التريث آفة ضارة ضد الزمن وإحترامه وضد تحمل المسؤولية
يظن البعض أن (( التريث )) يعني الإنارة والحكمو والتعقل ولكنه لا يعني شيئا سوى الإستبطاء .. ونتسائل :
هل نحن بحاجة في عصر المعلوماتية وعصر السرعة في إتخاذ القرار … إلى هذا الإستبطاء المتعمد ؟؟!!
إن حاشية (( التريث )) تعني شيئا واحدا ألا وهو عدم الرغبة في تكريس الجهد اللازم لدراسة الموضوع وإتخاذ القرار المناسب بشأنه الآن أي تأجيل عمل اليوم إلى الغد , وكلمة (( التريث )) تبدو دائما مسترخية ولا وقت لديها للعمل الآن مع الأمل بأن يكون الغد أفضل وأرحب .
وبعملية حسابية بسيطة يمكن لنا أن نكتشف كم هو الوقت الضائع وكم هي الساعات التي تهدر من أوقات الملايين من المواطنين لا لسبب سوى لأن مفهوم (( التريث )) مازال مقبولا ومعمولا به , وبينما نتراخى نحن هنا تنتاب العالم الحديث موجة التسابق لكسب الوقت .. وبقدر ما يشكل الإستبطاء مشكلة للفرد والدائرة والمجتمع فإنه يشكل مشكلة أقسى وأعتى إذا ما فكرنا بعلاقاتنا مع العالم الخارجي .
وننادي دائما :
• إن إلغاء (( التريث )) مفهوم عملنا أصبح ضرورة قصوى لمواكبة عصر المعلوماتية .
• إن دخول العصر الجديد يعني تغيير آلية العمل ومفاهيم تتعلق بهذا العمل ومن أهمها هي تلك التي تتعلق بكسب الوقت .
• وأن تحديث المفاهيم وإختيار الأفضل والأنسب منها يجب أن يكون مهمة يومية لمن يريد أن يكون فعالا ومنتجا ولمن يريد أن يكسب الرهان مع الزمن ومع الآخرين أيضا .
ذلك أن هذه العبارة (( التريث )) تصدر في الغالب الاعم من (( المسؤولين )) أصحاب المناصب والوظائف الإدارية في المستويات العليا الذين هم في الأصل أصحاب القرار وترفدها حواشي ومصطلحات مشابهة مثل :
تشكيل لجان لإعادة الدراسة حسب العائدية , لإجراء المقتضى , للحفظ المؤقت ,لإعادة النظر والتدقيق من قبل الجهات المعنية , للقيام بما يلزم أصولا , للمعالجة حسب الأصول .
ونلخص هنا رأينا في اهمية الزمن وضرورة إحترامه وتنظيمه بالآتي :
1. إن حياة الإنسان في الأساس هي حركة في الزمن إبتداءا وإستمرارا وإنتهاءا والزمن يشمل كل فعالياته وأنشطته ومنها الإدارة .
2. التفكير بالمستقبل والإحساس بالزمن هو الصفة الرئيسية التي تميز الإنسان عن باقي مخلوقات الله التي تتصرف بغريزتها فمن يفقد هذا الإحساس ولا يحترمه يكون قد تخلى عن إنسانيته .
3. الدول المتطورة علاوة على كونها متقدمة إداريا هي متقدمة أيضا بإحترام الزمن وحسن إستثماره وقد أوجدت له أدوات ووسائل حديثة تتصاعد بثورة متسارعة فلكيا بخلاف الدول النامية .
4. ومنخصائص الزمن :
• أنه يمر بدون إنتظار أحد ولايرحم من لا يستفيذ منه فإن لم تقطعه قطعك .
• وملكيته مؤقته إذ مهما كان أحدنا يظن أن أمامه متعا من الوقت فإنه لا يلبث أن ينقضي وقد قيل كل آت قريب .
• وخسارة الزمن وهدره لا تعوض لأن تأجيل عمل اليوم إلى الغد سيكون على حساب أعمال يوم الغد المستقبلية ذلك أن الزمن وحسب وحدات قياسه ( الساعة , اليوم , الشهر , السنة ,,, إلخ ) محدودة أصلا والساعة 25 في اليوم مستحيلة .
على هذا فإن أفضل وسيلة للإستعداد للغد أو لمرحلة تالية هي الإنجاز التام لأعمال يومنا أو المرحلة التي نحن فيها .
• كما أن خسارته جماعية تشمل الأفراد والجماعات والمجتمع ولا أحد يربح من خسارة غيره الزمن .
• إذا كانت الساعات والأيام والشهور والسنوات طويلة نسبيا في عمر الأفراد فهي قصيرة جدا في عمر المجتمعات والأمم والشعوب التي يحسب تاريخها وعمرها بعشرات السنين ومئاتها بالعقود والقرون .
هذا وتتبدى مظاهر هدر الوقت في حياتنا الإدارية العامة بالصور التالية :
1. الإرتباطات وعلاقات الإشراف الكثيرة جدا في المستويات الإدارية العالية .
2. الإجتماعات المتكررة يوميا بصيغ متعددة والتراخي في بداياتها وفي هذه الإجتماعات يصرف (( أو يهدر )) أعلى ما نملك من الوقت والفكر والجهد البشري .
3. المركزية الشديدة مما يشغل وقت ذوي المناصب العليا بأمور تنفيذية بسيطة فلا يجدون الوقت الكافي لمواجهة الأمور الإسترتيجية الأساسية .
4. إستمرار إستعمال الأدوات الإدارية المتخلفة برغم كل ما نشهده في العالم من تطور سريع وهائل في أنواعها وإستعمالاتها .
5. ضعف التنسيق بين الجهات المتعاونة في تنفيذ موضوع أو مشروع ما خاصة مع عدم وجود خطط خمسية عامة مما يورلاث مشاكل في التنفيذ ويؤخره .
ولا شك في أنه يمكن التغلب على هذه المظاهر السلبية بإتخاذ التدابير المعاكسة لها
وبتعديل التنظيم الهيكلي للإدارة الحكومية وإعادة توزيع الصلاحيات بين المستويات في الهرم الإداري علاوة على :
• القناعة بأهمية الزمن لدى الجميع (( الوطنية تعني أن نستثمر الوقت كل في عمله ))
• أن ي