اليسا تغير سياسة روتانا
لم يعد أمام أي شركة إنتاج عربية تبتغي الحفاظ على حقوقها المادية والمعنوية فرصةً للفرار من القرصنة الإسرائيلية على التراث الفني بطرق شرعية، لا بل بات بإمكان الملحنين العرب، الاستفادة المادية والمعنوية من فنانين عبريين ولو رغماً عنهم
لذا لم يكن مفاجئاً أن تقوم الفنانة الإسرائيلية سيرين حداد بوضع صوتها على لحن لبناني، واسمها إلى جانب اسم صاحب اللحن سليم سلامة، إلا لمن يجهل بنود العقد الذي يوقعه كل فنان مع شركة الساسيم وهي جمعية المؤلفين والملحنين التي تضع في قائمة أولوياتها حماية الحقوق الفكرية، إذ يقوم الملحن بالتنازل عن أغنيته للجمعية، التي يحق لها فيما بعد التصرف باللحن مقابل الحفاظ على حقوق الفنان، وهي النقطة التي سبق أن حذر منها أكثر من فنان، دون أن تجد تجاوباً من أصحاب القرار الذين وقعوا في فخ يبدو الخروج منه صعباً.
فقبل أيام، انتشرت أغنية «ع بالي حبيبي» للفنانة إليسا بلغة عبرية، وكان الأمر ليمر مرور الكرام لو كانت الأغنية مقرصنة، كما سبق ان حصل مع أكثر من فنان لبناني، وآخرهم الفنانة ميريام فارس التي فوجئت بفنانة إسرائيلية تستنسخ أغنية وكليب «إيه اللي بيحصل» الأمر الذي أحالته إلى شركة «ميلودي» التي تولت النظر في القضية من الناحية القانونية، نافية أن تكون قد باعت حقوق الأغنية إلى المغنية الإسرائيلية.
تصفية حسابات أم ماذا؟
روتانا لم تنج من اتهام ببيع الأغنية ومعها أرشيف الشركة إلى فنانين عبريين، في تتويج للصفقة التي تمت بين صاحب الشركة الأمير الوليد بن طلال، وأمبراطور الإعلام روبرت مردوخ، الذي خرج الأمير قبل أيام لينفي عنه تهمة «اليهودية» المنسوبة إليه، رغم مواقفه المتطرفة التي يجاهر بها من خلال الأسطول الإعلامي الذي يملكه.
وفي أول رد منها لنفي تهمة بيع أغانيها لإسرائيل، أكدت الشركة في بيان صحفي أنها لا ترخص حق الأداء العلنيّ العائد لأصحاب حقوق المؤلف، لا بل إن أصحاب الحقوق تنازلوا عند انضمامهم للساسيم عن هذا الحق لها فأضحت الجهة الوحيدة المخولة قانوناً ترخيص هذا الحق في العالم مباشرة أو بصورة غير مباشرة عبر الشركات المحلية في كل دولة والمتعاقدة مع الساسيم من خلال منظمة السيساك بحسب البيان، الذي اعتبر أنه إذا كان فعلا هنالك ترخيص أداء علني صدر عن الشركة العاملة في الأراضي المحتلّة (شركة عاكوم) فيكون أصحاب الحقوق أنفسهم المسؤولين الوحيدين عن إمكان حصول هكذا أمر لكونهم انضموا الى الساسيم دون استثناء الأراضي المحتلة، في اتهام واضح وصريح للفنانين والملحنين ببيع أعمالهم الفنية إلى إسرائيل ولو بطريقة غير مباشرة، وهو اتهام يدخل في إطار تقاذف المسؤوليات الذي انطلق منذ أن انتشر خبر بيع لحن «عبالي حبيبي» بطريقة شرعية إلى سيريت حداد الإسرائيلية.
