سفر في اول جولة خارج دمشق: وعود جديدة بالإصلاح …
في أول جولة له خارج العاصمة دمشق بعد تكليفه رئاسة الحكومة الجديدة، أكد رئيس مجلس الوزراء الدكتور عادل سفر خلال زيارته لغرفة صناعة حلب أمس أن القطاع الاقتصادي استطاع تجاوز
الأزمة التي تمر بها سورية بفعل القلاقل التي تشهدها بعض المناطق «وبقيت عجلة الاقتصاد مستمرة في هذه الظروف وخلال الأيام القادمة ستعود الأمور إلى ما كانت عليه».
وجدد سفر، الذي رافقه وزراء الصناعة والإدارة المحلية والمالية والاقتصاد والتجارة والشؤون الاجتماعية والعمل، رغبة الحكومة بالتواصل مع المواطنين في جميع القطاعات «وبالأخص القطاع الصناعي فوجودنا هنا للاستماع إلى متطلبات تطوير هذا القطاع وسمعنا الكثير من الصعوبات (خلال اجتماع مغلق مع رئيس وأعضاء مجلس إدارة الغرفة) ونحن مقتنعون بأن هناك الكثير من القضايا بحاجة للحل والحكومة مستعدة لحل كل المشاكل ولابد من إعادة النظر ببعض القرارات وسنكون موضوعيين وشفافين ولن نعد إلا بمقدار ما نستطيع تنفيذه وفق استطاعة الحكومة وإمكاناتها».
سورية قاعدة صناعية
واستهل فارس الشهابي رئيس غرفة صناعة حلب الاجتماع بكلمة أوضح فيها أن رؤية الفعاليات الاقتصادية الحلبية للاقتصاد الوطني «هي أن تكون سورية قاعدة صناعية تنافسية تصديرية لمنطقة البحار الخمسة ولأسواقنا التقليدية في اقتصاد معرفي إنتاجي يقدم العلم والمعرفة ويأخذ بأسباب القوة ويزدهر منافساً قوياً في أجواء التحرر التجاري والأسواق المفتوحة، ولتحقيق ذلك لابد أولاً من أن تكون التنمية الصناعية هي البوصلة التي تحدد درجة وسرعة هذا الانفتاح التجاري».
ولفت الشهابي إلى أن الصناعة تضررت نتيجة للانفتاح التجاري الفوضوي والسريع الذي «لم يراع قدرة الصناعة الوطنية على المنافسة فلم يتم الاعتراف بمشاكل الصناعة وتم رفض الطلبات الأساسية المحقة ورد الشكاوى المتكررة وكانت النية رفع تكاليف الإنتاج وأخذ ما تبقى من ميزات تفضيلية تميز الصناعة السورية في جو من ثقافة الجباية الضريبية بدلاً من خلق البيئة الاستثمارية المشجعة»، وأبدى تفاؤله «لأننا أمام فرصة تاريخية لتصحيح المسار وإعادة ترتيب الأولويات، فنحن نشعر بصدق أننا أمام حكومة عمل وتنفيذ لا تنظير وحكومة إصلاح وتطوير جادة تريد الإنجاز الفعال عبر التشاركية والحوار والتعاون فلنعطها فرصتها ولنكن متعاونين معها صبورين ومتفائلين».
منطقة صناعية
واستمع الفريق الحكومي إلى الكثير من المطالب والاستفسارات من الصناعيين الذين احتشدوا لطرح المشاكل التي تعاني منها عاصمة الصناعة السورية، وطلب خالد سنكري رئيس لجنة الصناعات المعدنية في صناعة حلب بإقامة منطقة صناعية تخدم منطقتي اعزاز وعفرين ورأى الصناعي خليل نيازي بضرورة الإسراع بتحويل الترخيص الإداري إلى نهائي للمناطق الصناعية الـ12 المحدثة من أجل توسيعها وتطويرها وأوضح آخر بأن 15 منشأة صناعية متوقفة عن العمل بسبب تقييد استيراد المواد الأولية الخاصة بصناعة المبيدات على حين طالب أحد الصناعيين بإعادة الحوافز الضريبية التي تضمنها قانون الاستثمار رقم 10 والتي أغفلها قانون الاستثمار رقم 8 للصناعيين.
