أطفال موهوبون وفنانون تشكيليون ينجزون أنامل ملونة في قصر العظم الأثري
تستضيف فضاءات قصر العظم بدمشق القديمة هذه الأيام ورشة فنية تشكيلية لأكثر من 45 طفلاً موهوباً و25 فناناً تشكيلياً ضمن مشروع أنامل ملونة الذي يهدف لإلقاء الضوء على الأطفال من ذوي الاهتمامات الخاصة بالرسم
ومساعدتهم على إدراك القيم الفنية والجمالية وتأكيد الذات والتعبير عن أحلامهم واهتماماتهم من خلال الرسم بالريشة والألوان.
وبدت حماسة الأطفال المشاركين في الورشة التي تستمر ثلاثة أيام لافتة للانتباه وهم يصوغون بأناملهم الناعمة ما يخطر ببالهم من أفكار طفولية بريئة وعفوية استمدوها من فضاء خيالهم أو مشاهداتهم اليومية مستخدمين أطباقاً ورقية ولوحات قماشية وأقلاماً ملونة وأرياشاً متعددة القياسات فضلاً عن ملونات متنوعة كالأحبار والإكرليك وغيرها.
ويأتي مشروع أنامل ملونة الذي تقيمة مؤسسة باتش وورك بالتعاون مع وزارة الشوون الاجتماعية والعمل بهدف التركيز على قضية الأطفال الأيتام لما يحملون في داخلهم من إبداع ومقدرة على التميز في الكثير من المجالات ومنها الرسم حيث جاء الأطفال من أربع دور للأيتام هي دير ماربولس وزيد بن حارثة وقرى الأطفال إس أو إس وميتم سيد قريش.
وفي تصريح لوكالة سانا قالت يارا رستم مديرة مشروع أنامل ملونة.. بعد أن صارت ثقافة التطوع واسعة في المجتمع السوري وأخذت المنظمات والموسسات الأهلية دورها في هذا المجال أردنا في موسسة باتش وورك تكريس هذه الثقافة من خلال جمع 45 طفلاً يتيماً بنحو 25 فناناً تشكيلياً بهدف تطوير موهبة الرسم لديهم.
وأشارت رستم إلى أن مشروع أنامل ملونة الذي يعد أحد مشاريع مؤسسة باتش وورك يشكل مشروعاً ثقافياً متكاملاً يهدف لتنمية مواهب الأطفال ليس في مجال الرسم فقط وإنما في شتى الفنون والثقافة مؤكدة أن اتجاه المشروع في الوقت الحالي للأطفال الأيتام جاء بهدف توعية الناس أن الطفل اليتيم ليس بحاجة للدعم المادي فقط وإنما للدعم المعنوي والتواصل النفسي والروحي أيضاً ومن هذا المنطلق فإن الطفل اليتيم عندما يتواصل مع فنان تشكيلي مشهور فإنه يعيش حالة من النشاط الروحي المتفائل بأن يصبح مشهوراً مثله من رسمه.
وأضافت رستم أن مشروع أنامل ملونة الذي بدأ مراحله الأولى من دمشق بورشة للرسم سيستكمل نشاطه في كل المحافظات السورية ولن يقتصر على الفن التشكيلي فقط بل سيتم إحياء العديد من الفعاليات والنشاطات الثقافية المختلفة.
ولتحقيق أهداف هذا المشروع تطوع عدد كبير من الفنانين التشكيليين لتدريب الأطفال من بينهم إدوار شهدا ومحمد الوهيبي وحمود شنتوت وعتاب حريب وخلود السباعي إضافة إلى ريم يسوف وماسة أبو جيب وقيس سلمان وآزاد حمي وأسامة دياب ومهند عرابي وغيرهم.
وتقول الفنانة التشكيلية ماسة أبو جيب.. إن المشاركة في هذه الورشة تمثل واجباً بالنسبة لي ولاسيما أنها تأتي ضمن اختصاصي الفني كما أنها تسهم في دعم الأطفال الأيتام من هذه الناحية بطريقة يمكن لهم الاستفادة منها مستقبلاً من خلال بيع الأعمال التي ينجزونها.
وتقول الطفلة ميادة مصطو من قرى إس أو إس ويبلغ عمرها 12 سنة.. إنها المرة الأولى التي أشارك في ورشة للرسم إلا أنني أحب الرسم بشكل كبير وأستغل دروس الرسم وأوقات الفراغ لأرسم الكثير من الأشياء التي أحبها ولاسيما الطبيعة.
وتضيف الطفلة ميادة إنني تعلمت أشياء مهمة من الفنانة ماسة ولاسيما كيفية رسم وجوه الأطفال واستخدام الألوان المناسبة لبعض التفاصيل.
من جانبه يؤكد الفنان التشكيلي مهند عرابي أن التواصل مع الأطفال يمثل متعة كبيرة ليس للفنان فقط وإنما لكل الناس ويقول.. بالنسبة لي كفنان مشرف في ورشة للرسم تكون البداية حالة من الاكتشاف لمعرفة المهارات والقدرات التي يملكها الطفل وبهذا فإن طريقة التواصل هي نتيجة جهد مشترك بيني وبين الأطفال بما يحقق حوارية متوازنة ترضي الطرفين.
وترى الفنانة التشكيلية عتاب حريب أن أخطاء الأطفال العفوية تشكل العنصر المفاجئ بالنسبة للفنانين لكونها تأتي بشكل عفوي تحمل الكثير من الصدق والتعبير التلقائي عما في داخل الإنسان وتبتعد عن الفلسفة المقولبة.
وتقول حريب إن الأطفال عادة ما يخافون من وضع الألوان على اللوحة وواجبنا نحن الفنانين أن نكسر هذا الحاجز الذي لن يطول مضيفة إن الطفلة التي أشاركها في اللوحة علمتها في البداية كيفية الرسم بالألوان المائية والباستيل على ورقة صغيرة إلا أنها الآن رسمت بكل جرأة على مساحة كبيرة مستخدمة ألوان الإكرليك وهذا يعكس رضاها عن أدائها وامتلاكها الثقة بما تقوم به.
فيما يرى الفنان التشكيلي آزاد حمي أن المميز في هذه الورشة أنها تجمع عدداً مهماً من الفنانين التشكيليين السوريين الذين يتشاركون مع أطفال متحمسين للرسم في صياغة أعمال فنية لها مكانتها جمالياً وتقنياً.
وأكد الفنان حمي أن هذه الورشة تقدم الإفادة للطرفين فإضافة إلى أن الطفل يتعلم مزج الألوان واستخدام الأدوات وغيرها من التقنيات فإن الفنان يعايش بشكل مباشر مبدأ العفوية في طرح الألوان وابتكار الأفكار إذ إن الأطفال بشكل تلقائي بعيد عن التقنية الأكاديمية.