ورد الحب يذبل…. عاطفة الحب حاجة لا نستطيع الاستغناء عنها

يرى بعض الشباب والشابات في حياتهم الشبابية، هذه المرحلة التي تمر بسرعة الريح وقوة العواصف، محطة للصداقة والحب والرومانسية والصداقة هي إحدى الحاجات الضرورية للحياة الشبابية.
تقوم على تماثل الاتجاهات بصفة خاصة وتحمل دلالات بالغة الأهمية تمس التوافق النفسي والاجتماعي وتتسم بالمشاركة المتبادلة المصحوبة بمشاعر وجدانية، وتتمايز الصداقة من خلال أنماطها وأدوارها ومكوناتها، وإذا كان هذا هو مفهوم الصداقة فأين موقع الحب في حياة شبابنا وهل يمكن أن يتبادل الأدوار مع الصداقة؟؟
وهل يمكن أن تتطور الصداقة بين الجنسين إلى حب صادق؟؟؟
بالنسبة لتحول الصداقة بين الشاب والفتاة إلى حب فقد أكد العلم وخاصة علم النفس على أنه قد تكون الصداقة بين شخصين من جنسين مختلفين فقد تتطور إلى عاطفة الحب الذي هو أسمى من الدافع الجنسي فهو يتضمن الحنو على الشريك والخوف عليه من الأذى والعمل من أجل إسعاده فقد عُرّف الحب بأنه رابطة عاطفية تجمع بين شخص وآخر لزيادة الاقتراب من الآخر ولقائه.
فإنّ القدرة على تشكيل ارتباط يتميز بالحب والصداقة هي أمر طبيعي ودليل على التوازن النفسي وإن عدم الحصول على حب وارتباط مشبع ومرضي في سنوات العمر الأولى( مرحلة الشباب) يؤدي إلى جروح وأضرار نفسية طويلة الأمد فالشخصيّة التي تفتقر إلى العواطف، لم تحب أبداً ولن تتلقى الحب أبداً.
ـ نظرات الحب.
وبعد التعرّف على تشكّل الحب بين الجنسين دعونا نفسر نظرات كل منهما إلى الحب والصداقة:
فالشاب يبدأ قصة الحب مع الشريك في غاية من السعادة وقد تصل هذه القصة إلى التضحية بين الشاب والفتاة وتكون نهاية سعيدة لكلٍّ منهما، وهذا يُشعِر الشاب وحبيبته بأن الدنيا لا تسعهم من الفرحة ويكبر هذا الحب شيئاً فشيئاً.
أما الآثار السلبية للحب التي قد تعيق كلمة الحب في المجتمع وتجعل هذه الكلمة أداة للرعب والخوف في هذا المجتمع الذي يعتبر مغلق أمام المجتمعات المتحضرة التي تدرك معنى الحب بكل مضامينه وأشكاله فمجتمعنا لا يتحمل الخطأ حتى أنه لا يتحمل التفكير بالخطأ، فقد يترف الحب بتصرف جنوني وغير عقلاني حتى يودي بقصّة الحب هذه إلى الهاوية وتصبح علاقة لا علاقة لها بالعواطف الإنسانيّة السامية وتتحول إلى قصة يائسة تحمل في مضامينها الأسى واليأس لكلا الطرفين.
ـ الجنس اللطيف في مضامين الحب.
أما عند الفتاة فهي عاطفية لدرجة أنها تستخدم عاطفتها كثيراً في الحكم على الأشياء كما أنها حساسة وسريعة التأثر بما حولها وضعيفة وتحتاج لمن يساعدها ويقف بجانبها، فلذلك فهي عندما تقع في الحب فإنها تفقد عقلها وتصبح كاللعبة بين يدي الشاب، وقد تعطيه كل ما تملك من عواطف وشحنات دون أن تعي ما الذي تفعله بنفسها وما الذي تجنيه من جراء ذلك!!!!
وهذه الأمور ايجابيّة وسلبيّة بآنٍ واحد، لأنّه قد يلجأ الشاب إلى هذه العلاقة للتسلية فقط، وقد يلجأ إليها تفريغا لشحنات عاطفية نحو من يحب كأن يحب الشاب صديقته ويحرك نحوها الشعور بالعاطفة وقد تكون من أنجح العلاقات في مضمون الحب وأشكاله.
أما تفسير علاقة الحب عند الفتيات فقد تشعُر إحداهنَ بمعاملة سيئة من أهلها، مما يدفعها للبحث عن البديل، وإنه من الواضح جداً إن في مجتمعنا الشرقي كثيراً من الفتيات لا يسمعن كلمات الحب والغزل والمدح!!!
