سنين العمر تمر بسرعة…. العريس أين؟؟؟؟؟

لا شك أن هذا المجتمع فرض علينا إيجاد حلول لمشكلات تضع الشاب تحت حافات الهاوية فهذه المشكلات تبدأ من نهاية دراسة الشاب في الجامعة واستلامه لعمله وتنتهي عندما يفقد السيطرة على أعباء الزواج التي من المفترض أن تكون يسر على الشاب لا عسر عليه،
فالعقبات التي وضعها أهل الفتاة والصعوبات التي يجعلون الشاب هو الذي يتحملها، مما تجعله يخرج عن طوره ويقرر السفر مفضلاً العمل في الخارج على العمل داخل هذا المجتمع الذي يكون في أكثر الأحيان محاطاً بالأفكار التقليدية التي تسير به إلى الضياع.
أما الفتاة التي تكبر شيئاً فشيئاً وهي تنتظر(عريس الهنا) فمجتمعنا سيطرت عليه مفاهيم تجعل الرؤية تحكمها قوالب محددة على إن الفتاة تولد وتنمو وتشب من أجل هدف واحد ومصير واحد محتوم وهو الزواج، وكل مسارها الحياتي ما هو إلا طريق يجب أن يقود في النهاية إلى الارتباط الزوجي وكل ما هو غير هذا الهدف يعتبر عبئاً يحمل الفتاة إلى هاجس الرعب والخوف من أن تمضي السنين بها فيفوتها قطار الزواج وهذا خلل كبير في تربية وثقافة ورؤية المجتمع يكاد أن يصل على الخلل التدميري للطموحات والأهداف والغايات للفتاة ومن هذا ولد لدينا مصطلح بعنوان:" الفتاة العانس تحت اتهامات المجتمع"

والأسئلة هنا تطرح نفسها: وأولها من خلق هذا المصطلح؟
وما هي الأطر والمقاييس التي تحكم سن الزواج؟
ومن الذي يحدد سن الزواج التي قد تخرج بعدها الفتاة من دائرة الاهتمام؟
وهل المشكلة فقط في السن؟

(ر.ب) معلمة تقول: أن مصطلح العنوسة ارتبط ارتباطاً وثيقاً بالفتاة التي لم تتزوج وهو مصطلح تعسفي بغض النظر عن الأسباب التي أدت إلى تأخر الزواج أو عدمه، ورغم إن هذا المصطلح عربي إلا أنه نوعاً من الإهانة يوجه إلى الفتاة بكل وحشية وكأنها ارتكبت جرماً، وقد نجد تفاوتاً في السن المتفق عليه للعنوسة فالمجتمع لم يضع سناً معيناً لهذه الكلمة التي تخرج عن إطار الشرع.
ولكن علم الاجتماع كان رأيه في العنوسة بأن أغلب الأحيان تجد الفتاة التي لم تتزوج بعد أن كل ما حولها من أهل وأقارب يوجهوا اللوم إليها من خلال أحاديثهم التي تكون قد حملت معها دماء اليأس والحزن والاكتئاب وربما تفقد الفتاة ثقتها بنفسها وبأنوثتها وذلك عكس الشاب الذي مهما تأخر بالزواج لا يشعره المجتمع بأي نقص أو عيب فلماذا يقف التعبير هنا عند الفتاة وينظر لها بأنها سلعة محدودة لوقت معين بعدها تصبح ملغية الصلاحية وهذا ما يجعل الشاب يرفض الاقتران بفتاة قيل عنها أنها عانس.

ـ العوامل المؤدية للعنوسة:
من هذه العوامل هي ضعف شبكة العلاقات الأسرية والاجتماعية وهذا العامل يبدو فاعلاً في المدن الكبرى حيث تسود حالة من العزلة والانكماش وتقل أو تضعف العلاقات الأسرية والاجتماعية وهذا ما يجعل مسألة التعارف صعبة، ويجعل الكثير من الفتيات يعيشن في الظل ويصبحن منسيات.
أما العامل الثاني هو انعدام الثقة بمعنى أنه حيث أبتعد الناس عن بعضهم وازدادت عزبتهم خاصة في المدن الكبيرة والمزدحمة وشيوع العلاقات العاطفية والجنسية خارج إطار الزواج أدى إلى انعدام الثقة لدى كثير من الشباب والفتيات في الحصول على شريك حياة مناسب، خاصة لدى هؤلاء الذين تورطوا في مثل تلك العلاقات وأصبح لديهم قناعة بأنه لا توجد فتاة عفيفة ولا يوجد فتى مستقيم.
ولو أكملنا الحديث عن هذه العوامل التي تحيط بمجتمعنا لأمتلئت الصفحات البيضاء وجفت الأقلام بهذه العوامل، فمثلاً بطالة الشباب مشكلة والحالة الاقتصادية كذلك وغيرها من العوامل التي لا تعد ولا تحصى.

