الجزر الفراتية بالرقة تنوع حيوي وطبيعي وبيئة جاذبة تنتظر الاستثمار
تعتبر الجزر الفراتية “الحوائج” الغابات الطبيعية الوحيدة في الرقة وتبلغ مساحتها 2640 هكتارا وتمتد مسافة 150 كيلومترا
ضمن وعلى جانبي مجرى نهر الفرات ويصل عددها ما بين وسطية وطرفية إلى 50 حويجة وهي البقعة الخضراء المحاطة بالمياه من كافة الجهات وتتشكل من التربة التي ينقلها النهر أثناء فيضانه.
وقال المهندس الزراعي ياسر سلامة رئيس دائرة الحراج بالرقة إن الجزر الفراتية عبارة عن غابات من أشجار الحور الفراتي والصفصاف الأبيض وشجيرات الطرفاء والعوسج البري ونبات عرق السوس وثلاثة أنواع من نباتات الزل إضافة إلى العديد من النباتات الحولية والعشبية.
وأضاف سلامة ان أهمية هذه الجزر تكمن في كونها الإرث الطبيعي الوحيد الباقي في المنطقة وهي تؤمن المأوى الطبيعي لأنواع متعددة من الحيوانات والطيور المستوطنة والمهاجرة ورغم كل ما تعرضت له من تعديات فهي ما تزال تحتوي أشجارا يزيد ارتفاعها على 20 مترا وعمرها يتجاوز 60 عاما.
وأشار رئيس دائرة الحراج الى ان الحوائج تظهر في منطقة الفرات عند انخفاض منسوب المياه وشح الأمطار وتتمتع بتربة غنية بالمعادن وصالحة للزراعة وتنمو فيها أشجار ونباتات تتميز بكثافتها وأوراقها الطويلة والرفيعة وهي نباتات لا تنمو إلا في الأماكن التي تتوفر فيها المياه بشكل دائم.
وبين سلامة أن هذه الغابات تحوي العديد من الحيوانات البرية أهمها النمر الفراتي وكلب الماء والنسناس المعرق والسلاحف النهرية والثعالب والأفاعي وبعض القوارض كما تحتضن العديد من الطيور المستوطنة والمهاجرة وأهمها الحمام البري والبلشون الأبيض والرمادي والسماك والبوم والعصفور الدوري والطيور المهاجرة والدراج والصفرة والنورس والحمرة والفري والدرغل والزرزور والشحرور والحسون والإوز والبط البري ودجاجة الماء والقطا والغطاس والبجع الأبيض واللقلق الأبيض ويلاحظ بعض النسور والعقبان والباز وهي لا تقطن بالحوائج ولكن تأتي لأجل الصيد.
وأشار سلامة إلى أن هذه الغابات النهرية بما تحويه من تنوع حيوي تشكل ملاذا لسكان المنطقة هربا من حرارة الصيف حيث الرطوبة والتمتع بالمناظر الخلابة والتكامل الطبيعي وسط النهر الأمر الذي يدفع إلى إقامة محميات طبيعية عليها تشجيعا للسياحة البيئية.
وبين رئيس دائرة الحراج أن الدائرة تعمل للحفاظ على الثروة الحراجية في هذه الجزر منذ 15 عاما وبذلت في سبيل ذلك جهودا كبيرة بدءا من دراسة الواقع العام للحوائج من حيث مساحاتها وأنواع الأشجار الموجودة فيها وما تضمه من مختلف أنواع الحيوانات والطيور ويتمثل الجانب الآخر من الاهتمام بهذه الثروة وحمايتها من التعديات بكافة أشكالها.
وأوضح سلامة ان الدائرة قامت مؤخرا بتنظيم مخيم في إحدى الجزر الفراتية وهو عبارة عن ورشة عمل تدرس التنوع الحيوي في الجزر شارك فيها باحثون ومختصون بشؤون البيئة وعلم الأحياء وتحولت الورشة إلى تقليد سنوي سيقام في شهر نيسان من كل عام وهي دعوة مفتوحة لكل الباحثين والمهتمين وأصحاب الاختصاص للمشاركة في اكتشاف عالم الطبيعة النهرية.
بدوره قال المهندس علي الفياض مدير زراعة الرقة إن الجزر الفراتية تلعب دورا بيئيا هاما في منطقة حوض الفرات كونها تمثل المسطح الأخضر الطبيعي الوحيد في المنطقة وأتاح قربها من مركز المحافظة وتوزع التجمعات السكانية والقرى على جانبي النهر ارتيادها الدائم بغرض طلب الراحة والاستجمام ونظرا لتعرج النهر تقوم بعض الجزر بدور مصدات رياح لحقول المزارعين على سرير النهر.
وأضاف أن الجزر تخفف من آثار الغبار وتحد من انجراف الترب الزراعية على ضفتي النهر لافتا إلى أن زراعة الرقة تعتبر هذه الجزر بمثابة صندوق مغلق لم تكشف أسراره حتى الآن وتقوم حاليا بدراستها لتحديدها والعمل على إعلانها كمحميات بيئية طبيعية تستخدم لأغراض السياحة البيئية فقط على غرار محمية الثورة البيئية ويتم العمل على حماية هذه المواقع من الحرائق والقطع الجائر للأشجار والرعي والصيد غير الشرعي.
وأشار الفياض إلى أن عملية استثمار الجزر الفراتية تبدأ بحمايتها من أشكال التعديات كافة واعتمادها كمحميات بيئية ثم عرضها للاستثمار البيئي السياحي وقبل ذلك يجب أن تشكل لجنة مشتركة من مديريتي السياحة والزراعة لتحديد شروط استثمارها بحيث يتم الوصول إلى استثمارها بالشكل الأمثل دون الإخلال بالتوازن الطبيعي والتنوع الحيوي الموجود فيها.
وتشير الوثائق التاريخية والموروث الأدبي إلى أن منطقة حوض الفرات كانت غنية بأشجارها وحيواناتها وطيورها التي سكنت الجزر النهرية في المنطقة التي تسمى "الحوائج".
يذكر أن النشاط السياحي النهري الوحيد الذي يتم بانتظام في هذه الجزر هو الرحلة النهرية المسماة من توتول إلى ماري والتي تنطلق على طوافة عائمة من محافظة الرقة إلى دير الزور في شهر آب من كل عام و ذلك على غرار أول رحلة انطلقت في القرن الأول قبل الميلاد.