سوريا وعبور العاصفة

بحكمة الربان السوري استطاعت سوريا عبور العاصفة مع تغيير الوجه إذ لم تعد أوربا موجودة على خارطة الملاحة السورية و بدئ مركبها بالإبحار في هذا العالم الواسع قاصداً موانئ جديدة بمزيد من المهارة والصلابة والثقة بالنفس.
في ظل هذا الفراغ الاستراتيجي العربي هاج الواقع السياسي في المنطقة وماج وبدأت تختلط أوراق المنطقة مما دفع الكثير من دول العالم الاستثمار في المنطقة وكان ربيع الوطن العربي كما يسمونه فيه من الإغراء والمفاجئات مادفع الكثيرين للتقدم والخوض ملقيين بعصيهم في ساحات سورية ولكن عصى الجيش السوري التهمتها جميعاً فما كان منهم إلا الإيقان بأن سورية هي الرقم الصعب الذي لايمكن تجاوزه ولا يمكن مقاربته.
سوريا والموقف التركي..
لقد أخذ الشارع العربي والسوري خاصة مواقف تركيا بكثير من الاستياء والريبة وبالتحليل للموقف التركي نجد بأن تركيا اتبعت سياسة اللاموقف تارة وسياسة الانقضاض تارة أخرى فنجد إن موقف تركيا من ليبيا غامضاً ومن مصر مندفعاً ومن سوريا متسرعاً ولكنه دائماً كان يدع البوابة الخلفية مفتوحة للرجوع عن تصريحاته واندفاعه واستنفر كل وسائله الدبلوماسية مستخدماً الرئاستين و وزير الخارجية وكبير المستشارين والهدف من ذلك خلق حالة من الغموض الهدف منه خروج تركيا من الأزمات بأقل الخسائر و القدرة على اقتناص الغنائم ممسكةً بكل خيوط اللعبة ولكن هذا فشل في سوريا
وفي القراءة الإستراتيجية نجد بأن الاتفاق الأوربي الأمريكي بإعطاء تركيا دور في المنطقة العربيه الذي يمتد إلى دور الوصاية بهدف إعادة العلاقات التركية الإسرائيلية و شغلها عما يحدث في أوربا من أزمات اقتصادية وخصوصا في الدول المجاورة لتركيا مثل اليونان المهددة بالانهيار بأي لحظة مما قد يدفع تركيا للاستفادة من هكذا ظروف.
وهنا لابد من أن نذكر تركيا بأنها اذا كانت تطمح بإعادة الخلافة العثمانية فلا يمكن إن يكون هذا وهي مختلفة مع قوى المقاومة في المنطقة و إقامة علاقات مع الكيان الصهيوني أما إذا كانت تسعى لإقامة الدولة التركية التي ذات الصلات والروابط القوية مع الدول العربية فلا يمكن أن يكون هذا إلا عبر البوابة السورية ومن هنا نجد التروي السوري حيال تركيا يقيناً بأن تركيا لن تسطيع تجاوز سوريا الممسكة بكل أوراق المنطقة.
وفي الحديث عن الثورات العربية اللافت للنظر أن المخطط الذي وقعت فيه الأمة العربية هو مخطط قديم جديد
ففي بداية القرن الماضي كأن على العرب الاختيار بين المستبد التركي ومابين أن يكونوا مع الثورة العربية بقيادة الشريف حسين في الظاهر ولكن لم يكن يعوا بأن المخطط هو تقسيم الوطن العربي وتطبيق سايكس بيكو وزرع الكيان الصهيوني من خلال وعد بلفور وكان على العرب آن ذاك التفكير بمخرجهم هم وفق مصالحهم وإمكاناتهم والخشية الآن من سايكس بيكو جديد يهدف إلى تمزيق المنطقة ولذلك على الشعوب العربية أن تكون واعية لما يحاك لها.
ولعل والواقع الحالي الذي تعيشه سوريا يبن حجم المؤامرة و لكن بوعي المجتمع السوري وحكمة القيادة السورية وكفاءة الجيش السوري تم تجاوز الجزء الأكبر من المؤامرة والآن علينا لثم جراحنا وعلى الشعب السوري امتلاك زمام المبادرة ومواجهة تداعيات الأزمة بالمزيد من التلاحم وترجمة هذا الحراك الشعبي السوري المؤيد لمشرع الإصلاح الشامل إلى عمل فعال وعلينا أن نثق بأنفسنا وليعلم الجميع بأن السوريون هم من يحددون في أي مرسى ترسو سفنهم وهم من شرعوا موانئ العالم عبر التاريخ