ـ الآثار النفسية للعنوسة
قليل ما تجد عانساً تتمتع بحياة طبيعية مقارنة بغيرها من المتزوجات على الرغم من نجاح بعض العوانس في تعويض عنوستهن من خلال عمليات التسامي وذلك بالنجاح في العمل، والنجاح في القيام بأعمال ذات قيمة اجتماعية عالية أو الإبداع الأدبي أو الفني، أو لجوء بعضهن إلى الإسترجال فالعانس ربما تعاني الوحدة على الرغم من كثرة الناس حولها في بعض الأحيان، وتعاني الغربة وتعاني الإحساس بالدونية، وتعاني الفراغ النفسي على الرغم من الانشغال الخارجي، وربما تعاني من الأمومة فتستعيض عنه بالاندماج مع أطفال الأسرة ولكن ذلك غير مشبع لهذه الغريزة وكثيراً من هذه المعاناة التي تجعل جسمها يصرخ بالشكوى بالنيابة عنها وفي هذه الحالة نجدها كثيرة التردد على الأطباء في كل التخصصات دون جدوى، فتحمل في داخلها خوفاً دفيناً من المستقبل وإحساساً بعدم الأمان حيث أن رصيدها الإنساني و"العلاقاتي" لا يطمئنها على نفسها، خاصة حين تكبر في السن وتجد نفسها تعيش وحدها عند وفاة الوالدين وانصراف الأخوة إلى حياتهم وانشغالاتهم.

ـ هل تستطيع أن تتغلب على صفة(عانس)
الجواب هنا مكتوب على شاشة عرض كبيرة يقول: أن بعض العوانس قد يخرجن من هذه الأزمة بطرق ايجابية كما ذكرنا وبعضهن يخرجن منها طرق سلبية كأن تميل للعنف وربما تتورط في بعض الجرائم نظراً لتراكم الغضب بداخلها من نظرة المجتمع وظلمه لها، وبعضهن يلجأن للغواية العاطفية أو الجنسية كنوع من رد الاعتبار أو إثبات الذات أو الانتقام من الرجال، وقد تنزلق بعضهن إلى احتراف البغاء في ظروف معينة خاصة حين ييئسن من الزواج نهائياً، وبعضهن ربما يلجأن للسرقة المرضية كنوع من التعويض عن الحب المفقود، والعانس قد تكون أكثر عرضة للغواية فتقبل الزواج العرفي أو العلاقات الغير شرعية، وهذا لا يعني إن كل عانس متهمة بالانحراف أو معرضة له بالضرورة، ولكن الانحراف الخلقي أو الاجتماعي هو حد المخارج المحتملة لنسبة من العوانس بدوافع نفسية واجتماعية ضاغطة، ولا ينكر أحد نجاح كثير من العوانس في نشاطات علمية واجتماعية وخيرية وغيرها.

ـ هل العنوسة أصبحت ظاهرة بالمعنى العلمي لكلمة ظاهرة؟؟؟
العنوسة أصبحت ظاهرة بالمعنى العلمي عندما تحولت دراستها ونتائجها إلى نسب مئوية وأرقام، فمثلاً في الجمهورية العربية السورية تشير الدراسة على إن أكثر من 50% من الشباب السوريين لم يتزوجوا بعد.
أما بالنسبة للفتيات فلم تتزوج 60% منهن التي تتراوح أعمارهن بين 25-29 عاماً، وقد بلغت نسبة اللاتي تخطين 34 عاماً دون زواج 2.37%.
وهذه الدراسات والإحصاءات تؤكد لنا إن هذه الكلمة أصبحت ظاهرة بالمعنى العلمي والحرفي لها، ودخلت قائمة الظواهر الاجتماعية التي يجب علينا إيجاد الحلول المناسبة لوقف من انتشار هذه الظاهرة لتي قد تكون من أخطر الظواهر وأكثرها إنتشاراً.