الأندية الإيطالية : قمة ساخنة لحسم اللقب
عندما تولى ليوناردو إدارة إنترناسيونالي في الخامس والعشرين من ديسمبر/كانون الأول الماضي، كان حامل اللقب الأوروبي يتخلف بثلاث عشرة نقطة عن غريمه التقليدي إي سي ميلان في جدول ترتيب الكالتشيو. وفي غضون ثلاثة أشهر،
تمكن أبناء قلعة نيرازوري من تقليص الفارق إلى نقطتين على بعد ثماني جولات من نهاية المنافسات. بل وبات بإمكانهم الانقضاض على الصدارة في حال فوزهم على جيرانهم في ديربي عاصمة لومبارديا نهاية هذا الأسبوع.
وقال زلاتان إبراهيموفيتش مهاجم ميلان "إذا أضعنا اللقب من بين أيدينا فسنكون قد ارتكبنا خطأ فادحاً." ولعل الهداف السويدي سيتحمل جزءاً كبيراً من المسؤولية لو تخلت كتيبة الروسونيري عن الصدارة بعد موقعة السبت المرتقبة، والتي سغيب عنها بسبب الإيقاف بعدما صدرت منه حركة مشينة لا مبرر لها في مباراة فريقه ضد باري.
وبين حيرة أليجري في إيجاد الوصفة السحرية الكفيلة بإيقاف مسيرة انتصارات الإنتر وسعي ليوناردو إلى الحفاظ على زخم فريقه، ولكي نقرب لكم الصورة العامة التي رسمها الفريقان قبيل دخولهما غمار معركة حاسمة على ملعب سان سيرو.
في 14 نوفمبر/تشرين الثاني 2010، كان إبراهيموفيتش قد ضرب عصفورين بحجر واحد. فقد منح الفوز لميلان (1-0) بعد ترجمة ركلة جزاء داخل مرمى زملائه السابقين. كما أكد بقوة دوره الحاسم في قلب هجوم روسونيري، ليصبح قائد الخط الأمامي في الفريق، حيث نجح في إبهار المدرب أليجري بقوة شخصيته ونجاعته فوق المستطيل الأخضر. وقد وضع المدير الفني خط وسط من الطراز الرفيع تحت إشارة الهداف المتألق، معزَّزاً بكل من جينارو جاتوزو وكلارنس سيدورف وتياغو سليفا وماثيو فلاميني، قبل أن ينضم إليهم الساحر أنطونيو كاسانو، الذي ما زال يبحث عن فرصة لإثبات الذات.
تنبؤات أليجري
بدأت الشكوك تحوم حول مسيرة ميلان بعد خروجه من دوري أبطال أوروبا على يد توتنهام. فقد تراجع أداء الفريق وأخذ يفقد النقاط تلو الأخرى في جدول الترتيب، بسبب كثرة إصابات لاعبيه، ولاسيما صانع الألعاب الثاني ماسيمو أمبروزيني، ناهيك عن كثرة حالات الإيقاف في صفوفه، حيث كان إبراهيموفيتش آخرها ليُحرم من المشاركة في الديربي واللقاء الذي يليه. وكان أليجري قد تنبأ بعودة نجوم النيرازوري إلى التنافس بقوة على اللقب حتى بعد هزمهم في مباراة الذهاب، إذ قال مدرب ميلان حينها "سيعود إنتر إلى السباق على درع السكوديتو، وهذا يحتم علينا أن نواصل الضغط حتى الرمق الأخير."
