الاستيطان لخنق خيار سبتمبر
لعل صمت العالم مما جرى ويجري على الأرض الفلسطينية من جرائم وانتهاك واغتصاب لها وأخيرها وليس
آخرها توسيع مستوطنة «هار حوما» قرب القدس المحتلة عبر بناء أكثر من 930 وحدة استيطانية جديدة، لهو دليل يضاف إلى قائمة أدلة الإدانة لعالم آثر الصمت بل والانحياز في كثير من الأوقات لاحتلال مجرم بكل المقاييس.
إن موافقة حكومة بنيامين نتانياهو على إقامة 930 وحدة استيطانية في «هار حوما» قرب القدس المحتلة، لهو استعادة لتاريخ إجرامي كامل بسلب الأرض واغتصابها وسط «مباركة خفية» من قبل الغرب وإدانة لا تغني ولا تسمن من جوع من قبل البعض.
وأن يغدق الغرب رغم كوارثه الاقتصادية المرعبة بالأموال على إسرائيل ويهدد الفلسطينيين والسلطة الفلسطينية بقطع المساعدات إن أصرت هذه السلطة على الذهاب إلى نيويورك لإعلان الدولة، فلم لا نرَى مساندة عربية أو إسلامية لدعم الفلسطينيين تقطع الطريق على التهديدات بحجب المساعدات الغربية ليثبت العرب للقوى الدولية على أنهم قادرون على ملء هذا الفراغ؟.
لقد تسارعت وتيرة بناء الوحدات الاستيطانية في الضفة الغربية التي بلغ عدد المستوطنين فيها أكثر من 340 ألفا وتطويق القدس بمجموعة أحياء ومستوطنات بلغ عددهم فيها ما يقارب من 200 ألف مستوطن بشكل جنوني. كل هذا التسارع والنمو المطرد في بناء هذه الوحدات الاستيطانية، يمكن أن يكون باتجاهين أو لعلتين لا ثالث لهما، أولهما:
الأزمة الخانقة والاحتجاجات غير المسبوقة التي تعانيها حكومة نتانياهو ومحاولة تخفيف الضغط باتجاه بناء وحدات استيطانية جديدة، أما الثاني وهو الأكثر تفسيراً لهذا السعار الإسرائيلي نحو بناء هذه الوحدات الاستيطانية، فهو قطع الطريق على الفلسطينيين ومحاولة قضم أكبر أجزاء من الأرض قبيل الذهاب نحو سبتمبر لإعلان الدولة الفلسطينية المنتظرة.
فكثير ما يعتبر إقامة هذه الوحدات الاستيطانية بمثابة خطوة استباقية مكشوفة لاستحقاق سبتمبر. فحين يتم ترسيم الحدود وإعلان فلسطين كدولة مستقلة ضمن حدود 67، فماذا سيجد الفلسطينيون سوى أراضٍ مقطعة الأوصال ومدن تحاصرها المستوطنات وتقضي على أي أمل فيها للنمو والحياة. وعليه، فإن لجنة المتابعة العربية وغيرها من الجهات ذات الصلة ينبغي أن تتحرك دولياً وإقليمياً والضغط باتجاه إيقاف عملية الاستيطان الواسعة بكل الطرق الممكنة.