سلاح القضاء
ووضعت روتانا الهجوم الذي يشن عليها في خانة تصفية الحسابات، داعية وسائل الإعلام إلى تجنب كتابة أي خبر عنها قبل مراجعتها، شاهرةً سلاح القضاء أمام من يسوّل له قلمه التطاول على الشركة التي يبدو أنها قررت اعتماد استراتيجية إعلامية جديدة.
تقاذف المسؤوليات
وكانت شركة روتانا قد نفت كناشر لأعمال العديد من أصحاب الحقوق هؤلاء أن تكون قد أصدرت أو في صدد إصدار أي ترخيص تكييف لأي من هذه الأعمال لأي مؤد في الأراضي المحتلة، داعية من يزعم العكس أن يقدم الدليل الموثق تحت طائلة الملاحقة القانونية والتي لن تتوانى الشركة في اتخاذها وضعا للأمور في نصابها القانوني السليم ومنعا للضرر المتفاقم بحسب البيان.
الشركة التي اعتادت تجاهل أي هجوم يطالها، يبدو أنها لن تسكت بعد اليوم على ما اعتبرته غايات مبيتة ومغرضة تجاه الشركة، مبدية استيائها مما يشاع دون ورع وكأنه بالامكان التعرّض لعروبتها ولانتمائها المعروف الهوية هكذا وبكل بساطة بحسب البيان.
وكان للإعلام اللبناني حصة من دفاع الشركة الهجومي، إذ اعتبرت أن هذا الإعلام أصبح يتعاطى بخفية مطلقة وبقلة مسؤولية في المواضيع الفنية كافة حتى تلك المتعلقة بالعدو الصهيوني وكأن الامر مزحة، معتبرة أن هذا التعاطي غير المسؤول لا يساهم فقط في التعتيم على المعتدي على الحقوق ألا وهو الكيان الغاصب في الأراضي المحتلة لا بل إنه يساعد هذا الكيان على تشويه سمعة وصورة أكبر منتج وناشر عربي يستثمر ملايين الدولارات في الاقتصاد اللبناني وكأن المطلوب ان تقفل الشركة مكاتبها في لبنان وأن ينزل في اقتصاد هذا البلد المزيد من الضرر، في ما يشبه التهديد المبطن.
ملكية فكرية
واعتبرت الشركة أن الحقوق العربية مهدّدة للاعتداء عليها من قبل اسرائيل نتيجة التطور التكنولوجي وانعدام الاستراتيجية العربية الشاملة لبناء اقتصاد ملكية فكرية سليم واستراتيجية تحدّد الاولويات في هذا المجال، ووجهت دعوة إلى المجتمع العاقل والمقاوم الى ورشة وطنية حول هذا الموضوع يرتكز بصورة أساسية على التوعية والتثقيف لا سيما لاصحاب الحقوق، وعلى إلزام الإعلام بالتعاطي بمسؤولية في المواضيع الحساسة والتي تتعلق بالأمن القومي اللبناني والعربي وبقيام الدولة بلعب دورها وتحديد المفاهيم الأساسية التي يجب أن تحكم التبادل الثقافي في هذا المجال بما لا يضرّ بالشركات التي تساهم في الاقتصاد اللبناني ويحافظ على التعدد الثقافي هذا في الوقت نفسه.
وهددت الشركة في نهاية بيانها، بحق اتخاذ التدابير القانونية كافة في القريب العاجل ضدّ كل من سوّلته نفسه اتهامها في موضوع التعدّي على لحن الملحن سليم سلامة وتتمنى من الوسائل الإعلامية كافة توخي الحرص والدقة فيما تنقله من أخبار واختيار أشخاص مشهود لهم في مضمار الملكية الفكرية وليس مما له مصالح وحسابات ضيّقة ضد الشركة ويعتقد أن عبر زجّها في هكذا موضوع بإمكانه تصفية حساباته معها.
وبناءً على ما تقدم، طلبت الشركة من الوسائل الاعلامية كافة عدم ذكر أي خبر عنها من الآن وصاعدا قبل إعلامها به وأخذ موافقتها الخطيّة عليها منعا للضرر وحرصا على الحقيقة.