أمريكا شيكا بيكا …. أم هشك بشك أمريكا
في نظرة فاحصة لسياسة الكاوبوي الامريكي في المنطقة نجد أنه هذه السياسة لابد أن تصب في مصلحة الكيان الصهيوني مما يطرح علينا تساؤلا بريئا لكنه عميق :
لماذا لا نفهم أمريكا؟
قد نتفق على أننا في البلاد العربية نلاحظ التحيز المطلق من قبل أمريكا للكيان الصهيوني وتوضيف كل الظروف المحيطة وخلقها لصالح التفوق الأمريكي الصهيوني دائما إضافة إلى الإزدواجية العلنية في التعامل مع الممارسات الصهيونية في كل مناسبة والتي تتصف بالوحشية والهمجية المغلفة بكل أنواع الجرائم الإنسانية في ظل صمت ومباركة أمريكية تبريرية لكل هذا .
ومنذ احداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 كشرت أمريكا عن وجها المعادي للعرب والمسلمين وهذا ما صبغ سياستها الخارجية بالعداء لنا والمعروف عنها أنها لاتصفو إلا لأعدائنا فعدو عدوها أكيد صديقها الحميم .
لكننا كعرب دأبنا في علاقتنا مع امريكا على تجاهل جوانب مهمة وعناصر مؤثرة لعل أبرزها العلاقة الحميمة لأمريكا مع الكيان الصهيوني والتي بلغت هذه الايام أوجها وهي ترجع إلى تاريخ طويل لليهود في أمريكا التي منذ نشأتها عام 1783 ( تاريخ قيام الجمهورية الفدرالية ) .
والتاريخ الأمريكي حافل بالعلاقات الطيبة التي تجمع رؤساءه برموز الكيان الصهيوني فما من رئيس أمريكي سواء كان جمهوريا أو ديمقراطيا، إلا وهو يؤكد مساندة بلاده بكل إمكانياتها الضخمة للكيان الصهويني .
أما ما يعرف باللوبي الصهيوني في أمريكا فهو واسع النفوذ ويزداد نفوذه باستمرار، حتى أنه يتدخل في تمويل الحملة الانتخابية للرئاسة الأمريكية نفسها، كما أنه يسيطر على مراكز صنع القرار في الكونجرس، ويمتلك العديد من البنوك والشركات الكبرى، ومنها وسائل الإعلام والسينما في هوليوود، الأمر الذي يتيح له التأثير المباشر في الرأي العام الأمريكي. ومن الملاحظ هنا أن هذا اللوبي لا يمارس نشاطاته بصورة علنية تنفر منه الأمريكيين، ولكنه يعمل بأسلوب منظم جدا ومدروس!
نأتي بعد ذلك إلى جانبين لكل منهما أثره البالغ في العقلية الأمريكية، وهما التاريخ والفلسفة. أما التاريخ، فمن المعروف أن الولايات المتحدة الأمريكية لا تنتمي إلى العالم القديم، مثل آسيا وأفريقيا وأوروبا، وإنما هي حديثة النشأة لا يزيد عمرها على حوالي 230 سنة فقط! أما شعبها فيتكون من خليط متنوع من المهاجرين الأوروبيين الذي وفدوا إلى تلك القارة، بعد أن اكتشفها كرستوف كولمبس سنة 1570، وما لبثت أن تعرضت للاحتلال الأوروبي من جانب فرنسا وبريطانيا وأسبانيا وهولندا.. وبالطبع حدثت مقاومة للاحتلال، انتهت أحيانا بالانتصار العسكري، وأحيانا بالتفاوض مع المحتلين لشراء بعض الولايات التي كانت تحت أيديهم، مثلما اشترى الأمريكان ولاية لويزيانا من فرنسا سنة 1802، وفلوريدا من أسبانيا سنة 1819، وأريجون من إنجلترا سنة 1846، فما دلالة هذا؟ أن الأمريكان شعب عملي، ويواجه المشكلة القائمة بالأسلوب الذي يؤدي إلى حلها، بصرف النظر عما يحيط بهذا الحل من اعتبارات سابقة عليه أو لاحقة له. المهم أن الشعب الأمريكي الجديد نجح في بناء تلك الدولة الكبرى، بعد صراع مرير مع سكانه الأصليين (الهنود الحمر) والمستعمرين الوافدين (إنجلترا وفرنسا وأسبانيا) واستطاع أن يوحد الولايات المتفرقة، التي كانت متصارعة، في نظام فيدرالي، أصبح يضم حاليا (51) ولاية. ولا شك في أن الشعب الأمريكي تحت نظام الحكم الذي اختاره (الديمقراطية والرأسمالية) قد أجاد استثمار أراضيه، وشجع كل إضافة وابتكار، ورحب بالمهاجرين المتميزين، واهتم بالتعليم والبحث العلمي، مما نتج عنه تقدم هائل في المجالات
ومنذ أعلنت قيام دولتها في نهاية الأربعينيات وحتى اليوم.
