عمر أبو ريشة نموذج لقيم الكبرياء والاصالة وعمقها الحضاري
قال الباحث يوسف مصطفى إن الشاعر عمر أبو ريشة كان نموذجاًً لقيم الكبرياء والأصالة وعمقها الحضاري وكان
مسكوناً بالعروبة ماضياً وحاضراً.
وأشار مصطفى في محاضرة ألقاها أمس بعنوان الجمالية الفنية والبنائية في شعر عمر أبو ريشة ضمن سلسلة اعلام خالدون في ثقافي أبو رمانة إلى ان أبو ريشة كان فناناً يتقن صياغة اللغة وتركيب الصورة وتلوين الموسيقا وانسجام النسق الشعري فجمع في شعره بين كلاسيكية القصيدة ورومانسيتها ورمزيتها وتجديدها الصوري.
وبين الباحث أن أبو ريشة استحضر في شعره رموز البطولة في التاريخ القديم لافتا إلى ان السمة الكبيرة والرئيسة فيه وفي شعره كانت الكبرياء والاعتزاز بالهوية العروبية القومية وتاريخها.
وعن مقاربة الشاعر ابو ريشة للمرأة بين مصطفى أن ابو ريشة كان يحترم كرامته ورجولته ويرفض مواقف الخيانة حيث تميز شعره الأنثوي بعذريته وشفافيته وبعده عن الاقتراب من المادي المباشر.
ورأى ان أبو ريشة كان متوحدا بالطبيعة حيث حمل ملامح الوحدة والإحساس بالغربة والطموح إلى العلو وكان إحساسه بالمعاني حارا كما حملت لغته دفأها وقدرة وصولها.
وتحدث عن تأثر أبو ريشة بشعراء الرمزية الأوروبية مثل ادغار آلن بو وشارل بودلير لافتا إلى ان أسلوب أبو ريشة يعتمد اقتصاد العبارة وتوازن الجمل المكررة وتكثيف الإشارة الحسية المستنفرة للوعي وتوليد الدهشة وخلق تراكيب جديدة صادمة للمألوف.
وتوقف مصطفى عند قصيدة للشاعر ابو ريشة بعنوان في طائرة تحدث فيها عن فتاة إسبانية سافرت معه صدفة إلى تشيلي برز فيها حسه الجمالي والفني العالي واللغة الراقية في اللفظ مبينا ًان لغة أبو ريشة كانت سلسة وواثقة وبعيدة عن المباشرة الإخبارية من خلال صور مترعة بالخيال والغنائية والموسيقية والتوليد.
كما تطرق مصطفى الى قصيدة اخرى للشاعر ابو ريشة بعنوان شاعر وشاعر نظمها عام 1935 مبينا انه اشتغل فيها على الطبيعي الرومانسي والحركي اللوني حيث حملت خواتم الأبيات موسيقاها الرائعة لتكشف العوالم الداخلية ومساحات التخييل والإبداع في شعر عمر أبو ريشة.
وأضاف مصطفى ان هذه القصيدة ابرزت الرمزية الرائعة وإيقاعها النفسي الأكثر عنفاً ووصف بغنى لوني وحركي لوحة مميزة للمساء والليل مبينا ان احساس الشاعر كان مرهفا وحاراً بالمعاني والأشياء من حوله إضافة إلى وضوح لغة الرمز في صوره وتراكيبه التي تحمل ديمومتها وخلودها وقدرتها على التصوير والإخراج لدى شاعرها.
وختم مصطفى بالقول ان قصيدة شاعر وشاعر كانت قصة الكون في ولادته وزواله بالاعتماد على إيقاعات المكان في شروق الشمس وغروبها بلغة جزلة واضحة اصيلة يتجلى تكوينها الحداثي في الإيحاء ورهافة المعمار الشعري وسلامة مدماكه وفنية التناظر وإتقان لعبة اللون وجمالية الإعادة والتكرار.