لقد كان ابن الثالثة والأربعين محقاً في كلامه. فقد عاد أبطال إيطاليا خمس مرات متتالية بخطى ثابتة إلى القمة واسترجعوا تألقهم بالتدريج بعد مرحلة ذهاب متعثرة اضطرت معها إدارة النادي إلى تغيير المدرب. إذ بدأ إنتر الموسم مع رافائيل بنيتيز الذي واجه مشاكل كثيرة في إعادة بث الحماس والإثارة في نفوس لاعبيه الذين فازوا بكل الألقاب الممكنة العام الماضي. كما لم ينجح الداهية الأسباني في التخلص من شبح جوزيه مورينيو الذي بات مرجعاً لكل من يتولى إدارة الفريق بعدما قاده إلى المجد بشخصيته القوية ومزاجه الصارم ودهائه التكتيكي الكبير. لكن اللعنة الكبرى التي طاردت بنيتيز تمثلت في كثرة الإصابات وتكرارها، إذ تعين عليه خوض عدد من المباريات الحاسمة في ظل غياب 13 من لاعبيه الأساسيين.
وبعد رحيل ابن الخمسين ربيعاً، بدأ المصابون يعودون إلى التنافس شيئاً فشيئاً، باستثناء والتر صامويل، الذي سيغيب حتى نهاية الموسم، علماً أن ليوناردو وجد في الشاب الصاعد أندريا رانوكيا خير خلف للمدافع الأرجنتيني المتألق. كما حصل الداهية البرازيلي على ما حُرم منه بنيتيز، حيث وافقت إدارة الإنتر على تعزيز هجوم الفريق بانتداب جيامباولو باتزيني الذي سرعان ما أخذ مكانه كرأس حربة أمام صامويل إيتو وويسلي شنايدر ودييجو ميليتو. ولم يتأخر ابن الواحدة والأربعين في كسب ثقة لاعبيه ورئيس النادي وجماهيره، حيث تميز بقدرته الفائقة على التواصل مع نجوم الفريق فضلاً عن أسلوبه التكتيكي المبني على الفرجة والإمتاع والنجاعة.
إنجاز المهمة
بدأ إنتر يتسلق المراتب ويحصد النقاط مع توالي الأسابيع إلى أن أصبح على بعد اثنتين عن غريمه الأزلي، مستفيداً من انتصارين ثمينين في مباراتيه المؤجلتين بسبب مشاركته في كأس العالم للأندية 2010 FIFA، الذي فاز به نهاية العام الماضي في أبو ظبي. وفي المقابل، فرط ميلان في نقاط عديدة خلال الأسابيع الأخيرة.
وقال المخضرم الصربي ديان ستانكوفيتش، الذي مازال يقدم الكثير لكتيبة النيرازوري رغم فقدان مقعده داخل التشكيلة الأساسية: "لقد وضعنا نصب أعيننا مهمة واضحة المعالم: استعادة أكبر عدد ممكن من النقاط بحيث يمكننا الإنقضاض على القمة مجدداً يوم الديربي. لقد حققنا شيئاً هائلاً مع ليوناردو."
وبالفعل، حقق إنتر إنجازاً باهراً بعد تمكنه من العودة ببطاقة التأهل إلى ربع نهائي دوري الأبطال من عقر دار بايرن ميونيخ، علماً أن حامل لقب القارة العجوز كان قد خسر على أرضه في مباراة الذهاب. ولعل هذه الإنتفاضة ساهمت بشكل كبير في حشد همم أبناء ليوناردو والرفع من معنوياتهم قبيل دخول المنعرج الحاسم هذا الموسم.
ولا شك أن ماسيميليانو أليجري يدرك تماماً مدى أهمية مباراة الديربي. صحيح أن فريقه ما زال يتربع على الصدارة بفارق بنقطتين عن كتيبة نيرازوري، بيد أن موقعة السبت تبقى مفتوحة على جميع الإحتمالات. فربما يخرج منها ميلان أقرب إلى اللقب من أي وقت مضى، في حال حسم النتيجة لصالحه، وربما تسفر عن متصدر جديد لو كان الفوز من نصيب إنتر. كما يمكن أن يبقى الأمر كما هو عليه في حال انتهاء المعركة بلا غالب ولا مغلوب.