الرئيس التركي: قيادة سوريا مقتنعة بالإصلاح
وجه الرئيس التركي عبد الله غول رسائل مهمة وواضحة في أكثر من اتجاه حول التطورات في سوريا وليبيا والمنطقة وحول النموذج التركي.
أكد الرئيس التركي عبد الله غول أمس، أن «القيادة السورية رأت انه لا مناص من الإصلاح»، داعيا إلى ضرورة «تنظيم البيوت من الداخل»، فيما اتسعت رقعة التظاهرات في سوريا خلال ما أطلق عليه اسم «جمعة الإصرار» لتشمل مدنا عدة منها العاصمة دمشق. وبينما شهدت هذه التظاهرات هدوءا نسبيا مقارنة بسابقاتها في ما يتعلق بسقوط قتلى وجرحى من المحتجين، أفادت وكالة «سانا» السورية للانباء بسقوط قتيل من قوات الامن في حمص.
وقال غول خلال استقباله في القصر الجمهوري في تشانكايا وفدا من المشاركين في المؤتمر الرابع لهيئة الإعلام والصحافة التركمانية الذي بدأ اجتماعاته في انقرة، بمشاركة موفد «السفير» الزميل محمد نور الدين، إن «الجميع شاهد على تغييرات كبيرة في المنطقة يجب ألا تفاجئ أحدا بل إن بعضها تأخر أكثر من اللازم. وقال إنه كان يتمنى لو أن هذه المتغيرات حصلت من دون إراقة دماء أو بالحد الأدنى من المعاناة». وأضاف «يجب تنظيم البيوت من الداخل».
وتابع غول قائلا «كنت أتحدث بصراحة عن هذه الأمور عندما كنت أجلس على انفراد مع قادة الدول… إنه ليس مهما ماذا يكتب في التقارير السرية بل ماذا يقول الشعب. وإنه يجب ان يمسكوا بزمام المبادرة قبل انفجار الشعب لأنه حينها تتدخل دول ثالثة وتنظم بيتنا الداخـلي وفــقا لما يريــدون». ورداً على سـؤال
«السفير» عن الموقف مما يجري في سوريا، قال غول «إن القيادة السورية رأت أنه لا مناص من الإصلاح… انني أتمنى ان يكون الأسد قد رأى ذلك بشكل واضح. إن تركيا تريد ان ترى النظام الصحيح في سوريا». وتساءل الرئيس التركي «هل تريدون التغيير في سوريا كما حصل في ليبيا؟ ألا ترون ما الذي حصل في العراق؟ لماذا لا نتصرف بمنطق وعقل سليم بحيث نفضي الى نتائج بشـكل صحيح؟».
في المقابل، ذكرت وكالة الانباء الرسمية «سانا» ان «مجموعات متفرقة من المواطنين خرجت الى الشوارع في عدة مناطق من المحافظات عقب صلاة الجمعة ورددوا هتافات تنادي لسوريا والحرية والشهيد دون تدخل من القوى الامنية»، مشيرة الى انه «لم تحدث أعمال شغب او تخريب». ونقلت الوكالة عن مراسليها في المحافظات ان «معظم هذه التجمعات انفضت بعد وقت قصير وساد الهدوء والحياة الطبيعية في الاحياء السكنية ولم تسجل اعتداءات على الممتلكات العامة أو الخاصة».
وبحسب المشاهد التي بثها التلفزيون السوري فقد جرت تظاهرات في اللاذقية ودوما ودير الزور شارك فيها مئات الاشخاص. ولكن ناشطا حقوقيا في دمشق قال لوكالة «فرانس برس» ان «قوات الامن فرقت بالقوة نحو الفي متظاهر قدموا من دوما وعربين وحرستا بينما كانوا يهمون بدخول العاصمة من حي جوبر» الواقع في الطرف الشمالي للعاصمة. واضاف الناشط ان «القوات قامت بتفريق المتظاهرين باستخدام الهراوات واطلاق قنابل مسيلة للدموع».
وقال رئيس الرابطة السورية لحقوق الانسان عبد الكريم ريحاوي للوكالة ان «عشرات الاشخاص تجمعوا امام جامع في حي برزة (في دمشق) عند انتهاء الصلاة». واشار الى «اشتباك بين الشرطة والمتظاهرين قام على اثره المتظاهرون بالقاء الحجارة على الشرطة». وفي درعا، جنوب البلاد، اكد ناشط حقوقي آخر طلب عدم الكشف عن اسمه لوكالة «فرانس برس» ان «بين 2500 وثلاثة آلاف شخص تظاهروا في ساحة السرايا في وسط مدينة درعا وهم يرددون شعارات مناهضة للنظام». وذكر الناشط ان من بين الهتافات «الموت ولا المذلة». ولفت الى ان قوى الامن «لم تتدخل».