عجلة البناء
رئيس غرفة التجارة الدكتور حسن زيدو أشار إلى أن حلب لم تشهد منذ 30 عاماً سوى تصديق بقعة تنظيمية واحدة «لذلك توقفت عجلة البناء وكثرت المخالفات، فنرجو الإسراع في إصدار المخطط التنظيمي المصدق منذ العام 2004 وتوزيع المخططات التفصيلية وفق آلية عادلة فالقانون 26 ظالم ونقترح إلغاءه والاستعاضة عنه بالقانون 9 ما يوفر آلاف فرص العمل، كما نأمل الإسراع بإنشاء مطار جديد في حلب يستجيب لمكانتها المهمة إلى جانب المطار الحالي الخجول وفق نظام BOT وتخصيص حلب بقطعة أرض لبناء مدينة معارض».
وبينما تمنى براء مكي التصريح بحجم أعماله الحقيقية كصناعي وأن يتم التغاضي عن الضرائب والرسوم لتصل إلى «نسبة معقولة» وأن تجري العقوبة في القضاء المدني لا العسكري في بعض المخالفات والاستعاضة بالرادع المادي المهم، طالب إحسان مراد آغا (صناعة دوائية) بتثبيت وضع المنشآت الدوائية بموجب وضعها الراهن في منطقة المنصورة التي تضم 17 معمل دواء وتضييق مساحتها بحيث لا يمكن توسيع المعامل.
وفيما اقترح الصناعي أحمد الشهابي (صناعة دوائية) خفض تعرفة استيراد مستلزمات إنتاج الصناعة الدوائية، طالب الصناعي محمد صباغ بتشديد الرقابة على شهادة منشأ البضائع الصينية التي تدخل الأردن وتصل إلى سورية على أنها أردنية الصنع. ومن المطالب إقامة منشأة لإنتاج بذار البطاطا الذي لا توفر مؤسسة إكثار البذار سوى 20 بالمئة من حاجة السوق المحلية وتطوير أسطول النقل البري ونقل ملكية الأرض المستملكة لمصلحة اتحاد حرفيي حلب الذي سدد ثمنها كاملاً وتزويد الحرفيين بالكهرباء ومعالجة الإشغالات الموجودة على أرضهم وتفعيل برنامج الرقابة على المستوردات وإقرار آلية لتصدير الثروة الحيوانية (الخراف).
ومن المطالب اللافتة ما جاء على لسان أحد الصناعيين الذي طالب بطرح «مشاكل وقضايا الصناعيين وفق خطوط خضراء وليس وفق خطوط حمراء كما هي الحال في عهد الحكومة السابقة»!. وتحدث صناعي عن نقص مادة زيت المطراف اللازمة لصنع صابون الغار الحلبي الذي تشتهر به المدينة وتخصيص منطقة صناعية للجلديات «حيث تضم حلب 7 آلاف ورشة غير مرخصة يعمل بها 120 ألف عامل» وتشديد الرقابة على الواردات الأجنبية من الصناعات الجلدية.
الكثير من القضايا
ومع ذلك اعترف الدكتور سفر بأن «المعاناة كبيرة، وتم التركيز على موضوع الجمارك والإصلاح الضريبي والروتين وتعقيد المعاملات لدى الدوائر الحكومية، وسنعالج الكثير من القضايا وسأترك الإجابة على النقاط الدقيقة للوزراء وسنعيد إليكم الإجابة مكتوبة على باقي أسئلتكم إلى غرفة الصناعة وإذا لم يكن هناك استجابة على بعضها فهناك سبب مبرر لأننا لا نستطيع الإجابة بشكل انفعالي بل بعد دراسة وسنعالج الكثير من القضايا بإيجابية وبأسرع وقت ممكن وسنخرج بنتائج قريباً وسنعالج موضوع الجمارك بشكل جذري وطلبنا إعادة هيكليتها خدمة للاقتصاد الوطني والمواطنين».
ثم راح كل وزير يرد على بعض الأسئلة، فبيّن وزير المالية د.محمد جليلاتي أن معظم المواضيع المطروحة تحتاج إلى دراسة متأنية من الوزارة لإعادة الثقة «وسنعمل للقضاء على الروتين والبيروقراطية في عمل الدوائر المالية وأتمتة العمل الضريبي، وسيعاد النظر في الرسوم الجمركية على مدخلات الإنتاج، وبخصوص الاستعلام الضريبي فبقدر ما تكون البيانات المالية شفافة ودقيقة بقدر ما نسرع بها وفق ما ترد من المكلفين»، ونوه إلى أنه سيعاد النظر بالهيكل التنظيمي لمديرية مكافحة التهريب والمكتب السري.
