هل تبدأ جوجل فصلا جديدا من تاريخها تحت قيادة بيدج؟
تسلم لاري بيدج الشريك المؤسس في محرك البحث الإلكتروني العملاق “جوجل”، مقاليد الامور في الشركة من رئيسها التنفيذي السابق إريك شميدت
الذي كان انضم لمجلس إدارة الشركة عام 2001 ليكون بمثابة "عين الإشراف الناضجة" على الشركة التي كانت لا تزال صغيرة آنذاك والذي سيتولى منصب رئيس مجلس الإدارة. أعلنت الشركة عن القرار في كانون ثان/يناير، لتنهي عشر سنوات من السكون أدار شميدت المؤسسة خلالها عبر نظام دقيق للمشاركة في عملية صنع القرار، شمل ثلاثة أطراف، يمثل بيدج/38 عاما/الركن الثاني فيها وسيرجي برين/37 عاما/وهو شريك مؤسس آخر في جوجل، الركن الثالث.
الثلاثة على قائمة أثرى أثرياء العالم، حيث قدرت مجلس فوربس ثروة كلا من الشريكين المؤسسين بنحو عشرين مليار دولار، فيما تقدر ثروة شميدت بنحو ستة مليارات.
من المتوقع أن يسعى بيدج الذي شغل منصب الرئيس التنفيذي حتى عام 2020، الى تجديد دماء الشركة والعودة بجوجل، صاحبة الصدارة بين محركات البحث العالمية والشركات المتخصصة في إنتاج برامج الهواتف الخلوية، لسابق عهدها، بعد أن فوتت على نفسها فرصة اللحاق بركب موجة شبكات التواصل الاجتماعي التي سمحت بظهور منافسين جدد مثل "فيس بوك" و"تويتر". ينظر الكثيرون لخبير علوم الحاسب الآلي، المولود في ميشجن على أنه مبدع تكنولوجي ذو قريحة تجارية عبقرية. غير أن صبره، أو بالأحرى نفاد صبره، إزاء أولئك الذين يرى أنهم أقل منه ذكاء عرضه لكثر من الانتقاد، كذلك طرحه للقضايا بشكل فج لا يعرف الدبلوماسية، فبعض اللباقة قد يحقق مزيدا من النجاح.
قد يكون التزامن بين تعيين بيدج وإعلان مهم كسعي جوجل لشراء محفظة براءات الاختراع الخاصة بعملاق الشبكات الكندية "نورتل" مقابل 900 مليون دولار، متعمدا أو محض صدفة، غير أن موقع "بزنس إنسايدر" وصف تلك الخطوة بأنها "الخطوة التي قال الجميع أن جوجل ستتخذها تحت قيادة بيدج ا-استغلال جرئ من قبل جوجل لاحتياطياتها النقدية الهائلة لحل مشكلة ما سريعا".
غير أن مشكلات جوجل لا تقف عند حد مشكلة الخواء النسبي الذي تعاني منه حقيبة محفظة براءات اختراعاتها.
تواجه الشركة مدا من قضايا مكافحة الاحتكار في كل من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، وأعلنت الأسبوع الماضي موافقتها على قيام اللجنة الاتحادية للتجارة بمراجعة شاملة لممارساتها المتعلقة بالسرية منذ عشرين عاما، لتسوية الشكاوى الخاصة بانتهاكات حقوق الملكية والتي ارتبطت بمحرك البحث الاجتماعي سيئ الطالع "بظ" أو "نبضات" التابع لجوجل.
تلقت الشركة صدمة أخرى الشهر الماضي عندما رفض قاض أمريكي مقترحها لطرح نسخ رقمية من ملايين الكتب في خطوة تهدف لإنشاء أكبر مكتبة رقمية في العالم.
غير أن أكبر المشكلات التي تواجه جوجل، تلك الشركة التي نمت بسرعة الصاروخ لتضم أكثر من 24 ألف موظف في أربعين دولة وتحقق عوائد بلغت 29 مليار دولار، هي أنها تحت قيادة شميدت صارت أكبر من أن تبتكر وتطور بصورة سريعة.
يقول المحلل تريب شودري إن جهود قسم البحث والتطوير الآخذة في التوسع، تستنذف موارد الشركة وتركيزها، علاوة على أن نحو 60 بالمئة من مشروعاتها قد تتوقف.
وكتب شودري مذكرة بحثية جاء فيها "يستحوذ الكثير من المشروعات الخرقاء التي يغلب عليها طابع الهواية على اهتمام الإدارة والمشكلة أن الرئيس التنفيذي القديم لم يكن يمعن النظر في تلك المشروعات".
المشكلة أنه رغم أن الكثير من هذه المشروعات سيثبت، ودون شك عدم جدواه، لمستقبل جوجل، فإن واحدا منها قد ينطوي على مفاجأة حقيقية-تطبيق أو برنامج يتيح لها الفرصة كي توسع دائرة نشاطها خارج إطار البحث الإلكتروني ونظم تشغيل الهواتف الذكية.
يقول أستاذ الادارة المعروف ادام هارتونج، إن التحدي الذي يواجهه بيدج يكمن في إعداد جوجل لتحولات السوق الحتمية التي تغير وجه خارطة عالم التكنولوجيا دون توقف والتي أدت إلى انهيار امبراطوريات وأسماء مثل "جراي" و"نت سكيب" و"وانج" و"صن مايكروسيستمز" و"سيليكون جرافيكس".
ويضيف "يبدو أنه ليس هناك من يتولى مهمة ضمان بقاء الأفكار الجيدة داخل جوجل وتطويرها بدلا من أن تنسل خلسة لشركة أخرى تستطيع استغلالها".