إغراق الأسواق السورية ببعض المنتجات يستدعي التحرك والمعالجة
في ظل السجال القائم بين التجار والصناعيين حول المستوردات السورية من دول اسيا نلاحظ أنه إلى الآن لم يتخذ الإجراء المناسب للحد من ذلك أو معالجته عبر اعتماد التجار والصناعيين وسائل تدعم منتجاتنا الوطنية وتكون منافسة بالسعر والجودة.
ومنذ اشهر عدة أبدى الصناعي السوري انزعاجا من دخول المنتجات الصينية المعروفة عالميا برخص ثمنها وجودتها إلا أنه من المهم التفريق بين الإغراق الذي يتم بشكل مقصود لسوق معينة وبين سمة صناعة معينة إذ هناك الكثير من الدول وضعت للصناعات الرخيصة المستوردة سقوفا محددة من الكمية.. أي أن الابواب ليست مفتوحة على مصراعيها أمام المستوردات الأجنبية… وادراكا من الحكومة لخطورة هذا الموضوع تم إصدار القانون 42 لعام 2006 الخاص بحماية الإنتاج الوطني من الممارسات الضارة في التجارة الدولية كخطوة مهمة لاستكمال البنية التشريعية في إطار مسيرة الإصلاح الاقتصادي والتوجه نحو اقتصاد السوق الاجتماعي والتحرير التدريجي لقطاع التجارة الخارجية .
ويقول غسان العيد معاون وزير الاقتصاد والتجارة أن هذا القانون وتعليماته التنفيذية الصادرة في 20-2-2007 يهدف إلى معالجة الممارسات الضارة في التجارة الدولية مع سورية في حالات الإغراق التي تسبب ضررا أو تهدد المنتج الوطني وفي حالات الدعم غير المشروع الممنوحة من الدول لصادراتها إلى سورية والضرر الناتج عن الزيادة غير المبررة في المستوردات.
واضاف العيد نظرا لدقة المواضيع التي يغطيها القانون بعد احتواء الكثير من المصطلحات والمفاهيم والإجراءات الفنية الدقيقة ونظرا إلى الحاجة الملحة لنشر الوعي لدى الفعاليات الاقتصادية الوطنية المعنية خاصة المنتجين المحليين بشأن أحكام هذا القانون قامت الوزارة بإصدار دليل حماية الإنتاج الوطني من الممارسات الضارة في التجارة الدولية ليكون معينا للمنتجين المحليين لمساعدتهم في معرفة القانون وتعليماته وشرح المفاهيم والمصطلحات الواردة فيه واستعراض الخطوات والإجراءات المطلوبة مع تضمينها الاستمارات الضرورية كافة لتقديم الشكاوى المتعلقة بالإغراق والدعم والزيادة الطارئة في الواردات.
واشار إلى أن الوزارة عقدت خلال الاسبوع الماضي دورتين للتعريف بقواعد مكافحة الإغراق والدعم والإجراءات الوقائية وتطبيقات قواعد مكافحة الإغراق بالتعاون مع الوكالة الألمانية للتعاون التقني جي تي زد بهدف دعم الكوادر الوطنية المعنيين منهم بتطبيق أحكام القانون 42 بما يحقق الأهداف المنوطة به لدرء الأخطار التي يواجهها المنتجون المحليون نتيجة الممارسات الضارة في التجارة الدولية.
وكانت الغزول السورية اتهمت قبل أربعة أعوام من قبل دول الاتحاد الأوروبي بممارسة الإغراق.. وقد حدثت الأزمة في العام 2002 و 2007 مع مصر بذريعة ممارسة الغزول السورية المصدرة حالة الإغراق وهذا الأمر لم يحفز الوسط الاقتصادي والصناعي والتجاري على قراءة الإغراق بشكل علمي والتعامل معه باعتباره سيكون بعد التوقيع النهائي على اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي ودخول سورية منظمة التجارة العالمية منذ بداية المفاوضات وحتى نهايتها أحد مفردات التعامل التجاري بين سورية والوسط الخارجي .
ما نتمناه أن يتقدم عدد من الصناعيين والشركات الصناعية بشكاوى إلى الجهات المعنية تتحدث فيها عن ممارسة بعض المنتجات المستوردة حالة الإغراق في السوق السورية لكن يبدو أننا سنظل نتعامل وننظر إلى السوق المحلية من منظور الحماية والتكلفة العالية لمنتجاتنا الوطنية .