هذا على مستوى الرؤساء، أما ما يعرف باللوبي اليهودي أو الصهيوني في أمريكا فهو، كما يعرف الجميع، واسع النفوذ، ويزداد نفوذه باستمرار، حتى أنه يتدخل في تمويل الحملة الانتخابية للرئاسة الأمريكية نفسها، كما أنه يسيطر على مراكز صنع القرار في الكونجرس، ويمتلك العديد من البنوك والشركات الكبرى، ومنها وسائل الإعلام والسينما في هوليوود، الأمر الذي يتيح له التأثير المباشر في الرأي العام الأمريكي. ومن الملاحظ هنا أن هذا اللوبي لا يمارس نشاطاته بصورة علنية تنفر منه الأمريكيين، ولكنه يعمل بأسلوب منظم جدا ومدروس!
نأتي بعد ذلك إلى جانبين لكل منهما أثره البالغ في العقلية الأمريكية، وهما التاريخ والفلسفة. أما التاريخ، فمن المعروف أن الولايات المتحدة الأمريكية لا تنتمي إلى العالم القديم، مثل آسيا وأفريقيا وأوروبا، وإنما هي حديثة النشأة لا يزيد عمرها على حوالي 230 سنة فقط! أما شعبها فيتكون من خليط متنوع من المهاجرين الأوروبيين الذي وفدوا إلى تلك القارة، بعد أن اكتشفها كرستوف كولمبس سنة 1570، وما لبثت أن تعرضت للاحتلال الأوروبي من جانب فرنسا وبريطانيا وأسبانيا وهولندا.. وبالطبع حدثت مقاومة للاحتلال، انتهت أحيانا بالانتصار العسكري، وأحيانا بالتفاوض مع المحتلين لشراء بعض الولايات التي كانت تحت أيديهم، مثلما اشترى الأمريكان ولاية لويزيانا من فرنسا سنة 1802، وفلوريدا من أسبانيا سنة 1819، وأريجون من إنجلترا سنة 1846، فما دلالة هذا؟ أن الأمريكان شعب عملي، ويواجه المشكلة القائمة بالأسلوب الذي يؤدي إلى حلها، بصرف النظر عما يحيط بهذا الحل من اعتبارات سابقة عليه أو لاحقة له. المهم أن الشعب الأمريكي الجديد نجح في بناء تلك الدولة الكبرى، بعد صراع مرير مع سكانه الأصليين (الهنود الحمر) والمستعمرين الوافدين (إنجلترا وفرنسا وأسبانيا) واستطاع أن يوحد الولايات المتفرقة، التي كانت متصارعة، في نظام فيدرالي، أصبح يضم حاليا (51) ولاية. ولا شك في أن الشعب الأمريكي تحت نظام الحكم الذي اختاره (الديمقراطية والرأسمالية) قد أجاد استثمار أراضيه، وشجع كل إضافة وابتكار، ورحب بالمهاجرين المتميزين، واهتم بالتعليم والبحث العلمي، مما نتج عنه تقدم هائل في المجالات العسكرية والاقتصادية والفضائية والاتصالات والمعلوماتية..
ما الذي رسخ في الشعب الأمريكي من تاريخه القصير نسبيا؟ إنه شعب عامل يعيش يومه، ويخطط جيدا لغده. وهو لا يمارس أحلام اليقظة، فالمشروع الذي يراوده يقوم على الفور بتنفيذه، فإذا نجح كان بها، وإلا بحث عن غيره، واستمر في طريقه. كذلك فإن الأمريكان شعب يعجب بالنجاح ويشجع أصحابه، وكما عانى الكثير وبذل الجهد والعرق، فإنه ينتظر من الشعوب الأخرى أن تكون كذلك، وإلا سقطت من اعتباره. لكنه عنيد، ويتمسك برأيه ويعتقد أن الصواب دائما معه، حتى يفاجأ بوجود الحكمة في مناطق أخرى من العالم!