وفي شمال شرق سوريا، حيث الغالبية من الاكراد، جرت تظاهرات للاسبوع الثاني في مدن عدة. واكد الناشط الحقوقي حسن برو ان «اكثر من خمسة الاف شخص خرجوا للتظاهر في القامشلي (680 كلم شمال غرب دمشق) وساروا من جامع قاسمو باتجاه دوار التمثال في جنوب المدينة وهم يحملون اعلاما سورية ولافتات». واضاف برو ان «اكثر من الفي شخص تظاهروا في كل من ناحية عامودا والدرباسية التابعتين للحسكة». كما اشار الى «تظاهرة قام بها نحو 300 شخص في رأس العين (80 كلم شمال الحسكة) انطلقت من جامع الاسد باتجاه الدرباسية». واوضح برو ان قوات الامن لم تتدخل لتفريق التظاهرات التي تفرقت من تلقاء نفسها.
وفي حمص، ذكرت «سانا» ان المساعد اول عصام محمد حسن من عناصر الشرطة، «استشهد اثر الاعتداء عليه من قبل متظاهرين»، فيما افاد الناشط الحقوقي نجاتي طيارة بأن «نحو اربعة الاف شخص شاركوا في التظاهرة بعد صلاة الجمعة وهم يهتفون للحرية». واضاف طيارة ان «قوات الامن تدخلت بعد نحو ساعة من اندلاع التظاهرة وفرقت المتظاهرين بالهراوات».
وفي مدينة بانياس الساحلية ذكر ناشط حقوقي ان «نحو 1500 شخص تجمعوا امام جامع ابي بكر بعد ان اقاموا صلاة الغائب على ارواح شهداء الاسبوع الماضي». واضاف الناشط ان المشاركين كانوا يهتفون «حرية» و«سلمية» و«بالروح بالدم نفديك يا شهيد». وفي اللاذقية، مرفأ سوريا الرئيسي، تجمع «نحو الف شخص في ساحة اوغاريت في مركز المدينة للمطالبة باطلاق الحريات»، بحسب ناشط حقوقي هناك.
وبث ناشطون على موقع «يوتيوب» شريطا مصورا قالوا انه لتظاهرة في بلدة داريا (ريف دمشق) شارك فيها المئات وهم يهتفون شعارات مناهضة للنظام. وبدا في الشريط المشاركون وهم يحملون لافتات تدعو للتضامن مع بانياس الساحلية وللوحدة الوطنية ونبذ الطائفية. كما بث الموقع عدة اشرطة لتظاهرات قيل إنها جرت في حلب وطرطوس ودير الزور وحماه وبعض البلديات في ريف دمشق.
واعتبرت صحيفة «تشرين» الحكومية ان الحكومة الجديدة «تنتظرها مهمات واستحقاقات كبيرة» مضيفة ان «المهمة بالتأكيد ليست سهلة». وتابعت الصحيفة «خلال الايام الماضية خرج المواطنون بتظاهرات ومسيرات لتحديد مطالبهم… الرسالة وصلت الى الحكومة الجديدة وعليها ان تبدأ من اليوم العمل بهذا الاتجاه دون تباطؤ أو تأخير او تسويف». ولفتت الصحيفة الى «قصور أو تأخير شهدته المرحلة الماضية في تنفيذ بعض القضايا الملحة… ما جعل بعض هذه القضايا يستفحل حتى يصعب علاجه».
من جهتها قالت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون امام الصحافيين في برلين في ختام اجتماع لوزراء خارجية دول حلف شمال الاطلسي «ندعو السلطات السورية مرة جديدة الى الامتناع عن اي استخدام للعنف ضد شعبها». واضافت ان «الحكومة السورية لم تلب المطالب المشروعة للشعب السوري. لقد حان الوقت لان تكف الحكومة السورية عن قمع هؤلاء المواطنين وان تبدأ بتحقيق تطلعاتهم».
وفي باريس طالبت ادارة المجموعة الاذاعية الفرنسية العامة «اذاعة فرنسا» السلطات السورية بالافراج عن المراسل خالد سيد مهند، المتعاون مع «فرانس كولتور»، الخدمة الثقافية في الاذاعة.