ولمعرفة قواعد مكافحة الإغراق والدعم والإجراءات الوقائية بين محمودعبيد رئيس وحدة مكافحة الإغراق والدعم والوقاية ان الإغراق يعد أحد الممارسات التجارية غير المشروعة في التجارة الدولية والتي تتم من خلال تصدير المنتج بسعر يقل عن سعر بيعه لأغراض الاستهلاك المحلي في البلد المصدر أو باقل من قيمة تكلفته ومايلحق بها من نفقات أو بسعر يقل عن سعر تصديره إلى بلد ثالث ويعرف سعر البيع في أسواق البلد المصدر بالسعر العادي فيما يعرف سعر الصفقة الذي يحصل عليه المصدر بسعر التصدير.
وأكد عبيد أن عمليات الإغراق تعطي الحق للسلطات المحلية في الدولة المستوردة لاتخاذ اجراءات علاجية لمواجهتها عبر فرض رسوم تعويضية على المنتجات المغرقة تعرف برسوم مكافحة الإغراق بشرط أن تكون الزيادة غير المبررة لمستوردات منتج إلى سورية غير الناجمة عن عملية الإغراق أو الدعم وبكميات متزايدة سواء اكانت هذه الزيادة بشكل مطلق أم منسوبة إلى الإنتاج الوطني وتسبب في التهديد بأضرار جسيمة بالمنتجات الوطنية المثيلة أو المنافسة لها بشكل مباشر .
وتعد عملية ممارسة الإغراق للأسواق ليست دليلاً على قوة دولة معينة أو منتج معين وذلك لأنه إذا كان المنتج ينتج سلعته بطريقة اقتصادية وأسلوب سليم فإن سلعته سوف تكون منافسة للسلع المثيلة التي ينتجها الآخرون من حيث السعر والجودة، وبالتالي يحصل على نصيب مناسب من السوق ويحقق أرباحا مناسبة دون اللجوء إلى الإغراق للسوق المحلي أو الأجنبي لإخراج المنافسين له والسيطرة عليه أما إذا كان المنتج ضعيفًا ولديه مشاكل مثل سوء إدارة وعمالة زائدة أو غير مدربة أو لديه إهدار في الإنتاج فإن صناعته ستكون غير تنافسية ويخشى المنتج في هذه الحالة من منافسيه الآخرين.
والإغراق ينقسم إلى أنواع عدة أهمها الإغراق الخارجي ويكون عندما تقوم دولة ما بإغراق أسواق دولة أخرى بتصدير سلعة إليها بأسعار تقل عن تكاليف إنتاجها وهذا النوع تمارسه الدول المتقدمة والنامية على السواء مثل إغراق الأسواق الأمريكية بالصلب الياباني والروسي.
وهناك الإغراق الداخلي وهذا النوع يتم في حالة قيام شركة بطرح سلعة في السوق المحلي بسعر يقل عن تكاليف إنتاجها لإخراج منافسين محليين وفي هذه الحالة تتبع الشركة خطة "دع السوق يتنفس صناعيا وحطم عظام المنافسين حتى تسلم السوق ويموت المنافسون ثم يتم بيع السلعة بالسعر الذي تحدده إضافة لذلك هناك الإغراق المؤقت.. وهو الإغراق الذي تلجأ إليه الدول عندما تمر بظروف اقتصادية غير مواتية مثل حالات الكساد أو أزمات الاقتصادية مثلما فعلت دول جنوب شرق آسيا خلال العامين الأخيرين إذ طرحت منتجاتها بأسعار منخفضة لتنشيط صادراتها وزيادة إيراداتها بشكل يساعدها على مواجهة أزمتها المالية.
وتعد الصين من أكثر دول العالم التي لديها قضايا إغراق كمتضرر أو كممارس له فهي الدولة الأولى في العالم التي مرفوع ضدها قضايا للإغراق وكذلك الدولة المفروض على صادراتها أكبر رسوم لمكافحة هذا الإغراق .
وفي ظل انتشار الإغراق من المهم أن يكون لدى الدول النامية إستراتيجية لمواجهة هذه السياسات غير المشروعة التي تضر بالاقتصاد القومي والأهم من ذلك كله يجب توعية المستهلك في هذه الدول بأن الإغراق قد يوفر له سلعه قليلة الثمن في الأجل القصير لكنها قد تدمر صناعة محلية بكاملها في الأجل الطويل ما يعني فقدان العمال لوظائفهم وصعوبة تأمين عمل في المستقبل والأخطر من ذلك أنه بعد عدة سنوات قد يجد المستهلك نفسه مضطرا لشراء هذه السلعة بثمن باهظ دون أن يجد بديلا لها أو منافسا لمن يبيعها له .