مقالات وآراء

سوبر موظف

حدثنا عيسى بن هشام, عندما كنا نجلس في الكتاب, قال: قالوا لنا_بإعلان وضعوه_ هيَّا لتحقيق أحلامكم يا طلاب, هيا إلى المجد يا شباب, هيا إلى الماجستير فرفعوا عنه النقاب. فسكرنا بلا راح, وطرنا بلا جناح
فأحلامنا ستحقق مع جنح الصباح.
فقالوا بدايةً عليكم تجاوز إحدى الصعاب, فقلنا: أهلاً وسهلاً بتلكم الصعاب, فقد تجاوزنا امتحانات فيها العجب العجاب.
فكانت الصعاب فحصاً غربياً في لغة الأغراب, فحصٌ إذا تجاوزناه_كما قالوا_ لامسنا السحاب, وتخرجنا من الكتَّاب.. هو فحص في اللغة الإنكليزية….
فدخلنا الامتحان, وجاءت الأوراق تتمايل بيد المراقب كأنها غانية تتمايل على نغمات فنان..
فهرع الطلاب لتذكر ماقرؤوا في ذاك الكتاب وذاك الكتاب, فكانت أسئلة تخيب معها ظنونها الألباب. فكان النجاح فيها يشبه الحلم أو السراب. فكانت النتيجة رسوب قسم بالجملة الطالباتُ منه والطلاب, بعد أن عانينا الأمرين ونحن نقدم طلبات الانتساب.
فحزمنا الأمتعة وعدنا في طريق الإياب, وكل طالب وحده أخذ يعيد في أموره الحساب.
وفي يوم من الأيام _وبالغلط_ دخل الحظ من الباب, وعادوا وقالوا هيَّا لتحقيق أحلامكم يا طلاب, هيا إلى المجد يا شباب. هيَّا إلى حمص لنكمل مسلسل الصعوبات, فتنهد الشبان منّا وخرجت من الفتيات الآهات…
فشحذتا الهمم والعزيمات, وقلنا بصوت واحد: يا حمصُ بنت الشاطئ وسيبويه إليك آت. والنصر لامحالة على لغة الأغراب آت. نسينا ما فات, وذهبنا وكما قالوا الرجال يظهرون في الملمات, وعدنا وفي جعبتنا الكثير من الأحداث والمغامرات, تصلح لتكون مسلسلات وحكايات…
لكن منا من نجح ونجا, ومنا من كتب في مفكرته على واضع الأسئلة أبيات الهجا. عندها قلنا الحمد لله تذللت الصعاب, وإلى المجد والعزِّ ياشباب. وهذه المرة كانت المفاضلة تقف لنا على الباب, تحمل في يديها مجموعة طلاب, فتقدمنا إلى الموظفين بطلبات الانتساب, وكالعادة ارتفعت الأصوات بالسباب, وتنابزنا بالألقاب وتشاجرنا وكدنا نشق الثياب. فموظف عنده حساسية من الطلاب, وأخرى لا تكلم سوى الشباب, وبابتسامة تذلل لهم الصعاب.
وجاءت أكبر الصعاب, بين ليلة وضحاها بُدِلَت الأوراق, ربما حلَّ على بعض الأسماء نوع من الإشفاق, مع أنهم لم يكونوا معنا في بداية السباق, لكنهم من أصحاب الشعارات والنفاق.
وقالوا لنا انتظروا……….
وانتظرنا ومن خوفنا ترجف الألباب, وكل يوم نحس أننا من الدنيا في غياب, وأحلامنا نراها تتحطم على الأبواب, وباب مكتوب عليه لا يدخلها إلا أصحاب الأنساب.
لكن من بين الأشواك تنبت الورود, وبعد الليل يخرج الصباح ويسود, تهادت لنا وسط العتمة موظفة هي امرأة لكن بحضرتها يصبح الرجال قعود, فأخذت أوراقي وسجلتني ويسرت أمري تاركةً ورائها القوانين والعهود, عندها وأمام تصرفها دخلت في مرحلة من الجمود, صمتٌ هدوءٌ ودموعٌ تسود , الحمد لله عن رقبتي فكَّت القيود, عندها أدركت أن حلمي بدأ يعود, وسيتحقق ولو بعد عقود………..

" يا من تقرأ كلماتي لا تذهب بعيداً فكل ما قاله عيسى بن هشام هو على لساني, وهذا ما لقيته حتى وصلت إلى الماجستير, وربما كتبت ما كتبت لعهدٍ قطعته على نفسي أن أخلد تلك الموظفة(نهلة موظفة في قسم الدراسات العليا في جامعة دمشق) ولو بكلمات قليلة فهي ولله نعم الموظفات..
فآمل أن تقرأ كلماتي كلُّ موظفة, وتحاول التمثل بهذه الشمعة, وأن تأخذ منها ولو لمعة"

ولله ما كان قلمي مأجوراً فيما كتب, ولكن قلمي اهتز ليفي إنسان حقه
أشكرك يا من حافظتي على حلمي

الكاتب قلم كاد أن يجفَّ في يد كادت أن تفنى

بواسطة
أحمد حافظ عمامي
المصدر
شام بوست

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى