البنك الدولي يحذر من عاصفة جديدة تهدد اقتصاد منطقة اليورو
في ظل تحذيرات البنك الدولي من العاصفة الجديدة التي تهدد اقتصادات دول منطقة اليورو وعملتها الموحدة
تتواصل المحاولات الأوروبية المستميتة لإنقاذ اقتصاداتها من الأزمة التي تفاقمت بفعل تخفيض التصنيف الائتماني المالي للولايات المتحدة وذلك خشية انتقال عدوى الديون الخانقة إلى إيطاليا وإسبانيا وقبرص بعد أن عصفت هذه الأزمة بدول اليونان وأيرلندا والبرتغال.
فقد وصف رئيس البنك الدولي روبرت زوليك في مقابلة نشرتها الصحيفة الاسترالية الأسبوعية ويكند استراليان الأزمة الاقتصادية في منطقة اليورو بأنها بداية عاصفة جديدة تختلف عن أزمة 2008 محذرا من أن معاناة اليونان والبرتغال من أزمة ديون خانقة ووجود دول أخرى مهددة ومن دون أي إمكانية لخفض قيمة العملة يفتح احتمال أن تكون التحديات التي تواجهها منطقة اليورو من الأكثر أهمية.
واعتبر زوليك أن الأزمة في منطقة اليورو قد تكون التحدي الأهم للاقتصاد العالمي الأمر الذي يحتم على الدول الأوروبية اتخاذ الإجراءات اللازمة في أسرع وقت ممكن على حد تعبيره.
ورأى زوليك أنه رغم حالة الهلع التي تسبب بها خفض تصنيف الدين الأميركي في الأسواق إلا أن أزمة الدين في الدول الأوروبية تثير قلقاً أكبر في الوقت الراهن محذراً من أن اقتصاد منطقة اليورو ليس وحده المهدد بل مستقبل العملة الأوروبية نفسها ولاسيما أن اليونان والبرتغال اللتين تعانيان من مشكلة الدين ودول أخرى مهددة بخفض قيمة العملة الأوروبية الموحدة.
في هذا الإطار ألمحت مصادر الاتحاد الأوروبي في بروكسل إلى احتمال أن تتوسع القمة المرتقبة بين الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل الثلاثاء القادم لتشمل قادة دول أخرى للتشاور حول سبل الحيلولة دون تفاقم أزمة اقتصاد منطقة اليورو إلى درجة تخرج عن السيطرة ولاسيما بعد أن تكبدت الأسواق المالية الأوروبية خسائر فادحة خلال الأسبوع الماضي.
وفي هذه الأثناء شهدت أسواق المال من نيويورك إلى باريس توترا بعد أسبوع جنوني أدى إلى تفاقم المخاوف بشأن النمو العالمي وزعزعة ثقة المستثمرين الذين ينتظرون من اللقاء بين ألمانيا وفرنسا اللتين تشكلان عماد الوحدة النقدية إجراءات عملية لتجنب انتقال أزمة الدين العام إلى بلدان مثل ايطاليا واسبانيا ثالث ورابع اقتصاد في منطقة اليورو وذلك في وقت أجمع فيه المحللون على صعوبة هذه المهمة ولاسيما أنها تأتي في وقت تدفع أسواق المال باتجاه إقرار خطة ثانية لإنقاذ اليونان التي أعلن عنها في 12 تموز الماضي في أسرع وقت ممكن.
وإزاء هذه المحاولات اعتبر البرلمان الألماني أنه من المستحيل عمليا إنجاز خطة إنقاذ اليونان في المهل المحددة ملمحا في الوقت نفسه إلى إمكانية رفضه مساهمة ألمانيا في خطة الإنقاذ اليونانية حيث قال رئيس البرلمان نوربرت لاميرت: الحكومة الألمانية لا يمكنها أن تقرر أي شىء يكلف قرشاً واحداً بدون موافقة البرلمان.
ولم يظهر المحللون الاقتصاديون أي تفاؤل تجاه حلحلة الأزمة في منطقة اليورو حيث اعتبر هنري بلودجيت المحلل في الموقع المتخصص (ذي بيزنس اينسايدر) أن القلق حول متانة منطقة اليورو والاقتصاد الأميركي ما زال قائما ولم يتغير أي شيء ذهب المحلل في سي ام سي آي سي فرنسوا دوهين إلى موقف أكثر تشاؤماً حيث رأى أن الخوف يهيمن على الأوضاع الاقتصادية في منطقة اليورو ولا أمل في انتهائه حاليا لان ذكرى أزمة عام 2008 ما زالت ماثلة في أذهان المستثمرين وأموالهم التي تبخرت لذلك يقومون بالبيع أولا ثم طرح الأسئلة.
إلى ذلك ما تزال حالة الهلع تسود أسواق المال الأوروبية ولاسيما الفرنسية منذ الأربعاء الماضي بعد انتشار أنباء عن إمكانية خفض درجة فرنسا الائتمانية الأمر الذي زاد مخاوف المستثمرين من انتقال أزمة القطاع المالي الأوروبي إلى الولايات المتحدة نظرا لارتباط المصارف الغربية ببعضها.
ويأتي ذلك في الوقت الذي خرجت فيه تصريحات من عواصم أوروبية وغير أوروبية تلقي باللوم على التوتر والخلافات بين القادة الأوروبيين وغياب التوافق السياسي في الولايات المتحدة والتي تعد أحد الأسباب الرئيسية لتفاقم الأزمة التي اختلف البعض في تسميتها بأزمة اليورو أو أزمة الديون وجاء هذا بعد ساعات فقط من تصديق الحكومة الإيطالية على خطة تقشف جديدة تهدف إلى توفير نحو 5ر45 مليار يورو وذلك في محاولة منها لتهدئة الأسواق بشأن الوضع المالي في إيطاليا.
ونبه المحل لون إلى خطورة الذعر والتقلبات الحادة في أسواق منطقة اليورو التي تعكس ضعف ثقة المستثمرين في العالم الغربي وامتداد تأثيرها وتهديداتها إلى نمو اقتصاد دول جنوب شرق آسيا.
ففي مؤشر جديد على أزمة الثقة بالاقتصاد في منطقة اليورو نقل المستثمرون خمسين مليار دولار من البورصات إلى قطاعات أكثر أمانا خلال الأسبوع الماضي في خطوة اعتبرتها صحيفة فايننشال تايمز أنها أكبر حجما من إفلاس المصرف الأميركي ليمان براذرز في 2008.
وفي محاولة من المصرفين المركزيين الأوروبي والأميركي (الاحتياطي الفدرالي) لإعادة الثقة إلى المستثمرين قاما بتنفيذ إجراءات استثنائية ولاسيما شراء سندات للدين العام من قبل البنك الأوروبي وإطلاق إجراءات جديدة لإنعاش الاقتصاد من قبل الاحتياطي الفدرالي الأمر الذي اعتبره محللون بداية لفهم سبل حل أزمة منطقة اليورو من خلال عدم الاعتماد على الحكومات.