للبرلمان مطلع التسعينات من القرن الماضي.أو سحقهم بنفس الأسلوب الذي سحقت فيه الحكومة الصينية حركة تيان ان مين في بكين في أواخر الثمانينات من القرن الماضي. والرئيس الأمريكي باراك أوباما يطالبه بالرحيل بينما هناك أصوات في الإدارة الأميركية لا تتفق وموقف الرئيس أوباما.أو هم متفقون جميعاً على إطالة فترة الصراع وتحويله إلى حرب أهلية أو فتنة طائفية ومذهبية أو عربية أفريقية. وتصرف البنتاغون الذي حرك بعض قطعه البحرية إلى الشاطئ الليبي يؤكد ذلك.فالولايات المتحدة الأمريكية التي كانت هي من دفعت بمجلس الأمن الدولي لاتخاذ قرار بتشديد الحصار على ليبيا, وإحالة الموضوع إلى محكمة جرائم الحرب الدولية, وتجميد أموال القذافي وأسرته ورموز نظامه في المصارف الأجنبية. والمستغرب أنها لم تتطلب من مجلس الأمن الدولي حرية التدخل والتصرف. وهذا ما يتذرع فيه وزير الدفاع الأمريكي بأن القوات الأمريكية التي تحشدت أمام الشاطئ الليبي لا تملك التفويض بالتدخل العسكري في ليبيا. وربما أن سبب عدم طلبها هذا التفويض بالتدخل في الشأن الليبي إنما يعود لهذه الأسباب التالية:
1. أن نزول القوات الأمريكية في المناطق التي هي تحت سيطرة قوى الانتفاضة سيواجه بالرفض من هذه القوى.لأنه سيسيء لهذه القوى,وستتهم على أنها متواطئة مع الخارج لإسقاط نظام بلادها.وهذا سوف يفقدها الدعم والتأييد الليبي والعربي والإسلامي والدولي. وحينها سيتهمون بالعمالة للخارج.
2. أن احتلال ليبيا من قبل القوات الأمريكية, سيجابه برفض عربي وإسلامي ودولي,ورفض روسي وصيني. وستجد القوات الأمريكية نفسها في وضع أشد مرارة من وضعها في أفغانستان والعراق.
3. ومهاجمة القوات الأمريكية للمناطق التي هي تحت سيطرة القذافي سوف ينظر إليه على أنه عدوان أمريكي على ليبيا. وستصطف شعوب العالم مع القذافي في مواجهة هذا العدوان الأمريكي الجديد.
ولهذه الأسباب ربما قد يطول الحدث الليبي,و ربما قد يشهد تطورات ومفاجآت جديدة لم تك بالحسبان.