الرقص مع الذئاب
لا أحد يعلم الى أين تتجه الأوضاع في ليبيا رغم تقدم المعارضين ميدانياً خلال 48 ساعة الماضية وسيطرتهم
على العاصمة طرابلس، فمنطق الأمور يشير الى حضور أساسي للناتو يُشكل خطراً على مستقبل البلاد وخصوصاً مع الحديث المعلن عن المطامع النفطية غير المخفية.
والمؤكد أن الغرب لم يحرك جيوشه لقضاء فترة استجمام أو لإنقاذ الشعب الليبي أو لدعم ثورات الشعوب، فالتجربة مع الغرب تقول من خلال احتلاله للعراق وأفغانستان: إن أفعاله أبعد ما تكون عن الغايات الإنسانية التي يطلقها، لقد دأب الغرب خلال السنوات الماضية على محاولات الدخول الى المنطقة العربية ووجد في الحراك الشعبي العربي فرصة لإنقاذ نفسه من الإفلاس والحفاظ على مصالحه ومصلحة حليفه الاستراتيجي إسرائيل ضمن مخططات قديمة جديدة للهيمنة والسيطرة ذات وجه أمريكي بشكل خاص.
أكثر من خمسة أشهر والناتو يقصف ليبيا بمختلف صنوف الأسلحة المسموح بها والمحرّمة دولياً، لم يفرق بين طفل وشيخ وامرأة، دمر البنى التحتية المدنية والعسكرية، ناهيك عن عمليات الاغتصاب الجماعي وترويع المدنيين لجعلهم يسلمون بالأمر الواقع، فهل بهذه الطريقة تساعد الشعوب في تقرير مصيرها؟!.
من هنا يصبح المشهد أوضح، فأهداف أمريكا ومن تحالف معها في أوروبا تنضوي تحت شقين أساسيين: الأول اقتصادي والثاني سياسي، ففي ظل الأزمة المالية التي تعصف بهم وجدوا في ثروات ليبيا وخاصة النفطية منها منقذاً لهم من الإفلاس. كذلك فإن عقود إعادة الإعمار ستكون من نصيب شركاتهم، وبالتالي تدوير عجلة الاقتصاد لديهم، بعد تدميرهم البنى التحتية الليبية.
سياسياً وفي ظل الظروف الراهنة يمكن لأمريكا أن تمارس سياسة مدّ الأذرع باتجاه مصر وتونس لمحاولة التأثير في تفصيل أنظمة تتناسب مع استراتيجياتهم في المنطقة وخاصة بعد الأحداث الأخيرة في مصر والمطالبة بإلغاء اتفاقية كامب ديفيد.
بالمقابل فإن المعارضة الليبية ما زالت ضعيفة ولا تملك برنامجاً سياسياً واضحاً للمرحلة المقبلة، وعليه فإن الفرصة مواتية للغرب لزرع الفتن بين القبائل للاقتتال فيما بينها وهذا ما قد يعرّض ليبيا للتقسيم. إذاً فإن تحالف المعارضة الليبية مع الغرب كمن يرقص مع الذئاب، فالطرف الأول يريد الأمن والاستقرار والانتقال نحو مستقبل أفضل والآخر يهمه نهب الثروات ورسم خارطته السياسية التي تتناسب مع مصالحه. وبالتالي فإن المرحلة المقبلة قد تكون الأخطر في تاريخ ليبيا وهذا يحتم على الليبيين تغليب مصلحة البلد على المصالح الشخصية والفئوية الضيقة. وقد يكون الحوار السبيل الوحيد لمواجهة الهجمة الاستعمارية الجديدة. ويبقى السؤال عن دور الدول العربية التي مولت وشاركت في الحرب في الحفاظ على استقرار هذا البلد ووحدته، وأن الأيام أو الأشهر القليلة المقبلة ستحمل لنا الجواب وما علينا سوى الانتظار.
بقلم:عماد سـالـم