أما وزير الإدارة المحلية عمر إبراهيم غلاونجي فأكد أن المخطط التنظيمي العام لمدينة حلب «سيكون خلال 40 يوماً جاهزاً للإعلان عنه في مجلس مدينة حلب الذي سيدقق الملاحظات معه من أجل تثبيتها (وهناك 20 منطقة مدروسة تفصيلياً ستصدق خلال برنامج زمني مدته ستة أشهر كمخططات تفصيلية والتنفيذ بموجب قانون جديد هو قانون تنفيذ التخطيط الذي سيكون بشكله النهائي أمام مجلس الوزراء خلال شهر ونصف الشهر».
وعن تأسيس مدينة للمعارض، أوضح غلاونجي أن محافظة حلب ومجلس المدينة أخذا قراراً بتحويل سمة منطقة مساحتها 50 هكتاراً جنوبي غرب حلب لتصبح مدينة معارض وستسلم إلى وزارة الاقتصاد في أقرب وقت «ودرسنا مع وزارة الصناعة وضع 83 منطقة صناعية ستنفذ خلال 2- 3 سنوات وحصة حلب منها 8 مناطق صناعية إحداها في منطقتي اعزاز وعفرين بمساحة 86 هكتاراً وستؤمن 3200 فرصة عمل».
وأشار إلى أن المرسوم التشريعي رقم 2680 الخاص بالترخيص الإداري للمدن الصناعية كلف مديرية الدراسات القانونية في الوزارة لدراسته وتسوية أوضاع المناطق الصناعية العشوائية وهناك لجنة لتعديل البلاغ 16 والبلاغ 10، وغداً سيطرح قانون الإدارة المحلية الجديد للنقاش على موقع التشاركية وهو سيغير المرسوم التشريعي رقم 57 الخاص بإنشاء المدن الصناعية».
إعادة النظر باتفاقيات التجارة
ولفت وزير الاقتصاد والتجارة محمد نضال الشعر إلى أن اتفاقيات التجارة مع الدول «بعضها نمطية وأخرى فيها إجحاف سيعاد النظر فيها وسنسرع اتفاقيات لسورية مصلحة فيها مثل الاتفاقية التجارية مع روسيا، ونركز في الوزارة على موضوع التصدير وتوجيه الدعم له ونحن بصدد إنشاء هيئة لإدارة المنشآت الصغيرة والمتوسطة التي يراد لها أن تكون مصدرة أيضاً وسنسعى إلى ترشيد الاستيراد بدل أن يكون مقيداً وعشوائياً والوعاء الأساسي أسعار العملة المحلية».
بدوره، شدد وزير الشؤون الاجتماعية والعمل رضوان الحبيب على أن سياسة الحكومة الآن «البحث عن فرص العمل في القطاعين العام والخاص، وبالنسبة لقانون التأمينات وجدنا أن نسبة الاقتطاع في التأمينات كلما كانت عادلة لا يوجد تهرب ضريبي، والآن نحن بصدد دراسة القانون وإعادة هيكلة التأمينات ونعمل لطرح مشاريع تنموية تأهيلية».
وعزا وزير الصناعة عدنان سلاخو المشاكل إلى تراكمها لسنوات طويلة «والتناقضات نتيجة وجود القطاعين العام والخاص ونحن أمام وضع رؤية لهيكلة القطاعين من أجل وصولهما لقطاع صناعي وطني فأي سياسات تصدير ستراعي هذا القطاع وكل المشاكل ستعالج بإعادة الهيكلة وسندعم نقاط القوة ونضعف نقاط الضعف».
وختم سفر اللقاء بقوله أنه كان «فاتحة للقاءات أخرى، فطرحت مواضيع كثيرة وأعد أن تكون الحلول معكم بشكل دائم على الأرض، ونشعر بحجم مشكلة القطاع الصناعي لذلك فأول عمل بدأت به الحكومة في القطاع الصناعي ونحن متأكدون من متانة اللحمة الوطنية في سورية وسنبني سورية حديثة متطورة نفتخر بها جميعاً».