نشطاء مصريون يطلقون حركة “عوانس من أجل التغيير”
أطلق نشطاء مصريون حركة اجتماعية عبر موقع الفيس بوك على شبكة الإنترنت تهدف إلى الدفاع عن حقوق العانسات أمام ما يسمونه بالظلم الاجتماعي والنظرة السلبية إليهن، وتضم الحركة عددا من الخبراء النفسيين والاجتماعيين والإعلاميين ورجال الدين.
وتقول يمنى مختار "27 سنة" مؤسسة حركة "عوانس من أجل التغيير" : إن الهدف من إطلاق الحركة هو تغيير صورة العانس السلبية في المجتمع، وكذلك تغيير ثقافة الزواج لدى العانسات، على اعتبار أن الزواج ليس الوسيلة الوحيدة لتعمير الأرض فهناك العمل الخيري والتطوعي وخلق أهداف جديدة في الحياة.
وتؤكد د. فيروز عمر الطبيبة النفسية والعضوة بالحركة ذاتها في حديثها على أهمية "التمكين" للمرأة أو ما تسميه بامتلاك أدوات الحل لتغيير واقع العوانس، مرجعة السبب في انتشار الظاهرة إلى طلب الشباب مقاييس عالمية للجمال في شريكة الحياة.
وتقول د.فيروز إن أحدث إحصاءات للجهاز المركزي المصري للتعبئة والإحصاء أفادت أنه يوجد في مصر 10 ملايين إمرأة تخطين الثلاثين عاما ولم يتزوجن، نصفهن من الفتيات، وهو ما يجعل من هذه الظاهرة صداعا في رأس المجتمع.
عانس أم مطلقة
ويأتي ضمن أهداف الحركة تغيير الصورة الذهنية السلبية عن "العانس" والتي لم يحالفها حظ الزواج، خاصة من قبل الأهل في المنزل وزملاء العمل، وهذه النظرة تتحول إلى نوع من اللوم والتحريض على قبول الزواج من أي شخص لا تحبه والنتيجة أنها تتحول بعد فترة وجيزة من "عانس" إلى "مطلقة".
وتؤكد المتحدثة على أهمية تغيير ثقافة المجتمع عن الزواج، والعمل من أجل استعادة الرومانسية المفقودة التي اندثرت تحت سطوة الماديات، وتوفير معلومات عن الاختيار المناسب لشريك الحياة، والوقوف ضد "زواج الصالونات" الذي يحول المرأة إلى سلعة رخيصة تعرض على الناس فمنهم من يرغب في الشراء أو من لا يرغب.
وتقول يمنى مختار مؤسسة الحركة وهي غير متزوجة: الزواج ليس الوسيلة الوحيدة لتعمير الأرض ومن الممكن أن تشارك الفتيات العوانس في بناء المجتمع من خلال العمل الخيري أو التطوعي وخلق أهداف جديدة في الحياة.
وتؤكد: لا يعنى هذا أنها حركة ضد الزواج وضد السنن الكونية في تكوين أسرة وتربية الأولاد ولكننا ضد الانتظار السلبي للزوج في بيت الأهل وضد إهدار طاقة المرأة.
وتضيف "كثير من الآباء والأمهات يضيقون زرعا ببناتهن العانسات، وكأنهن مجرمات، في حين أنهن ضحايا لظروف اجتماعية واقتصادية سيئة وفي حاجة إلى من يمد لهن يد العون".
وتضم الحركة، إضافة إلى عشرات النشطاء عبر موقع "الفيس بوك" مجموعة من الخبراء النفسيين والاجتماعيين والإعلاميين ورجال الدين بينهم الكاتبة والإعلامية بثينة كامل، ود.سعاد صالح الأستاذ بجامعة الأزهر، ورجال ونساء من المتزوجين والذين يمكن أن يسهموا في وضع تصورات وحلول للمشكلة.
من "الفيس بوك" إلى المجتمع
وحول ما إذا كانت هذه الحركة الاجتماعية الجديدة ستؤثر في تغيير الواقع تقول د. فيروز عمر الطبيب النفسية والعضوة بالحركة "التأثير أو عدمه يتوقف على عدد من العوامل أولها أن هذه الحركة يجب أن تقوم بامتلاك دور التغيير في الواقع، وألا يتوقف الأمر عند مهمة الإعلام والعمل من أجل تأسيس شبكة علاقة مع المؤسسات الاجتماعية والدينية وغيرها من المؤسسات المعنية بالأمر".
وثاني هذه العوامل ـ بحسب المتحدثة ـ القدرة على ابتكار حلول جديدة لحل مشكلة "العنوسة" والخروج عن الحلول المألوفة بحيث تكون حلولا بديلة داخل إطار الشرع والأخلاق.
وتضيف: ثالث هذه العوامل هو عدم الاكتفاء بوسيلة إعلامية واحدة للتغيير، ولكن من خلال تفعيل دور الدراما والفضائيات في حل المشكلة، فكما أنها رسخت صور الفتاة الجميلة كنموذج وحيد، فإنها مطالبة برسم صور أخرى للمرأة متوسطة الجمال المحبوبة والتي لديها صفات أخلاقية وسلوكية تعوض صفة الجمال النموذجي لديها.
وتؤكد د.فيروز عمر على أهمية "التمكين" للمرأة أو ما تسميه بامتلاك أدوات الحل والتوعية بفكرة إحياء دور الخاطبة مثلا، وبناء شبكة علاقات مع الجمعيات الأهلية والمؤسسات الدينية بما فيها المسجد والكنيسة والتي يمكن أن تسهم في تغيير واقع العوانس.
وتطالب د.فيروز بإشراك العوانس وغير المتزوجين من الجنسين ذكورا وإناثا، حتى لا يتصور أحد أن مشكلة العنوسة تقتصر على الإناث وأن الإناث تستجدي أزواجا، وكأن الذكور لا يعانون مشكلة.
أسباب نفسية وراء العنوسة
وتؤكد د. فيروز إن المشكلة الاقتصادية ليست السبب الرئيس للعنوسة وإنما الأسباب النفسية هي الأهم، ووضع مقاييس عالمية من الجمال في المرأة التي يريد أن يتزوجها الشاب، وهو ما يفسد مفهوم "السكن" الذي ذكر في القرآن الكريم، وكذلك بناء أسرة في الحياة.
وتحذر د.فيروز عمر من المخاطر الجمة الناجمة عن ظاهرة العنوسة وفي مقدمتها انتشار أنواع الزواج البديلة كزواج المسيار والمتعة والزواج العرفي وزواج المصياف والسياحي وغيرها.
وبخلاف ذلك فالعنوسة تكون سببا في انتشار العلاقات غير الشرعية نتيجة للكبت النفسي والحرمان العاطفي الذي سرعان ما يتحول لعلاقات محرمة من الممكن أن تعمل على هدم البناء الاجتماعي للمجتمع.
وتؤكد المتحدثة أن زيادة ظواهر التحرش الجنسي بشكل مرعب في الشوارع والمواصلات العامة والانحرافات الأخلاقية مؤخرا هو أحد إفرازات ظاهرة العنوسة والذي يتطلب مواجهة مجتمعية جادة حتى لا نفاجأ كل يوم بمزيد من الأمراض الناجمة عن هذه المشكلة.