وأما الفلسفة التي بلورها للأمريكان كل من وليم جيمس (توفى 1910) وجون ديوي (توفى 1952) فهي ما يعرف بـ (البراجماتية) التي تقرر أن صواب الفكرة يرتبط بمدى إمكانية تطبيقها في الواقع، فإن لم تطبق، أو طبقت وفشلت فهي فكرة خاطئة. وبالطبع تتمشى هذه الفلسفة تماما مع طبيعة الشعب الأمريكي الذي واجه الطبيعة الصعبة للبلاد التي هاجر إليها، وهو الذي قام بفحصها والتغلب على مصاعبها، واستخراج خيراتها بعد ذلك. الأمريكي لا يميل للمناقشات النظرية ولا إلى الجدل العميق. إنه يواجه المشكلة التي تعترضه بصورة مباشرة، ويعمل بكل الوسائل المتاحة له على حلها، وأخيرا فإن المجتمع الأمريكي- مثل كل المجتمعات- ليس كله من الملائكة، وليس كله من الشياطين. إنه يحتوي على العديد من المزايا وتوجد لديه بعض النقائص والعيوب. ومن أبرزها أنه متسرع في أحكامه، وقد يكون أحيانا متهورا في أعماله، لكنه في أغلب الأحوال شجاع ومقدام وكريم.
والنتيجة أنني أقول لإخوتي العرب، المندهشين من السياسة الأمريكية وتصرفاتها المتهورة حاليا في العالم: إذا أردتم التعامل مع أي شعب بصورة ناجحة فعليكم أولا أن تشاهدوا واقعة على الطبيعة، ثم تتعمقوا قليلا في تاريخه الذي يسري في عروقه، وتتعرفوا أخيرا على فلسفته في الحياة، والتي تشكل الذهنية التي يتصرف على أساسها..
السياسة الأمريكية ومنطق السببية
مما سبق نخلص إى أن العقلية الأمريكية ذات حدود وأبعاد براجماتية أي عملية تقصر اهتمامها على الواقع، وتنطلق منه إلى المستقبل، فإنها لا تعطي اهتماما كبيرا أو حتى قليلا للأسباب التي تؤدي إلى تكوين هذا الواقع، ولا تشغل نفسها بالبحث عن جذوره. ومن الواضح أن من يتأمل السياسة الأمريكية الخارجية في العالم كله يجدها قائمة على هذا التصور، وهو ما يجعل الحلول التي تتوصل إليها غير مرضية لأصحاب المشكلات، لأنها تتجه إلى النتائج ولا تتعمق الأسباب!
إن تاريخ انخراط أمريكا في السياسة الخارجية- أي خارج حدودها- لا يزيد كثيرا عن نصف قرن. وخاصة حين انضمت إلى حلفائها في أوربا ضد ألمانيا وإيطاليا واليابان في الحرب العالمية الثانية «1939- 1945». وإذا كان انتصارها قد جعلها تقطف ثمار تلك الحرب، وترث ممتلكات الإمبراطوريتين العتيقتين البريطانية والفرنسية، فإنها لم تتقدم بعدها خطوة واحدة إلى الأمام، واكتفت بمحاولة المحافظة على بقايا هذا التراث الاستعماري البغيض، حاملة غضب الشعوب التي عانت طويلا من الاحتلال العسكري، واستغلال الموارد، والعبث بمصائرها ومقدراتها!
فما الذي فعلته السياسة الخارجية الأمريكية في الماضي تجاه هذه المأساة؟ اكتفت بمناصرة إسرائيل على طول الخط، ولم تحرك ساكنا أمام قرارات مجلس الأمن والأمم المتحدة التي تقضي بإنهاء الاحتلال، بل تركت إسرائيل تتمدد وتتوسع على حساب الفلسطينيين.
بالخط العريض إلى اوباما
السيد أوباما :
لقد أعلنت في حملتك الانتخابية أنك قادم للتغيير. وأنك متمسك بمبادئ الحزب الديمقراطي الأمريكي العريق، وتسعى لرفعة بلادك، واستعادة مكانتها التي فقدتها في العالم، وهذه الفرصة نادرة في تاريخ العالم المعاصر، وكنت أتمنى- مثل باقي مواطني العالم الحر، وعشاق السلام فيه- أن تعيد النظر في استراتيجية الإرهاب التي تبنتها أمريكا في الفترة السابقة، والتي ثبت فشلها على كل المستويات، ومن أبرز تلك المستويات تلك النظرة المتحاملة على العالم الإسلامي الذي يشكل ثلث سكان العالم، وجعلته أمريكا مناهضا لها، مع أنه كان من الممكن أن يكون من أهم حلفائها، خاصة أنه متمسك بالسلام، ويؤمن بالعدالة. والسلام ختام.