بريطانيا وسورية رؤية خاصة
ثمة ثورات غضب تجتاح المنطقة العربية من المحيط إلى الخليج وتختلف حدة من بلد لأخر ، سقط من سقط وكثيرون في طريقهم للسقوط وكثيرون من يجلسون على عروشهم حتى إشعار أخر إلا أنني وجدت نفسي على امتداد الأسبوع الماضي غارقة في أخبار العرس الملكي البريطاني لوليام
ورد لي الكثير من رسائل القراء عبر البريد الإلكتروني يسألوني ماهى الفائدة من متابعة السباق الملكي البريطاني ؟ ولماذا يتلهف العالم على متابعة تفاصيل العرس في ظل تلك الثورات الجامحة ؟ كما وصلتني رسائل من القراء عبر البريد الالكتروني يسألوني عن رؤيتي للوضع في سوريا ولماذا لم أهاجم الشأن السوري مثلما هاجمت الشأن المصري والشأن الليبي ؟ ولهذا خصصت مقالتي للإجابة على أسئلة القراء التي وصلت إلى المائة رسالة الكترونية ، أما عن السباق البريطاني فهو لم يكن حالة فرح عادية تدافع إليها العالم بل كان حالة فرح تحتاج إلى دراسة لأنها أدت إلى رواج اقتصادي فالملايين جاءوا لزيارة بريطانيا من أمريكا وفرنسا والكثير من الدول ، فالمصانع اشتغلت والنفقات دفعت والحدائق أمتزج خضارها بألوان المشروبات والمأكولات والعائلات احتفلت كل بقدر استطاعته وكأن الأمير وليام أبن الشعب البريطاني كله ، فالملكة في بريطانيا هي دعامة الاستقرار فبرغم من أن النظام الملكي هو عنوان البيروقراطية لكن بريطانيا استطاعت أن تحقق التوافق بين الملكية والديمقراطية وهما دعامة الاستقرار برغم هذه التحولات السياسية الصارخة ،ففي بريطانيا التقاليد أقوى من القوانين ، فملكة بريطانيا ليست ملكة على بريطانيا وحدها بل ملكة على دول الكومنولث فالتاج في بريطانيا ليس كالتيجان العربية ، فالتاج في بريطانيا رمز للسلطة القائمة على العدالة فالملكة رمز للدولة وسلطانها ولكنها لا تحكم نهائيا بل رئيس الوزراء وفريقه المنتخب هم من يحكمون ،فمن يعيش في بريطانيا أو يزورها يعلم أنه لا يوجد شيء متروك للصدفة ويعرف كيف أن البريطانيون منضبطون ومنظمون ويحترمون النظام والقانون وعلمتهم الحرب العالمية الثانية صفات الانضباط ، وعدم التدافع والاستعداد للفرح دون تخريب واحترام الترتيبات الأمنية فلا يعرف بريطانيا الحقيقية الجميلة إلا من عاش فيها أو زارها ففي كل شارع وزاوية وركن تداعبك نسائم الحرية وتطل عليك الديمقراطية ، وانطلاقا من الديمقراطية والحرية ، أقول أنا مع مطالبة الرئيس السوري بالإصلاح السياسي وأطلب عدم استعمال العنف ضد المتظاهرين ولكني ضد المخربين لسوريا وأعلن بصراحة أرفض تخريب سوريا من أجل راحة بعض الدول الأخرى والرئيس السوري بشار الأسد هو الأفضل لسوريا مليون مرة من بديل يجئ من الجماعات الأصولية المتطرفة . وأنا لا أدافع عن النظام السوري بل مثلما لا توجد حرب بدون مصر فلن يوجد سلام بدون سوريا ، التدخل الأجنبي في سوريا مرفوض لأنه سيزيد الوضع سوء وعدم استقرار ولكن بالوقت نفسه من الضروري معرفة من داخل سوريا يريد تعطيل الإصلاح لأن من الضروري أن الإصلاح سيأخذ من مصالحهم وحرياتهم ، السوريون هم وحدهم أصحاب الشأن في تحقيق حريتهم ولكن علينا أن نعلم إذا كانت المعارضة بأي دولة فشلت في إيقاع النظام الحاكم فهذا يعني أنها ستفشل في إدارة البلاد بعد إسقاط النظام