فعندما تسمع كلمة "أنا أحبك" لأول مرة يكاد قلبها يطير فرحاً بها، وكذلك عندما يقال لها: "أنتِ جميلة" أو "اشتقتُ لكِ كثيرً" أو غير ذلك من الكلمات التي ينبغي أن تسمعها البنت من أبويها أو أخوتها…. ولو كانت تسمع مثل هذه الكلمات عادةً من ما حولها لأصبح احتمال انجرافها وراء من يُسمعها إياها أقل.
ولكن الذي يحصل أنها لا تسمع منها شيئاً حتى تسمعها من الغريب!! أما الوالد والوالدة فقد تسمع منهما ما يزيدها همّاً إلى همّها، وربما لا تسمع منهما شيئاً أبداً.
ـ هل المجتمع هو السبب؟؟؟
إن مجتمعنا جاف جداً، والمشاعر قد تكون مختفية في البيوت إلا القليل منها… وعندما تبحث الفتاة عن مكان تفرغ فيه عاطفتها فلا تجد إلا والداً مشغولاً بعمله، ووالدة مشغولة بأشياءٍ تافهة…. وعندما تبحث عن شخص يبادلها الشعور بالحب ولا تجده في البيت…. تتاح لها الفرصة في إيجاد البديل في غيبة الرقابة عليها فإنها تنجذب نحو الحب الأعمى والمشوه حتى لو كان في غير مكانه مما يجعل تفكيرها بعيداً كل البعد عن التصرف الصحيح وأقرب للوقوع في الخطأ.
ومن هذا كلّه نستطيع القول إن الفتاة في مجتمعنا لديها مشكلة حقيقية في إيجاد شخص يتعاطف معها ويكون قريباً منها يتشرّب المشاكل والهموم التي تحيط بها، ويستمع للشكوى ويظهر التعاطف والحب الصادق، خصوصاً عندما تكون الفتاة محاطة بوالد بعيد عنها وبينها وبينه علاقة رسمية تمنعها من الشكوى له، ووالدة لاهية عابثة بعيدة عنها تتعامل معها بعلاقة رسمية بحيث لا تستطيع الفتاة أن تجعل منها صديقة لها، وبعيدة عنها كل البعد حيث أن الأم لا تنزل للمستوى العمري المناسب لأبنتها ولا تتفهم حاجاتها في هذا السن.
وهكذا تبرز الحاجة للتعاطف والاستماع كسبب أول لبحث الفتاة عمن يستمع إليها، فتجد في الشكوى للشاب فرصة للتنفيس عن ما في داخلها، وهكذا تتخلص الفتاة بشكواها للشاب من مشكلة وهي عدم وجود من يسمعها ولكنها تقع في مشكلة أخرى وهي التعلق بالشخص الذي يساعدها في حل مشاكلها. فالفتاة عبارة عن كتلة متحركة من العواطف التي تتأجج في كثير من الأحيان وتسكن في أحيان أخرى، ومن هذه العواطف عاطفة الحب… والحب الذي أقصده ليس حب الفتاة لوالدها ووالدتها ولأخيها وغيرهم من الأشخاص والأشياء، بل هو الحب بمعنى الميل العاطفي الذي قد يلحقه زواج أو علاقة حب ناجحة وقد تكون فاشلة.
وهذه الحاجة موجودة أيضاً عند الشاب، ولكن الفرق بين الشاب والفتاة، الشاب يتحكم في عواطفه ويتغلب عليها في كثير من الأحيان، بينما تعجز الفتاة عن هذا في كثير من المرات، والفرق الآخر أن الرجل يستطيع أن يشبع هذه الحاجة بالزواج ممن يحب وليس عليه حرج في ذلك، بينما تبقى الفتاة تتعذب وتتألم في انتظار ذلك الخاطب الذي يأتي ليطرق الباب طالباً يدها للزواج، وإن ابتلاها الله بالحب فإنّها لن تستطيع أن تتقدم للزواج ممن تحب إن كان الرفض مسبوقاً بكلمة "لا" من قبل أهلها لعذرٍ قد يخلقونه أو لآخر وهي لا تستطيع أن تصرّح بذلك لأحد…..
ويبقى الحب مدفون في قلب الشاب والفتاة هو ومجموعة الذكريات العميقة التي حملها كلٍّ منهما في مشاعرهِ وأحاسيسهِ وعواطفهِ لتموت في أرض لا يصلها الماء ولا الغذاء تحت رماد هذا المجتمع القاسي وتبقى نظرات هذا الحب مليئة بالحقد لهذه الكلمة التي قد تكون سلاحاً تقتل كل من يقترب نحوه.